مقالات

غطرسة أردوغان سقوط  نحو الهاوية

dil barenدلبرين فارس

نظام حزب العدالة والتنمية وبزعامة الضَاغِن أردوغان مدرك تمامًا أن شرط بقائه في السلطة مرهون بالقدرة على إبقاء المنطقة المحيطة بتركيا مشتعلة وعلى مدى قدرته في ممارسة التعسف السلطوي تجاه منافسيه وإحكام القبضة الأمنية في الداخل وخاصة بعد الانقلاب الفاشل في 15 تموز المنصرم والذي منحه فرصة لممارسة وإخراج كل الضغن والسفه في داخله.

أحد أركان بقاء النظام الأردو غاني كلاعب أساسي في المنطقة  تمثل إلى وقت قريب، في دعم الحركات الإرهابية حول العالم وخاصة الحركات الإسلامية المتطرفة وهذا ليس غريباً على النظام التركي منذ قدوم الأتراك (العثمانيين) من أسيا الوسطى على شكل قبائل غازية  وخاصة في المنطقة العربية والإسلامية والتي تينع فيها هذه الحركات وهذا منحه القدرة التمدد إلى عمق الشأن العربي والتحكم حتى في بعض القضايا الأساسية كالقضية الفلسطينية والتي استخدمها أردوغان كتأشير دخول في تغلغله وهذا ما شاهدناه خلال السنوات السابقة من جهة يرى نفسه المخلص للعرب والمسلمين من حكم ووصاية الفرنجة والبيزنطيين ،أما في الداخل التركي فقد عمل على تعظيم خطاب العداء للأكراد كونهم وحسب رأي منظريه بأنهم يشكلون التهديد الأعظم للمنطقة ولعل أهم ما قام به أردوغان كسابقيه  من الإسلاميين المنافقين القدرة على المناورة وتأليب الكرد بعضهم ضد بعض معتمداً في ذلك على المرتزقة من الكرد والذين هم بقايا الطبقة الإقطاعية المستتركةالعشيرية البالية والذين لا يتجاوز كرديتهم حدود انفهم، بيد أن هذا الركن بدأ يتهاوى مع تغير حاد في وعي وتفكير القوى الكردية الثورية والديمقراطية  في المنطقة عامة ومع نمو وبروز فكر تنويري للشعب الكردي وللشعوب المغلوبة على أمرها والتي مزقتها وطمستها سياسات المستعمرين لأرضهم التاريخية وهنا لسنا بصدد الولوج لمألات التاريخ المنصرمة للشرق الأوسط بل للتذكرة فقط بماضٍ يشهد له البعيد قبل القريب ،وقوف الكرد ضد الإرهاب في سوريا والعراق وأينما كانوا واستبسالهم في الدفاع عن القيم الإنسانية في وجه ألدّ أعداء الإنسانية غطرسةً من هولاكو إلى تيمور لنك ….، وأخيراً البغدادي يشهد له التاريخ.

النظام التركي وكباقي أنظمة سايكس –بيكو القومية الشوفينية والعنصرية والمتورط في قتل وتشريد الألاف من الكرد، واصطفافه بجانب المنظمات الإرهابية سينتهي به المطاف إلى مزابل التاريخ كما انتهى المطاف بغيريه.

الشعب الكردي الثائر في تركيا والشعوب المقهورة والمؤسسات الديمقراطية في تركيا وفي العالم لم يعد يؤمن بما يدعيه أردوغان عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحتى الغرب والمقربين منه أصبحوا على يقينٍ تام بمدى نفاق النظام التركي ومدى خطورته وما توجه أردوغان وتقاربه الأخير مع روسيا “القيصرية” والنظام الإيراني “ولاية الفقيه ” في هذه الفترة المصيرية للنظام التركي وللجمهورية التركية ، دليل ٌعلى فقدان الغرب والولايات المتحدة وحتى بعض الأطراف العربية خاصة مصر ولبنان وحتى الفلسطينيين المخدوعين بأردو غان قد فقدوا مصداقيته وما كان يدعيه .

صحيح أن النظام الأردو غاني  جاء بالانتخابات وعمل على تحصين نفسه منذ استلامه للحكم وبدأ بتصفية خصومه وعلى رأسهم جماعات المافيا التركية القومية ومن ثم الجماعات المنافسة له إسلاميا مثل جماعة اربغان وغولن، وذلك من خلال بنائه لجماعات على شاكلة تنظيم القاعدة ولكن بشكل مغاير من حيث الشكل و مرتبطة به مباشرة  في داخل جسم الدولة وفي الجوار الإقليمي وعلى غرار بقية الأنظمة والحكومات التركية المتعاقبة، لكن ما يميز أردوغان عن بقية قادة تللك الجماعات والعصابات المتغلغلة في جسم الدولة التركية أنه استطاعة أن يستميل عدد أكبر من المسلمين المتزمتين أتراك وأكراد وعرباً وهذا ما شاهدناه في الميادين والساحات قبل وإثناء وبعد الانقلاب ،بنائه لجهاز أمني من هؤلاء خاص به في كل مؤسسات الدولة ووضع كل الإمكانات الاقتصادية لإنجاح مثل هذا المشروع ونجح فيه إلى وكان له دور كبير في أفشال الانقلاب.

هناك رهان على المزيد من الأخطاء التي يرتكبها النظام الحالي في تركيا، وعلى راسها العداء السافر للشعب الكردي  في مقابل انفتاح الشعب التركي على العالم وخاصة جواره الإقليمي ، ويقيني أن ذلك سيعجل بوتيرة سقوط أردوغان وجماعته فالعبء الذي يتحمله  الشعب  التركي جراء رعاية وتصدير نظامه للإرهاب في جميع دول العالم وخاصة في العراق وسوريا، وتأسيس وتمويل التنظيمات الإرهابية  على أراضيها وعلى طول الحدود مع سوريا واستخدامهم في معادلات وتوازنات شخصية خاصة يثير القلق حول العالم حتى على مستوى القارة الأفريقية المشاركة في قتل الشعوب سوف يتعاظم معه الشعور بالذنب والرفض المطلق لهذا النوع من الأعمال التي هي من صميم عمل  وذهنية العدالة والتنمية، وتتنافى مع تطلعات الشعوب الحرة المتحضرة.

التصريحات العدوانية الصادرة عن النظام التركي تجاه الأكراد تكشف وجهه الحقيقي المتمثل في دعم الإرهاب ومدى شهوته السلطوية، والتي تعد استمرارا لسياساتها في زعزعة أمن واستقرار المنطقة والعالم، أن نظام أردوغان بدفاعه عن أعمال الإرهابيين وتبريره لها، يعتبر في ذلك بأنه شريكاً لهم في جرائمهم، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن سياسته التحريضية والتصعيدية في المنطقة وخاصة تجاه التقدم الذي أحرزه القوى الديمقراطية في شمال سوريا ومن بينهم الأكراد.

أن نظام إردوغان وشركائه وأعوانه في سوريا هم آخرفي العالم يمكن أن يتهموا الآخرين بدعم الإرهاب والتهجير والتدمير والقتل على الهوية، باعتباره راعي الإرهاب والإرهابيين، وهم مدانين من قبل الأمم المتحدة والعديد من الدول والمنظمات الإنسانية والحقوقية، بالإضافة إلى توفير ملاذ آمن على أراضيه لعدد كبير من قيادات وأمراء داعش والنصر ومثيلاتهم العشرات من التنظيمات الإرهابية والتي تتخذ من غازي عنتاب والريحانية وكيلس وهاتاي وإسطنبول مستقراً لهم علاوة على توفير الحماية والرعاية لأسرهم وذويهم.

أن تدخلات النظام التركي السافرة في دول المنطقة خاصة في سوريا والعراق، والتي تدخلت فيها بشكل مباشر من خلال دعم وتمرير الإرهابيين، يضاف إلى ذلك القبض على خلايا تابعة للنظام التركي وحتى على جنود أتراك بين تلك المجموعات التي كان تعيث أرهاباً في كل المناطق التي تم تحريرها من قبل قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب. ناهيك عن الدعم اللوجستي لتلك المجموعات والخلايا الإرهابية السورية المنشأ.

. وفي هذا السياق، مقارنًا بين الظروف التي سبقت حكم العدالة والتنمية من الانحطاط غير المنضبط، والشرطة السرية والتعذيب والإعدامات السرية للمئات من المعارضين والممارسات اللاإنسانية بحق الأكراد المناهضين لغطرستهم ، والقتل تحت شعار مجهول الهوية ( الفاعل المجهول ) والاعتداءات السافرة بحق المؤسسات والشخصيات الديمقراطية والإعلامية  في تركيا تغلب عليها الأجندات الشخصية لرئيسها ومافيا الدولة في رأس هرم الدولة ، وهي الظروف التي مهدة لسقوط أكثر الأنظمة غطرسة في المنطقة ، وبين حال الدولة التركية في المرحلة الراهنة وصراعها التاريخي مع الأكراد أينما وجدوا؛ فالنظام الحالي أشد وحشيةً من نظام  جودة صونايا العسكري إلى ديميريل وجماعته جيلر ومسعود يلمز وغيرهم.

اردوغان يلقي بكل ما انجزه نجدة سيزر وعبد الله كول وما انجزه العدالة والتنمية في النواحي الاقتصادية السابقة بعرض الحائط ويتحول إلى واحد من سلسلة الحكام الشبقين بالسلطة المطلقة، ولا هم له سوى أن يبقى على رأسها؟ عندما تتلبس أي حاكم فكرة انه اصبح سلطاناً وخليفة لله على الأرض وأن الجميع هم مجرد أفراد في مؤسسته وسلطنته الفكرية الشوفينية التي هو وحده يعرف مصلحتها ويقررلها ما يخدمها ويضرها، فإنه يكون قد دخل المرحلة السلطوية والديكتاتورية من بابها العريض بيد أن اردوغان وقع في ما وقعت فيه أجيال من القادة عبر التاريخ الطويل للبشرية ،الخليط المُعقد والغامض من النشوة بالسلطة حتى الضغن والكراهية ، وتمثل القيام بدور شبه مقدس معطوف على سيكولوجيا القناعة الذاتية بالألوهية على الأرض والانتقال من موقع البطولة إلى موقع الاستبداد والانحدار التدريجي، وبسرعات متفاوتة وبحالة هستيرية ومصاحبة الشعور بالعظمة، من هالة القداسة النضالية والنجاحات إلى مهاوي الديكتاتورية والبطش بالشعب سيفضي بالسقوط نحو الهاوية وسيجر البلاد لفوضى عارمة سيشهدها تركيا في اللاحق القريب.

زر الذهاب إلى الأعلى