دراسات

المجتمعات المنكفئة؛ دور الكرد في التحول إلى المجتمعات المنفتحة المستقرة

images-%e2%80%ab%e2%80%acاعداد الباحث السياسي: سيهانوك ديبو

ملخص تنفيذي:

أعظم الظواهر على الإطلاق؛ تلك التي تعجِزُ عن إيصال جُمَلِ الحُبِّ إليها. وكأنها لا تريد أن تسمعك؛ أو أنها تريد أفعالاً وترجمات تؤدي إلى فعل تلك الظاهرة والنتائج المُراد تحقيقه من تلك الظاهرة.

ظاهرة الشهيد التي تفوق جمالاً أخلاقياً من ظاهرة المطر. فإذا كانت الثانية منحة إلهية إلى البشر وإلى عموم عناصر الطبيعة؛ فإن ظاهرة الشهيد هي منحة إلى الله وإلى البشر ؛ على اعتبارها أسمى مراحل الأخلاق المجتمعية والتي تُعْتَبَرُ في الوقت نفسه أكثرها عرضة للتهديد وفق هذا الكم المرعب الذي نشهده من الاستبداد والإرهاب، وكل الذين ينوسون فيما بينهما؛ بأدرية إنْ بجبرية.

لن نغالي حين القول: بأن الحروب التي تشهد في الشرق الأوسط والمحددة على الجغرافية السورية؛ تعني في جانب كبير منها تدني القيمة الأخلاقية وانحسار ظاهرة المجتمع الأخلاقي. وأن أغلب المشاريع التي تظهر اليوم تقف بالضد من الأخلاق؛ وحين الحديث عن الأخلاق؛ يسْتَدَل منه الجمال والحضارة واللذين لا يمكن ملاحظتهما إلا حينما تتحصل الحرية، والحرية أولى الأبواب التي تفتح حينما تكون الديمقراطية هي البناء وهي الفعل الفكري.

تعرضت المجتمعات الشرق أوسطية إلى حروب هائلة؛ أقذرها الحرب على كينونة الشرق الأوسط وبما يستفيض منها عمق كبير من الثقافات التي تقتصر عليها، والتي اقتصدَتْ عبر أزمان متعاقبة إلى تكوين حضارة/ ات ديمقراطية خاصة بها؛ قد تم إزاحتها مدة طويلة، مِنْ بعد أنْ تم استبدالها –شكلياً- مع كل العجز المترتب على ذلك في أن تغوص إلى عمقه وتحل محله؛ بثقافويات طارئة؛ أقل ما يمكن قوله بأنها لم تنتمي إلى الشرق الأوسط. أزمات الشرق الأوسط دليل ذلك؛ وبكثافة عالية المستوى؛ الأزمة في سوريا.

قراءة حذرة أخرى تلزم؛ قبل أن يكون الوقت متأخراً :

لن نسهب أملاً على سلطات الاستبداد الشرق أوسطية التي باتت بالأكوام، والتي باتت مغادرة كل عقل وكل قلب ينبض وفق هذا الشرق، وتظهر اليوم بمظهر منتهي الصلاحية؛ باتت في جهة مغايرة من شعوبها التي تقرر لحظياً وبشكل فاعل إدارة الظهور لها مِنْ بعد إدارة العقول عنها ومنذ زمن ليس بالقريب.

إنما المجال كله؛ يجب أن يكون وفتح كل امكانية للتوسعة يكون مع الشركاء من قوى المعارضة الوطنية، القوى الديمقراطية، الفعاليات المجتمعية، مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات القانونية والهيئات المدنية، ومراكز دراساتها، والشخصيات المنتمية إلى قيم الوطنية والعيش المشترك بكل المساحات التي تؤثر فيها.

وإذا كان تصويب المستقبل مسؤولية جمعية مطلوبة من الجميع؛ فإنها تكون أولوية بالنسبة المهتم بالكيفية المثلى التي يجب أن تكون عليها أوطان ما بعد مرحلة ربيع الشعوب، وعلى اعتبار بأن الصيغ القديمة للحوكمة في الشرق الأوسط (تكويرات الأنظمة الاستبدادية) باتت في حكم الاهتراء؛ فإن الصيغ الديمقراطية؛ هي المطلوبة بإلحاح: وظيفي- بنيوي- معرفي، ليست بالشكل الفَرْضي إنما التوافقي المحض عليها.

وإذا كانت من نتيجة متقدمة استحصلت في الحراك الثوري السوري المتحوّلِ؛ اليوم؛ إلى أزمة تفيض إلى الشرق الأوسط برمته؛ فإنها قدمّت بأن هذه الشعوب في سوريا لم تعرف بعضها؛ لم تستطع التعرف على تاريخها؛ لم ترغب (بعمومها) أن تدرك ماهيّة شعوب سوريا وليس الماهية الممسوخة لدى الشعب السوري؛ التي قاستها الأيديولوجية الضيّقة حين استلاب البعث للسلطة.

أمر ليس من السهولة تقبله بأن الكرد-مثالاً- يُنظر إليهم في غالب العموم السوري بأنهم دون حضارة متوغلة يملكونها، وأن هذا العام يحتفلون في نوروزهم 21 آذار بعامهم 2629، وأن امبراطورية ميديا الكردية 612 ق.م ذي المساحة 2مليون و350 ألف كم2 بشكل تقريبي امتدت على ما يعرف الآن بأذربيجان، إلى آسيا الوسطى وأفغانستان؛ علاوة إلى أماكن تواجدهم الآن مقسمين بين أربع دول: تركيا، إيران، العراق، وسوريا.

لم يكن هذا الإنكار على طريق الإبادة؛ حدثاً طارئاً، وإنما الحقيقة المُغيّبة لشعب كانوا من أوائل المكتشفين لنظام المدن الصغيرة (القرى الكبيرة) المشيّدة عند أقدام جبالهم والتي لم يبرحوها حتى اللحظة. ومثل هذا الاستشهاد لنْ يُفهم منه سوى حقيقة الدلالة على الوجود التاريخي الكردي وليس نفخاً في قربة مقطوعة عمرها ثلاثة أحقاب منصرمة؛ على الطريقة العثمانية الجديدة ومطمحها العدواني إزاء المنطقة برمتها حتى أوربا.

خلاف هذه الحقيقة فإن غالبية المعارضة السورية أبدت مواقف فاقمت عداءً موقف سلطة النظام السوري في دعواتها الإنكارية الصريحة؛ وصلت بعضها إلى درجة التشكيك بالوجود الكردي، بعض منها تفكر اليوم بالعودة إلى حضن النظام؛ الذي خرجت منه أغلب المعارضة السورية في الأسِّ والأساس. ما يلزم هنا ابداء مسؤولية حول المسائل السيادية التي تسبق تشكيل الأوطان- الدول- الأنظمة السياسية؛ ومنها مسألة الاعتراف السيادي بالشعوب الموجودة في سوريا، والاعتبار السيادي لحقوقها، والاعتبار لصيغ العيش المشترك عبر مشاريع ديمقراطية: يؤكد فيها الجميع وجود وحقيقة الجميع، وفق هذه السياديّات تنشئ الأوطان المنتمية إلى قيم شعوبها بشكل تشاركي كلي جمعي. مما يعنيه القراءة الحذرة للتاريخ إذا كان من همومنا بناء مستقبل على وسعنا ووجودنا جميعاً دون استثناء.

لماذا لا يتقدم الحل السياسي؛ وماذا عن مصير الحل الفيدرالي في سوريا؟

ما الذي يلزم من أجل شرق أوسط ديمقراطي، ومنطقة مستقرة تحظى بأمن واستقرار؟

والاتفاق الكلي بأن المنطقة برمتها تمر في حالة فوضى؛ فإن ما يُميّز عن خصوصية لفوضانا؛ بأن التوازنات التي تتحصل؛ تبدو؛ تخلق؛ لا تشهد الثبات، ولا يوجد ثبات في استمرار مرحلة أو مراحل معينة في زمن الفوضى إنْ كانت هدّامة أو خلّاقة؛ ربما لأن المطلوب منها تأدية دور معين عند مرحلة معينة ثم تختلف وتخالف فيما مَنْ شكلوا الأحلاف، وكما أن الاتفاقيات تتموضع وفق الأجندات التي أيضاً تتعرض للتغيير، أي حصول توازنات قلقة/ غير ثابتة، مثال ما يحدث بين روسيا وتركيا وهذا يعود إلى التناقض التاريخي بينهما وتناقض رؤاهما الحالية والمستقبلية، وربما من عدم المغالاة لو قلنا بأن روسيا باتت كأنها مُكَلَّفة بتثبيت تركيا وفرملتها وتكسير أجنحتها بشكل متدرج وعلى دفعات؛ وبمباركة أمريكية وتنسيق فيما بين القطبين.

وما يميز أيضاً مرحلة الفوضى بأن القوى المجتمعية تظهر بشكل قوي، وتكون مشاريع هذه القوى أكثر ثباتاً وبتأثير نوعي على فرض حالة متقدمة من الاستقرار؛ مثال عن ذلك ويكاد يكون الأوحد في الشأن السوري: مشروع الفيدرالية الديمقراطية في شمال سوريا في صيغ الإدارات الذاتية الديمقراطية، والتي بات تقبلها –كما قلنا- من النظام ومعارضيه السلطويين بشكل غير وارد حتى اللحظة، قد تصل بها الأمر أن تقدم كل جهة لأخرى التنازلات الكبيرة؛ بمباركة أو تنازل كبير من الأنظمة الاستبدادية الإقليمية؛ كي لا تكون لصيغة الحل هذه أي الفيدرالية الديمقراطية قائمة، بالرغم الاحتمالية الكبيرة في ذلك؛ فإن هذا المشروع يُكتب له النجاح ولعديد من الأسباب الحاضنة التي تتألف بدورها من حواضن لمكونات شعب روج آفا وشمال سوريا؛ إضافة إلى التكامل والتتام بين القوى المتحالفة أي ما بين وحدات حماية الشعب والمرأة وعموم قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي بقيادة الأمريكان؛ يُضاف إلى ذلك العلاقة الاستراتيجية بين القوة السياسية النوعية في هذه المشروع: حركة المجتمع الديمقراطي وروسيا.

إذا كانت النتيجة المرجوة على أن العام 2017 يكون عام الانتهاء من أقوى التنظيمات الإرهابية في العالم/ داعش؛ فإن ما بعد هذه النتيجة سيكون الأكثر خطورة؛ أي مرحلة ما بعد داعش؛ وأن التوازنات في السياسة الدولية الجديدة –على الأقل؛ التي تظهر- إزاء ملفات الشرق الأوسط؛ ستطوى التوازنات القديمة كي تبدو أكثر ثباتاً؛ مع العلم بأن مرحلة الثبات لن تصل إلى مشهدها الأخير في فترة قصيرة. بعض اللاعبين كانوا الأساسيين سيُخرجون من الملعب كي يصبحوا على مقاعد المتفرجين، وبعضهم يخرجون من المعلب كله وربما دون عودة. اللاعب الكردي (الجديد) من الصعوبة أو ربما من الاستحالة له أن يخرج؛ خاصة الذي يتحرك وفق نظرية الأمة الديمقراطية، والتي تكسب يومياً المزيد من الحاضنة الاجتماعية والمزيد من الدعم الدولي بعد أن فرض نفسه أنه الأقوى في مسألتين تأتَتْ مع بعضهما؛ الدفاع عن المكونات المجتمعية في روج آفا والقوة المنظمة لديهم ضد داعش، وفي الوقت نفسه مسألة المشروع الديمقراطي المتمثل بالفيدرالية الديمقراطية على أساس الجغرافية وإرادة المكونات.

ربما لن تختلف الأجوبة المقدمة للسؤال الأول في أن تكون جواباً ذاته للثاني، بمفاد أن التكتلات الصدأة (بما تحملها من رؤى غير متماشية مع تاريخ المنطقة وعصرانيتها ومستقبلها) ولا تزال تحوم حول فكرة الدولة القومية بأنها الخلاص؛ وبطبيعة الحال لم تكن يوماً سوى اللاحل؛ على الأقل في نماذج الشرق الأوسط؛ وأنها في أماكن الوجود الذي نتج فيه؛ كانت الدولة القومية حلاً ثورياً وبديلاً عن الدولة الدينية في أوربا، ولكنها اليوم تبدو شاحبة غير منسجمة مع دلالات التطور في المجتمعات البشرية. وكما أن هذه التكتلات تعجز حتى اللحظة عن فهم مسؤول لطبيعة الانعطافات التي تمر بها المنطقة، فكل ما تفعله بأنها تلتصق مع بعضها أكثر من ذي قبل؛ وباتت تدرك بأن ذهاب إحداها يعني أفولها؛ فتحرص على القيام بكل شيء يضمن إعادة انتاجها، لتجد نفسها في نهاية الأمر؛ على حافة السقوط؛ وهي بدورها مجموعة كبيرة من المعضلات التي لا يمكن حلها ولا ينفع معها أية استجابة مراوغة؛ فتقع وتبدأ نهايتها.

في أوربا: عودة اليمين أمْ ذهاب اليسار أمْ ظهور المجتمعات المنكفئة؟

التوازنات التي تَتَحصل اليوم حيال الشرق الأوسط وفيه؛ لا يمكن عزلها عنْ ما يحدث في أوربا؛ فالمجتمعات المنكفئة التي تظهر في أوربا؛ وعدول الرأي الجمعي الأوربي وتأكيده من ضرورات مغادرة اليسار أو الاشتراكية المحلية للسلطة واختيار اليمينة عنها؛ لم تكن وليد الصدفة، بل أن العجز الاقتصادي لدى معظم بلدان أوربا وأزمتها الاقتصادية، والخطر الاستراتيجي الذي تصوِّرُه الأحزاب اليمينية في أوربا منْ أنْ تفيق أوربا لتجد سكانها الأصليين أقليّة، العمليات الإرهابية التي شهدتها عواصم أوربية في فتراتها الأخيرة؛ أربكت الوعي الشعبي الأوربي وجعلته يعيد النظر إلى جملة من القضايا، ملف الهجرة التي وجدت أوربا بأنها أمام عملية ابتزاز متقدمة من قبل إحدى أهم شركائها الافتراضيين أي تركيا؛ بعض هذه البلدان الأوربية فهمت سياسة تركيا بأنها كانت مدمرة للمجتمع السوري وأنها ما فعلته أي تركيا كان بمثابة تجميع للمهاجرين السوريين وتوجيههم إلى أوربا؛ من بين المهاجرين عناصر مدربة من التنظيمات الإرهابية، والاستغباء التركي لأروبا كان بأن يكون تمويل هذا التجميع على حساب المال الأوربي.

أياً تكن الأسباب التي تؤسس لظاهرة المجتمعات المنكفئة وتسيُّد خطاب الشعبوية والتأسيس فيما بعد لخطاب الكراهية والتشكيك بين المجتمعات؛ فإن التفسير المنطقي لها بأن الأحزاب اليمينية في أوربا ستفوز اليوم وتصل إلى السلطة، وأن التباعد ما بين كِلاً من أوربا من جهة وتركيا من جهة أخرى؛ تخدم هذه الوجهة، ومن المفترض أن يفوز أردوغان بالاستفتاء المزعم عقده في 16 نيسان القادم وتكون نسبة فوزه لِما يسعى إليه من التعديل الرئاسي ستكون قريبة من 55%؛ بالطبع إذا لم يحدث شيء غير اعتيادي وغير مسرحي في تركيا يحول دون ذلك؛ أي انقلاب حقيقي.

المطبخ الدفين لصناعة السياسة الدولية العالمية يعمل بأقصى حالاته الأيديولوجية؛ زيادة التعبئة ضد الإسلام؛ في ظل تنطع أنظمة استبدادية فاشية مثل نظام أردوغان وغيره من الأنظمة الاستبدادية في أن تعطي نفسها كحامي حمى الإسلام وكخليفة/ خلفاء جدد مع المدى الكبير من التورط في خلق وإنماء تنظيمات إرهابية في مقدمتها تنظيم داعش أو ما تسمى دولة الإسلام في العراق والشام، وما تظهره هذه الذهنية الخطرة على العالم بأسره؛ يجب أن لا نتفاجئ إذا ما خرج عن أردوغان في قادمات الأيام القليلة بأن هو (الفاتح الجديد) متعكزاً على جده في سقوط القسطنطينية 1453، مطالباً أو داعياً على الأقل في سقوطات جديدة لعواصم أوربية.

الحل؛ عكس ذلك: المثال السوري ودور الكرد في حل الأزمة السورية

شعوب سوريا في وضعها الكارثي الذي تشهده باتت مدركة أن الصيغة التقسيمية التي أنتجت سوريا قبل ثمانين عام ستكون سبباً في تفتيتها الآن حينما لا تتوفر الإرادة السورية التي تمثل تطلعات الشعوب في سوريا في تحقيق الأمن والاستقرار في مدخل الانتقال إلى حالة التغيير الديمقراطي، كما أنه لم يفقد الأمل في إيجاد حل سياسي بصبغة وثقافة هذه الشعوب ومتوافق في الوقت نفسه مع جميع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة حتى القرار الأممي 2254، كما أن الحالة المفجعة من استفحال الأزمة السورية يعني أنه من الضرورة عدم انتاج الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج، وأن سوريا الجديدة تكون لكل السوريين حينما يمتلكون الإرادة الوطنية من أجل إدارة وطنهم، وهذا يلزمه عقد مجتمعي يضمن جميع حقوق السوريين أفراداً وجماعات ومكونات سورية، وأن مشروع الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا هو ضمانة تحمي سوريا من التفتيت والتقسيم الذي أرسى بداياتهما النظام المركزي الاستبدادي وكرستهما التنظيمات الإرهابية والتدخلات الإقليمية والدولية؛ تجعل من هذا المشروع أساساً لدمقرطة سوريا وبمثابة إعادة خلق سوريا الجديدة الموحدة ونظام سياسي بسيادة على كامل أراضيها.

الكرد –كرد الأمة الديمقراطية- في نوروزهم الجديد يظهرون أفضل ما لديهم من مشاريع تنتمي وتعبر عن تاريخهم وتأثيرهم في تشكيل الحضارة الديمقراطية، ومن خلال مشروع الفيدرالية الديمقراطية يرسخون معالم التغيير الديمقراطي التي باتت في متناول اليد؛ والكرد مثل غيرهم من الشعوب ينقسمون فيما بينهم إلى كتلة ديمقراطية تؤدي أفعالاً تاريخية وتكتل بدئي يرى وجوده في مأزق القومية البدئية؛ مثال هؤلاء الذين يؤدون اليوم دور الارتزاق في هجومهم مع قطعان داعش (محلوقي الذقن) على شنكال وعسكر الاحتلال التركي بمقاصد عدائية متعددة تفيد باحتلال شنكال مرة أخرى كي تكون تحت وصاية حزب الديمقراطي الكردستاني بالإضافة إلى حصار روج آفا وإفشال مشروعه الديمقراطي ومن ثم التمهيد لاحتلال تركي؛ وتكون النتيجة بحسب هذا الحزب أن يكون نصف باشور مع روج آفا تحت الاحتلال العسكري وإنْ تعذر فتحت الاحتلال الاقتصادي. تركيا التي توجه مشغليها المحتسبة على المعارضة السورية إلى الأمكنة التي تضمن مصالحها؛ يتوجهون إلى الآستانا لو أرادت تركيا؛ لن يحضروا جنيف إذا ما حضر ممثلي شعوب شمال سوريا وقواها السياسية والعسكرية. هذا المشهد يكتب له الانحسار؛ في كل يوم تشهد قوة الأمة الديمقراطية على أنها ومنها وفيها الحل.

الطرق باتت واضحة إمّا أن نكون أحراراً وإما أن لا نكون سوى عتاليّن لأجندات غيرنا؛ الدماء التي كانت جارية في لوزان2؛ باتت فاسدة؛ وبات أصحابها غير مهيئين أن يستمروا وفق القوة الكبيرة والتنظيم المجتمعي لإرادة الشعوب. هكذا نحيا؛ وهكذا –فقط- مُقّدَّرٌ لنا العيش.

زر الذهاب إلى الأعلى