مقالات

لِصِناعةِ الطاعةِ العمياءْ … تحتاجُ إلى الحقدِ والغباءْ

riyad-yousfرياض يوسف

أبجديةُ الغباء – صناعةُ الغباء

لِتُكَوِّنَ عدواً لشخصٍ معينٍ أو لمجموعةٍ معينةٍ أو حتى لدولةٍ أو منظومةٍ عليكَ فقط أن تستغلَّ عاطفةَ وعوزَ وحاجةَ من تُريدُ أن تُجندهُ أو من تتحكم فيه، أو من يحملُ الحقدَ اتجاهه. ولهذهِ الغايةِ بالذات سيكونُ هذا الاختبارُ بمثابةِ الأبجديةِ الناشئةِ لصنعِ الغباء، وبالتالي العداوة والكره. حيثُ قام مجموعةٌ من العلماءِ بوضعِ 5 أشخاص في مكانٍ واحدٍ، ووضعوا سلماً وقالوا لهم إن في أعلى هذا السُلم بعضُ النقودِ دون أن يريهم النقود، ومن يحصلُ عليها يكون قد نالَ مكسباً، وحَصَلَ على بعضِ المالِ لقادم الأيام، وفي كلِّ مرةٍ يصعدُ أحدُ الأشخاصِ لأخذِ النقودِ يَرشُ العلماءُ باقي الأشخاصَ بالماءِ الباردِ ليكونَ نهاراً بارداً في انتظارهِ دونَ الحصولِ على شيٍ للتدفئة. بعدَ فترةٍ بسيطةٍ من الزمنِ أصبحَ كلُّ شخصٍ يتطلعُ لأخذِ النقودِ والفوزِ بها, حينما يقومُ الباقونَ بمنعهِ، وضربهِ حتى لا يُرَشَّونَ بالماءِ الباردِ كَرَدٍّ على صعودهِ السُلَّم.

 بعدَ مدةٍ من الوقتِ لم يعد يجرؤ أيُّ شخصٍ على صعودِ السُلمِ لأخذِ النقودِ على الرغمِ من كل الإغراءاتِ خوفاً من الضرب، بعدها قررَ العلماءُ أن يقوموا بتبديلِ أحدِ الأشخاصِ الخمسةِ ويضعوا مكانهُ شخصاً جديداً، بعد أن يخبروهُ ماذا يوجدُ في أعلى السلم الذي يتوسط الغرفة، فأولُ شيءٍ يقومُ بهِ الشخصُ الجديدُ أنهُ يصعدُ السلمَ ليأخذَ النقود، ولكن فوراً الأربعةُ الباقون من الأشخاص يضربونهُ ويجبرونهُ على النزول … بعدَ عدةِ مراتٍ من الضربِ يفهمُ الشخصُ الجديدُ بأن عليهِ أن لا يصعدَ السلمَ مع أنهُ لا يدري ما السبب!.

قامَ العلماءُ أيضاً بتبديلِ أحدِ الأشخاصِ القُدامى بشخصٍ جديد، وحل به ما حل بالشخصِ البديلِ الأول، حتى أنَّ الشخصِ البديلِ الأول شاركَ زملائهُ بالضربِ وهوَّ لا يدريّ لماذا يَضرب!

وهكذا حتى تمَّ تبديلُ جميعِ الأشخاصِ الخمسةِ الأوائل بأشخاصٍ جُدد، حتى صارَ في الغرفةِ خمسةُ أشخاصٍ لم يُرش عليهم ماءً بارداً أبداً، ومع ذلكَ يضربونَ أيَّ شخصٍ تَسَوَلَ لهُ نفسهُ صعودَ السُلَّمِ بدونِ أن يعرفوا ما السبب!!

لو فرضنا … وسألنا الأشخاصَ الخمسةَ الذين اسْتُبْدِلوا لماذا يضربونَ الشخصَ الذي يصعدُ السلم؟

أكيد سيكونُ الجوابُ: لا ندري ولكن وجدنا من قبلنا هكذا!!

عملياً هذا ما يُطبقهُ البعضُ في حياتهِ اليوميةِ بغيةِ ضربِ بعضِ المكتسباتِ وتنفيذِ أجندةِ الغيرِ بغرضِ الهيمنةِ على الأرضِ حسبَ ظنهم، وهذا ما حصل بالضبط قبل أيامٍ عندما حاولَ بعضُ المرتزقةِ التابعينَ للدولةِ التركيةِ وبعض الأحزاب الكردية ممن تم تهجينهم وتدريبهم، وزرعُ الحقدَ في قلوبهم، بعد أن تم تلقينهم على بعضِ الأكاذيبِ التي لا تمتُّ الواقعَ بِصِلة، من خلال بروبغندا لعبوها بدعمٍ من الدولة التركية، ومن خلالِ اتباعِ ديماغوجية خبيثة تلعبُ على عواطف بعض المواطنين، وخلقِ أكاذيبَ وتخويفهم منها. من خلالِ تجييشِ بعضِ وسائلِ الإعلامِ التي تدعي الكردايتية، لتلعبَ الدورَ الأبرزَ في انجاحِ هذهِ الديماغوجية لتنفيذ تلك الأجندات القذرة، وضربِ تلكَ القوى التي تشكلت بعد التهديدِ المُباشرِ عليهم بغرضِ إبادتهم، والتي تشكلت للحيلولةِ دونَ إعادة تلكَ الحقبةِ من الأيام، وكذلكَ الأطرافَ التي تعملُ من أجلِ مصلحةِ سكانِ تلكَ المنطقة، والتي لعبتْ الدورَ الرياديَّ في تحريرهم وتخليصهم من أيادي برابرة العصر، من يد تنظيم داعش الإرهابيَّ الذي حاولَ إبادتهم، والقضاءَ عليهم، وما زال يُهددهم ويهددَ العالمَ بأسره.

 الشعبُ الأيزيدي لم ولن ينسى ما تعرضَ لهُ من خيانةٍ من قبل البيشمركة والأسايش الذين تركوهم في أرض شنكال للمصير الأسود الذي رُسِمَ لهم ( وليس المصير الأسود المكتوب لهم ). خاصةً وقد تركوا وفروا هاربينَ من تلك المناطق أثناء أولِ تهديدٍ جديٍ على أرواحهم، وأرواح أطفالهم، وعلى أرضهم التاريخية وكذلك على أعراضهم. لن ينسى الايزيديين من خططَ ضدهم، ومن باعهم، ومن أخذَ نسائهمْ وفتياتهمْ كسبايا.

الشعبُ الأيزيدي لن يسلمَ حياتهُ وأمنهُ وعرضهُ مرةً ثانيةً لمن خانه. ويجبُ على من خانه في وقتِ الضيقِ والحاجةِ إن لا يعودَ مرةً ثانيةً لتلكَ الأرض بحجةِ الحمايةِ والأخويةِ، والتذرعِ بتخليصهم من الأخطارِ المحدقةِ حسبَ زعمهم، يجب إن لا يعودوا بالمئاتِ من المرتزقةِ ممن كانوا في فترةٍ من الزمنِ يتدربونَ في معسكراتِ الميتِ التركيّ، ويتعرضونَ للماءِ الباردِ في غرفِ الاختبارِ وإعادةِ التأهيل، فقط لمجردِ تسلقهِ السلمَ لنيلِ بعض النقود للعيش بكرامة، فقد قاموا بصنع الغباء فيهم بإتقان، وكذلكَ زرعُ الحقدِ الكافيِّ في قلوبهم ليدفعهم بمواجهةِ من حمى الحصن الذي تركوهُ في يومٍ ما غيرَ آبهينَ بما يحصلُ لهم. ليوفروا لهمُّ المالَ مقابلَ تنفيذِ ما تمَّ تدريبهم لأجلهِ في تلكَ الغُرف.

زر الذهاب إلى الأعلى