ثقافة

جكر خوين… الشاعر والمفكر… والمناضل

عزيز عمرو

لم يكن جكر خوين شاعراً عملاقاً فقط بل كان مفكراً كبيراً ومناضلاً صلباً كتب الكثير والكثير من الدواوين حول القضايا القومية والوطنية والطبقية والأممية ولعب دوراً هاماً في تعرية الكثير من رجال الدين الذين كانوا يتاجرون بالدين ويستغلونه لأجل تحقيق بعض المصالح الشخصية كما عّرى مظالم الإقطاع والآغوات بحق الفلاحين الذين دعاهم إلى الوحدة من أجل الخلاص من مظالمهم وتوزيع الأرض عليهم، قاد الكثير من مظاهرات في مدينة قامشلو ضد الأنظمة الديكتاتورية كالزعيم والحناوي والشيشكلي واعتقل مرات عديدة وتعرض إلى تعذيب وحشي من قبل جلاوذة تلك الأنظمة، ولكن شاعرنا لم يتنازل عن أفكاره مواقفه الماركسية والقومية والطبقية والديمقراطية وكان يواجه هؤلاء الطغاة بكل رجولة وعنفوان وكان دوماً مثال الرجولة والصمود والتحدي، كُلف الشاعر الكبير جكر خوين من قبل قيادة الحزب الشيوعي في الجزيرة بقيادة منظمة (أنصار السلم) وحضر مؤتمراً دولياً لأنصار السلم في بيروت وكان معهم: ملا رشيد سعيد والرشيد كرد كما كان هو والمناضل الشيوعي ابراهيم بكري مرشحا الحزب الشيوعي في محافظة الجزيرة عام 1954.

فكل مَن يطلّع على مذكرات جكر خوين يلاحظ أنه حتى آخر لحظة من حياته كان قومياً وأمماً ماركسياً لينينياً، ولكن مع الأسف الشديد فقيادة الحزب الشيوعي في الجزيرة لم تقدّر وضع وإمكانيات المفكر جكر خوين إلى درجة الإهمال واضطر حينئذ للانتقال إلى التنظيمات الأخرى جكر خوين بالرغم من كل هذه الإمكانيات لديه كان متواضعاً كالطفل بسيطاً كالحقيقة لم يقدر هذا الشاعر الكبير إلا بعد وفاته، بحق أنه مدرسة متكاملة!

يقول الشاعر جكر خوين في إحدى قصائده:

آه منك أيها الزمن الظالم.. أين كردستان؟ وأين بروجها العالية؟

هذا وقد عبر عن تعلقه بوطنه وحبه له قائلاً:

قدح ماء من مياه ينابيع بلادي.. لا أبدله بماء الزمزم والحياة والكوثر

أحجار وصخور وهضاب بلادي.. لا أبدلها بالماس والياقوت والذهب والجواهر

صبايا وعرائس ونساء وعجائز كردستان.. لا أبدلها بكل الحسناوات والفاتنات وحوريات الجنة

ويقول جكر خوين في قصائده التقدمية:

لا أريد النظم الرجعية والتقاليد الموروثة.. أريد حرية وانفتاح

 مَن يريد العبودية؟ أريد أن أحرر الوطن

وحول بعض رجال الدين كتب:

لا تقبل يد الشيخ فإنه ليس بالقطب (الرازي)

لا تحن له رأسك لتنال بركاته إن هذا ليس من الدين بشيء

الدين هو في نهضة الشعوب والعبادة هي في تحرير الشعوب.

وحول الثورات التحررية العالمية كتب عن الشعب الفيتنامي:

ديان بيان فو لقد اندحر الاستعمار الغاشم فوق ترابك.

فأبناؤك الأبطال ضحوا بدمائهم الزكية ليخلفوا لك اسماً لامعاً ومقاماً..

وحول عيد المرأة يقول الشاعر جكر خوين:

في الثامن من آذار بزغت شمسكم بعد غياب طويل.

ليشرق يوم المرأة العالمي.. عيد المرأة الديمقراطية.

مبارك علينا هذا اليوم فقط تسوينا في الحقوق والواجبات.

فيا نساء العالم أجمع… أهنئكن من أعماقي وأبارك لكم عيدكم.

وكتب الشاعر جكر خوين عن الشعب المصري في نضاله ضد العدوان الثلاثي:

بور سعيد… بورسعيد دخل اسمك التاريخ…

كما بارك شاعرنا الكبير الشعب العراقي بكرده وعربه بثورة 14 تموز:

مرحباً بعيد الفرحة.. بعيد الحرية وعتق الرقاب بعيد ثورة 14 تموز الخالدة.

لقد تشابكت أيادي الكرد والعرب، ولم يرضوا بعيشة الذل والخنوع

كما قال في قصيدته الشهير (الكرد والفلسطينيين): الرقعة تبكي.. والسمو ينتحب.. القيم والمثل حزينان، والتاريخ مطعون في شرفه والحرية جريحة القلب… انتفض الثوار الأبطال، هجمات وغارات وعمليات فدائية فوق تراب فلسطين.

وقد كتب جكر خوين للإنسانية في قصيدته (إنسان أنا):

ماركسي أنا، أطالب بالحقوق في كل مكان.

كوبي أنا شامخ الرأس، سوفياتي أنا ناضج.

أمريكي أنا أريد الحرب، آسيوي أنا مناضل في أفريقيا.

أقاتل، في أوروبا أناضل في أوقيانوسيا، أكافح، أناضل أنا

فيتنامي أنا.. محارب.. هندي أنا.. حاف جائع عار.

عملاق أنا.. زندي فولاذي.. لن أكون استعمارياً قط

إنسان أنا متواجد في كل مكان.

كما كتب  جكر خوين الكثير من القصائد عن الكثير من الشعوب والأمم وعن الأحلاف الاستعمارية ضد الحروب ومن أجل السلم للعالم.

إن الكتابة عن هذا العملاق تتطلب الكثير من الكتب وعلى المثقفين الكرد وغير الكرد أن يساهموا في إبراز دور هذا الشاعر والمفكر والمناضل، لإعطاء جزء من حقه فهو بحق عملاق زمانه!

زر الذهاب إلى الأعلى