مقالات

هل أردوغان جاد في قصف داعش ؟

حسين سينو

كان قدر الشعب الكردي أن يكون محتلاً من قبل أربعة دول، هذه الدول أمتازت بالديكتاتورية والأستبدادية والتفرد بالحكم، فكل منها أجحفت بحق الكرد، فهضمت حقوقه الطبيعية والمكتسبة وحرمته من حرياته ومنعته من حقوقه المدنية والثقافية، ومُنع من التحدث بلغته الأم وأجُبر على التعلم بلغة الغير، وحرف تاريخه وأجبر أن يمجد تاريخ غيره، هذا التاريخ الذي اللحق الضرر بمصالح الكرد.

شائت الأقدار أن تنقسم الأرض الكردية، ويُرتكب الظلم والإضطهاد بحق الشعب الكردي في تلك المناطق، على الرغم من أن الشعب الكردي هو شعب مسالم يطلب الخير لغيره كما يطلبه لنفسه ويكره الظلم والإستعباد، ولم يحاول أبداً أن يهضم حق غيره، وهو الذي ساوى بين الشعوب ولم يفرق بين الأفراد بسبب الدين أو الجنس أو المعتقد.

وبعد ظاهرة ما يسمى بالربيع العربي، هذا الربيع الذي جلب الدمار والخراب لدول التي أجتاحته، وكان سبباً في تدمير البنية التحتية للمجتمعات هذه الدول، وهو الذي كان سبباً في تدفق الإرهابيين واللصوص وقطاع الطرق الذين عاثوا الفساد في تلك المجتمعات، وكان من نتائجه فقدان الأمن والأستقرار وإنتشار الفوضى والتدخل الخارجي في شؤون الداخلية لتلك الدول. هذا الربيع وبحجة تغيير الأنظمة جلب ووفر البيئة الحاضنة لكل سارق ومجرم ولكل خارج عن القانون، فأصبح هذا الربيع المؤى الآمن لهذه المجاميع الإرهابية، وأسوء مافي هذه المعادلة هو أن البعض من القوى الدولية والاقليمية ووسائل الإعلام تصف هؤلاء بالثوار، ولا أدري هل من شيم الثورة: القتل والنهب وسرقة الممتلكات العامة والخاصة وبيعها لدول الجوار كما تقوم به هذا المجاميع، حيث تسرق وتنهب كل مايقع تحت يديها وتبيعها لدولة التركية.

هذا الربيع جعل من ساحة دوله مسرح لصراع الإيديولوجيات والمصالح، فتصادمت مصالح القوى الكبرى والاقليمية على أرض هذه الدول، فبدأت تتصارع فيما بينها وطبعاً شعوب المنطقة هي من تدفع فاتورة ذلك، في هذه المعمعة يعيش الشعب الكردي باجزائه الأربعة، وأن قلنا بأن الشعب الكردي في كردستان العراق يعيش حكمه الذاتي ويتمتع بكامل الحقوق والحريات، إلا أن الكرد في بقية المناطق الواقعة تحت الأحتلال الإيراني والسوري والتركي يعيش حالة هضم الحقوق وإنعدام الحريات، ويزج به في السجون بدون محاكماة والإعتقالات التعسفية مستمرة.

بعد ما آلت اليه الأمور في سوريا، حيث عدم الأستقرار وإنتشار الفوضى وأنعدام الأمن، توافد الإرهابيين إلى الأرض السورية وظهور الكثير من التنظيمات الإرهابية على شاكلة داعش وجبهة النصرة الذين يقومون بشتى أنواع الأجرام بحق البشرية فلايتوانون عن قتل الطفل والمسن وإغتصاب النساء، فكل شئ عندهم مباح وحلال، وليس هذا فقط فالللهم وحسب معتقدهم يكافئهم على جرمهم هذا ويوعدهم بالجنة الفردوس والفوز بالحوريات الأربعين، ويحلل لهم ممتلكات غيرهم.

نعم ظهر تنظيم داعش الإرهابي وتلقى ومازال العتاد والسلاح والمال من القوى الاقليمية والدولية، فالكل يحقق أجنداته من خلال هذا التنيظم الإرهابي، والكل يعلم بأن الدولة التركية هي الممر الأساسي لتوافد هؤلاء إلى الأرض السورية والعراقية، وبعد تمدد هذا التنظيم وتجاوزه لحدود المرسومة له، شكلت الولايات المتحدة الأمريكية حلفاً من أجل محاربة هذا التنظيم، نعم يقوم هذا التحالف بمحاربة داعش وبشهادة الكثير من المحللين السياسيين أن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لاتريد القضاء على داعش، لذا نراها تغض النظر عن ماتقوم به الحكومة التركية في مساعدة عناصر هذا التنظيم، حيث تقوم بمداواة جرحى التنظيم وتسمح بمرروهم إلى سوريا وتمنحهم جوازات السفر. نتيجة كل ذلك قام الشعب الكردي وبالإتفاق مع مكونات المنطقة بتشكيل اللجان الشعبية وكونت قوات الحماية الشعبية من الرجال والنساء من أجل الدفاع عن مناطقهم وشكلوا كانتونات من أجل أدارة أمور المواطنين في هذه المناطق، إلاأن الحكومة التركية لم يحلو لها ذلك، وكرهت أن يحصل الشعب الكردي على حقوقه كغيره من أبناء البشر، فكان دعمها العلني لتنظيم داعش الإرهابي على مرآة من العالم الذي لم يحرك ساكناً، ولم تشارك قوات التحالف في ضرب داعش ولم تسمح لطائرات التحالف بأستخدام مطاراتها. ولكن ومنذ ثلاثة أيام تقوم القوات التركية بقصف مواقع لداعش في سوريا، وفي نفس الوقت تهاجم مقرات حزب العمال الكردستاني، هذا القصف كان بعد زيارة باراك أوباما لتركية، حيث كان الهدف من الزيارة هوحث الدولة التركية على مشاركة قوات التحالف في ضرب داعش وضبط الحدود مع سوريا لمنع تدفق الإرهابيين إليها، ويبدو أن شرط أردوغان كان هو قيامه بقصف مواقع العمال الكردستاني وقصف داعش في نفس الوقت ويبدو أنه حصل على الضوء الأخضر من السيد الأمريكي.

طبعاً لايرتاح أردوغان وحكومته من الإنجازات التي تحققها قوات الحماية الشعبية الكردية، ولايحلو له أن ينهزم داعش، ولايحلو له أن يحصل الشعب الكردي على حقوقه وينال حرياته، وهنا نقول لاردوغان وكل من يقف الموقف المعادي من الشعب الكردي: أن ظلمكم وعدوانكم لن يزيد الشعب الكردي إلاقوة وعنفوان والاصرار على حصول على الحقوق ونيل الحريات.

زر الذهاب إلى الأعلى