المجتمع

قامشلو وكاميرتي أغلى شيء في حياتي

kerikor-kivorkiyanلم تكن مهنةُ التصوير يوماً سهلةً, فغالباً ما نشاهد صوراً مذهلة ورائعة ونتساءل من هو المبدع صاحبُ تلك الصور, ومع ذلك هناك وضعيات وزوايا لطيفة تُظهر إبداعهم وتفانيهم في التقاط أجمل الصور واللقطات. يقولُ هواية التصوير كانت حلمي الذي يراودني دائماً منذ كنت صغيراً, فالتصوير الاحترافي هو أنه لا بد أن يكون لديك كاميرا وعدد ضخم من العدسات المختلفة كي تثبت أنك مصورٌ جيد وناجح, وكذلك لا يعتمد هذا النجاحُ على حداثة الكاميرا بقدر ما يعتمد على وعيك وحبك للمهنة  وإلمامك بأساليب وطرق التصوير المختلفة, واستند على المقولة علّم نفسك بنفسك قم بتصوير كل شيء حولك في وقت فراغك, ولا تتوقّع الشهرة والنجاح بين ليلة وضحاها, عليك بالصبر, وحتى تكون مصوراً ناجحاً يقول المصورون المحترفون إن سر النجاح في عالمهم وتحقيق العمل الجيد. على المُمارِس لمهنة التصوير الفوتوغرافي دائماً أن يبذل ما في وسعة ليلتقط مع الصورة المشاعر التي تنطوي عليها مشهد معين، لهذا حاولتْ صحيفة الاتحاد الديمقراطي أن تقدّم لمحةً عن حياة أقدم مصور بمدينة قامشلو هو كريكور كيفوركيان والملقّب بـ:كوكو من الأرمن الذين نزحوا من تركيا بعد المجازر التي لاقوها من الحكومة العثمانية, فكان الملاذُ الآمن هو قامشلو حين لجأ إليها والداه من آمد (ديار بكر) ومن مواليد 1937من مدينة قامشلو, تركتُ المدرسة في الصف الثالث الابتدائي بسبب الأحوال المادية السيئة لعائلتي, ورافقتُ والدي الذي كان يملك عربة يجرّها حصان ويعمل عليها لتوصيل حاجات الناس, ثم عملتُ عند المصور كارنيك سنة 1954 وكنت في ذلك الحين من التلاميذ المتمرنين وكنت من الأوائل والمثابرين في عملهم وكنت أتقاضى أجراً في الأسبوع ليرة سورية واحدة وبقيتُ أعمل لدى كارنيك لمدة سنة إلى أن جاء مصورٌ من مدينة حلب يدعى آرشو, وبسب الحيوية والنشاط ورغبتي في التعلّم استدعاني كي أعمل عنده وازداد نشاطي أكثر فأكثر, وكان يعمل عند آرشو عاملان غيري, زاد من أجرتي الأسبوعية إلى ليرتين, و خلال السنوات الثلاثة الأولى من العمل تعلمتُ كلّ شيء عن التصوير والتحميض وتصوير الفيديو إلى ما هنالك من أمور تتعلق بالتصوير والكاميرا, حيث كان يُستعمل حينها كاميرات تعتمد على الأبيض والأسود والأدوات البسيطة وبقيت أعمل لديه خمس عشرة سنة, وأقنعت والدي ببيع حصانه كي أشتري بها كاميرا, وبالفعل تمكّنت من ذلك وسافرت إلى حلب وحققت حلم حياتي واشتريت كاميرا واتخذت من سكن الحصان غرفة لتحميض ومعالجة الصور, وهكذا انطلقتُ والكاميرا على كتفي في الشوارع وأصبحت بارعاً في جميع مجالات التصوير ومحترفاً بقواعده, وقمت بتصوير الأشخاص والأعراس والحفلات العامة والخاصة, وأصبح المصور كوكو المصورَ الوحيد في مدينة قامشلو الذي يجوب شوارعَها ومنتزهاتِها وحدائقها, ويكتظ الأطفال حوله أيام الأعياد حين يلتقط لهم صوراً فورية, كما وقمتُ بتصوير شخصياتٍ سياسية مثل الرئيس شكري القوتلي أثناء توليّه للمرة الثانية لرئاسة سوريا سنة 1955 في مدرسة الأرمن عند إهداء إحدى الطالبات باقة ورد له, وكذلك قمت بتصوير جمال عبد الناصر أثناء زيارته لقامشلو سنة 1959 أثناء تواجده في ديوان ميزر المدلول, وكذلك أثناء جلوسه في طائرة الهيلوكوبتر الخاصة به, وصورت مهرجان الحبوب الذي كان يُقام في الحديقة العامة وافتتاحه من قبل وزير الزراعة, وحينها قمت بإنشاء كشك ضمن الحديقة العامة خاصة بالتصوير, وقمت تقريباً بتصوير جميع حفلات المطرب الأرمني آرام ديكران وكنت أرافقه في كل حفلة يتواجد فيها ديكران, وكذلك كنت أصور حفلات المغني الكبير كره بيت خاجو, كما وكنت أيضاً مصوراً لنادي الجهاد الرياضي ولاسيّما الصورة التي التقطتها عام 1965 في الأردن حتى أن تاريخ السنة موشوم على يدي. أكثر من نصف قرن مع آلة التصوير أجوب الشوارع ورغم التطور الذي حصل وتقنيات التطور بقيتْ آلتي ملتصقةً على كتفي. يقول كوكو لقد ُطلبت للعمل في العراق منذ أربعين سنة إلى لبنان أكثر من مرة ولكني رفضتُ ذلك وفضلتُ البقاء في قامشلو مع كامرتي وزوجتي وأولادي الأربعة..

تقرير: حسينة عنتر

زر الذهاب إلى الأعلى