المجتمع

بولات قامة نضالية شامخة، ستتحدث عنه الأجيال اللاحقة بكثير من الاعجاب والتقدير

heval polatالشهيد الذي يحمل من معنى اسمه الكثير، كان صلباً كما الفولاذ في مبادئه وارتباطه بقيمة وحبه لوطنه ، ومن جانب آخر فقد كان سلساً في تعامله مع الناس جذاباً في حديثه، تميز بروح الدعابة والأمل، كل من التقاه حفر في ذاكرته بصمات بروحه المرحة واسلوبه الجذاب وأحاديثه الشيقة ، ونقاشاته العميقة والواسعة، يرسم لك الوطن كفنان مبدع لا تمل من النظر في لوحاته، يملك الجديد دوما يستمده من القديم، هذا هو مايتأثر به المتلقي في تعامله مع الرجل. رفيق بولات كنت أحد الأعمدة الأساسية في بناء هذا الصرح العظيم لهذا الشعب المضحي ، بصفاتك الشخصية وسماتك وخصالك الثورية وحياتك النضالية ، نعم كنت القارئ المتواضع الهادئ غير المنفعل ذو الصدر الواسع الرحب ، المصر والمصمم في تحقيق النجاح رغم الصعوبات الكبيرة التي تعترضه حتى احياناً تهدده ، الجذاب بحديثه المقنع ، والمثقف الذي يفهم الهموم ويستمع اليه بمسؤولية كبيرة والطبيب الذي انقذ حياة الكثيرين من رفاقه الجرحى ، والجريح الذي لم يكن يعرف آلام جرحه ، بل يعرف كيف يحقق مهمته وإن كلفته بالسير عليها زحفاً أو محدقاً أو جاثياً ، المبدع في اساليب النضال، فهو مع الصغير صغير ومع الكبير كبير، يعرف كيف يتحادث مع من يقابله ، وهو المنظم البارع دون أن يكترث بالقوالب ، والكادر الشعبي الجماهيري ، مؤثر فيما حوله كلما استمعوا إليه طلبوا المزيد ، يترك في كل مكان ذهب اليه أو ناضل فيه اثراً يبقى خالداً في الذاكرة المجتمعية ، اسلوبه المرح يجعل المتلقي لا يشعر بالضجر مهما طال الحديث بل يستمع اليه بشغف ، سلس في سرد الافكار، متعمق من حيث البعد النظري والايديولوجي والرؤية المستقبلية ، دقيق الملاحظة ، يقيم الأحداث بموضوعية ، جريء في مواقفه السياسية ، رابط الجأش ثابت المبدأ لا يتزحزح.

نعم بهذه الخصال والسمات ساهم الرجل في ترسيخ طريق مجتمع حر سياسي وأخلاقي في مجتمع هو صاحب إرادة وهوية.

إن ما يدفع الانسان دوماً هو تحقيق هدف يناضل من أجله، وبناء روح مقاوم للوصول إلى الشيء المنشود، إن الحياة الحرة هي ثمرة دماء الشهداء المؤمنين بكسر قيود العبودية والتوجه نحو بناء مجتمع حر. مهدي عبدو الاسم الحركي بولات هركول، واحد من عظماء ثورة روج آفا وأحد بناة هذا الصرح العظيم. بولات  من مواليد مدينة قامشلو عام 1968  حيث بدء دراسته في المرحلة  الابتدائية في مدرسة كريزيل على طريق الحسكة، والاعدادية والثانوية في مدرسة الطلائع في قامشلو حتى الانتهاء منها عام 1987. في هذه الأعوام يتعرف على حركة التحرير الكردستانية، وحال انتهائه من البكلوريا ينضم إلى أكاديمية الشهيد عكيد في لبنان وبعد اكمال دورته يعود إلى قامشلو ليعمل في مجال الفعاليات الاجتماعية والتنظيمية حيث كان كادراً  يملك روح المقاومة، مخلص ومتفان في عمله، كان وقت الراحة عنده قليلاً جداً، يضع جل وقته في خدمة الحركة والقضية بعدها في 1988 يلتحق الشهيد بولات بقوات الكريلا في شمالي كردستان وفي 1991، يصيب بولات في احدى المعارك ضد الاحتلال التركي في جبل هركول، ويتم نقله بعدها إلى  مدينة شرناخ ومنها إلى باشور كردستان للمعالجة، وقد استغرق وصوله إلى باشور 16 يوماً كاملاً، وذلك عن طريق صادق عمر أحد قيادي الاتحاد الوطني الكردستاني، ومنه تم نقله إلى مدينة ديرك في روج آفايى كردستان، وتمت معالجتعه في مشفى نافذ في قامشلو، ليتم نقله بعدها إلى مدينة حلب إلى مشفى التوليد، هنا يتم بتر أصابع قدمه بسبب إصابتها بمرض الغنغرينا، ويتعالج بولات ويتعافى من جرحه ويقيم الفعاليات والنشاطات  في مدينة حلب رغم شعوره الدائم بالألم بسبب قدمه المصابة. يلتحق الشهيد بولات من جديد برفاقه في جبال كردستنا عام 1993، ويستمر لفترة طويلة هناك بعدها ينتقل إلى مخيم مخمور لتدريس الطلاب بين عامي 2001 – 2004، وكان يشرف بنفس الوقت على بيوت الجرحى في آواخر عام 2004 يعود الشهيد بولات إلى الجبل في منطقة دولا كوكى حتى ربيع 2005. في أواخرهذا العام يعود إلى روج آفا حيث كان يقيم النشاطات والفعاليات هناك ضد السياسات الشوفينة والانكار التي كان يتبعها حزب البعث ضد الشعب الكردي، تم القاء القبض عليه من قبل السلطات البعثية في 8 آب من قبل فرع أمن الدولة، حيث تم تحويله إلى حلب ومنها إلى أمن سياسي فيحاء دمشق، وقد تعرض خلال فترة اعتقاله لجميع أنواع التعذيب وبعد اطلاق سراحه في ربيع 2006 يذهب من جديد إلى جبال كردستان وهناك يتم تأسيس kck roj ava  وعند الانتهاء من عقد المؤتمر يعود إلى روج آفا من جديد في 11-9 -2006 ليتم اعتقاله من قبل السلطات البعثية ثانية ويتم تحويله إلى المحمكة العسكرية في القابون ويحكم عليه بـ 46 عام سجناً، وعندما لم يتم تثبيت أي أدلة ضده بعد تقديم الوثائق والثبوتيات لذا فقد أعيدت محاكمته من جديد ليحكم عليه بالسجن لمدة سنتين لييقضي عقوبة سجنه في صيدنايا  بتهمة الانضمام إلى تنظيم سياسي محظور، واقتطاع جزء من سوريا وإلحاقه بدولة أجنبية، وبعد انقضاء محكومتيه يتم اطلاق سراحه في16 -9 -2008، ليتوجه بعدها الشهيد بولات إلى أوربا لمواصلة نضاله هناك، وعند وصوله إلى تركيا جرى إلقاء القبض عليه من قبل السلطات التركية في 26 -11 -2009، ليقضي تسعة أشهر في سجن مال تابه في إسطنبول، وبعدها يتم ترحيله إلى سوريا وتسليمه إلى السلطات البعثية هناك، وتم تقديمه إلى محاكمتين في سوريا واحدة في مدينة قامشلو من قبل محكمة الفرد العسكري بتهمة تجاوز الحدود، والثانية في حلب بتهمة الانتساب إلى تنظيم سياسي محظور، وبعدها يتم الحكم عليه من قبل السلطات التركية بالحكم المؤبد غيابياً بتهمة انتسابه إلى حزب العمال الكردستاني، ليذهب بعدها إلى جبال كردستان ثم يعود يتابع نضاله في روج آفا ويتوجه بعدها إلى لبنان في أواخر 2011 ليتابع نضاله هناك، وكان مسؤولاً عن إقامة العلاقات السياسية والدبلوماسية في لبنان، وقد استمر لمدة ثلاث سنوات هناك، وفي بداية 2014 يعود إلى روج آفا وليقوم بالفعاليات والنشاطات في مقاطعة الجزيرة، وفي 21 -9 -2015 يتوجه الى دولة الامارات العربية المتحدة ليقيم علاقات مع دول الخليج وفي 24-6-2016 يصل إلى روج آفا  في 27-7 -2016 يستشهد في العملية الارهابية الآثمة التي ضربت مدينة قامشلو، وقد شيع جثمانه الطاهرة إلى مقبرة الشهيد دليل صاروخان بمدينة قامشلو.

إعداد: عبد الله فرحو

زر الذهاب إلى الأعلى