ثقافة

عدنان دلبرين رمز من رموز الفن والطرب العفريني

adnan-dilbrinأعتبر الفنان عدنان  دلبرين  من أكثر فناني عفرين _المعاصرين_ شعبيةً وخاصةً بعد رحيله إثر حادث مؤلم أودى بحياته  وقد ذكر عن الفنان  وما قاله الناس  عنه في عفرين،  قيامه بمساعدة الفقراء من خلال إحياء أعراسهم بشكل مجاني ودون أي مقابل فيما إذا عرف أن العريس فقير ولا يملك المال”. كما يقول عنه صديقه الفنان (أدهم عمر)  “لقد كان الفنان الراحل (عدنان دلبرين) من الفنانين المتميزين في منطقة عفرين حيث كان ذا صوت متميز ونبرة حنجرة خاصّة ولا أعتقد أنّ تجربته الغنائية قد تكررت حتى الآن في المنطقة، وبعد وفاته في العام /1999/ غنى الكثير من المطربين أغانيه الجميلة وما زال الكثير منهم في ذلك الإطار حيث يغنون من الرصيد الغنائي الكبير الذي تركه” .. إذاً لنتعرف على شخصيتنا الجديدة، الفنان الراحل:

عدنان دلبرين

تولد عام /1956/ قرية (ديرسوان) التابعة لمنطقة عفرين من أبوين يعملان كباقي أبناء قريتهما بالزراعة ولم يكن وضعهما المادي على ما يرام، وقد قضى حياته الطفولية في قريته في ظل هذا الوضع حتى شب والتحق بالخدمة العسكرية التي قضاها في مدينة القامشلي الحدودية وذلك في أواخر السبعينات من القرن الماضي، وبعد تسريحه تزوجنا _تقول زوجته_ وكان ذلك في العام /1979/ وقد كان حينها في بداياته الفنية.

وتابعت زوجة الفنان “في العام /1980/ أي بعد عام من زواجنا قرر أن يذهب إلى مدينة حلب ويستقر فيها .. بسبب عدم وجود عمل له في القرية ومنذ ذلك التاريخ انتقلنا فعلاً إلى حلب حيث تفرغ نهائياً للغناء”، لذلك كان عائلة الراحل يعتبر تاريخ مجيئه إلى المدينة نقطة مفصلية في حياته لأنه تعرّف فيها على الكثير من المطربين والعازفين مثل (عامر أبو النور وعثمان علي) وغيرهم من الفنانين. وتضيف زوجة الفنان الراحل؛ “ثم بدأ بإحياء حفلات الأعراس في المنطقة فازدادت شعبيته يوماً بعد يوم ودخل قلوب الناس لأنّه كان يملك صوتاً جميلاً وروحاً مرحة، إضافةً إلى مساعدته الناس وذلك بإحياء الكثير من الحفلات المجانية لهم بمجرد معرفته بأنّ أهل العريس فقراء، فكان دائماً يسأل عن أحوال العريس المادية أثناء حجزه للغناء في أي عرس”. وتقول أيضاً” لقد تحول منزلنا في حلب في تلك الفترة إلى مكان للبروفات قبل تسجيل أي من كاسيتاته في الاستوديوهات فقد كان يُحضر معه العازفين والملحنين إلى البيت ليسهروا في الكثير من الأحيان حتى الصباح وهم يتدربون على أداء الأغاني، والجدير بالذكر أنّ مجموع الكاسيتات التي أصدرها في حياته بلغت /8/” كاسيتات.

 ويذكر زوجة الفنان أن عدنان دلبرين  شارك في إحياء المئات من الحفلات الفنية في منطقة عفرين وحلب، وفي العام /1999/ سافر إلى ألمانية بدعوة رسمية من المغتربين العفرينيين هناك حيث أقام عدة حفلات فيها ولمدة شهر كامل وبعد عودته تلقى دعوة أخرى وهذه المرة لإقامة حفلة فنية خاصّة بمناسبة رأس السنة الميلادية في اليونان وقد قال لي حينها جهّزي نفسك لتسافري معي هذه المرة ولكن .. القدر لم يمهله لتحقيق ذلك”.وتقول السيدة (نديمة؛ أم رستم) _وهي إسم زوجة الفنان الراحل عن الحادثة التي أودت بحياة الفنان (عدنان دلبرين) قائلةً: “لقد ذهب إلى منطقة كفرجنة لإحياء حفلة عرس وكان يرافقه أبننا (شيرو) وشقيق المرحوم وفي طريق العودة إلى (حلب) حوالي الساعة الحادية عشر ليلاً تعرّضوا لحادث سير مؤلم أدى إلى وفاته وكان ذلك بتاريخ 4/11/1999 أي قبل حوالي الشهرين من موعد سفره إلى (اليونان) لإحياء حفلة رأس السنة هناك، وقد شارك الآلاف من محبيه وعشاق فنه في مراسم دفنه إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه في قرية (ديرسوان) عفرين”.

خصوصية الفنان (عدنان دلبرين) الفنية:

يقول الصديق والفنان (أدهم عمر) عن خصوصية الراحل الفنية؛ “لقد كان فناناً ناجحاً لأنّ النجاح الفني برأيي هو تحقيق عدة شروط هي الرصيد الفني والصوت الجميل والكلمات الحلوة والألحان العذبة وقد حقق الراحل هذه الشروط في تجربته الفنية، إضافةً إلى قدرته على كتابة الكثير من كلمات أغانيه بنفسه وأحياناً ألحانها وبذلك دخول قلوب الناس من أوسع الأبواب”. ويضيف متحدثاً عن أنماط أغانيه قائلاً: “لقد غنى الفنان الراحل الأغاني الفلكلورية والرومانسية وغيرها من الأغاني المحلية مثل التغني بنهر عفرين وجبالها وطبيعتها_ويقصد بها أغنية (عفرين هات خم أو خشه)_، وأيضاً من الأغاني الفلكلورية الشهيرة التي كان يؤديها؛ هي أغنية (زينب) و(عيشى إيبه) الجميلتين”. وكذلك هناك العديد من الأغاني الرائعة والتي أداه بصوته مثل أغنيته (Sewda.. Sewda) وإنني أعتبر أغنيته “سرخوش كرم فا ديلبره” من أروع ما قدمه الفنان الراحل (عدنان دلبرين) وذلك إلى جانب الكثير من الأغاني الأخرى .. حقاً كان الفنان يمتلك إحساساً عميقاً بالموسيقى ويجسدها من خلال أدائه الجميل والرائع بالإضافة إلى إمتلاكه لحنجرة ذهبية وبالتالي يمكننا القول كان فناناً حقيقياً بالفطرة والموهبة وقد أصقلتها التجربة الشخصية.

وتقول أرملة الفنان الراحل (عدنان دلبرين) متحدثةً عن حكاية اسم (دلبرين) عن حياة الفنان الراحل أن “المرحوم كان اسمه (عدنان موسى) أما لقب (دلبرين) فله حكاية خاصّة في حياته، (دلبرين) كلمة كردية تعني بالعربية صاحب القلب المجروح وقد حكى لي قصة هذا اللقب ذات يوم، فأثناء أدائه لخدمة العلم في مدينة القامشلي جاءته برقية من أهله تفيد بأنّ والدته قد توفيت وظنّ (عدنان) بأنّ أقرباءه فعلوا ذلك قصداً كي يرجع إلى قريته لأنّه عندما ذهب إلى الجيش قال لأمه بأنّه لن يعود أبداً بسبب خلاف حول موضوع عائلي، ولكن في لحظة ما _وهو مازال في قطعته_ قال لنفسه لماذا لا أسافر إلى القرية فقد يكون الخبر صحيحاً وعندما رجع إلى البيت تفاجأ بوفاة والدته، فذهب إلى قبرها وبكى طويلاً ومنذ تلك اللحظة سمى نفسه (دلبرين)؛ أي صاحب القلب المجروح” .. وأنت أيها الفنان وبرحيلك المبكر والفاجعة التي تركتها خلفك قد جعلت من (عفرين) أن تكون “صاحبة القلب المجروح” على إبنها كما جعلتك رحيل الوالدة “صاحب القلب المجروح” فكل الرحمة لك والوفاء لذكراك لما قدمت للمكتبة الغنائية العفرينية والكردية أجمل الألحان والأغاني تخلد ذكراك بين أبناء شعبنا الكردي.

زر الذهاب إلى الأعلى