المجتمع

أزمة البيئة والخطر القادم….

omer-mardenliمصطفى عبدو

في الآونة الأخيرة بدأت الأدخنةُ والأبخرةُ الملوّثة تتعالى وتسمو عاليةً في سماء روج آفا يوماً بعد يوم، وتزداد معها نبراتُ اللوم والعتاب ممزوجةً بالصراخ من المواطنين. آملين أن يصلَ هذا الصراخُ  إلى مسامع مسؤولي الإدارة الذاتية الديمقراطية و القائمين على هيئة البيئة، وخاصة بعد تغييب هيئة البيئة عن جدول أعمالها وتراجعت عن أداء دورها أو تهميشه، وحتى الآن لا يزال البحث جارياً عن السبب في عدم إمكانية متابعة الأمور البيئية والمهام الموكلة لهيئة البيئة!!

لا نبالغ إذا قلنا إن الوضع البيئي لم يعد يُحتمل، مع وجود هذا الكم الهائل من السيارات والآليات (المنسقة دولياً) هذه التي دخلت مناطقنا وساهمت بشدة في زيادة التلوّث البيئي دون حسيب أو رقيب ودون التنبه إلى ما تسبّبه هذه الآليات من ضرر بيئي واضح. ناهيك عن الأدخنة المتصاعدة من الحرّاقات المنتشرة هنا وهناك، وما الحالات المرضية النادرة والمنتشرة  بكثرة في المنطقة  إلا جرسُ إنذار يذكرّنا بضرورة التنبُه والحذر، و أنّ القادمَ ربما سيكون أسوأ. ومع كل هذا ما زلنا نتأمّل أن تستفيقَ هيئةُ البيئة والمعنيون بمثل هذه الأمور من حالة السُبات والغفوة، والعمل على إيجاد سُبل أو وسائل ناجعة للقضاء أو للحدّ من ضرر هذا الضيف الثقيل القادم  من خلف البحار، وربما يقول قائل: صديقي نحن في وادٍ وأنت في واد آخرَ, فأمامنا مهماتٌ الأجدر بنا أن نعمل عليها وما تتحدّث به يُعتبر من الثانويات .

لاشكّ في أنه  أمامَ الإدارة الذاتية الديمقراطية  أعباءٌ ومهامّ كثيرة،

ولأنّ واقعنا البيئي أقل ما يمكن أن يُقال عنه أنه أليم ووصل إلى حد الخطر، نسأل وبصراحة: ماذا ستفعل الإدارة الذاتية حيال ذلك؟ ولاسيما أن هذا الخطر لا يمكن تلمّسه مباشرة أو رّبما لا يعطى له أهمية تذكر!!! , مع أنه كثيراً ما أدى إلى العديد من الأمراض والأوبئة، وكل ما يحدث يقابله صمتُ المعنيين بالبيئة، وكأنَّ الأمر لا يعنيهم!!

لنعلنها صراحة.. إن المساهمةَ في التلوث البيئي وعدمَ وضع خطط للقضاء عليه هي بمثابة حرب على الوطن بكل مقوّماته، وما وصلت إليه الأحوالُ يجعلنا نطلقها صرخةً مدوية, أن ارحموا ما بقي من هوائنا ومياهنا وصحة مواطنينا، وليكن بعلم الجميع إن الشأن البيئي مسؤولية الجميع، المواطن قبل المسؤول وليس فقط شأن الإدارة أو هيئة البيئة.

وتبقى كلمة الفصل  لهيئة البيئة، و هنا نسأل هيئة البيئة: ماذا عن الهيئة وماذا عن دورها الغائب والمُغيّب؟!

المواطن وصحته من أولوياتنا

المهندس عمر ماردنلي  مدير هيئة البيئة تحدث بإسهاب قائلاً:

يتعلق نجاحُ هيئة البيئة في عملها  بالكثير من العوامل، منها قوة القانون البيئي وقدرته على إلزام المنشآت الصناعية باتخاذ الخطوات اللازمة لتتوافق مع المعايير والقوانين الوطنية، بالإضافة إلى فرض الغرامات والعقوبات المناسبة بحق المخالفين، كما يتعلق بالإمكانيات المادية المتوافرة لدى هيئة البيئة من حيثُ توافر المعدّات والأجهزة المخبرية اللازمة لأخذ العينات وإجراء التحاليل المطلوبة لمعرفة نسب التلوث الناتج عن منشآت ما بالإضافة إلى ضرورة توفر الكوادر الفنية المؤهّلة التي تمتلك الخبرة العلمية والقانونية والفنية والمخبرية في مجال التفتيش البيئي.

نحن في هيئة البيئة  نقوم بإعداد خُطط سنوية  للتفتيش على المنشآت والمصانع الموجودة ويتم اختيار هذه المنشآت بحسب حساسيتها البيئية، وبحسب التلوّث الصادر عنها ومدى خطورته، كما يتمّ اختيارها لتتوافق مع الاستراتيجية العامة الموضوعة من قبل هيئة البيئة لتخفيض التلوّث في قطاع مُعيّن أو في منطقة معينة. .

ونقوم بالجولات الميدانية على المعامل والمصانع  والحرّاقات، ويتم وصف الوضع البيئي والتلوث الناتج عن هذه المنشآت واقتراح الحلول المناسبة. وبعد الانتهاء من جولات التفتيش الميداني يتم كتابةُ تقرير واقتراح الإجراءات الواجب اتخاذها بحق المنشآت المخالفة وبما يتوافق مع قانون البيئة وشروط العمل .

تبذل هيئة البيئة جهوداً كبيرة نظراً لإدراك الهيئة بمخاطر التلوّث، ومخطئٌ من يظن أن هيئة البيئة غافلةٌ عن المخاطر الناجمة عن التلوث وغافلة عن صحة المواطنين، لكن يمكنني القول من حقّ المواطن أن ينتقدنا لأنه قلّما يتلمّس عملنا،  فموظف هيئة البيئة أصبح بمثابة الجندي المجهول وذلك لتغيب الإعلام عن عمل الهيئة، ويستطرد ماردنلي قائلا : اعتمدنا برنامجاً شاملاً لتدريب وتأهيل العاملين في هيئة البيئة من خلال الدورات التدريبية وورشات العمل التي يتم فيها إعطاء كل المعلومات والخبرات اللازمة للقيام بواجبهم على الشكل الأكمل.

وشدّد ماردنلي على ضرورة التنسيق بين هيئة البيئة والنقل والترافيك، لما له من أهمية وتأثير إيجابي نحو تحسين العمل والإسراع فيه. ونوَه ماردنلي أن تحسين نوعية الوقود ربما يكون حلاً عادلاً لبعض المشاكل البيئية، حيث لا يمكننا منع السيارات من العمل ومن التجوال مع إدراكنا أن هذه السيارات هي السبب الرئيسي للتلوث، لكن نحن محتاجون لعمل هذه السيارات، والأمر ذاته ينطبق على  الحرّاقات، نحن نحتاج إلى مُعدّات حديثة للحدّ من التلوث الناتج عنها، ولكن هل يمكننا الاستغناء عن هذه الحراقات في الوقت الحالي ؟وهل يرضى المواطن بذلك؟ وأضاف ماردنلي :

الحراقات هي بديلٌ مؤقتٌ لا أكثر وضرورة في حال عدم وجود بديل، لكن كما أسلفتُ نحاول أن تعمل هذه الحراقاتُ ضمن شروط العمل التي حددناها وحول الترخيص للحراقات أفاد ماردنلي :

نعطي التراخيصَ بشرط أن تكون الحراقةُ بعيدةً عن المدن والقرى،  وقريبة من آبار النفط، ونسعى لتجميع كل الحراقات في مجمّعات، وتعمل ضمن شروطنا. وبيّن ماردنلي :نحن وخلال هذا العام قمنا بحملة واسعة من التشجير  في جميع أنحاء المقاطعة ومازالت الحملة مستمرة .

إنّ المحافظةَ على بيئة نظيفة وآمنة هي الهدفُ الأسمى الذي نسعى لتحقيقه بكل ما نملك من إمكانيات وخبرات، و ليعلم الجميع بأن المواطن وصحته من أولوياتنا، ولكن الظروف أحياناً هي التي تتحكم فينا ونحن دوماً في صف المواطن وحاجاته.

زر الذهاب إلى الأعلى