مقالات

hoş gelmedi لا مرحبا بك –

هكذا ومنذ ثلاثة أيام نشاهد ونقرأ هاتين الكلمتين التركيتَين في كثير من الجرائد والمجلات الالمانية الصادرة حاليا، التي تعبر عن عدم ترحيب الألمان بمجيء رئيس وزراء تركيا بنيالي يلدرم الى ألمانيا.

الرئيس التركي ر.ط. أردوغان باتت سياسته ذو الاوجه والمعايير المزدوجة والمتعددة معروفة فهو يقوم احيانا باشعال نارالعلاقات السياسية بينه وبين دول الجوار او اي دولة أخرى ولكنه يقوم بنفسه باطفاء النار عندما يشعر بأن النار تقترب منه وأبسط مثال هنا العلاقات بينه وبين بوتين وبينه وبين بشار الاسد ولا داع لذكر التفاصيل المعروفة.

كان أردوغان وقبل الانقلاب المزعوم الذي حدث في منتصف تموز الماضي، كان يتكلم بشكل شبه يومي عن حرية التعبير والرأي وحرية الأديان والمعتقدات وحماية الاقليات وعدم اللجوء الى التعذيب في السجون وكان يتبجح ويفتخر بعدم وجود قانون الاعدام في تركيا وكان يتكلم عن غيرها من القيم الديموقراطية، وكل همه بأنه كان سيخدع دول الاتحاد الاوربي ليقبلوا به في اتحادهم، ولكنه وبعد الانقلاب المزعوم تراجع عن كل ذلك ورجعت حليمة الى عادتها القديمة.

ففي الاشهر القليلة الماضية رأى العالم بأجمعه كيفية تحويل 12 مدينة كوردستانية الى اطلال تشبه اطلال حلب وحمص حاليا، وكيفية حرق مكاتب حزب ال ه د ڀ وزج قيادات هذا الحزب بشكل تعسفي واقالة رؤوساء البلديات الكورد من مناصبهم ووضع اشخاص على مقاس أردوغان بدلا منهم، وتبيّن بأن كل القيم الديموقراطية التي كان ينادي بها نفاق في نفاق، فبحجة الارهاب والانقلاب وضع المائات من الصحفيين في السجون وطرد آلاف القضاة وقام ((بتطهير )) المدارس والجامعات وغيرها من الاجراءات القاسية واللاقانونية التي لا تناسب حتى الدستور التركي الذي وضعه العسكر.

ما بات واضحا الآن هو ان تركيا سيقوم بالاستفتاء على النظام الرئاسي بتاريخ 16 / 4 / 2017 م لكي تكون كل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية بيدَي أردوغان وبالاصل هكذا كان واقع الحال منذ ظهور ما سُمّيَ بالربيع العربي منذ حوالي ستة سنوات.

تركيا تقوم الآن بالانتحار الديموقراطي وتقوم بنفس الوقت بالانقلاب على دستورها الحالي وتدخل الآن في جو مشابه لجو ألمانيا الهتلرية النازية وجو السياسة البعثية في العراق وسوريا وغيرها من الدول الفاشية والشوفينية التي ظهرت على مسرح التاريخ القريب والماضي.

تركيا الاردوغانية قامت في الاشهر القديمة وخاصة في الايام الحالية بدعاية مكثفة بكل ماكنتها الاعلامية وعملائها من المرتزقة، قامت بالترويج والدعاية لتحويل النظام البرلماني الى نظام رئاسي وباتت قريبة جدا من الوصول اليها ان بقي أردوغان على قيد الحياة في الايام والأشهر القادمة، هذه الدعاية تجري كالنهر الذي يتدفق من دون سكون وليس فقط في استانبول وأنقرة وازمير وشمال كوردستان ولكن أيضا في ألمانيا وهدف تلك البروبوغاندا هو التصويت بنعم لصالح أردوغان.

انه أمر غريب عندما سيُسمح لبنيالي يلدرم بالدعاية في وسط ألمانيا الديموقراطية للقضاء على هامش الديموقراطية في تركيا، فهو سيأتي السبت المقبل الى ولاية نوردهاين فيستفالن وبالتحديد الى مدينة أوبَرهاوزن وسيعرض بضاعته ربما على عشرة آلالاف أردوغاني هناك في وسط بحر أحمر مزركش بلون الاعلام التركية، وكل ما سيقوم به بنيالي يلدرم ( ان سُمح له بذلك ) ما هو الا ذر الرماد في العيون لكي لا يروا حبل مشنقة اعدام الديموقراطية في تركيا ولكي يخدّر مريدي أردوغان في ألمانيا لدفعهم الى التصويت بنعم.

وسيشترك بنيالي يلدرم أيضا يوم السبت مساءا في مؤتمر ميونيخ الخاص بقضايا الامن وقد يعرض بضاعته الكاسدة هناك وهذا الرجل هو محل ثقة كبيرة من قبل أردوغان ويقوم بتنفيذ كل ما يطلبه أردوغان بشكل حرفي، ومن الجدير بالذكر هنا بأنه يتواجد في ألمانية حوالي ثلاثة ملايين مواطن تركي ( من ضمنهم الكورد أيضا ) ومن هؤلاء يحق لحوالي مليون ونصف التصويت والاستفتاء، وهنا في ألمانيا للتذكير أيضا صوّت لصالح حزب أردوغان 59,7 % من مجموع الناخبين الذي صوتوا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر نوفمبر من عام 2015 م.

السؤال الكبير هنا هل ستسمح ألمانيا بقيام بنيالي يلدرم بالدعاية في ألمانيا الديموقراطية للقضاء على كل نفس ديموقراطي في تركيا؟ الجواب سنصحل عليه يوم السبت المقبل ولكن ليس بالضرورة أن تقبل ألمانيا بذلك، فمثلا رفضت المحكمة الادارية العليا في مدينة مونستر في العام الماضي طلبا لأردوغان بالقاء كلمة مباشرة عن طريق الفيديو في مدينة كولن.

أعتقد بأن اوراق المستشارة ميركل الآن أقوى من أوراق أردوغان الابتزازية وان استمعت الحكومة الالمانية الى نبض الشارع الالماني عليها أن تمنع بنيالي يلدرم بالدعاية لبضاعتها الكاسدة في وسط ألمانيا ، وعلى المستشارة ميركل من الحزب الديموقراطي المسيحي ونائبها گبرئيل من الحزب الاشتراكي الديموقراطي أن يقولا بكل وضوح لبنيالي يلدرم:
.hoş gelmedi لا مرحبا بك –

سيف دين عرفات

زر الذهاب إلى الأعلى