ثقافة

معرض الصور الفتوغرافية المتنقلة (عندما تتكلم الصورة)

وراء كل صورة حكاية ولكل حكاية عينٌ أبدع سردها في لحظاتٍ قد تكون من أكثر المراحل التي اختلجت فيها المشاعر وبرزت فيها ملامحٍ تُجسد عن احاسيسٍ صادقة ومعانٍ تُعبّر عن المجتمع بفطرتها وطبيعتها.

إن تحليل الرسالة المصورة أو الروايات المشخصة تحتاج حتماً إلى الغوص في أعماق تلك الرسالة لفهم معانيها فهماً واعياً في إطارها وفي حدودها المجتمعي الطبيعي الذي انبعثت منه أو عبرت عنه.

يعتمد فهم معاني تلك الصور أو الرسائل المجردة بأحاسيسها الناطقة بلغة الصمت أحياناً وبلغّة التواصل الداخلي حيناً أخر إلى فِهم العلاقة بين الأشياء أو المضمون  كما هي في الواقع (الاطفال ,الامهات ,المقاتل أو المقاتلة الحجر.. الشجر … ) وعلى نظام الاشارات والايماءات والاحساس والذوق الذي يجعل من هذه الرسائل البصرية لها معانٍ واضحة ومفهومة كأنها تنطقُ لُغّة مجتمعها، نعم هكذا بدء معرض الصور الفوتوغرافية في مدينة تربسبيهِ مشواره الفني بألقِ وصفاءِ وجمالِ ما عرضه على جمهورهُ منذ انطلاقته من مدينة ديرك كسنفونية متنقلة تعرض آلام مجتمعاها وافرحها وآمالها وابتسامتها المرسومة على وجوه شواخصها وموزاييك لوحاتها.

وأنت تتنقل في فناء المعرض المقام في اكاديمية الشهيد “يكتا هركول” للفن كأنك تلج في أروقة قصيدة شعرية موزونة يُطرب ناظريك لجمال وترتيب لوحاتها التي يصعب على المَرء الانتقال من صورة لأخرى لكثرة المعاني التي تحملها والرسائل التي تحتاج لفك شفرتها القيمية خاصةً وهي تَنقُل تجليات ثورةٍ لا تزال أُتونها متقدة ومستمرة بعطائها وتضحيات شهدائها الذين قد يكونون من بين تلك الشواهد المصورة وهم لايزالون يضحكون أو يرفعون إشارات النصر أو ينقذون طفلاً ويحتضنون أماً أو وطناً أرهقته المعاناة، وهم بانتظار لحظة الحقيقة تلك اللحظة التي لم تَغِب قَطّ عنْ مُخيّلتهم ولمّ تتزحزح ثقتهم قطْ بمجيّئها. هكذا بدى العقل وهو يستعيد من المخيلة ألفَّ قصة ترويها الصور الماثلة أمامه بكامل جوانبها وكأنه يَبّحث عن إدراك الفكر والفلسفة والايدلوجيا التي جعلت من شواهد لوحاتها تبدع في نسجها واظهارها دونما زيفٍ لتصبح لسان ثورة ملخصة في صوّرٍ أو صورة عبرتْ بصدقٍ عن قيّم ومبادئ الثورة التي استلهمت نقاءها واصالتها من نهج وفكر الأمة الديمقراطية الذي ابدع في صياغتها مايسترو وقائد أوركسترا الحرية عبد الله أوجلان كحلٍ للمعضلات التي تعاني منها المجتمعات الشرق أوسطية.

من هذا المنطلق ارتأت جريدة الاتحاد الديمقراطي للقاء أحدى الاداريين المشرفين على معرض الصور الفتوغرافية المتنقلة ضمن مدن روج آفا وشمال سورية وتنقل لمتابعيها وقرائها الهدف والغاية من المعرض وما يتضمنه المعرض من رسائل مصورة وشواهد جلية حملتها ألواحها المعروضة من مختلف جوانب الثورة في روج آفا وشمال سوريا حيث تحدثت لجريدنا :

جيان خليل الإدارية والمشرفة على معرض الصور الفوتوغرافية :

المعرض يحتوي على العديد من الصور واللوحات المعبرة وخاصة النواحي النضالية ضمن ثورة روج آفا وشمال سوريا التي ابدعها المدافعون عن تربها من قواتنا ووحداتنا العسكرية كما انها تحتوي على العديد من الجوانب المجتمعية الملفتة التي التقتها عدسات كاميرات رفاقنا من موقع الحدث كما هي بعفويتها وبساطتها التي تعبر عن حقيقة مجتمعاتنا وخاصة ما يحملها ابناؤها المقاتلون في وحدات حماية الشعب والمرأة من قيم ومعاني اصيلة مكنتها من فرض احترامه كرموز للحرية ومجابهة الارهاب العالمي فمن خلال تجسيدنا للواقع عن طريق سلحنا البسيط الكاميرة المتنقلة ضمن جبهات القتال بجانب رفاقنا المقاتلين وهم يصنعون النصر أو يسطرون آيات البطولة بدمائهم وتضحياتهم وينقل تجليات ومجريات حرب التحرير التي شهدتها وتشهدها المدن والبلدات في روج آفا و شمال سوريا وتنقل صور الفرح المرسومة على وجوه الاطفال والامهات وهم يستقبلون الحرية أو صورهم وهم يعبرون عن حجم الالم والمعاناة التي المت بهم من قوى الارهاب والظلام

هذا المعرض سيعرض في اغالب مدن رو آفا وشمال سوريا بدأناها من مدينة ديرك ونحن الأن في مدينة تربسبية ويوم الرابع من الشهر الجاري سنكون في مدينة عامودا المعرض يفتتح في كل مدينة في قاعات الثقافة والفن وكما تلاحظون نحن نعرض صورنا الفوتوغرافية  في قاعة اكاديمية الشهيد يكتا هركول للفن نظرا للارتباط الوثيق بين الثقافة والثورة والتي تعتبر نتاجا و ميراثا للشعوب وتجسيدا لتضحياتهم ونضالهم الدؤوب على دروب الحرية والكرامة .

المعرض يستمر فعالياته ليوم واحد في كل مدينة تبدأ من الساعة التاسعة صباحا الى الساعة الثامنة مساء وهي مهدات كرسالة دعم ومساندة الى مقاومة العصر في عفرين حقيقة قد تكون الصور المعروضة ضمن قاعة العرض غير كافية لإظهار جميع الجوانب النضالية لشعبا وابنائه بمختلف فئاته ومكوناته ولكن الهدف الاسمى للمعرض هو بقاء الثورة والمقاومة حية ومستمر في ضمائر ووجدان مجتمعنا وهي ماضية صوب تحقيق اهدافها .

الصور المعروضة هي تشكيلة متكاملة من جميع مدن روج آفا وشمال سوريا  وهي تعبر عن الكثير من الجوانب سواءً من الناحية الثقافية أو الفلكلورية وبشكل اكبر النواحي النضالية التي خاضها قواتنا وشعبنا طيلة سنوات الثورة فكما هو معروف الفكر والفلسفة  التي تستند عليها الثورة في روج آفا وشمال سورية هي في حقيقتها تهدف الى بناء مجتمع متكامل من كافة النواحي وخاصة بعد حرمانه الممنهج من الهيمنات التسلطية ولسنوات مديدة من ثقافته وفنه وقيمه ورقيه الحضاري وإرثه النضالي.

كما ان المعرض يحتوي على الكثير من الصور التي تعرض عنفوان وشموخ المرأة ضمن ثورة روج آفا  وشمال سوريا وقد لا تحتاج الى الكثير من الشرح لمضمونها فهي رسالة واضحة للعالم اجمع ان الثورة في روج آفا وشمال سوريا هي ثورة المرأة فهي الام التي ضحت بفلذات اكبادها ولاتزال تتقدم المسيرات المطالبة بالحرية والسلام , وهي المرأة المقاتلة والمدافعة عن قيم الانسانية جمعاء في وقت كان ينظر اليها كضلع قاصر أو كأداة تستخدم لترويج سلعة تدر ربحا ماديا بخسا .

والمعرض يحتوي على بعض من النتاج الفكري ايضا وهي مجموعة من الكتب التي قدمتها مركز الشمس للحقيقة وهي ايضا تتبع للمعرض حيث تتلخص مضمونها ومحتوها كقصص خاضها المقاتلون وهم يدافعون عن تراب الوطن . في الختام نشكر جريدة الاتحاد الديمقراطي ونوجه من خلالها الى جميع فئات شعبنا ومكوناته بزيارة المعرض واغنائه بارئهم وحضورهم ونأمل ان تتحول هذه المعرض الفتوغرافية المتنقلة الى متاحف وطنية دائمة تشهد على عظمة ثورة روج آفا وشمال سوريا وتصبح ميراثا ينتهل من قيمها ومبادئها الجيل تلوا الجيل.

زر الذهاب إلى الأعلى