المجتمع

مستقبل واعد وانتهازية تطغى

jenen- roj avaآفات كثيرة تجتاح المجتمعات لتفتك بها وتجعلها هشة يسهل التغلب عليها وارضاخها وحتى إنكارها إن صحت الكلمة؛ وما لا شك فيه أن المرأة وفي جميع المجتمعات وعلى حد سواء، تتعرض لتحديات كبيرة تعيق مسيرة تطورها وتشكل حاجزاً منيعاً أمام توعيتها؛ أمام هذا كله تكون المرأة الشابة أكثر عرضة للتحديات، ويتم إخضاعها عبر وسائل متعددة وذلك لإيهامها بخلق حياة نموذجية مثالية تكون فيها سيدة نفسها ومنزلها، مما يؤجج رغبتها بالزواج من شاب مستقر خارج القطر. وما نريد في صحيفة الاتحاد الديمقراطي تسليط الضوء عليه يقع في هذا السياق. ففي مجتمعنا الكردستاني انتشرت مؤخراً ظاهرة تزويج الفتيات –ممن أنهين دراستهن الجامعية أو لم ينهينها- إلى خارج القطر بغية توفير مناخ مناسب ليبدأن حياتهن الزوجية مع شريكهن بعيداً عن شبح الحرب حسب ما يقوله بعض الناس، فما إن تصل الفتاة إلى خطيبها وبعد الأحايين لا تصل، حتى يتم إنهاء كل شيء فتعود هذه الفتاة مكسورة الخاطر وفاقدة الآمال والطموح، وقد نال منها القيل والقال وكلام الناس عن سبب رجوعها إلى بيت أهلها بخفي حنين أي دون أن تتزوج وتكمل دينها.

في إحدى حارات قامشلو الشعبية

حدث ما غيره القدر، (ن) التي خطبت إلى (ف) المقيم في ألمانيا بعد تعارفٍ بين عائلتي (ن) و (ف)؛ لكن بعد سنة من الخطبة وصلت (ن) عبر الانترنت رسالة يطلب فيها خطيبها الانفصال عنها، في الوقت الذي لم تعرف المشاكل سبيلاً إلى حياتهما بينما قد أصبحت هي زوجته رسمياً في محكمة الشعب.

طلب الخطيب من خطيبته في الكثير من الأحيان أن تسافر إليه وهو في ألمانيا على أنها أخته، حتى أنها طلب منها مرة السفر والدخول إلى الأراضي الألمانية “بفيزا” سياحية، وقد تحجج في شأن ذهابها إليه بأن مشاكل وعراقيل في الأوراق قد تحدث وأنها بعيدة ولا يمكنها تصحيح المطلوب بنفسها؛ ولم يعرض عليها السفر عن طريق التهريب وإلا لكانت قبلت مثلما تؤكد هي ذلك.

بالمقابل لم ترد هي السفر على أساس الطريق الأول أو بفيزا سياحية وإلا كان ذلك هدرٌ لجميع حقوقها وضياع لكرامتها.

فيما بعد علمت بأنه متزوج في ألمانيا ولديه طفلان الأمر الذي دفعها إلى إنهاء الخطوبة وطلب الانفصال، على الرغم من أنها تركت دراستها للزواج به، لكنه لم يفكر بها أو بمستقبلها فلو هي قبلت وذهبت إلى هناك لكانت ضحية غرائزه وأنانيته.

تركها ابن عمها في منتصف المشوار

في قصة أخرى جرت مع (ج) التي هي في عمر الزهر وريعان الشباب، حين خطبت لابن عمها المقيم مع عائلته في ألمانيا، حيث رتبت (ج) شؤونها وانطلقت إلى إسطنبول على أن تبقى فيها 7 أشهر لغاية إنهاء أوراق سفرها، فتتجه من هناك إلى ألمانيا حيث خطيبها، مكثت (ج) في إسطنبول عند أحد معارف عائلتها، وما إن انتهت من إجراءات سفرها وجهوزيتها للانطلاق إليه حتى فوجئت به وهو يخبرها بأنه يريد فسخ الخطبة، وأن يمشي كل منهما في طريقه فجاءت الصدمة قوية على (ج).

تعرف عليها ثم جر أهلها إلى المحكمة

تواصل شاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع فتاة تحدث معها وعرفها، فعمد إلى خطبتها فخطبها بشكل رسمي، وقد اتفقت عائلتيهما على كل ما يتم الاتفاق عليه عند تزويج الأبناء، وبعد ما يقارب الأربعة أشهر أرسل الخطيب لخطيبته رسالة يؤكد لها فيها أنه لم يعد يريد الزواج منها بسبب تفوهها بألفاظ قالته له عندما كانا يتحدثان عبر الهاتف المحمول، وعلى إثرها تم فسخ الخطبة ووصلت الأمور بين العائلتين إلى المحكمة وتم حل القضية قانونياً.

رأي من الشارع الكردستاني

تقول إحدى المواطنات الحياة الزوجية مرحلة انتقالية وصعبة فحياة المرأة والرجل، حيث تنقلب حياتهما رأساً على عقب وتزداد مسؤولياتهما؛ وكون سوريا في حالة حرب فإن المرأة في سوريا تريد الخروج من هذا الوضع بأية طريقة كانت، وحتى أنها في بعض الأحيان لا تفكر قبل أن تفعل أي شيء، فزواجهن من أشخاص بعيدين عن الوطن ولا يعرفنهم قد يأتي معها بنتائج سلبية؛ وقد يكون الضياع هو النهاية بدلاً من الاستقرار. كما يجب ألا ننسى أن خطر التخلي عن الفتاة في بداية مسيرتها بالاستقرار والارتباط وارد جداً، خصوصاً وأن الارتباط يتم والشاب بعيد عن أعين الأهل، وإمكانية تأثره بالمجتمع الذي التجأ إليه كبيرة جداً وفك الارتباط منذ لحظاتها الأولى يجلب معه وأد الطموح للطرف الآخر، وضياع الشخصية وبالتالي سيادة الانحطاط المجتمعي.

خفض استخدام الانترنت ضمانة تفادي “الإبحار نحو المجهول”

نورا خليل- الإدارية في منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة والناطقة باسم لجنة المرأة في المجلس التشريعي بمقاطعة الجزيرة:

الزواج عبر الانترنت ظاهرة جديدة دخلت المجتمع الكردي، الفتاة في هذه الحالة تفقد الأمل في إيجاد شريك حياتها وتلجأ إلى الإبحار نحو المجهول ولهذا الأمر الكثير من المساوئ.

الفتاة بطبيعتها تبحث عن الحنان في دار الزوجية والكثير من الرجال القاطنون خارج البلد يستغلون هذا الأمر لصالحهم، كأن يكون الرجل متزوجاً ويحاول خلق حياة رومنسية مع إحدى الفتيات تكون حياته بعيدة عن الملل والرتابة التي تكلل حياته الزوجية فيسعى إلى إيهام الفتاة بحياة هانئة سعيدة من دون أن يكون لها علم بزواجه الأول.

إن نجحت مساعيهما وتزوجا فستتفاجأ الفتاة بأنها الزوجة الثانية فتضيع حقوقها هباءً وبالتالي ينتهي الزواج بالطلاق، لأنه مبني على الكذب والنفاق، أما إذا لم يتزوجا وتخلى عنها الرجل بعد وعود كثيرة تكون الصدمة قوية على الفتاة وتؤثر بشكل جلي على حياتها خصوصاً أنها اتكلت في أحلامها عليه.

نحن كمنظمة جاءتنا قصة كان الطرفان فيها قد تعرفا عبر الانترنت وأحبا بعضهما؛ الشاب كان يعمل في باشور واستمرت علاقتهما وتزوجا، لكن تعلقهما بالانترنت لم ينته فنشبت الخلافات بينهما وانتهىت بالطلاق.

هنا يقع على عاتق منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسائية القيام بتوعية طبقات المجتمع وتوعية الأسرة، ويمكن لها أن تتم عبر وسائل الإعلام، كما يمكن استغلال الانترنت لتوعية الشباب وإحاطتهم علماً بالمخاطر التي يمكنهم التعرض لها ليتجنبوا الوقوع فيها، لذا لابد من زيادة جرعات التوعية بالإضافة إلى تأمين فرص العمل للحد من البطالة التي تدفع بالشباب إلى إملاء أوقاتهم بالانترنت وتزداد نسبة تعرضهم للفشل في حياتهم على أرض الواقع.

حلول وطرائق، تحول دون العبث بمصير الآخرين

مواطنة التقينا بها بصدد هذه الظاهرة فوضعت حلولاً أسعدتنا بها وجاء ما نرتقبه من مواطنة في محليتنا حيث أفادتنا: لا نستطيع أن نحكم على هذه الظاهرة بأنها سلبية أو إيجابية، هي حالات فردية تتوقف على الظروف المحيطة بها وتتأثر بالأوضاع الاستثنائية للبلد. كل أسرة هي حالة خاصة، ولها ما لها من خلفية ثقافية وظروف اقتصادية ووضع اجتماعي يفرض عليها نوع معين من العلاقات التي تحتاجها خارج نطاق دائرتها. الفشل والنجاح في الارتباط قطبان لأي علاقة زوجية، لكن ربما موضة أوربا أصبحت حالة أكثر صعوبة وتعقيداً للتنبؤ بمصير هذا العقد الاجتماعي. شبكات التواصل الاجتماعي ساهمت في تشجيع هذه الظاهرة بل فرضتها، لكن هذا لا يمنع الناس من توخي الحذر قبل الإقدام على هكذا خطوة مصيرية. التعجيل هو من أكبر الأخطاء التي يرتكبها بعض الأهل بسبب حالة الغليان التي تسيطر على الأجواء العامة. لهاث الجميع وراء الهجرة إلى أوروبا كبوابة للنجاة يجعل الموافقة على أي عريس من ذلك الفردوس أمراً مسلم به كحل أتاهم على طبق من فضة، ويدفعهم ذلك إلى تقديم بعض التنازلات والتضحية ببعض الحقوق التي تحمي الفتاة لدى أي مرحلة من هذا المشروع. خطوات كثيرة مطلوبة من الأهل، الحذر .. السؤال عن عائلة العريس وأهم منها وقبلها العريس نفسه، ينبغي أن تكثف الجهود للإحاطة بكل شيء يتعلق به وأهم من ذلك التواصل معه والتواصل .. والتواصل حتى آخر نفس. السرعة لها عواقبها الوخيمة. أما إذا كان بالإمكان اشتراط زيارة شخصية من العريس نفسه، حتى لو كانت لها إجراءاتها المعقدة، فتلك أهم وأفضل خطوة قبل التفكير وقبل قرار الموافقة. فهي مماطلة إيجابية تخدم الهدف وهو سلامة الجميع.

دار المرأة تعيد الحق لأصحابه

إلهام عمر- المسؤولة عن دار المرأة في كانتون الجزيرة:

انتشرت بين عامي (2013- 2014) ظاهرة تزويج الفتيات إلى باكور كردستان وتركيا عن طريق سماسرة استغلوا هذه الظاهرة لصالحهم، وجنوا مبالغ طائلة وعملوا على نشرها في المجتمع لغاية أنها كادت أن تصبح تقليداً دون أن يحاسب المسؤولون عنها؛ ففتيات في عمر العشرين تم تزويجهن إلى كهول وكبار السن أحفادهم أكبر من هؤلاء الفتيات.

مقابل حفنة من الأموال، زوجت بعض العائلات بناتهن ولم يسألوا عن مصيرهن؛ هذه الظاهرة لم ترق لنا لما لها من تداعيات سلبية على مجتمعنا فبذلنا جهوداً حثيثة لإزالة هذه الظاهرة ومنع انتشارها، وقمنا بمحاسبة هؤلاء السماسرة، فلم تأتنا في عامي (2015- 2016) أية دعوى بهذا الخصوص.

أما تزويج الفتيات إلى أوروبا التي يتم بعضها عبر الانترنت وبعضها الآخر عن طريق العائلات الصديقة، فهي ظاهرة خطيرة من شأنها المساس بمصير فتياتنا اللواتي يقرر ارتباطهن بشبان هاجروا إلى أوروبا، وقد تأثروا بثقافتها التي تختلف عن ثقافة بلداننا وطرأت على شخصياتهم وتصرفاتهم تغييرات لا تتناسب وتقاليدنا؛ فعندما تتزوج فتاة من أحد الشباب القاطنين في الدول الأوروبية وتأثر بثقافتها وأخلاقها تتعرض هذه الفتاة لضغوط نفسية.

في بعض المرات تخطب الفتاة ويتم الاتفاق على المهر والحلي التي ستقدمه العريس للعروس، ويعقد الاحتفال بهذه المناسبة وبعد مرور فترة يتركها الشاب ويهدم ما أسسا له معاً من أجل علاقتهما ونحن بدورنا نعيد لها حقوقها.

قد لا يتوجه الشاب القاطن في أوروبا إلى خطبة فتاة قاطنة هناك لعدم ثقته بها، وظناً منه أن هذه الفتيات تأثرن بالثقافة الأوروبية لكنهم تناسوا أن الفتاة الكردية أينما حلت ومهما ابتعدت فأنها لن تتخلى عن الاخلاق التي تربت عليها وتشربت منها منذ صغرها.

وأخيراً أؤكد أننا نعمل على إزالة هذه الظاهرة أيضاً من مجتمعنا، واتوجه إلى عموم أهلنا بأن يدركوا أن الزواج ليس يوم ويمضي أو مناسبة وتنتهي، إنما حياة كاملة ومرحلة مفصلية في تاريخ شبابنا لذا علينا توخي الحذر وعدم الرضى بانهيار مستقبل أولادنا الذين هم فلذة أكبادنا.

ما في جعبة المحرر   

آمال مستقبل واعد تسيطر على بعض فتيات مجتمعنا أمام انتهازية بعض الرجال والعوائل التي تجلب معها تدهور في العلاقات الاجتماعية، وحتمية ارتباطها بحالة يرثى لها ويعاني منها مجتمعنا؛ مما يدفعنا جميعاً إلى تحمل المسؤولية لذا تتحتم الضرورة علينا الاهتمام بالعلاقات المجتمعية على أساس أنها الأصل والمنطلق في العلاقات الصحيحة، من الضروري جداً إعادة الاعتبار للمرأة وتصحيح وضعها ومكانتها ودورها في المجتمع لتكون عماد المجتمع وسر رقيه.

تقرير: سيدار رمو

زر الذهاب إلى الأعلى