مقالات

الأزمة السورية إلى أين

كاميران بلال

ما زالت الأزمة السورية مستمرة في مرحلتها الأخيرة، وذلك بعد القرار الدولي بإيقاف جميع العمليات العسكرية، وإدارة الأزمة فيها لحين الوصول إلى حل سياسي عادل وشامل.

حيث أقرّ المجتمع الدولي بشكل غير معلن على إبقاء النظام السوري والضغط عليه بكل الوسائل وإجباره على التغيير السياسي وذلك لعدم تكرار التجربة الأمريكية في العراق وعدم انهيار الدولة السورية والحفاظ على مؤسساتها وعدم انتشار الفوضى فيها.

فالتحرك الأمريكي مؤخراً باتجاه طرح مشروع إغلاق الحدود السورية العراقية ابتداءً من دير الزور وحتى منطقة “التنف” بوجه الميليشيات الإيرانية من جهة وربطها بمنطقتي جبل الدروز ودرعا جغرافياً من جهة أخرى، بذلك تكون قد ربطت الإدارة الذاتية مع الجنوب وتكون قد أكملت طوق الحصار على النظام السوري والذي سيضطر حينئذ الى الإسراع في الحل السياسي ضمن القرار 2254 من ناحية.

ومن ناحية أخرى فإن هذا المشروع سيقوم بإغلاق طريق الخليج العربي ومصر وافريقيا أمام التجارة التركية، وبذلك ستضطر تركيا صاغرة للقيام بخطوات إيجابية نحو الاعتراف بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وسعيها إلى عقد بعض الاتفاقات أو التفاهمات مع الإدارة الذاتية تحت مسمى التفاهم التركي الأمريكي.

طرحت الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا مؤخراً مبادرة لحل الأزمة السورية والتي تضمنت أبرز النقاط وهي:

ــ استعداد الإدارة الذاتية للتواصل مع جميع الأطراف للوصول إلى حل عادل وشامل للأزمة السورية.

ــ أن تعترف الدولة السورية بحقوق جميع المكونات السورية بما فيها حل القضية الكردية في سوريا دستورياً.

ــ أن تُوَزَّع الثروات الطبيعية السورية بشكل عادل على جميع المناطق السورية.

ــ أن تقوم الدولة السورية بإخراج القوات التركية من الشمال المحتل

ــ أن تعمل بشكل جدي وفعال على حل الأزمة السورية بشكل سلمي ولمصلحة الشعب السوري بجميع مكوناتها ودون إقصاء لأي مكون.

وجاءت هذه المبادرة في ظروف مناسبة جداً على الصعيدين الداخلي والخارجي وخاصة بعد تعهد الدول العربية بالضغط في اتجاه الحل الدائم والشامل لتلك الأزمة وذلك ضمن مخرجات المؤتمر الذي عقد مؤخراً في العاصمة السعودية الرياض،

حيث شدد المجتمعون فيه على إنهاء ملف الإرهاب في العراق وسوريا وحل الأزمة السورية ضمن القرار الأممي 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.

كما أن قرار الإدارة الذاتية البدء بمحاكمة عناصر داعش المعتقلين لديها ممن يحملون الجنسية الأجنبية سيكشف عن الكثير من ملفات الفساد والأعمال الإجرامية الذي قام بها أردوغان وطغمته الحاكمة خلال مدة الأزمة السورية،

لذا بدأ النظام التركي مجدداً باستهداف عناصر من قوات “قسد” وقصف الكثير من المناطق الآهلة بالسكان في الشهباء التي هي تحت سيطرة قواتنا وذلك لإلهاء الرأي العام عن تلك المحاكمات التي ستجري بحق الإرهابيين من عناصر تنظيم داعش والتي ستفضح الكثير من المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم أردوغان.

إن الدولة التركية التي فشلت في الوصل إلى إسقاط النظام السوري عبر ميليشياتها الإخوانية قد اتجهت إلى الاتفاق مع النظام السوري وبدأت بتسليم المعارضة السورية السياسية منها والعسكرية إلى النظام السوري حسب اتفاقيات أستانا، ‏وذلك ظناً من الدولة التركية أنها ستقوم بإفشال مشروع الإدارة الذاتية السياسي والعسكري  ‏حيث تحاول تركيا بشتى الوسائل أن تمنع تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية من انتقالها إلى تركيا والتي بالتالي ستخسر المنظومة التركية نظام الحكم الديكتاتوري والمموه بالإسلام السياسي إن تخطت هذه التجربة إلى الداخل التركي.،

ففي بداية التدخل التركي في الأزمة السورية لم تكن تركيا تريد إسقاط النظام السوري ولا مساعدة الشعب السوري في الوصول الى الحرية والديمقراطية كما تدعي، بل كان همها الوحيد هو منع الحركة الكردية في سوريا من الوصول إلى أهدافها المشروعة بأي طريقة وتحت أي ذريعة،

فكان الأمن القومي التركي هي الذريعة والحجة الأقوى لديها للاستمرار في مخططها التوسعي على الأراضي السورية والعراقية.

فإصرار تركيا على التنازل عن أربعة مدن جنوبية حول العاصمة دمشق إلى النظام السوري مقابل سماح روسيا لها باحتلال عفرين ما هو إلا دليل قاطع على أهمية عفرين السياسية ضمن حركة حرية كردستان وتضامن أهلها الوثيق بتلك الحركة والعمل على كسر إرادتها، ومن ثم احتلالها لمدينتي “سري كانية” و”كري سبي” فيما بعد ضمن صفقة تجارية قذرة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

أما الآن وبعد أكثر من خمس سنوات من الاحتلال التركي لعفرين وبعد أن عاثت تركيا فيها فساداً وقتلاً وتدميراً لطبيعتها وأهلها وتغيير تركيبتها السكانية، فقد آن الأوان أن تقوم الادارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بجناحيها السياسي والعسكري على وضع ملف المناطق المحتلة من قبل  تركيا وأولها عفرين على طاولة الحل مع جانب التحالف الدولي وأمريكا والضغط عليها بشتى الطرق ليتم تحريرها في أسرع وقت ممكن وطرد تلك الميليشيات المسلحة منها وإنهاء تلك الإبادة الجماعية الناعمة التي تقوم بها تركيا ضد أهلنا في الشمال وبالأخص في منطقة عفرين والتي باتت على حافة الهاوية حيث الأمر لا يسمح بالانتظار أكثر من ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى