مقالات

متى نحضر جنيف؟

آلدار خليل
يزداد التصدع يوماً بعد يوم في إنتاج حل وطني سوري، سيّما أن الأزمة اليوم مقبلة على دخول عامها السابع وكلما تأخر الحل الديمقراطي زاد الوضع تعقيداً، وكُلُّ عِلْمِي أنَّ أزمة سوريا لها حلٌّ وحيدٌ، وهو الحل الذي يقرره السوريون وفق انتماءاتهم لسوريا وحقيقتها المتنوعة، ومن هذه الأرضية لابد أن ينتج الحل لا بل تنتج عنه قضايا قابلة للاستمرار وفق سياق وطني ملبٍّ لرغبة السوريين على ألا يكون الحل آنياً مقبلاً على فورة شعبية بعد سنوات، لأن التغييرات الآنية في الهيكل لا تعد تغييراً، إذ نعلم جميعاً أن المعارضة التي تظهر اليوم في جنيف٤ كمفاوض لوفد النظام السوري، لم تمتلك قدرة اتخاذ القرار في أن تكون موجودة بقناعة السوريين.
فقد فشلت بأداء مهامها الوطنية وكما يبدو اليوم مع المزيد من الصراع بين منصات المعارضة التي شاركنا في وقت من الأوقات بتأسيسها، تؤكد على قبول تلك المعارضة البقاء على حالتها تلك.
من يسمون أنفسهم بالمعارضة السورية يفتقرون في رؤيتهم إلى دواعي ودوافع الثورة التي انطلقت في سوريا، كما أنهم يبتعدون كل يوم بأميال عن الشارع السوري والدليل قيامهم بطرح حلول تتمحور في إعادة انتاج النظام بصيغة جديدة تماماً بترميم قوانين النظام البعثي بمراسيم فحواها زيادة القوة في العنصر الخاضع للتغيير شكلاً، اليوم لا تمتلك المعارضات أية رؤية من صميم الحاجة والواقع السوري، فتحولت إلى نواقل مُشَغَّلة من قبل أطراف إقليمية ودولية تتصارع اليوم على سوريا منذ زمن بعيد، مع تعقيد وتشابك كبير للأزمة السورية مع أزمات المنطقة، فالحل في سوريا بات يمثل الاستقرار للمنطقة، واللاحل سيكون مزيداً من التعقيد لعموم المنطقة.
رؤيتنا التي باتت في كل يوم تتأكد في أنَّ الحل بطريقة الخطوط الملتوية غير مجد، إذ لا يمكن لأي حل أن يبصر النور اعتماداً على الذهنية التي مازالت تصدر الحل وتعمل على فرضه على السوريين، فما الفرق بين فرض حل غير ملبٍّ لحاجة السوريين وبين الذهنية التي حكم بها نظام البعث لعقود بواقع مفروض؟
نؤمن بالمعارضة الديمقراطية وفق آليات تؤدي إلى التحول والتغيير الديمقراطي في سوريا، معارضة ترتقي إلى مستوى التضحيات ضد الإرهاب والحكم، معارضة تؤمن بأن الكل يتكون من الأجزاء ولا وجود للكل دون وجود الأجزاء، فالصيغة المركزية لأي نظام حكم في سوريا والمنطقة برمتها، لم ولن يلبي الحاجة في سوريا جديدة، إذ أنَّ الإدارات الذاتية الديمقراطية – شكلت الفيدرالية الديمقراطية على أساس وحدة الجغرافية وتمثيل إرادة شعب سوريا، مشاريع حل تبحث عن تعديل الشكل التقليدي إلى الملائم للتغيير، وكذلك تضمن انتقالها إلى مكمن التغيير مع التأكيد بعدم رجوعها إلى الاستبداد، مهمة التغيير هذه، كانت أصعب المهمات، فعلاوة على ظهور أشد التنظيمات الإرهابية التي وجهت تعنيفها وحقدها وفكرها التكفيري على مشروع الحل الديمقراطي، رافق ذلك تطابق بين الأغلبية الساحقة للمتصارعين، وأحدثت وفق ذلك شذوذاً في قاعدة الصراع المتعارف عليها في التاريخ، الفكرة ونقيضها، السلطة والمعارضة، إلّا أنه في الشأن السوري، كان التطابق في رفض المشروع بين أطراف الصراع الداخلي، وأطراف الصراع الخارجي المزمنة كبيراً، إلى درجة يستعصي على المتابع أو حتى على السوري أن يلاحظ الفرق، بلْ اختلاط، مَنْ منهما المعارضة، ومن السلطة؟ هذا التطابق يؤكد على أن الأزمة السورية، تتأزم وتتعمق بشكل مريب، طالما أن قطبي الصراع، هما بالأساس قطب واحد، بعنوان واحد: ضد التغيير، ضد الديمقراطية.
سنحضر جنيف؛ فقط، حينما تكون المبادرة بيدنا ضمن وفد المعارضة، مستندين في ذلك إلى برامجنا ومشروعنا الديمقراطي الذي يمثل اليوم ومستقبلاً معادلة الحل للأزمة السورية ونقولها بصراحة عيوننا ليست مشدودة فقط على روج آفا وشمال سوريا، وليست فقط على شمال شرقها أو شرقها، إنما على كل شبر في سوريا، من قامشلو إلى حوران مروراً بدمشق. ونعلنها منذ الآن أن من سيقود عملية التغيير في سوريا المستقبل هم الكرد وشركاؤهم بما يمتلكون من مشروع ديمقراطي، وهذا بحد ذاته اختبار لماهية سوريا كهوية تعددية، وللكرد كسوريين بوصفهم جزءاً سورياً يسعى إلى الحل الوطني، لا أقل ولا أكثر.

زاوية فواصل/ صحيفة روناهي

زر الذهاب إلى الأعلى