مقالات

تحرير إدلب يجب أن يسبقه تحرير عفرين وليس العكس… عن توسلات أردوغان وتنازلاته يوم غد في سوتشي

إذاً؛ وبيِّنِ الحال؛ بأن لقاء طهران في السابع من أيلول فشل وكأنه لم يُعْقَد، علماً بأن مثل هذا الفشل محمّلٌ بتداعيات تزيد من الحالة البينية الموجودة فعلاً لدول الآستانا. كما هو واضحٌ أيضاً بأن حالة الفشل شبه الكليّة تنطبق على الاجتماع الرباعي في استانبول المنعقد من الرابع عشر من أيلول حيال إدلب وعموم الأزمة السورية ما بين مستشاري وكبار المستشارين لرؤساء الدول: ألمانيا، فرنسا، روسيا؛ إضافة إلى المضيفة تركيا. من المفترض أن يتّبِع اجتماع المستشارين اجتماعاً معلناً بمفاد اتفاقاً يعلنه رؤساء الدول الأربعة؛ إنْ بخصوص إدلب أو عموم الأزمة السورية. لكن لا يلوح في الأفق كمثل هذا الاتفاق فالاجتماع الرئاسي الرباعي.

نال منتجع سوتشي الشهرة في الأزمة السورية. وشهرة هذا المنتجع الذي شهد ويشهد لقاءات متعددة أغلبها بعلاقة بالأزمة السورية؛ لكنها حتى اللحظة تحظى باستفزاز الذاكرة كما الذي حدث في منتجع فيشي من جنوب فرنسا بدايات الحرب العالمية الثانية. يجمع سوتشي يوم غد لقاء ما بين الشريكين العدويّن. المتناقضين المتصالحين. موسكو وأنقرة. كانا قبل أقل من اسبوعين بحكم الانقضاض على إدلب بعد تعهدات أردوغان لبوتين بإقناع النصرة أن تحل نفسها. أما اليوم فالسوريين أمام نتيجة تم فيها شطب معركة إدلب؛ لتكون معركة محدودة جزئية ليست شاملة وإنْ حدثت فتكون متعلقة بريف إدلب الجنوبي كما هو المتوقع. التوقع الذي يشير بأن المعركة المحدودة حتى تحدث فإنه لها شروط أيضاً أو بصريح العبارة لها التنازلات التي تقدمها تركيا مرة أخرى؛ لكنها تنازلات مشروطة تتعلق بتمكين النصرة وداعش والجماعات الإرهابية في عفرين. يحدث ذلك في ظل وصول عشرات المئات من جهاديي النصرة الإرهابية إلى عفرين في الفترة الأخيرة (اقناع أردوغان للنصرة يكمن في توجيههم إلى عفرين). وهذا بحد ذاته يشير إلى الابتذال الذي ينال إحداث ممرات إنسانية للأهالي والمدنيين في إدلب حينما يتم الاتفاق قبله إلى إحداث ممرات (آمنة) لوصول آمن للجماعات الإرهابية. لن يكون ذلك بسابقة لدى شعب سوريا؛ فقصة الممرات الآمنة هي بدعة أنقرة حتى احتلت عفرين مع اللصوص الذين سموا بدرع الفرات، ومع المرتزقة واللصوص فيما سموّا بجيش التحرير الوطني السوري. القصة في ذلك بدأت حينما تم بيع حلب. وكل محاولات أنقرة اليوم تتلخص بكيفية استردادها. وأن الحشد العسكري الكبير لمختلف الجماعات المسلحة في إدلب علاوة على النصرة الإرهابية والتركستاني وغيرهما؛ لم يكن أن يكون فيما لو لم تحتل أنقرة عفرين. لا بل حتى تم احتلال عفرين أحرقت تركيا أوراقاً لها وصلت إلى آسيا الوسطى. علاوة على ملفات اقتصادية تتعلق بالطاقة والغاز والسلاح نُسِجت؛ تُنسجُ ما بين المتفقين على البيع والشراء السوري. لا بل أبعد بكثير من ذلك لتصل إلى أن السبب الأساس في انتعاش الاقتصاد التركي السابق الذي له مصدرين حاسمين: الالتفاف على العقوبات الدولية على إيران، وسرقة مقدرات شعب سوريا عن طريق مشغلي تركيا من الجماعات الإرهابية، يضاف إلى هذه الجماعات بعض الشخصيات المحسوبة على المعارضة السورية من ضمنهم (أكراد) هذه المعارضة واصلاً بهم الحال إطلاق أكاذيب وأضاليل وتشويهات؛ هي في الحقيقة عويل وصراخ الخاسر؛ ليس إلا. أما الأزمة الاقتصادية السياسية في تركيا فهي قديمة؛ أما ظهورها المؤخر متعلق بأحد أهم جوانبها بأن أنقرة لم تستطع أن تلعب دور قاطع الطريق؛ على الرغم من أن منطق العصابة يحكم رئيسها/ سلطانها.

لكن تركيا (بلعت الموس) حينما ربطت مصيرها بتمكين الإرهابيين واللصوص؛ بشكل خاص في سوريا من بعد فشلها في مصر وليبيا وتونس، وفشلها في تشغيلهم وتصديرهم إلى بلدان الخليج. سهّلت لعبة الدول لذلك أيضاً؛ بعد أن رأت أن أفضل من يحقق الفوضى في الشرق الأوسط وبشكل كبير في سوريا واستقدام الدولة بعد الأخرى إلى سوريا من خلال سلطان عنده التاريخ يبدأ وينتهي في وقت السلطنة العثمانية.

لكن يوجد قرار دولي؛ قد لا يحظى بقبول الجميع لكن الجميع مجبر على القبول به؛ في أن موسكو بقدر ما لن تكون الوحيدة في وضع الحل السوري، فإنها ستجد غيرها أيضاً في معركة إدلب الشاملة؛ حينما تبدأ. يجب أن لا نتفاجئ حينما نرى برلين قد أسند لها دور الليبرو في معركة إدلب. ربما استيقظت القارة العجوز وبدأت تخطو خطوات أقرب بالمواجهة أو التحسب للمواجهة؛ فتضع أولاً الحد من ابتزاز أنقرة لها على الدوام بتوجيه حركية اللاجئين السوريين إليها، وما ملكت إيمان أنقرة ويدها من تمرير الإرهابيين ضمنهم وصولاً إلى التفجيرات والأعمال الإرهابية التي حدثت في أوربا مؤخراً فإن كلها تنتهي بأنقرة بشكل أو بآخر.

كل الدلائل والوقائع وحيثيات المشهد السوري تشير بأن تحرير عفرين أولاً هو مفتاح السر للحل السوري. ومن خلال تحرير عفرين يتم تحرير جميع المناطق التي تم احتلالها من قبل تركيا. جرابلس والباب واعزاز. وإدلب. هذا لو كان تفكيرنا سورياً. ولو كان من يفكر فقط عن طريق الغير- المتداخلين من الإقليم والعالم في سوريا- فإن تحرير عفرين أولاً تعجّل من نقل الملفات السورية المتوافق على أساسياتها من قبل الجميع المتداخل إلى حيّز التنفيذ. كما التي ظهرت في وثيقة المجموعة المصغرة (أمريكا، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، السعودية، الإمارات، ومصر)؛ هي نفسها اللا ورقة المعدة من قبل دولها قبل انعقاد سوتشي1 بأربع أيام. علماً بأن هذه الوثيقة أو مضمونها لنقل تقارب بعض النقاط من مسودة الدستور الروسي، لتشير كل هذه الأوراق والمسودات والرؤى بأن الحل السوري حدث في روج آفا وشمالي وشرقي سوريا منذ خمس سنوات. أقصد الإدارة الذاتية الديمقراطية. أفضل جهة حاربت الإرهاب ولا تزال تحاربه في آخر معاقله من هجين/ دير الزور. الحكمة لا تكمن في دحر الإرهاب؛ إنما في منع إعادة ظهوره، كما أن الحل لا يكمن في وقف العنف السوري فقط لا بل في تحقيق التغيير الديمقراطي ومنع ظهور العنف مرة أخرى. عزل تركيا عن سوريا أحد أهم خطوات منع ظهور الإرهاب ووقف تصدير العنف إلى سوريا. لمن يشكك بذلك: انظروا إلى تركيا في سلطانها وهو يصول ويجول فقط كي لا تنتهي التنظيمات الإرهابية. كما أن أول دخول إقليمي سريع إلى سوريا كان عن طريق تركيا وقطر. ثم تتالت التدخلات حتى اللحظة. من يريد تحريراً حقيقياً في إدلب عليه التقدم نحو عفرين أولاً.

زر الذهاب إلى الأعلى