ثقافة

  الموسيقى مرآة الشعوب من خلالها يحددُ مستوى ثقافة وحضارة شعبٍ ما

faraj darueshأن أكثر الشعوب المتمسكة بتراثها الفني وخاصةً الموسيقى والغناء، هي تلك التي عانت وتعاني من الاضطهاد والطمسٍ للهوية, وهي التي تمتلك تراثاً ثقافياً غنياً بالملاحم, ولعل الكرد هم من أكثر شعوب الشرق اوسطية الذين يمتلكون تاريخاً وتراثاً ثقافياً شفوياً يعبرون عنه إما بالغناء أو بالموسيقى, ولكي لا تموت وتندثر تُمَدُّ صوتُ موسيقاها وتُعليها في أي ظرفٍ وزمان، وفي أي مكانٍ تُحطُ رحِالها فيه الموسيقى هي كاشفة للبُعد الاجتماعي لشعوبها، تكشف عن مدى سعادتها أو شقائها أو حالتها القائمة، فنستطيع ملاحظة بعض الموسيقى التي تحمل في طبيعة تكوينها الموسيقية صوت ثائرٍ أو صامدٍ أو عاشق، ونلحظ بعض الموسيقى تحمل لوناً حزيناُ يحوي لغة نداءٍ ورجاءً لأستجلاب السلام والمحبة، الموسيقى لا تنفصل أبداً عن رحلة الحقيقة، ولهذا نستطيع أن نسمع صوت الكردي جلياً عبر موسيقى تحمل معاناة إنسانية.

 والشعب الكردي في حقيقته شعبٌ محبٌ للموسيقى وخالقٌ لها لأن الموسيقى بالنسبة إليه أداة التعبير عما يختلج في وجدانه من شعورٍ واحاسيس.

وبصدد هذا الموضوع أجرينا في صحيفة الاتحاد الديمقراطي حواراً مع الموسيقار والفنان فرج درويش.

في البداية حبذا لو تطلعنا بنبذة عنك وعن مسيرتك مع الموسيقا

  أنا مواليد عاموداعام 1984, أقيم  في مدينة الحسكة منذ العام 1997 وحاصلٌ على إجازة في كلية التربية الموسيقية من جامعة البعث  في مدينة حمص سنه 2012.

 بداية تعلقي بالموسيقى كانت في العام 1999 على آلة البزق على يد خالي احمد عرب هادي, ومن ثم تعلمت النوتة الموسيقية على يد الصديق ريزان يوسف, وفي العام 2003 بدأت بالعزف على آلة الكمان من تلقاء نفسي, ثم انتقلت لدراسة الموسيقى في جامعة البعث عام 2008 و شاركتُ في تأسيس العديد من الفرق الموسيقية في الحسكة, ومنها (فرقة سبا, و فرقة نارين, وفرقة ميترا), وشاركت في العديد من المهرجانات المحلية والدولية كعازفِ كمان ومنها مهرجان (موسيقى على الطريق في دمشق) عام 2009 و مهرجان (بيت الدين) في لبنان مع الفنان ابراهيم كيفو عام 2013, وبدأت بتقديم نفسي كمغني منذ العام 2013, واصدرت إلى الآن 4 أغاني, و قمت بتصوير فيديو كليب واحد.

ما هي رؤيتك للموسيقى كفن وتعبير لثقافة الشعوب وأنت موسيقارٌ كردي؟

الموسيقى هي مرآة الشعوب, نستطيع من خلالها تحديد المستوى الثقافي والحضاري لأي شعبٍ كان, ومن خلال دراسة المراحل المختلفة التي يمر بها الشعوب يمكننا معرفة تاريخها, ومراحل التطور التي مرت بها, والموسيقى والأغنية الكردية كانت الناقل الأبرز للثقافة والأحداث التاريخية التي مّر بها الشعب الكردي, بما فيها الأحداث السياسية والصراعات, وقصص الحب والبطولة وفلسفة المجتمع.

ماهي أهم الأعمال الفنية التي قمت بها؟ وماذا عن مشاريعك الفنية  الراهنة؟

خلال مرحلة الثورة قمت بتسجيل (4 ) أغاني ونشرتها إلى الآن, وأول أغنية كانت عن مدينتي الحسكة(roja te bi xêr bajarê min) والتي أصدرتها في عام 2013, وهي من كلماتي وألحاني, والأغنية الثانية كانت بعنوان (li benda te) وهي من كلمات الشاعر جوان شريف وألحاني وأصدرتها في العام 2014, والأغنية الثالثة كانت ( gava li cem tebim) من كلمات الشاعر خالد عمر و ألحاني أيضاً وأصدرتها في العام 2015, والأغنية الرابعة كانت (dilerzin) وهي من كلمات الشاعر أمير الحسين وألحاني وأصدرتها بداية العام 2016, أما عن عملي الفني الراهن  فقد قمت بتصوير أغنية   (gava li cem tebim) من إخراج هوكر هادي وستُعرضُ قريباً على شاشات التلفزة, وسائل التواصل الاجتماعي, والآن أنا بصدد تصويرأغنية ( roja te bi xêr), وإصدار أغنية جديدة بعنوان ( welatê min)

وماذا تحدثنا عن فرقة ميترا والتي كُنتَ من مؤسسيها؟

 فرقة ميترا كانت من أهم التجارب الموسيقية مع الأصدقاء ( كادار آحمي- وجوان مراد – وهوكر هادي) توقفنا عن العمل كفرقة منذ حوالي العام لأسبابٍ وظروفٍ موضوعية, بعض الأعضاء اضطروا للسفر, ولكن المشروع والتواصل  بيننا يبقى قائماً أينما ذهبنا.

 بنظرك ما مدى تأثير الأزمة الراهنة في سوريا والثورة التي يمر بها روج آفاعلى الفن وعلى الفنان كمثقفٍ وصامدٍ ومتمسكٍ بتراب بلده ينادي ويغني للسلام والمحبة والبطولة؟

 للثورة والأزمة التي يمر بها سوريا عامة وروج آفا خاصة تأثيرٌ كبير, وتحوي في داخلها وجهاتً وتأثيراتً سلبية وايجابية, وأنا شخصياً أعتبرها سلبية في غالبيتها وخاصة على مستوى سوريا, حيث كانت الموسيقى في تطورٍ ملحوظٍ قبل هذه الأزمة ,وحتى في بداياتها  بشكل عام, لكن بعد ذلك أضطر العديد من الفنانين إلى مغادرة البلاد وسافر اغلب الموسيقيين, ومنتجي الموسيقى, وأُغْلِقَتْ أهم الاستوديوهات لأسبابٍ عدة منها ما يتعلق بالظروف الأمنية والاقتصادية والمعيشية القاهرة , أما فيما يتعلق بالجوانب والمؤثرات الإيجابية فقد ظهرت فرقٌ موسيقية, و فنانين جدد على الساحة الفنية لكن أغلبهم ليسوا بالمستوى المطلوب.

 لكل فنانٍ رأيٌ بخصوص دور وتأثير الموسيقى في ظل الثورة, برأيي يجب على الفنان أن يكون جسرالمحبة والسلام بين الشعوب في ظل مانشهده من شرخٍ وتشرذم في المجتمع السوري بشكل عام.

لماذا الإصرار على البقاء في مدينة الحسكة, ولم تحذو حذو من هاجر البلاد وقد عُرضَ عليكَ أكثر من عَرضٍ وفُرصةَ عملٍ فنية خارج البلاد؟

  رغم قساوة الظروف وبالأخص في مدينة الحسكة لكن كانت هناكَ العديد من الحوافز والدوافع  للبقاء في مدينتي الحسكة, ولعل من أهم تلك الأسباب التي أقنعتني بضرورة بقائي وإصراري في ذلك هي تعليم الموسيقى ونشرها بين ابناء مدينتي, كما أنني لا أجد لنفسي قيمةً بدون العيش في الحسكة بشكلٍ خاص, وروج آفا وسوريا بشكلٍ عام, وكذلك ماقدمه ابناء روج آفا من صمودٍ ومقاومةٍ بطوليةٍ  أثَّارني على الارتباط أكثر بتراب وشوارع وأزقة وأشجار بلدي.

في الختام ماهي تمنياتك لروج آفا وسوريا؟

أتمنى لـ روج آفا وسوريا السلام والمحبة وأن تضع الحرب والصراعات أوزارها التي مزقت فسيفساء سوريا, ونتوجه بسوريا المستقبل نحو التطور والازدهار والكرامة الإنسانية, وندائي لكل فنان أن يؤدي دورهُ وواجبهُ في نشر المحبة والتآخي بين شعوب المنطقة بشكلٍ عام ولكم دوام التقدم والنجاح.

زر الذهاب إلى الأعلى