مقالات

رفيقي الشهيد بولات

pالشهيد الذي يحمل من اسمه الكثير كان صلبا كما الفولاذ في قيمه ومبادئه وارتباطه بقيمة وحبه لوطنه ، ولكنه كان سلسا  في تعامله جذابا في حديثه يتميز بروح الدعابة ،كل من التقاه حفر في ذاكرته بصماته بروحه المرحة واسلوبه الجذاب وأحاديثه  الشيقة ، ونقاشاته العميقة والواسعة، يرسم لك الوطن كفنان مبدع لا تمل من النظر في لوحته، يملك الجديد دوما يستمده من القديم، هذا مايتأثر به المتلقي  ، فكيف إذا كنت رفيق درب جمعت بينكما ثلاثة عقود من العمل والنضال جمعتنا كثير من المحطات وافترقنا في أخرى ولكن العهد كان دائما بيننا لا يفرقه المسافات ،آخر تلك المحطات كانت قبل عدة أيام ، حيث كنا سوية في العمل وناقشنا سوية مستقبل المنطقة وروجافا  أتذكر كل تلك تفاصيل الدقيقة التي جمعتنا خلال مسيرتنا النضالية والتي لا تخلو إلى جانب العمل وقسوته من الدعابة والمرح الذي لا يتقنه إلا من سلك سوية ولعقود هذه الدرب ،
نعم رفيق بولات كنت احد الأعمدة الاساسية في بناء هذا الصرح العظيم لهذا الشعب المضحي ، بصفاتك الشخصية وسماتك وخصالك الثورية وحياتك النضالية  ، نعم كنت القارئ المتواضع الهادئ الغير المنفعل ذو الصدر الواسع الرحب  ، المصر والمصمم في تحقيق النجاح رغم الصعوبات الكبيرة التي تعترضه حتى احياناً تهدده  ، الجذاب بحديثه المقنع ، والمثقف الذي يفهم الهموم ويستمع اليه بمسؤولية كبيرة والطبيب الذي انقذ حياة الكثيرين من رفاقه الجرحى ، والجريح الذي لم يكن يعرف الام جرحه ، بل يعرف كيف يحقق مهمته وان كلفته بالسير عليها زاحفا او محدقا او جاثيا  ، المبدع في اساليب النضال مع الصغير صغير ومع الكبير كبير يعرف كيف يحدث من يقابله ، والمنظم البارع دون ان يكترث بالقوالب ،  والكادر الشعبي الجماهيري ، مؤثر فيما حوله كلما استمعوا إليه  طلبوا المزيد ، يترك في كل مكان ذهب اليه او ناضل فيه اثراً يبقى في الذاكرة المجتمعية ، اسلوبه المرح يجعل المتلقي لا يشعر  بالضجر مهما طال الحديث بل يستمع اليه بشغف ، سلس في سرد الافكار ، متعمق من حيث البعد النظري والايديولوجي والرؤية المستقبلية ، ذو دقة الملاحظة ، التقييم الموضوعي ، جريء المواقف السياسية ، ثابت المبدأ لا يتزحزح
نعم بهذه الخصال والسمات رسخت طريق مجتمع حر سياسي اخلاقي ، مجتمع صاحب الارادة والهوية . ولكن رحلت باكرا دون الوداع  فقط في هذا  ادميت القلوب فقط في رحيلك لم تكن محقا ،بل كنت ظالما برحيلك رفيقي الشهيد،
رفيق الدرب زوهات
زر الذهاب إلى الأعلى