المجتمع

مهنة الاسكافي بين الحاضر والماضي

?????????????
?????????????
?????????????
?????????????
?????????????
?????????????

تقرير: حسينة عنتر

كثيرمن المهن قيل فيها بعض الأمثال الشعبية للفكاهه والترويح عن النفس، وما يقال عن النجار بأن بابه مخلوع والاسكافي حافي، لهما مثلين متداولين باللغة العامية وبين أغلبية شعوب المنطقة. وللتعريف بمهنة الاسكافي بشكل عام نقول: تعرف المهنة في الثقافات الشعبية بأشكال مختلفة، فثمة قصص شعبية كثيرة عن صانعي الأحذية ومصلحيها ولو لاحظنا وتعمقنا في الاطلاع على هذ المهنة، لوجدنا أنها مهنة نبيلة وتعتبر من أقدم المهن التي مورست في التاريخ،  وإذا تعمقنا فيها من حيث المعني والمصدر فمعنى السكاف لغة جمع أساكِفَه و المفرد منه إسكاف أي صانع الاحذية ومصلحها، وبالعامية أيضاً هناك الجزمجي وهو من أمتهن صناعة الاحذية و الجزم. هذا وسنتطرق إلى هذ المهنة في القرن الواحد والعشرين وخاصة في هذه الأيام والأوضاع الراهنة التي تمر بها المنطقة والصراع الدائربين القوى أومختلف الدول على الأرض السورية، ووضع المهنة من خلالها في سورية عموماً وفي روج آفا بشكل خاص، ولا سيما في هذا الحصار الذي انهك أكثر الأهالي بسبب الغلاء الفاحش والاسعار الجنونية للسلع المستهلكة وفي ظل فقدان أكثر المواد من الأسواق، مما جعل أكثر السكان في المقاطعة يحتفظ بما لديه من احتياجات والملبوسات وخاصة الأحذية، فكلما اصبحت عتيقة بادر صاحبها إلى الاسكافي محاولاً منه إصلاحها لإعادتها إلى سابق رونقها أو لتصبح شبه جديدة على الأقل. وبهذا الصدد أجرت صحيفة الاتحاد الديمقراطي لقاءاً مع بعض أصحاب ومزاولي هذه المهنة، ومنهم المدعو ياسر أبو عمار الذي تكلم عن مهنته فقال: بأنها مهنه جيدة تدر عليه دخلاً ثابتاً من المال يعينه على الظروف المعيشية القاسية والصعبة في هذه الأيام، ويتابع أبو عمارالحديث ويذكر، بأن مهنته متعبة وتحتاج إلى المزيد من الجهد والوقت والدقة، كون العمل في أساسه يدوي ويتطلب الانتباه والدقة، ويقول أبو عمار، في بادىء الأمر كنا نقوم بالعمل يدوياً بواسطة الإبرة والخيط  وكنا نستخدم إطارات الشاحنات والسيارات غير الصالحة للاستعمال، وكنا نستخدمها لصنع نعال الأحذية والصنادل لأنها كانت متينة تتناسب ظروف البيئة، وفيما بعد دخلت الآلة إلى مهنتنا أي آلة حياكة الأحذية واصلاحها، كما كانت تستخدم لاصلاح الحقائب والقماش السميك، وكانت تدار هذه الآلة يدوياً فيمكن تدويرها يدوياً بأي اتجاه ما يساعد على تغيير اتجاه المادة التي يتم العمل عليها، وهناك من الزبائن من يفضل تصليح حذائه باستخدام المسامير الصغيرة عوضاً عن الخياطة، وفي الوقت الراهن أصبحت هذه المهنة مزدهرة أكثر من أي وقت مضى بسبب الظروف الراهنة وما يعيشه المواطن من ظروف صعبة، وارتفعت أسعار الأحذية الجديدة بشكل غير معقول حيث لم يعد بمقدور الكثير من الناس شراء الأحذية الجديدة لذلك يلجؤون إلى شراء الأحذية المستعملة أو تصليح الأحذية القديمة لديهم، كما وأجرت الصحيفة لقاء مع مزاول أخر لهذه المهنة وهوجلال أبو علي والذي تحدث إلينا قائلاً: تعد مهنة تصليح الاحذية من المهن القديمة في المنطقة ويوجد هنا العديد من أصحاب هذه المهنة، وكذلك هناك العديد من المحال التي افتتحت لتمارس هذه المهنة، ويقول أبو علي إنني أزوال هذه المهنة منذ أكثر من عشرين سنة بشكل متواصل دون كلل أو ملل، وأشعر بالسعادة لأنني أحس دائماً بتقديم نوع من الخدمة للمواطن من خلال إعادة حذائه أو حقيبته إلى شكلها الطبيعي، بل يعود هذا الحذاء بعد تصليحه وكأنه جديد تماماً، ويظن من يراه كأن صاحبه اشتراه لتوه، وتزداد فرحتي أضعافاً عند تصليح كل حذاء لأنني أشعر بأني قدمت حينها خدمة ولو بسيطة للمواطن ووفرت عليه مبلغاً من المال حتى ولو كان قليلاً. ومن ثم يضيف أبو علي، بأن مهنة الاسكافي تعتبر مهنة شاقة ومتعبة إلى حدٍ ما لأنها تحتاج إلى الحذر والدقة والانتباه الشديد كي يستطيع الشخص استعمال الحذاء المهترىء من جديد، ويتابع أبو علي القول، بأن العمل في في بداية الأمر كان يدوياً وبدائياً بواسطة الخيط والابرة والشمع،  ومع دخول المكنات الحديثة اصبح العمل أكثر سهولة نوعاً ما ولم يعد عمله يقتصر على تصليح الأحذية فقط بل يقوم بالإضافة إلى ذلك بخياطة وتصليح كافة أنواع الحقائب اليدوية وحقائب السفر، وأن محله يضم كافة المستلزمات الضرورية التي تتعلق بهذه المهنة، من الأصبغة والأربطة ومختلف مستلزمات الأحذية، ويضيف ابو علي، بأن زبائنه لا يقتصرون على فئة معينه من الشعب وذوي الدخل المحدود من الناس، وإنما هم من كافة شرائح المجتمع. ولا بد من تذكير القاريء بأن أول آلة صنعت لتصليح الأحذية كانت في الصين واستخدمت على أرصفة طرقات منطقة هايكو بمقاطعة هيتان في الصين. وفي النهاية تعتبر مهنة الاسكافي مهنة مفيدة للمجتمع ولا سيما في هذه الاوقات التي أصبح ثمن الحذاء الواحد يعادل نصف الراتب الشهري للمواطن، ولم يبق أمامه سوى الاهتمام بحذائه وإن تمزقت يحاول تصليحها من جديد فيعود له الأمل والابتسامة وخصوصاً الاطفال الذين لا يستطيع آباؤهم شراء أحذية جديد لهم أول الشهر ولكنهم يتفاجؤون بأن أحذيتهم القديمة عادت وكأنها حذاء جديد. وبهذا تدخل الفرحة صدورالأطفال والراحة إلى قلوب الآباء، ولربما يقنع الوالد نفسه بأنه وفي هذه الحال أدى واجبه تجاه ابنه عندما وعده بأنه سيشتري له حذاءاً جديداً، ولكنه وفر مبلغاً من المال ليشتري به حاجة أخرى من حاجات اسرته في إطار هذا الغلاء والارتفاع غير المعقول للمواد من كافة الأنواع.

زر الذهاب إلى الأعلى