دراسات

فلسفة الأمة الديمقراطية

images“إن الأمة الديمقراطية تركيبة جديدة وزبدة مركزة مستخلصة من جميع الحقائق والمقاومات، ومن كافة الصياغات الكامنة في الأغوار الغائرة للتاريخ والمجتمعات، بدءاً من العقائد الإلهية الأنثوية الأعرق قدماً ومروراً بالزردشتية ووصولاً إلى الإسلام، كما يتوجب إدراكها وتبنيها وتطبيقها على أرض الواقع، حيث أن جميع التعاليم الميثولوجية والدينية والفلسفية القديمة، وكافة الحقائق التي يسعى علم الاجتماع المعاصر إلى تعليمها، إضافةً إلى كل ما تسعى الحروب المقاومة والتمردات إلى ذكرها من حقائق فراداً وجمعاً، تجد تمثيلها في ذهن وبدن عملية إنشاء الأمة الديمقراطية.” المفكر عبدالله أوجلان.

ما هي الفلسفة؟

إنها كلمة يونانية الأصل، تتكون من لفظين (فيلو) ويعني الحب، و(سوفيا) وتعني الحكمة، أي أنها حب المعرفة أو حب الحكمة وليس امتلاكها. ويعد الفيلسوف اليوناني فيثاغورس أول من استخدم لفظة الفلسفة وحدد معناها. وهي في العصر الحديث تعني: السعي وراء المعرفة فيما يخص مسائل جوهرية في حياة الإنسان كالموت والحياة والواقع والمعاني والحقيقة.

والفلسفةُ ليست مرتبطةً بالحضارة اليونانية لأنها جزءٌ من حضارة كل أمة، لذلك فإن تعريف الفلسفة يحتمل نطاقاً واسعاً متعدد الصياغات، والحضارة ليست حكراً على شعبٍ أو أمةٍ أو جماعةٍ بعينها، وإنما هي نِتاجٌ عامٌ لتاريخِ وأنشطةِ وإبداعاتِ البشرية جمعاء، حيث أضافت وتضيف الأمم في أطوار تاريخية متعددة شيئاً منها إلى هذا النتاج الإنساني العام.

هناك نظريات فلسفية متعددة جاءت في أزمات مختلفة، ركزت حول دراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية بدءاً بالفكر الميتافيزيقي (ما وراء الطبيعة) الذي تكرس في آراء فلاسفة مثل: أرسطو وسقراط.

وسمي هذا النهج الفلسفي بالفلسفة الميتافيزيقية، والتي أسندت كل شيء إلى عالمٍ خفي، وقالت:” بأن الروح قبل المادة، وأن كل ما يدركه الإنسان هو عبارة عن إدراكه للأشياء التي تتمحور داخل أحاسيسه”. ولو جردنا هذا الإنسان من أحاسيسه ستختفي جميع الأشياء بالنسبة له، أي أن الأشياء موجودة ضمن إدراكنا وأحاسيسنا فقط، وكانت هذه المدرسة بداية المدارس التي تعاقبت على إثرها المدارس اللاحقة.

الفلسفة الماركسية

ثم ظهرت الفلسفة الماركسية التي نهجت نهجاً آخراً غير النهج المثالي أو الميتافيزيقي الذي كان يتمسك بالروح، فآمنت بالمادة، وقالت أن المادة أساسُ كل شيء، وربما كانت بداية انطلاق هذا النهج على يد هيجل وفوبراغ, الذين راحا يبحثان خلف المادة وأصلها وتكوينها، فأوجدوا نهجاً متكاملاً لتفسير الظواهر الطبيعية الاجتماعية باستنادهم على الفيزياء الميكانيكية التي أوجدها نيوتن، مبرهناً على أن كل شيء في الكون يتحرك عن طريق التجاذب بين السالب والموجب وفقاً للزمان والمكان النسبي.

وقد وضعت الماركسية وفق تفسيراتها العلمية بدايةً للكون وفق جدول زمني من خلال برهانها على بنية الذرة المؤلفة من بروتونات موجبة والكترونات سالبة تدور حول نواة معتدلة الشحنة وهي النترونات.

هذه الحركة المتجاذبة بين البروتونات الموجبة والالكترونات السالبة تشكل حركة مستديمة بشكل لولبي باتجاه الأمام.

لكن الأمة الديمقراطية تستند إلى أسس علمية حديثة، فمن خلال مراقبة العلماء لحركة الكوارك السابح في الفراغ الذري لاحظوا أن حركته ليست مرتبطةً بقانونٍ ثابت، بل يتحرك وفق معيار ذاتي متغير على الدوام، إذ لم يجدوا بأن حركته لولبية دائمة باتجاه الأمام, وإنما قد تكون الى الخلف واليمين واليسار، وهو يقوم بتنظيم حركته ذاتياً.

وبذلك تنظر فلسفة الأمة الديمقراطية إلى أن هذا الكون لهُ عقلٌ خاصٌ بهِ لم يتوصل العلم بعد إلى خصائصه ومكوناته  وقوانينه، فدعته بالعقل الكوني الذي يتحرك الكون به وفق نظام اختلقه لذاته.

 ولهذا قالت فلسفة الأمة الديمقراطية:” بأن تطور المجتمع استناداً إلى حركة الكوارك ليست بالضرورة حركة باتجاه الأمام دائماً، وليست حالةً من الصراع بين السالب والموجب بشكلٍ حتمي”.

 ووفق العقل الكوني الذي ينظم الكون، فإن المجتمع ينظم نفسه بنفسه.

ومن خلال المادية الجدلية أوجد ماركس تفسيراً للظواهر الطبيعية والتطورات الطبيعية عبر صراع الأضداد ونفي النفي والتراكم الكمي الذي يفضي إلى التراكم النوعي. واستمرت هذه الفلسفة حتى بداية القرن التاسع عشر حيث تفرعت عنها مناهج كثيرة.

إن المتمعن في الفلسفة الماركسية يجد بأنها حاولت أن توجد إيديولوجية فكرية خاصة لقيادة المجتمع، فتمسكت بالطبقة العاملة كطليعة ثورية للمجتمع في صراعها ضد البرجوازية والرأسمالية، والسعي إلى تحويل المجتمع إلى مجتمع اشتراكي ينتهي إلى مجتمع شيوعي تضمحل فيه الدولة والسلطة.

كما أوجدت الماركسية نهجاً خاصاً بالاقتصاد وإدارته، وهو الاقتصاد العام الذي يقوم على ملكية الدولة لوسائل الإنتاج، والتي تقودها الطبقة الكادحة تحت مظلة دكتاتورية البرولتارية.

 وأوجدت تفسيراً للظواهر الطبيعية، وعرفت التاريخ على أنهُ صراعٌ بين الطبقات.

وبذلك قسمت المجتمع إلى بناءٍ فوقيٍ وآخرَ تحتي، وجميع  التغييرات التي تحدث في البناء التحتي هي عبارة عن تراكمات نوعية حتماً ستؤدي إلى تغييرٍ في البناء الفوقي.

لكن هذه النظرية تعرضت في نهاية القرن التاسع عشر إلى هزات قوية مما جعلها تتخلخل، وأدت إلى سقوط الدعامة الأساسية لها، والمتمثلة في الاتحاد السوفياتي ولم يتبقى لها سوى بعض العضائد الهشة التي لم تمكنها من التماسك بوجه رياح الرأسمالية.

لذا تداعت الماركسية المنهجية بكاملها أمام الرأسمالية التي استطاعت أن تحقق مكاسب جمة بين المجتمعات الإنسانية.

إن التطور العلمي واكتشافاته المستمرة يكشف جوانب القصور في النظريات والفلسفات السابقة، ويظهر الحاجةَ إلى قراءةٍ جديدة، والبحث في تفسيرٍ فلسفيٍ جديدٍ للواقع وأسسه. 

إن الرأسمالية الليبرالية وبالتوازي مع انكسارات الاشتراكية الماركسية استطاعت الوصول إلى مستوى عالي من التطور من خلال تشكيل رأسمال ضخم عن طريق استغلال المجتمعات الأخرى، واحتكارها حتى في مفهوم الصناعة والعلم والتكنولوجيا، مما جعلها تنفرد بقيادة المجتمع الدولي، حيث أخذت قيادة الرأسمالية العالمية المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية تصول وتجول في المجتمع الدولي وتقوده حسب ما تتطلبه مصالحها، وإن تطلب ذلك القمع والظلم والاضطهاد. ولهذا فإنها فتحت المجال لأعوانها بالسيطرة الكاملة على مجتمعاتها مقابل الولاء التام لها.

لكن الدول القومية التي بنتها الرأسمالية بهدف احتكار رأس المال بيد الدولة، جعلها في أزمة مواجهة بين الطبقة الخادمة لرأس المال والطبقة التي تمتلك رأس المال، فجعلت كل شيء في هذا الكون في خدمة مصالحها، حيث سخرت الطبيعة لتحقيق غايتها المادية وربحها المنشود، فدمرت الطبيعة وباتت تذرف دموع التماسيح على هذه الطبيعة المتهالكلة، وحولت الإنسان إلى عبدٍ يدور في فلكها وتلوح له من بعيد براية الديمقراطية، وراحت تشن الحروب لتحقيق غاياتها، وتارةً للتخلص من أزماتها المتفاقمة عبر تصديرها إلى مناطق مختلفة من العالم، بحيث باتت تفتعل بعض الحروب والأزمات الداخلية هنا وهناك.

الظروف الموضوعية لظهور الأمة الديمقراطية:

إن أزمات الدول القومية مع الفئات والشعوب التي تضطهدها والتي هي إحدى أوجه الصراع بين الرأسمالية والقوى المغبونة، وكذلك الحروب القائمة والمستمرة في أرجاء العالم المختلفة، تعبيرٌ صارخٌ عن مقدار التأزم الذي وصلت إليه الحداثة الرأسمالية، حيث باتت ترتكب المجازر الفظيعة بحق البشرية لتحقق سيطرتها واستمراريتها في استغلال ونهب الإنسانية والحياة الراهنة. وهذه جميعها تعتبر ظروفاً موضوعيةً للأمة الديمقراطية.

الظروف الذاتية لولادة الأمة الديمقراطية:

إلى جانب الظروف الموضوعية العالمية، فإن الظروف الذاتية للشعب الكردي كأكبر قومية ليست لها دولة أو إدارة خاصة بها، والتجزئة التي تعرضت له على مراحل التاريخ، واضطهاده من قبل قوميات عدة وعلى رأسها القومية التركية والفارسية الصفوية والعربية. إضافةً إلى أن بلاد ما بين النهرين تُعتبر مهداً للحضارات السماوية والوضعية والعقائد الدينية التي شكلت ثورات ضد الطغاة، حيث ظهر إبراهيم الخليل جد الأنبياء في تلك المنطقة كحركة دينية ثورية ضد طغيان نمرود الظالم.

وكذلك ديانات السابئة والزرادشتية والمانية وغيرها….. خلقت حركات ثقافية شكلت بحد ذاتها ظروفاً ذاتية لولادة هذه الفلسفة الباحثة عن إنهاء الصراع عبر حلحلته من جذوره. ولا ننسى هنا الاكتشاف التاريخي العظيم لموقع (كوبك تبه) التاريخي الذي يعود إلى أكثر من 12 ألف سنة قبل الميلاد في ولاية أورفا بشمال كردستان، كأحد الشواهد الحية على حيوية هذه المنطقة وصراعها الدائم ضد محاولات السيطرة المختلفة.

لعبت دوراً محورياً في ولادة الأمة الديمقراطية متمثلة في فكر “القائد عبدالله أوجلان” الذي تقدم بفلسفةٍ ونهجٍ متكاملين عبر دراسته للتاريخ والفلسفة والصراعات التي عاشتها الإنسانية بنظرة مغايرة للفلسفات السابقة، حيثُ طرحَ نظرية الأمة الديمقراطية التي تُعْتَبَرُ نهجاً متكاملاً لدراسة الظواهر الطبيعية والاجتماعية للمجتمع.

ما هي الأمة الديمقراطية … وبماذا تختلف عن المدنية؟

هي الوحدة في التنوع والتعايش الطوعي، فنظرية الأمة الديمقراطية تنظر إلى المجتمع على أنه عبارة عن كون، وهذا الكون يتألف من تشكيلات مختلفة، وجميع هذه التشكيلات تكمل بعضها البعض، فبشكلٍ مختصرٍ إذا كان الكون عبارة عن حديقة فلا يمكن لها أن تكتمل إلا بأزهارها ونباتاتها وأشجارها المختلفة.

جميع هذه التشكيلات تكمل بعضها البعض، وأيُّ نقصٍ في تشكيلةٍ ما أو انقراضِ تشكيلةٍ ما سيكون على حساب جمالية هذه الحديقة وبهائها. والمجتمع حسب نظرية الأمة الديمقراطية ترابطٌ بين الكونية والانفرادية، فالكونية بلا انفرادية لا يمكن أن تكون ولكل انفرادية خصائصها الذاتية.

لقد بدأت المدنية التي يعود تاريخها إلى ما يقارب الـ 5000 عام، حين قام الكهنة السومريين بتشكيل معابدهم الخاصة والمسماة بـ (الزقورات)، والتي انقسمت إلى ثلاثة طوابق أو مستويات حيث الطبقة السفلى من العاملين في الأراضي، وهم ملكٌ للطبقة الثانية من الكهنة ورجال الدين الوسطاء بينهم وبين الآلهة في الطابق الثالث. فهذه كانت مركز المدنية ونواتها الأولى التي تعمل اليوم باسم الحداثة الرأسمالية، بعد أنْ نظّمت ذاتها على حسابِ مكتسباتِ وقيم وقوانين المجتمع الطبيعي والكومينالي، حيث كانت فيه المرأةُ أمَّ الآلهة، وبعد مرحلةِ رفضِ الآلهة الأمِّ قامت هذه الأنظمة بتنظيم ذاتها بطرقٍ وأشكالٍ مختلفةٍ، بحيث تمركزت السلطةُ بيد الرجل، لتتطوّر بعد ذلك إلى شكلِ الحداثةِ الرأسمالية، حيث أنّها اعتمدت في تجاربها على الحضارة المركزية لتصلَ إلى الحريةِ المطلقةِ التي تنحازُ إلى طرفٍ واحد.

في المراحل التاريخية تم تطبيقُ أشكالٍ وأساليبَ مختلفة على المجتمعات كالميثولوجيا والدين والعلم، والتي كان هدفُها تغييرُ الذهنية المجتمعية وإخراجِها من معناها الحقيقي.

إن ظهور مفهوم الوطن لدى الدولة القومية في أطره المقدسة، وتسخير كل شيء في خدمة السلطة قد ولد الحاجة إلى ثورة مضادة لإنقاذ هذا الوطن والشعب من براثن التسلط والعبودية التي فرضتها الدولة القومية، فجاءت الأمة الديمقراطية التي تنظرُ نظرةً مغايرةً تماماً إلى الوطن حيث تمنحه قيمة سامية بحيث لا يمكن اختصاره بالتراب والأحجار المتناثرة في ربوعه فقط، وإنما في ذاكرة المجتمع التي يرتبط بها الفرد.

فالتراب والأحجار متشابهة في أصقاع الأرض، ولكن الحقيقة الصارخة أن الوطن عبارة عن ذاكرة الفرد المرتبط بالمجتمع الذي يعيش على متنه. أي أن الإنسان الفرد هو المقدس وفق مفهوم الأمة الديمقراطية وليس الوطن الذي تدعيه الدولة القومية.

 إن الحروب والأزمات التي تدور بين المجتمع الدولي تنظر إليها الأمة الديمقراطية على أنها صراعاتٌ بين الدول القومية من خلال محاولة كل دولة فرض سيطرتها على الدولة القومية الأخرى.

والدولة وفق مفهوم الأمة الديمقراطية هي عبارةٌ عن نظامٍ يستندُ إلى لغةٍ واحدةٍ وعلمٍ واحدٍ وسوقٍ مشتركةٍ موحدة جغرافياً ولها حدودٌ مصطنعة، والدولة هي الإله والقومية هي دين هذا الإله (الدولة) ومبادئها التي تلزم الدولة القومية بأن تسير وفقها.

إن الدولة القومية التي تأسست في اوروبا منذ أكثر من 200 عام، تنظر إلى الأرض على أنهُ ملكٌ لها والسوق مركزاً للربح. أما الشعب فهو عبارة عن عمال على هذه الأرض لتحقيق الربح. وهي تستند في أسسها إلى دولة الكهنة السومريين عند السومريين الذين اعتبروا الدولة بمثابة الشمس والشعب هو النجوم التي تختفي بظهور الشمس، أي أن الشعب لا يشكلاً شيئاً بحضرة الدولة الموقرة.

وقد تطورت إلى دولة قومية فيما بعد، ومكَّنَتْ قبضتها أكثر على السلطة وفق مفهوم العنف القائم على القوة والمال، حيث تتمثل القوة في الجيش والسلاح والمال في احتكار وسائل الانتاج والتجارة، وجميع التجار وصغار الكسبة يخدمون التاجر الكبير المتمثل بالدولة. لذلك يقول المفكر الكردي عبد الله أوجلان:” التاريخ هو التاريخ الذي لم يكتب بعد، فالتاريخ يهتم بحياة نابليون بونابرت غير أنه لا يهتم بحياة أديسون”.

وبذلك تكون نظرة فلسفة الأمة الديمقراطية إلى التاريخ نظرة إيجابية إلى كل ما سُخر لخدمة البشرية، في حين تنظر إلى جميع الصراعات التي كانت تهدف إلى هيمنة دولة قومية على دولة أخرى بسلبية تامة، فطرحت الحل الذي يقوم على أساس التعايش التام بين الانفرادية في التنوع، وعلى أساس المساواة دون فرض رأي أو دين أو قومية على قومية أخرى. وتجد الحل من خلال المساواة التامة بين جميع الانفراديات التي تشكل المجتمع.

المرأة في الأمة الديمقراطية:

لفهمِ الأمة الديمقراطية وإدراك هذا المصطلح ينبغي أولاً إدراك حقيقة تاريخ المرأة والتي يمكننا من خلاله معرفة دورها في بناء هذه الأمة، حتى نستطيع حل كافة الأزمات التي يمر بها العالم، وثانياً يجبُ العودةُ إلى الأنظمةِ الغابرةِ التي عاشت تحت ظلّها الشعوبُ والمجتمعات، واستيعابِ أبعادِ تلك الأنظمة منذُ  نشأتها وحتى الآن. وفي القرن الحادي والعشرين نجدُ أنّ الشعوبَ والمجتمعات قد وصلتْ إلى مرحلةِ عدم الاقتناعِ بـ والانسجامِ مع ما تدعيه  الأنظمة فيما يتعلق بالمساواة والحرية والديمقراطية، بسبب عدم قدرتها على استيعاب الفئات المجتمعية، ومعاداتها للتعددية.

ليتمّ تحويلُ المجتمع إلى مجتمعٍ عبوديٍّ مسلوبٍ من كافّة حقوقه، أيْ أنّ فناءَ المجتمع الأنثوي أدّى إلى خلقِ مجتمعٍ عبوديٍّ هشٍّ لا يملكُ الإرادةَ ولا يستطيعُ الدفاعَ عن ذاته، ولكنْ لا يمكنُ القولُ أن هذه المجتمعات قد فقدت تلك القيمَ بشكلٍ نهائيّ، فما نجده في يومنا الراهن من مقاوماتٍ بطوليةٍ للمرأة هي بالأساس مرتبطةٌ بالقيم الأخلاقيةِ المتبقيةِ من المجتمع الطبيعي.

لقد بُنيَ نظامُ الحضارةِ المركزيةِ وسلطةُ الرجلِ على أساسِ عدمِ المساواة, وتحطيم إرادةِ المرأةِ وخلقِ طبقاتٍ اجتماعية، وهذا ما خلقَ خللاً في المجتمع وجعله في حروبٍ وتناقضاتٍ مستمرةٍ، كما أنّه اعتمد منذُ البدايةِ على المركزيّة والسلطةِ وبشكلٍ خاصٍّ على الذكورية، وقبل 200 عام وفي عهد الاحتلال الإنكليزي تمَّ الانخراطُ في الدولةِ القومية، وكان هذا لتمكينِ نظام الرأسمالية ودعمِ قوائمهِ الأساسية، ولتحويلِ كلّ مَنْ يعيش في ظلّها إلى عبيدٍ ويكون هذا بتسلّطِ شخصٍ معيّنٍ على مجموعةٍ من الأفراد، أو سلطةٍ طائفةٍ على الطوائف الأخرى؛ لتفقدَ هذه الطوائفُ بالتالي لغتَها وثقافتَها قسراً. وقد اعتمد نظامُ الدولةِ القوميةِ ومن أجلِ دعمِ نظامِ الحداثةِ الرأسماليةِ على بعض الأساليب الجوهرّية  لتتمكنَ الرأسماليةُ من الوقوفِ والاستمرار، ومنها:                      

– خلخلةُ العلاقة ِالزوجيةِ وجعلِ المرأةِ أداةً لإنجابِ الأطفال فقط.

– جعل العائلة جزءاً من نظامِ الدولةِ القومية.

– ابتكارُ الدولةِ القوميةِ لمساندةِ الرأسمالية.

أبعاد التحول إلى أمة ديمقراطية:

1– الفرد/ المواطن الحر وحياة الكومونة الديمقراطية: ينبغي أن يكون الفرد كومونياً في الأمة الديمقراطية بقدر ما يكون حراً. فالفرد الذي يتمتع بحريةٍ زائفة، والذي تستثيره الأنانية الرأسمالية ضد المجتمع، إنما يحيا ضمنياً أعتى أشكال العبودية.

2– الحياة السياسية وشبه الاستقلال الديمقراطي: يمكن تسمية الأمة الديمقراطية بشبه الاستقلال الديمقراطي، حيث يستحيل التفكير بالأمة الديمقراطية دون إدارة ذاتية، لأن الأمم عموماً لها إدارتها, والأمم الديمقراطية خصوصاً هي كيانات مجتمعية لها إداراتها الذاتية.

إن كينونة المجتمع السياسي في عصرنا الراهن تؤدي إلى التحول الوطني عن طريقين أثنين:

أ- طريق الرأسمالية التقليدية وهو المؤدي إلى الدولة القومية.

 ب- الطريق الثاني هو طريق الوطنيات الديمقراطية وتشكيل مؤتمر الشعب الذي يتخذ فيه الشعب قراره بدلاً من الشريحة العليا أو العناصر البرجوازية التي تمثله في مجلس الشعب، أي تكون القرارات من القاعدة الجماهيرية إلى القيادات وليس من القيادات إلى القواعد.

  1. 3. الحياة الاجتماعية:

التغييرات الجارية في ظل الحداثة الرأسمالية هي تغييراتٌ ظاهرية شكلية فقط. والمجتمع متفككٌ يسوده التمايز الطبقي اللاهث وراء المجتمع المتجانس، كما في المدن العملاقة التي يفوق عدد سكانها العشرين مليوناً وهذا مرضٌ اجتماعيٌ يدمر بيئتنا وكوكبنا. أما الأمة الديمقراطية فإنها تحقق الفرد الطبيعي الحر الذي يجد حريته في إطار حرية الآخرين والمرأة الحرة غير السلعية وغير المُسْتَغَلّة، وكذلك الشبيبة المنخرطة والفاعلة بقوة في الحياة العامة.

  1. 4. الحياة الندية:

إن لكل حياة حية ثلاثة وظائف أولية، هي تأمين الغذاء وأمن الوجود وسيرورة النسل. لكن الإنسان متقدمٌ على جميع الأحياء الأخرى، ولو ترك لفطريته دون رادع سيقضي على الكائنات الحية الأخرى، ولو استمر تعاظم التعداد السكاني الذي يبلغ السبعة مليارات نسمة حالياً، فإنه سيتخطى العتبة البيولوجية خلال فترة قصيرة وعندها يستحيل سيرورة الحياة البشرية. لذا ينبغي وقف هذا التعاظم البشري المفرط بإيلاء الأولوية للوعي وتجاوز دوامة الحياة – الموت وبلوغ النيرفانا والفناء في الله والوعي المطلق.

تعدُّ الحياة الندية من أساسياتِ الأمةِ الديمقراطية، لأنَّ المجتمعَ الذي لا تتوفرُ فيه مساواةٌ جنسويةٌ يكون بعيداً عن حقيقته ومقسَّماً في مضمونه وسيكون توجّهه نحو الانهيار, وفي نظامِ الحضارةِ المركزية  (الدولة) تعدُّ الأسرةُ القسمَ الأسوأَ حيثُ يكونُ فيها الجنسان ( المرأة والرجل) عبيداً.

المرأةُ تكون أداةً جنسيةً وآلةً للإنجابِ فقط، ومملوكةً لمالكها أيْ أنّها مُستعبَدة، كما يمكن أن تكونَ سبباً أساسياً للحروب والمجازر حين يتمُّ النظرُ إليها كممثلةٍ لـ (شرفِ الرجولة).

في نظامِ الحداثةِ الرأسماليةِ تنفصلُ المرأةُ عن الحياة الاجتماعية والسياسية والرياضية والصحية والتعليمية، مبتعدةً عن جميع مناحي الحياة، ليس لها شيءٌ سوى الإنجابِ وتكون عبدة، ترفّهُ الرجلَ وتقومُ بخدمةِ الحداثةِ الرأسمالية الدولتية، كما أنها منفيةٌ عن الحياةِ الاجتماعية. هذا حالُ المرأةِ في نظامِ الحداثةِ الرأسماليةِ, لذا يجب تغيير كل هذه الأشياء. لأنّ المرأةَ ليست كما عَرَّفَها الدينُ والميثولوجيا والعلم. فالحقيقةُ هي أنّ المرأةَ تستطيع أنْ تعطي أضعافَ ما يعطيه الرجل.

لقد مثّلتْ عبوديةُ المرأة بداية العبودية، لهذا ستكونُ حريةُ المرأةِ بدايةَ الحريةِ أيضاً, وستبدأ الديمقراطيةُ والحريةُ من المرأة.

لأنَّ طاقاتِ المرأةِ تفوقُ طاقاتِ الرجلِ حتى من الناحية البيولوجية، فالطاقةُ التي تمتلكها المرأةُ طاقةٌ تتطلعُ إلى التغييرِ، وإذا تمَّ التغييرُ فعندها تُخْلقُ حياة ٌجديدةٌ, وهذا العطاءُ الدائمُ يخلِقُ معه الجمالَ والمشاعر. وفي المراحلِ التاريخيةِ كان الرجلُ بشكلٍ دائمٍ يُلغي طاقةَ المرأةِ ويمتصّها ليمتلك هو القوةَ. وإذا تمَّ فتحُ الطريقِ أمام الطاقةِ التي تمتلكها المرأةُ فستكون الحياةُ أجمل، من خلال فعاليتِها في الحياةِ الاجتماعيةِ، لأنّها تملكُ القوةَ والإرادةَ والإمكانية، وعندها يمكنُ القولُ أنّ الحياةَ أصبحتْ حياةً حرّةً ندية.

الحياة الطبيعية (الإيكولوجية) في الأمة الديمقراطية:

إنّ النظامَ الرأسماليَّ يسعى جاهداً للسيطرةِ على الموادِ الخامِ الأولية ليتخلصَ من الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها، وعلى هذا الأساس وُضِعتْ الخططُ للسطو على الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط كالنفط و الماء و مصادر الطاقة الأخرى، وتكونُ هذه السيطرةُ عن طريق اتفاقيّاتٍ أو تحالفاتٍ مع القوى المتواجدةِ في المنطقةِ أو حتى في خلقِ حروبٍ بين قواها, هدفُها الأساسيُّ كسبُ المواردِ الطبيعية.

 علماً أنّ أزماتِ النظامِ الرأسماليِّ ليست اقتصادية بل تنظيميةً لأنّها تتبعُ نظامَ المركزية. بالإضافة إلى وجودِ أزماتٍ طبيعيةٍ إيكولوجية, إنْ لم تتمّ معالجتها, فسوف تتوسعُ وتتضخّمُ وتؤثّر على البنية التحتيّة لتصلَ إلى مرحلةِ عدمِ التوازنِ البيئيِّ.

 وبهذا لن تكون هناك حياةٌ أيكولوجية، فما نعيشه الآن من تقلباتٍ طبيعيةٍ غيرُ متوازنةٍ بين الفصول منها: ازديادُ درجات الحرارة والفيضانات، بالإضافة إلى ذوبان الجليد في القطب الشمالي واقتراب الشمس من الأرض، فهذه القضايا ستجلب معها الكوارثَ الطبيعيةَ والبشريةَ، بالإضافة إلى ذلك (قضيةُ المرأةِ) والتي تُعتبَر القضيةَ الأهمَّ للمجتمع, فإنْ لم يتمَّ حلّها ومعالجتُها فستكون هناك أزمةٌ من الناحية الأخلاقية, وأزمةٌ من جهة التزايد السكاني وهذا سيؤثّر على العالم أجمع.

إن الحداثة الرأسمالية وعبر الدولةِ القوميةِ التي تتخذها أداةً لتحقيقِ حاكميتها على الاقتصاد المرتكز على الربح الأعم وتكديس رأس المال.

  1. شبه الاستقلال الاقتصادي:

حيثُ يُختزل فيه الربح ومراكمة رأس المال إلى حدوده الدنيا، إلى جانبِ عدمِ رفضهِ السوق والتجارة وتنوع الانتاج والرقابة والعطاء. وهنا فإن شبه الاستقلال الاقتصادي في الأمة الديمقراطية والقائم على الاقتصاد الكومونالي لا يشبه التأميم في الاشتراكية المشيدة، وتختلف تماماً عن رأسمالية الدولة واقتصادها، فهو الوحدات الاقتصادية الأنسب لطبيعة الإنسان والبيئة.

لا مكان في الكومونة للأعمال الشاقة ولا للكدحِ أو العمل الذي لا يحقق الحرية. وهنا فإن الاقتصاد الكومونالي أو اقتصاد التشارك على أساس المشاريع الصغيرة المشتركة والبعيدة عن الإضرار بالبيئة المحيطة بكافة أركانها البشرية والحيوانية والنباتية غير المؤذية لأركان ومقومات الحياة، والوسط المحيط موجودٌ في كل مكانٍ يتواجدُ فيه العطاء والبركة والحماس والبهجة.

  1. الدفاع الذاتي:

الدفاع الذاتيِّ في الأمة الديمقراطية هو دفاعٌ مشروعٌ وحقٌ طبيعيٌّ للمجتمع, مثلما هو حقٌّ طبيعي لجميع الكائنات. فقد جرّدت الأنظمةُ الدولتية الشعوبَ والمجتمعاتَ من حقِّها الطبيعي المشروع في الدفاع عن نفسها، لتشكّلَ  جيوشاً جرّارةً بهدفِ الغزوِ والاحتلالِ حفاظاً على سُلطتها. ولقد سخّرت الدولة القومية قوّتها العسكرية كوسيلةٍ لنهبِ خيراتِ الشعوبِ ولقمةِ عيشها، ففي دولةِ البعث ومنذ العام 1948م خُصِّصتْ كأقلِّ تقدير60% إلى 80% من ميزانية سوريا لوزارة الدفاع لشراءِ الأسلحة والتدريب العسكري، لكنّ هذا الناتج لم يدخل في خدمة الشعب بحجّة أنّها دولةُ المواجهة, والمواجهةُ تتطلبُ الميزانية، فهل حقّقتْ بهذا الشيء الانتصارَ على إسرائيل..؟

على العكس فقد أصبحت هذه الوزارةُ لنهب خيرات البلد, وكلّ ضابطٍ في الجيش كان لديه ثرواته وأعوانه الذين ينهبون ويخرِّبون باسمه، أيْ أنّ الجيشَ أصبحَ وسيلةً لنهبِ ممتلكات الشعب. الجيشُ أصبح طبقةً متطفّلةً على كاهل الشعب.

 والملفتُ للنظر أنّنا لا نجدُ التقنيات الحديثة إلا بحوزة المخابرات بحجّة أنّها تدافعُ عن الوطن وتحميه, وعندما ظهر( داعش) لم نجدْ أحداً يحمي الشعب, وخيرُ مثال ٍعلى ذلك سوريا، فأين كانت تلك الدفاعاتُ التي كانوا يتحدّثون عنها عندما بدأ الإرهاب يهاجم المدنيين على اختلاف مكوِّناتهم. الفرقُ واضحٌ ففي كوباني والجزيرة كانت القوى التي دافعتْ وواجهتْ الإرهاب من صلب الشعب وهي وحدات حماية الشعب  .(YPG)لهذا فإنّ الجيوشَ الجرّارةَ غيرُ مجديةٍ ما لم يكن هناك دفاعٌ ذاتي. وهذا يؤكّدُ أنّ الحمايةَ الذاتيةَ هي الوسيلةُ الناجحةُ في الأمّة الديمقراطية.

7.البنية القانونية للأمة الديمقراطية:

القانون الديمقراطي يعتمد على التنوع دون اللجوء إلى الترتيبات القانونية ويتميز ببنية بسيطة. في حين أن الدولة القومية الحاكمة هي أكثر أشكال الدولة التي تصوغ الإجراءات القانونية على مر التاريخ. حيث تتدخل في كل شاردةٍ وواردة للقضاءِ على المجتمع الاخلاقي والسياسي. فالرأسمالية تسند مشروعيتها على القوانين التي تشرعن كافة أشكال الظلم والتعسف تحت مسميات حقوق وواجبات الفرد والمجتمع، ولكنها في الواقع تلجأ إلى سيادة القانون لتحصين نفسها.

أما الأمة الديمقراطية فإنها يقظة حيال القانون وخاصةً الدستوري منه، لأنها أمةٌ أخلاقيةٌ أكثر منها قانونية. ولهذا تعتمد الأمة الديمقراطية على القانون الاجتماعي الأخلاقي بالدرجة الأولى.

  1. ثقافة الأمة الديمقراطية:

الثقافة بمعناها الضيق هي الذهنية التقليدية والحقيقة العاطفية للمجتمعات، ويشكلُ الدينُ والفلسفة والميثولوجيا والعلم ومختلف الحقول الفنية ثقافةَ مجتمعٍ ما. الحداثة الرأسمالية وعبر تشكيل الدولة القومية تحطم العالم الثقافي وتحرفه، فهي لا تقبل بالتقاليد مهما تمتلك من حقائق، ولكنها تنتقي منها ما يناسبها وتطرأ عليها التحول بناءاً على مصالحها. أما الأمة الديمقراطية فـ لأنها تسعى إلى تكوين نفسها بإعادة المعنى الحقيقي للتاريخ والثقافة، فالتاريخ والثقافة في الأمة الديمقراطية يشهدان نهضةً وإحياءً، والمثال هذا ينطبق على أوروبا في عصر النهضة التي عادت إلى انتعاشٍ أو انبعاثِ التاريخ والثقافة الاغريقيتين والرومانيتين.

إن الأمة الديمقراطية هي  الأمّةُ التي تعيشُ وتتمتّعُ بالاستقرار أكثر من غيرها، وكلما اقتربتْ من تطبيقِ مشروعِ الأمةِ الديمقراطية فإنّها ستعيشُ مستقرّةً أكثر, فلا حدودَ بين إسبانيا وفرنسا مثلاً.

حتى في أوروبا التي هي مهدُ الدولةِ القومية, الجميعُ يبتعدُ عن مفهومِ الدولةِ القومية، فهل من الممكن أن نُعيدَ التجربةَ بعد الاقتتالِ لنصلَ إلى المستوى الأوروبيّ؟

 لهذا ولكلِّ الأسبابِ والعواملِ التي ذُكِرتْ فإنَّ الحلَّ الأمثلَ هو حلُّ الأمّةِ الديمقراطيةِ ولا حلٌّ سواه……….

الأسس التي تقوم عليها فلسفة الأمة الديمقراطية:

1- إن محاولة بعض القوميات عن طريق الدولة القومية السيطرة على القوميات الأخرى وإنكار وجودها هو أحد أسباب الصراعات الدولية.

2- إن سعي الدولة القومية والرأسمالية لزيادة أرباحها عبر السيطرة على مكامن السلطة والاقتصاد هو أيضاً أحد أسباب الصراع الدولي المستمر.

3- محاولة الدول الرأسمالية لتسويق أسلحتها سببٌ آخرٌ من أسبابِ الصراعِ الدولي.

4- تصدير الأزمات الداخلية لاسيما الاقتصادية منها، وتأزم الحالة الاقتصادية الرأسمالية تدفعها إلى خلق الصراعات الدولية.

5- محاولة فرض منهج ثقافي واحد، وتعليب المجتمع الدولي عبر العولمة الثقافية أيضاً جانبٌ من جوانبِ الصراعِ الدولي.

6- استغلال الإيديولوجيات الدينية كرداءٍ يُخفي الصراعات القومية، ومحاولاتُ صهرِ القوميات والثقافات الأخرى يؤجج الصراع الدولي ويغيب الحلول المرجوة.

خلاصة القول:

 لقد نشأتْ فكرةُ الدولةِ القوميةِ في أوربا مع بدايةِ الثورةِ الفرنسية، وأوربا كانت حاضنةَ الدولةِ القوميةِ بعد الثورةِ الفرنسية، نشرتْ هذه الثورة الفكرَ القوميَّ الشوفينيَّ في جميع البلدان الأوروبية، كما أنّها دخلتْ في اقتتالٍ دامَ أكثرَ من قرنين قُتِل خلالهما 300 مليون شخص من أجلِ رسمِ خارطةِ الدولةِ القومية، ولكنَّ هذه الحدودَ أصبحتْ بلا معنى.

وكما نلاحظ فإنّ الدولةَ التي ابتعدتْ عن القوميةِ هي التي عاشتْ باستقرار مثل بريطانيا وفرنسا وإسبانيا، حيث وجدتْ هذه الدول أنّ حلَّ الأمةِ الديمقراطية هو الحلُّ الأمثل.

كما يقول الروائي العالمي (تولستوي):” أكبر رواية يمكن تلخيصها بجملة”.

 فإن الأمة الديمقراطية تتلخص في الجملة التالية:” اعترف بخصوصية الآخرين كي يعترفوا بخصوصيتك”.

أعدها وحاضر فيها: إدريس نعسان وعواس علي

زر الذهاب إلى الأعلى