ثقافةمانشيت

المؤتمر الثالث لاتحاد المثقفين: الحراك الثقافي يحاكي الحراك الثوري

تقرير: مصطفى عبدو

حفلت الأشهر القليلة الماضية، بالعديد من النشاطات والفعاليات الثقافية المختلفة، حيث ضمت إقامة الأمسيات والندوات والمعارض سواء معارض فنية أو معارض للكتب أو مسابقات للقصة وغيرها من النشاطات إلى جانب تكريم العديد من الكتاب والمثقفين والفنانين. تزامنت مع هذه الفعاليات “الكونفرانس الثالث” لاتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة الذي انعقد مؤخراً وتمخض عنه جملة من القرارات والتوصيات.

بنظرة سريعة إلى هذه الفعاليات نلاحظ أن الثقافة مازالت بخير وأن الاهتمام بها في مناطقنا مازال في أوجهِ بالرغم من الأزمة التي تعصف بالمنطقة. وأن الجهود التي تبذل سواء من قبل اتحاد المثقفين أو اتحاد الكتاب أو هيئة الثقافة وغيرها تصنع حراكاً ثقافياً حياً يحاكي الحراك الثوري.

المؤتمر الثالث لاتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة:

تحت شعار “بالفكر الحر والعقول النيرة سنعزز مقاومة عفرين” عقد اتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة مؤتمره الثالث.

اتحاد المثقفين الذي يتشكل من نخبة من المثقفين ممن لهم إنتاج أدبي أو حراك ثقافي أو فني أو ميول ذات صلة “هيأهم” ذلك ليكونوا أعضاء في أسرة المثقفين.

وما بين الآمال المتوقعة والمعطيات المتحققة، كان لابد من وقفة مع أعضاء ومسؤولين من داخل هذا التجمع الثقافي؛ حيث التقت «صحيفة الاتحاد الديمقراطي» على هامش المؤتمر الثالث لاتحاد المثقفين، عدداً منهم مستطلعة آراءهم حول كل ما سبق. طبعاً تباينت الآراء واختلفت أحياناً وتشابهت أحياناً أخرى.

أحد ضيوف المؤتمر كان لنا معه حواراً على هامش هذا المؤتمر والذي أفاد:

إن اتحاد المثقفين لم يتمكن حتى الآن من توسيع رقعة حراكه بمعنى أنه حتى الآن لم يرتقي بحراكه إلى مستوى حوار الثقافات أو تنفيذ خطط محكمة. وعلى الرغم من الدور المهم الذي تؤديه مثل هذه الاتحادات في خدمة الثقافة والمثقفين إلا أنها أحياناً تؤدي دوراً سلبياً يتمثل في منحها العضوية لبعض الأشخاص ممن لا يمتلكون القدرات الثقافية التي تؤهلهم ليصبحوا أعضاءً في هذا الاتحاد أو ذاك.

حتى أن بعضهم ربما لا يميز بين القصة والرواية وأعتقد أن ذلك يحتاج إلى إعادة النظر، كون ذلك يؤدي إلى تهميش دور الاتحاد ويبعد عنه أفراد المجتمع أكثر مما يقربهم.

وقال ضيف آخر من ضيوف المؤتمر:

لا نريد لهذه الاتحادات سواء اتحاد المثقفين أو اتحاد الكتاب أن يبقى دورها مقتصراً على إصدار بيانات التنديد والاستنكار وأن تكون مؤسسات غائبة تختفي في الأوقات التي يكون فيها دورها الحقيقي ظاهراً وما نأمله من هذه الاتحادات سواء اتحاد المثقفين أو اتحاد الكتاب أن يكون منبراً نزيهاً لا يحركه سوى الإحساس بالشراكة الحقيقية.

بالمحصلة لهذه الاتحادات والمؤسسات دور هام وبارز في المجتمعات لأن هدفها الأساسي خدمة الثقافة وإذا ما تمت مقارنة اتحادات مع غيرها سنجدها قدمت الكثير ومازالت تقدم نماذج رائعة في سبيل إحياء الثقافة في المنطقة.

لنعيد للمثقف مكانته المرموقة

عبود مخصو الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في إقليم الجزيرة:

اتحاد المثقفين مؤسسة مدنية تحقق لذاتها ولمنتسبيها أكبر دور من الحضور الفاعل والنافع للمجتمع, وواهم من يعتبرها وجاهة ومنصب أو مهمشة الدور.

وأردف مخصو: يتضح دور اتحاد المثقفين بحسب مساحة الحرية الممنوحة للمثقف ولا ننكر أن دورها في الوقت الحالي محدود نوعاً ما في ظل الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر فيها البلاد والعباد وتحيط بالمجتمع من جميع جوانبه ولاشك أيضاً أن اتحاد المثقفين بحد ذاته يعاني من بعض الاشكاليات. ولا ننكر وجود تباين في الأفكار وخاصة لدى شريحة المثقفين فمن المستحيل جمع آراء جميع المثقفين في إطار واحد وتصور واحد والتباين في كثير من الأحيان مطلوب ولكن مع ذلك نجد أن اتحاد المثقفين قام بأدوار مهمة وكبيرة في عدة أطر.

وعند السؤال إذا كانت هذه المؤسسات قادرة على لم شمل واستقطاب المثقفين والأدباء وهل لها دور حقيقي وملموس.

أكد الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين عبود مخصو أن اتحاد المثقفين مظلة للأدباء والمثقفين في المنطقة وهدفها وغايتها خدمة الثقافة, وتنبع فكرة اتحاد المثقفين من الثقافة المدنية التي تحيل على الوعي بمؤسسات المجتمع المختلفة في السياق الديمقراطي الحر فحين تهيمن مركزية السلطة على المناشط والمسؤوليات الفردية والاجتماعية تمحى الحرية الفردية وتحاصر امكانيات التعبير ويقل ويضمحل الاهتمام بالعمل الاجتماعي ومن هنا بدأ اتحاد المثقفين ومنذ البداية على إيجاد الوسائل اللازمة لتطوير العمل الثقافي وتبني أفكار طموحة تسهم في دعم الثقافة والأدب في المنطقة كما يتواصل الاتحاد مع مثيلاته في المناطق المجاورة والعالم من أجل تعزيز الحضور وتبادل الخبرات والآراء وتعتبر الاتحاد المرجعية المباشرة للمثقفين ومن ثم يمكن للاتحاد رعايتهم وحمايتهم والدفاع عن حقوقهم إذا اقتضى الأمر.

وتابع مخصو بقوله: نحن الآن بصدد تغييرات وتعديلات حقيقية في ضوء التجربة الماضية.. ولدينا عديد من الأشياء القابلة للقياس التي تتوزّع على الزمن المقبل. وسوف يلمس المثقف والأديب والكاتب والمواطن ذلك في كل مكان. نحن لا نريد المبالغة في الكلام على التغييرات المتوقعة، حيث إن هناك إمكانيات تحدد طبيعة العمل، لكننا في الوقت نفسه، نؤكّد أن التغيير قادم؛ سواء فيما يخصّ ترتيب البيت الداخلي وتفعيل الأدوار داخل الاتحاد، أو فيما يخصّ تفعيل الثقافة في المجتمع.

وأشار مخصو إلى أنهم يطمحون مستقبلاً أن يكون للمثقف مكانته المرموقة وحوله يلتف جموع الناس ليستطيع هو أيضاً أن يقوم بمهامه ليرتقي بوطنه وشعبه.

وكمثقف أولاً ورئيس مشترك لاتحاد المثقفين ثانياً أؤكد أن المثقف والمقاومة وجهان لعملة واحدة. وشعار مؤتمرنا “بالفكر الحر والعقول النيرة سنعزز مقاومة عفرين” أكبر دليل على دور المثقف في المقاومة وخلصنا في هذا المؤتمر بأن استمرار روح المقاومة مشروطة بدعم ثقافة المقاومة.

على اتحاد المثقفين إنشاء علاقات متينة لرسم خارطة المرحلة

فارس خلو عضو اتحاد المثقفين فرع قامشلو:

يتوجب على اتحادات المثقفين في جميع المناطق وخاصة في المرحلة الحساسة التي نمر فيها التوسع في العمق الجماهيري لجميع المكونات وإنشاء علاقات متينة لرسم خارطة المرحلة, وبالتالي على هذه الاتحادات تقديم الأفضل من الأعمال الثقافية والعلمية وغيرها للجماهير وأن تكون القلم الحر باعتبار المثقف المرآة الحقيقية للمجتمع ودليل المجتمعات نحو الحرية والديمقراطية والفكر الحر.

بإرادة الشعب الكردي وبإرادة العفرينيين ستتحرر عفرين

مقتطفات من كلمة غريب حسو الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي في المؤتمر الثالث لاتحاد المثقفين

المرحلة التي نعيشها تحوي العديد من العقد وتحدث فيها أمور تخرج عن نطاق الإنسانية والأخلاق هنا يأتي دور المثقف الذي يجب أن يكون جواباً على كل ذلك ويتطلب منه القيام بأعمال خارقة لإعادة المجتمع إلى مساره الصحيح.

ولو تساءلنا ما الذي يجعل أنظار العالم تتوجه نحو إدلب, إذا لم يكن هناك مقاومة في عفرين لما كان كل هذا الاهتمام بإدلب.

إدلب مهمة ولكن بالنسبة إلينا عفرين أهم وبإرادة الشعب الكردي وبإرادة العفرينيين ستتحرر عفرين.

نلاحظ أنهم كلما خطو خطوة باتجاه إدلب تراجعوا خطوتين إلى الوراء مما يبدو أن مصالحهم لم تكتمل بعد.

تتباكى العديد من الدول على إدلب, وهي نفسها من ظلت متفرجة على ما أصابت عفرين من تجاوزات وويلات. كما أن تحرير إدلب لن يكون حلاً للأزمة السورية, فمفتاح الحل الحقيقي هي عفرين.

إن إيجاد الحلول الحقيقية للأزمة السورية لا تتم إلا بمشاركتنا في المفاوضات والحوارات والمناقشات وصياغة الدستور.

نعم, نحن سوريون وأي مكان في سوريا يتطلب مشاركتنا سنكون جاهزين.

أحياناً كثيرة نتعرض لهجمات من نوع آخر, هجمات إعلامية وحرب خاصة والتي تمارس بدراسة وخبرة ومن الملاحظ أننا عندما بدأنا بالحديث عن عفرين وإدلب انهالت علينا كيل من الاتهامات وبدأ البعض بخلق فتنة محاولين إيجاد شرخ بين المكونات وإثارة الفوضى والقلاقل. من هنا ندعو جميع المثقفين وعلى مختلف توجهاتهم الحذر من كل ما يحاك من قبل بعض الأطراف وأن يكونوا على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم والوقوف بحزم أمام هذه الأعمال التي تسيء إلى التعايش المشترك والسلمي.

تعقيب من المحرر:

أن المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة نتخذ فيها الثقافة كأداة تغيير. وهو هدف لا يمكن تحقيقه إلا بمشاركة الجميع. ومن هنا، يجب أن يكون لكلٍّ دوره، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تضعنا في مواجهة تيارات الفكر المتطرف والتعصب والطائفية. وعلى الجميع العمل على توطيد التعايش والسلم الأهلي.

بالمحصلة أعتقد أن أهم دور يمكن أن يقوم به اتحاد المثقفين اليوم هو الاهتمام بالقضايا العامة وتفعيل دور المواطن في مجتمعاتنا وتوجيه البوصلة نحوه.

فما أحوجنا اليوم إلى دور المثقف للبحث في مفهوم الديمقراطية وتبسيطه ونشره بين الناس. فكتابة قصيدة أو رواية أو قصة أو مقالة لم تعد كافية، فمن الضروري أن يصبح المثقف قائداً بالمعنى الفكري للكلمة، وأن يفعل ما لم يستطع الساسة فعله. وهذا يعود إلى مدى إدراك المثقفين لأهمية دورهم في المجتمعات.

زر الذهاب إلى الأعلى