الأخبارمانشيت

ما مدى عُمق التورّط التركيّ في سنجار؟

albarzani shengal turkiyaطَوَّرتْ تركيا علاقاتٍ غير متوقّعة في السنواتِ الأخيرة مع بعضِ من جيرانها بسبب السياسة الخارجيّة المتهورة، فقد بدأتْ بمعاملة وجهاء الكُرد القادمين من كردستان العراق كقادة مسؤولين.

وفقاً للقنصل العام التركي السابق في إربيل (أيدين سيلسن): عندما اعتاد رئيس حكومة إقليم كردستان “مسعود بارزاني” الذهابَ إلى تركيا، كان يُستقبل في اسطنبول وليس في  العاصمة أنقرة، ولم تكنِ الاجتماعاتُ تُعقَدُ في القصور، ولكن في مواقع أقلّ إثارة للإعجاب، حيث لم  يكن يَبرزُ العلم الكردستاني أبداً. وتُعقدُ الاجتماعات باللغة العربية وليست بالكردية، لإعطاء انطباع بأن الاجتماعات كانت غير رسمية، ولم يرتدِ أحدٌ ربطات العنق الرسمية. باختصار؛  كان يتم القيام بكل شيء لمنع الاجتماعات من أن تفسَّر على أنها اهتمامٌ خاصّ  بكردستان.

في الوقت الحالي يتمّ استقبالُ البارزاني كزعيم دولة محترمة، ويُرفع علمُ كردستانَ بجانب العلم التركي، خلال زيارته الأخيرة في 27 فبراير.

 طُبعت قائمة الاستقبال الرسمية في أنقرة باللغة الكردية. في حين تلتزم تركيا بولعها القتالي مع الكرد داخلَ وخارجَ البلاد، وتقومُ علاقاتها مع البارزاني على المصالح الاقتصادية مثل النفط، ومخطط تركيا على تحريض الكرد ضدّ الكرد.

 لبعضٍ من الوقت قد حثّ  البارزاني في سياسة الموازنة بين الحزب السياسي القيادي في روج آفا، حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وذراعها العسكري وحدات حماية الشعب YPG، مع الموالية للبارزاني، المجلس الوطني الكردي في سوريا KNC  وبيشمركة روج من كردستان السورية، وتتوقع تركيا من البارزاني الإطاحةَ بحزب العمال الكردستاني PKK المحظور من مدينة شنكال (سنجار). وتخشى من تحويل حزب العمال الكردستاني سنجار إلى قاعدة عمليات لتسهيل المنفَذ  بين سوريا والعراق.

وبعد آخر زيارة للبارزاني لتركيا نُظمّت من قبل البرزاني حزب ديمقراطي كردستاني KDP  للكرد السوريين تحت اسم “بشمركة روج” وأُرسلت إلى سنجار في 2 أذار .

وحدات المقاومة للكرد الإيزيديين في سنجار YBS في العراق، والتي تدّربت على يد حزب العمال الكردستاني PKK، لم تسمح لـ KDP بالدخول. واندلعت على إثرها اشتباكاتٌ أدّت إلى حدوث إصابات من كلي الجانبين.

ووفقاً للمعلومات المقدمة إلى المونيتور من قبل الصحفي (علي داجلي) الذي كان في سنجار: اندلعَ التوترُ عندما بدأت الجبهةُ التي بعثت بيشمركة روج وقامت بحفر الخنادق بين خانه سور وسنون، وحاولت مجموعةٌ من النساء المحليات إيقافَ الآلات المدرّعة العسكرية، وقالت امرأة غاضبة:” بأنهم لا يثقون بالبيشمركة، وسألت: لماذا كانوا يحفرون في الأماكن التي لم تعد العناصرُ الإرهابية ISIS موجودة فيها؟، لماذا لم ينضموا إلى الخطوط الأمامية للقتال من أجل الموصل عوضاً عن هذا؟”.

تحوّل التوترُ إلى اشتباكات في 3 آذار، وتم ترتيب وقف إطلاق النار في غضون ساعات، ولكن استمرّ التوتر خلال وقف إطلاق النار. أحضرت البيشمركة مزيداً من عربات النقل، وزادت قوتها إلى نحو 500 مقاتل.

وفي المقابل تقومُ وحداتُ حماية شنكال YBS بتفسير التعزيزات العسكرية كاستعداد للمعركة، وقالت لبيشمركة روج:” إنهم لن يسمحوا لهم بالمرور”.

قال داجلي:” إن “بيشمركة روج تريد الاستيلاءَ على خانه سور وجعلها قاعدة لأنفسهم، وقطع الصلة بين سنجار وحدود كردستان السورية”.

في وسط مدينة سنجار، وفي سنون يحافظ الـ YBS على نقاط التفتيش تماماً كما تفعل قوات البيشمركة العراقية. والـ YBS تسيطر على خانه سور التي تقع  بين سنجار وسنون. حيث يوجد مشاركة صغيرة من الشرطة العراقية، وكتيبتين من الميليشيا الشيعية (وحدات التجنيد الشعبية) بالقرب من قرية تابعة للعرب (ماديبا) حيثُ يوجدُ حوالي 100-130 مقاتل من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وهم قوات الدفاع الشعبي HPG لدعم YBS في سنجار. والطريق إلى خانه سور مهم لتوفير اتصال بين سنجار وإقليم روج آفا.

وتعتقد مصادر محلية أنه هناك قوتان مع بيشمركة روج! وهم قوات البيشمركة العراقية وأفراد المخابرات التركية.

” الكثرة من الإيزيديين ممتنون للـ YPG و الـ HPG، والكثير منهم لا يثقون بالحزب الديمقراطي الكردستاني بعد الآن، بعد ما حدث في عام 2014، “عندما قتل الآلاف من اليزيديين على يد داعش، بعد أن تخلى عنهم الحزب الديمقراطي الكردستاني المزعوم “.

 وأيضاً يشعرون بعدم الارتياح مع ميول البيشمركة السنية. ولكن البعض منهم تعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني لأسباب مالية أو سياسية. وعلاوة على ذلك، هناك وحدة إيزيدية بإدارة قاسم ششو التي يدعمها الحزب الديمقراطي الكردستاني KDP. يحرضون الـ YBS عن طريقِ طرحِ ما يفعله كرد تركيا في سنجار. وقال باريز لصحيفة  المونيتور:” نسبة غير اليزيديين في الـ YBS ليست أكثر من 5٪ “.

وأضاف: “لقد جاء بعضٌ منهم من أماكن مثل (هانوفر) المدينة الألمانية، لكنهم في الأصل من سنجار. في عام 2014 عاد مئات من الأيزيديين إلى سنجار للدفاع عن وطنهم، وانضموا إلى قوات الدفاع عن النفس. لذلك لا يمكنك ببساطة طردهم وإرسالهم بعيداً،

والبعض منهم أتوا من مدن في جنوب كردستان، واعترفت الحكومة العراقية المركزية بهم كقوة قانونية، وبدأت تدفع لهم رواتب، وهناك الآن حوالي 3500 مقاتل. ولكل يزيدي حق في الدفاع عن أرضه. والخلاف هنا هو إن مع مساعدة قوات الدفاع الذاتي والعناصر الموالية لحزب العمال الكردستاني، وعبد الله أوجلان المسجون في سجن إيمرالي التركي. يقول خصومهم:” لا يوجد مكان لمؤيدي إيديولوجية آبو على هذه الأرض”.

وفي الكثير من الأحيان يعلن البرزاني أنه لن يسمح بالاقتتال الداخلي بين الكرد. فكان إرسال بيشمركة روج بدلاً من قوات البيشمركة العراقية إلى سنجار خدعة بحدّ ذاتها، حيث أدى حتماً إلى القتال بين اليزيديين المؤيدين لـ آبو والكرد السوريين. ويقول البعض:” البارزاني باستخدامه هذا التكتيك يمكن أن يدعي أنه حافظ على وعده على منع الاشتباكات المميتة، في حين منع الحزب الديمقراطي الكردستاني التابع له من التورط. لكن بيشمركة روج لا ينكرون تلقي أوامرهم مباشرة من البارزاني وقيادة البيشمركة العامة.

وقال باريز:” في هذا الوضع دعم الحزب الديمقراطي الكردستاني تحدي بعض اليزيديين لحزب العمال الكردستاني. ولم يتبنى الحزب الديمقراطي الكردستاني اليزيديين بسبب إيمانهم، وعدم شعورهم بالأمان تجاههم. إذا تم تقسيم اليزيديين، عندئذ، هيمنة الحزب الديمقراطي الكردستاني ستكون أسهل. لا أريد أن أرفض الاتهامات التي تقول بأن تركيا  كانت مؤثراً على الوضع الراهن في شنكال. وتعصب البارزاني لا يقتصر على وجود حزب العمال الكردستاني، وأيضاً تعصبه ضد اليزيديين الذين يدافعون عن أنفسهم وتطلعاتهم لهيكل مستقل. ولا يشارك الحزب الديمقراطي الكردستاني KDP أي من الآلام والإصابات، ولا يستمعون إلى أي من مناشداتنا. حتى اليوم إنهم لا يستمعون لنا. وأيُّ شخص يفضل جحافل الوحشية مثل داعش ISIS على الكرد اليزيديين، ويهاجم وطننا سوف يكون دائماً ملعوناً من اليزيديين”.

في عام 2014 عندما تولى حزب العمال الكردستاني حماية الايزيديين بعد انسحاب قوات بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني من ساحة المعركة ضد داعش، على حين غرة، أصبح المؤيدون لأيديولوجية ( آبو ) الجيشَ الأبرزَ والكيان السياسي في المنطقة، والـ  HPGالذي هو جناح حزب العمال الكردستاني العسكري، من خلال حصر داعش في جبل سنجار، والـ YPG من خلال فتح ممر من سوريا إلى سنجار حافظ عملياً على اليزيديين. في حين أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يمكنه التعافي من فقدانه للمصداقية.

نظمت الـ HPG اليزيديين، وساعدتهم على إعداد الـ YBS.  ورغم أن قوات البيشمركة عادت في نهاية المطاف، وفقدت العديد من مقاتليها الذين يقاتلون داعش، ولا يزال اليزيديين موالين لحزب العمال الكردستاني.

أما بالنسبة لأهمية تركيا في التطورات في سنجار، تظل وسائل الإعلام الموالية لحزب العمال الكردستاني تقول:” إن الهجوم ضدّ سنجارَ كان مخططاً من قبل تركيا وبيشمركة روج”. كما يقولون:” كانوا في الواقع أعضاء منظمة الاستخبارات الوطنية التركية”.

الإعلانات المستمرة من قبل القادة الأتراك بأنهم لا يسمحون لسنجار لتصبح (قنديل) ثانية،  “المقر الكردي الرئيسي في جبال قنديل في شمال العراق”.

 ينوهون بطبيعة الحال بهذا القول تأكيد الدور التركي.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، تتحدث إلى وسائل الإعلام التركية، لا تزال أنقرة تتعاون مع أربيل (عاصمة كردستان العراق) ضد وجود حزب العمال الكردستاني في سنجار ومخمور في العراق، وسوف تتدخل تركيا عندما يحين الوقت.

 وعندما تنتهي عمليةُ الموصل، عندئذ قوات البيشمركة ستكون قادرة على نقل المقاتلين الذين تم تدريبهم بكوادر تركية إلى سنجار ومخمور. ويتذرعون بأن الحكومة الكردية طلبت مساعدتهم.

في ديسمبر أعلن نائبُ رئيس الوزراء التركي (فيسي كايناك) “لن نسمح أبداً بقنديل جديدة في الظهور في سنجار”. “وأكبر أمل لدينا هو نجاح البارزاني، ولكن إذا لم يحدث ذلك فإننا سوف نفعل كل ما هو ضروري بوجود الجيش التركي”.

إن العمل العسكري ضد سنجار لن يكون سهلاً، لأن المدينة تفتقر إلى حدود واضحة من الناحية العسكرية، ويمكن أن تؤدي إلى أسوأ من ذلك، كصراع أكثر دموية بين الكرد. فحكومة بغداد ترى أيضاً أن مثل هذا الإجراء هو هجوم.

الولايات المتحدة وروسيا لا تريدان للكرد أن يتقاتلوا فيما بينهم، على الأقل بوجود تهديد داعش. وقد تم ترتيب وقف إطلاق النار في سنجار من قبل الولايات المتحدة. الحكومةُ المركزية العراقية غيرُ راضية عن التطلعات الكردية للاستيلاء على أكثر الأراضي المتنازع عليها، وبالتالي دعمها للـ YBS. أما بغداد والتي قطعت رواتبَ قوات اليزيدية العام الماضي، استأنفت المدفوعات بسبب احتجاجات تركيا، التي لا تريد اليزيديين أن يكونوا خاضعين للحزب العمال الكردستاني.

 إن معاناة  اليزيديين علاوة على المجازر وبيع النساء اليزيديات في أسواق النخاسة ينعكس صداها في جميع أنحاء العالم، و تتقاطرُ المساعدات الأولى الأوروبية للـ YBS ، وبعث عضو واحد في الاتحاد الأوروبي لقوات الدفاع الذاتي اليزيدي 5000 زياً عسكرياً. ولن يكون سهلاً إنهاء الصراع بين حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني لكثيرٍ من الناس، وإن تجنّبَ إراقة الدماء سوف يعتبر قصّة نجاح كافية.

ترجمة وتحرير: المركز الإعلامي لحزب الاتحاد الديمقراطي

زر الذهاب إلى الأعلى