مقالات

الشبيبة أجنحة الثورة

نشتمان كانو
في الوقت الذي كادت الدّول المُعادية لحقوق الكُردِ وهويتهم الثقافية أن تقترب من أهدافها وطموحاتها، ألا وهي إبادة الشعب الكردي عرقياً من خلال أساليب الحرب الخاصة، حتى إن وصلت إلى درجة أصبحت فيها الهوية الكردية منسية حتى في ذوات الكُردِ نفسهم، وكذلك أجبرَ الطغاةُ الكُردَ أن يكونوا أكراداً عرب سوريّون في سوريا وأتراك الجبالِ في تركيا وفرسٌ في إيران.

فشعبٌ عريق مثل الكُرد الذينَ تمتدُّ جذورهم إلى آلافُ السّنين، لن ينصهروا حتى إلى آلاف السّنينِ أيضاً، هذا وإن بقي العدوّ على حالهِ طوالَ هذهِ المدّة. لنقلبَ عدّة صفحات بالتاريخِ إلى الخلف، نرى جيّداً كم ثورة، جمهورية، إمبراطورية، أقاليمٌ وممالك كرديّة كردستانيّة نَهَضَتْ و انتَكسَتْ، وهذا ليس إن الكُردَ لا يستحقُّون الحُريّة بل إن التجارب الكُرديّة السّابقة كانت كلُّ واحدةٍ منها تفتقرُ إلى عدّة نقاط أو عوامل تُساعد في حمايتهم من الزلازل والبراكين المفترسة التي تصفعُ العالم في كل قرنٍ على الأقل، وذلك ينتجُ عن العدوان البشريِّ الذي يستمتع لجريان الدّماء وقتل الطبيعة. في طبيعة الحال، النقاط التي تتجمَّع في أذهاننا عدّة، وتختلف من كيان كردي إلى آخر بإختلاف الزمان فيما بينهم، إلا أن النقطة المشتركة بين الكيانات الكردية السّابقة هو عَدم تأهيل الشَريحة الشابة وعدم إخضاعِها للتغيير الدّيمقراطي بشكل فعّال.

وهنا نتوقف على منعطفٌ هام في تاريخ الشّرق الأوسط ألا وهي ولادة حركة التحرر الكردستانية التي بدأت بمجموعة صغيرة من الشبيبة الثورية، حيث بدأوا شباباً وإستمروا بشبابهم حتى ساروا بالقضية الكردية إلى قمم الجِّبال وانتقلوا بالشّعب الكردي الذي كاد أن ينصهر في قاعُ المحيط القاتم إلى بستانٍ مزدهر يزيّن ربيعهُ الآلاف من الزهور الكردستانية. ولا بدّ أن نميّز جيداً الفرقَ بين تأهيل الشَّبيبة وبين جعلْهمْ أدوات وآلات للتّنفيذِ بهم. فالشبيبة تتسم بعدّة مزايا في طبيعتها الفطرية، وأهما بإختصار؛

– الشبيبة قوة إجتماعية جبّارة تتقبل التغيير أكثر من أي شريحة في المجتمع. – الشبيبة بداية التحرّر والبحث عن الحُريّة المطلقة. – الشبيبة هي البدء في إدراك الحقيقة وإثبات الذّات والاستقلال في الشخصيّة. – الشبيبة هي الفئة الأكثر نجاحاً وإبداعاً في تنظيم وقيادة المجتمع. – الشبيبة منبع الوعي والفكر والثقافة. – الشبيبة مولِّدة الطّاقة في المجتمع، وتتميّز بالحماسة والجرأة. – الشبيبة عنوان الحضارة الديمقراطية والازدهار والانفتاح.- الشبيبة لها القدرة الكاملة في التغيير الديمقراطي.

ولا يجب إستبعاد الشبيبة عن الحياة السياسية لأنه لا وجود لحقيقة السياسة من دون الشبيبة، لأنها تعتبر الشريحة الأكثر نجاحاً في دور القيادة والتنظيم والتغيير، وكذلك الإصرار على تحقيق الأهداف ومقاومة الفشل. فالمجتمع السياسي دائماً بحاجة ملحّة إلى التغيير والتجديد، ولا يمكن تحقيق هذين الشرطين بإستبعاد الشبيبة عن ممارسة السياسة، والمجتمع المستقصي لدور الشبيبة يبقى على حالهِ دون تطور أو تقدم فينتقل سريعاً إلى مرحلة الشيخوخة (التراجع). وأختمها بمقولة الفيلسوف عبدالله أوجالان حين قال: (بالشبيبة بدأنا و بالشبيبة سوف ننتصر).

زر الذهاب إلى الأعلى