الأخبارمانشيت

PAUL: تركيا بين الحلم وعدم القدرة في القضاء على حزب العمال الكردستاني

paul-iddon.“الجنون هو فعل الشيء نفسه مراراً وتكراراً و توقع نتائج مختلفة

 PAUL IDDON

تتحدث الحكومة التركية بفظاظة. “لا يمكنكم أن تثنونا عن حربنا على الإرهاب”، وقال رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو في وقتٍ سابقٍ من شهر أكتوبر/ تشرين الأول. “سيتم مسح تلك الجبال من هؤلاء الإرهابيين. سيتم مسحها مهما تطلب الأمر”.

وكان داوود أوغلو يشير إلى حملة القصف ضد حزب العمال الكردستاني الـ PKK في جبال قنديل. يقوم سلاح الجو التركي F-4 والمقاتلة القاذفة F-16 بضرب أهداف مشتبهة أو محتملة لحزب العمال الكردستاني في جبال قنديل، وقد قُتِلَ عشرات الجنود من الجانبين منذ اندلاع القتال في يوليو/ تموز.

ولكن من الصعب أن نتخيل طرد تركيا لحزب العمال الكردستاني. جبال قنديل تشكل ملاذاً مثالياً، وتمتد غرباً من الحدود العراقية الإيرانية نحو 30 كيلومتراً داخل الأراضي التركية. الجيش التركي هو بالتأكيد جلف معهم.

في عام 1997 أرسلت أنقرة 30000 جندي مقاتل إلى الجبال، ونسقت العمليات مع مقاتلي البيشمركة الكردية الموالية للحزب الديمقراطي الكردستاني التابعة لمسعود البارزاني.

في عام 2008 أطلقت تركيا عملية قصيرة الأجل ولكن كبيرة ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وفي عام 2011 أطلقت سلسلة أخرى من الغارات الجوية والقصف المدفعي.

اليوم تركيا تقصف الجبال مرة أخرى ومعظم الضربات الجوية الأخيرة سببت بعض الأضرار بشكلٍ واضح. ولكن المعيار هو محاولةٌ لإظهار قدرة تركيا على مواصلة الضغط حتى يستسلم حزب العمال الكردستاني, أو يقبل وقف إطلاق النار مع شروط مواتية لأنقرة.

ويعتقد محللون أن تركيا تسعى من خلال محاولتها الأخيرة إلى إضعاف حزب العمال الكردستاني, ومن ثم إعادة فتح المفاوضات من موقع قوة أكبر. إذا كانت الحالة هي كالمذكور آنفاً، فالتاريخ مع ذلك يشير إلى أنه من المريب جداً أن تكون تركيا قادرة على إجلاء حزب العمال الكردستاني من المرتفعات.

دعونا نصوغ الأمر بطريقةٍ أخرى. إسقاط كميات هائلة من الذخائر على هذه الجبال قد يضعف حزب العمال الكردستاني على المدى القصير، ولكن قلة الأهداف الواضحة يلحق بالفعل الضرر بأنقرة. لدى حزب العمال الكردستاني مقاتلين خبيرين بالجبال، يعرفون التضاريس ويمكنهم البقاء على قيد الحياة.

والأسوأ من ذلك هو أن سلاح الجو التركي قد قتل المدنيين الأبرياء، حتى أنه ضرب وفقاً لمنظمة العفو الدولية قريةً لم يكن لحزب العمال الكردستاني وجودٌ فيها.

وستثبت محاولات استهداف مقرات حزب العمال الكردستاني أنها غير مجدية طالما لم تكن مقراته في الجبال، المقرات الرئيسية هي الجبال, الفرق مهم بشكل رئيسي. وكما كان الحال مع القصف الأمريكي لكمبوديا في أوائل سبعينات القرن المنصرم في ما يقال عنه (خيزران البنتاغون)، فإن الحكومة التركية ستكتشف عاجلاً أنه مع حزب العمال الكردستاني لا يوجد نظيرٌ أو مشابهٌ لـ “خيزران البنتاغون” الذي يمكن أن يحدد موقع مقاتلي الحزب أو يزيحه.

وعلاوة على ذلك، كلما طال استمرار القصف بالسلاح الجوي، فالأرجح هو قتل المزيد من المدنيين.

حتى عندما حاول صدام حسين كسر المقاومة الكردية لحكمه طوال السنوات المظلمة من ثمانينات القرن الماضي باستخفاف قاسي وإجرامي بالمدنيين، لم يتمكن من انتزاع المقاتلين الكرد من تلك الجبال. وتذكروا أنه استخدم الأسلحة الكيميائية في محاولةٍ لفعل ذلك.

في الأسابيع الأخيرة بدأ المزيد من الكرد العراقيين الخدمة التطوعية في حزب العمال الكردستاني. لا يثبط عزيمتهم القصف التركي المتواصل, ومستعدون أن يلبوا نداء قنديل إلى النهاية، حتى يتم القضاء على التهديد من الدولة الإسلامية (داعش) أو من أيِّ أحدٍ آخر.

بالمناسبة سواءً كانت أنقرة تعتزم ذلك أم لا من خلال تركيز جهودها على إضعاف حزب العمال الكردستاني، فإن الجيش التركي يضعف عدواً نشطاً وقوياً للدولة الإسلامية. وبينما دعت الحكومة الإقليمية في كردستان العراق حزب العمال الكردستاني إلى إخلاء الجبال، فمن المشكوك فيه أن تقوم البيشمركة في أربيل بمواجهة المسلحين بالقوة. وكانت البيشمركة قد توسعت سابقاً على نحوٍ ضعيفٍ في التعامل مع التهديد الذي تشكله الدولة الإسلامية وإدارة شؤونها الخاصة.

بالإضافة إلى ذلك فإن العديد من الكرد العراقيين انزعجوا من أنقرة لأنها، حتى وقتٍ قريبٍ جداً لم تطوع خدماتها في المعركة ضد الدولة الإسلامية (داعش).

وهكذا نشهدُ تَكَّشُفَ الوضع حيث يقوم الجيش التركي بتجديد قصف تلك المرتفعات بنفس الطريقة التي فعلها في مناسبات سابقة على مدى السنوات الـ 18 الماضية، معتقداً أنه يستطيع هذه المرة هزيمة المتمردين بنجاح.

هذا ما يناسبه بجدارة ما لخص من المعايير في القول المأثور الشهير. “الجنون هو فعل الشيء نفسه مراراً وتكراراً وتوقع نتائج مختلفة”.

Paul Iddon

War Is Boring

زر الذهاب إلى الأعلى