ثقافة

  عندما تتلاقى الموهبة والإرادة… تبدع الأنامل

 midiya xelilفي صولاتنا وجولاتنا للبحث عن منابر الثقافة والأدب نحن في  صحيفة الاتحاد الديمقراطي نكتشف في كل مرة أيقونةٍ وكنوز ثمينة  بين أبناء شعباً ممن عانوا الكثير ولم يحظوا بفسحة من الحرية على أرضهم ،لذا كان أروقة العقل وساحات قلوبهم وزوايا منازلهم المكان الأمن ليمارس فيها مواهبهم وما يجول في تفكيرهم وأذهانهم وليعبروا عن أحلامهم التي كانت تصطدم بجدار الفقروالقهروالأستبداد،لكن بقيت هذه الأحلام تراود مع كل بريق أمل وثورانٍ داخلي. في هذه الجولة كان لقاءنا مع أحد قامات فن الرسم والتصميم ميديا خليل، وهذا نص اللقاء.

– بداية من هي ميديا خليل، ومتى اكتشفت إنك تملكين موهبة الرسم، وكيف بدأت الدخول في عالم التصميم ولماذا؟

أدعى ميديا خليل من مواليد عام 1985 أنا من مدينة الحسكة من قرية صفيا، درست المراحل الدراسية الأساسية في صفيا وترعرعت في قريتي بين أصدقائي وأفراد عائلتي التي كانت أجواء الفرح والفن لا تفارقها طيلة النهار، بوادر الفن بدأت ترتسم خطوطها الأولى في حياتي حينما كنت في المرحة الابتدائية.

درست المرحلة  الثانوية في مدرسة الفنون النسوية بمدينة الحسكة  ورغبت في إتمام الدراسة بمعهد الفنون قسم الموسيقا أو الرسم لكن لم تتح لي الفرصة في ذلك، بعد ذلك درست الفرع الأدبي وتقدمت إلى مسابقة لكلية الفنون الجميلة “التطبيقية” في حلب ،وهذه لها قصة طويلة سأسردها لكم بشكل وجيز، كنت أحب الفن بشكل عام الموسيقا، والرسم، والنحت، كوني من عائلة تحب الفن وتهوا الفن، فعلى سبيل المثال المرحوم أبي كان يملك صوتاً جميلاً وكان يغني ويدندن حتى قبل أن يتوفى ،وأخي الأكبر مني كان رساماً وتم فصله من معهد الرسم لأسباب سياسية، ومنذ طفولتي التي كنت أقضيها بين الحقول وأراقب الطبيعة وشروق وغروب الشمس وأتعايش معها بكل وئام ،أحببتها وأحبتني طبيعة القرية نهارها وليلها كانت على عكس المدنية التي كانت تكثر فيها الصخب، لذا كنت متعلقتاً جداً بعائلتي وبالأرض كنت أعمل في الحقول وأساعد عائلتي في تدبير أمور المنزل  حيث كانت الظروف المعيشية صعبة بشكل عام، عرفت من أحد أصدقائي أن مسابقة ستجري في مدينة حلب للقبول بطلاب كلية الفنون التطبيقية وحينها كنت أملك الف وخمسمائة ليرة سورية وعلى الفور وبعد عدة أيام أخذت بيد أبن أختي الفتي وركبنا الحافلة بكل لهفة رغم إنني لم اكن اعرف عن حلب سوى اسمها وبعض المعالم التي كنت قد عرفتها من التلفاز في الطريق استفسرت عن المدينة وعن كلية الفنون الجميلة من بعض الطلاب الذين كانوا في الحافلة ،وبعد أن وصلنا قيدت أسمي في تلك المسابقة  ،كان المطلوب في تلك المسابقة رسم منحوت لرأس بشري كان موضوعاً أمامنا ونجحت في الاختبار عدنا إلى المنزل كان ذلك في عام 2007 وبعد مرور شهرين من القبول والتسجيل في الكلية التحقت متأخراً نتيجة للظروف المادية وبعد أن ساعدتني أختي مادياً ذهبت إلى مدينة حلب لأبدأ دراستي هناك لم أكن استسلم للواقع، ولم أكن أعرف الرسم بالألوان كنت أرسم بقلم الرصاص ،قدمت كل المشاريع التي كانت تطلب مني كطالبة من نحت وتصميم ورسم، كانت هناك عوائق كثير في البداية لكن تجاوزت كل العوائق بعد كَدٍّ وجَدٍّ نجحت في الاختبارات وسجلت في قسم التصميم ،كانت هناك أنسة روسية كانت تنظر إلي بشكل خاص وكنت مميزة لديها من بين كل الطلاب وأحببتني بقسم التصميم وفي مادتها كنت المتفوقة ،أضافة كان هناك مدرس للرسم من عفرين أيضاً كان له تأثيرٌ  كبير بتعلقي بالرسم كان دائما يقول لي” لماذا لا ترغبين في أن تكوني الأولى” لم اكن أرغب في أن أكون في المركز الأول وربما السبب كان لم أكن أغير من رفاقي على عكس البعض ،ولم أولي الاهتمام بالمرتبة الأولى ،في السنة الثانية اخترت قسم تصميم الأزياء “التصميم أساسه كان الرسم ” ووصلت إلى السنة الرابعة بنجاح وعندئذ بدأت الأزمة في سوريا قدمت مشروع التخرج ،لكن لم أتخرج بسبب مواد اللغة الفرنسية حيث لم أكن مجتهدة في اللغة الفرنسية وكانت عائقتاً في عدم تخرجي من كلية الفنون الجميلة وبعد ذلك تدهور الوضع في حلب وسوريا عامة عدة إلى مدينتي فاقدة الأمل وانحسرت في قريتي ارسم أحياناً وأصمم حيناً أخر .

من أعمالك الفنية رأيت أن ما يميزها هو كيفية رسم تعبير الوجوه بشكل لافت ومبهر وفيها هل تتعمدين هذا أم هذه طريقتك في الرسم بشكل عام؟

 بطبعي أميل إلى أسلوب الملاحظة والتعبير في الرسم والتصميم بشكل عام وأتأثر بها، ولا أميل كثيراً إلى أسلوب الرسم الحديث ولا اعرف كثيراً عن مدار الرسم وبالتالي أعمالي غالبا تدور في فلك التعبير والتجريد. وبالنسبة لرسم الشخصيات فبالتأكيد تعابير الوجه يكون لها دور كبير في إيصال ما أريده من العمل الفني، وتعبير الوجه يحدد صفات وحالة صاحبه.

مشروع التخرج الذي قدمته كان عن دور التصميم في الأمراض النفسية ماذا تحدينا عن هذا المشروع؟

 كل أنسان يلبس لبساً مختلف عن الأخر سواء كان من ناحية اللون والتصميم والشكل في الفلسفة هناك مقاربة بين الأنسان وسلوكياته وما يقابله من الحيوانات على سبيل المثال تصميم زي يمثل الأفعى الشخص الذي سيلبس هذا الزي المصمم هل سيمثل دور الأفعى بالصفات وعبر الحركات وهل سيترك انطباعاً داخلياً وسيؤثر على من حوله بأنه يمثل دور الأفعى ويحمل صفاتها، مشروعي كان حول التأثير المتبادل بين الأنسان ومحيطه.

كيف قمت بتنمية موهبتك؟ وهل من الممكن لشخص لا يجيد الرسم أن يتقنه بالتعلم ويصل لمستوى الاحتراف؟

في الحقيقة اعتمدت بشكل كامل على نفسي لتنمية مهارتي، وإلى الآن

ما زلت أتعلم وأستفيد من كل شيء أرى أنه سيفيد في تجويد مهارتي. وبالنسبة للرسم بالتأكيد يمكن لأي شخص أن يتعلم مبادئه وأن يتقنه إلى مراحل متقدمة بدون سابق موهبة ولكنه سيظل غير قادر على الإبداع أو تنفيذ أعمال فنية إبداعية حقيقية، ذلك لأنه يفتقد في الأساس إلى الموهبة.

ما هو هدفك أو الأفكار التي تريد نشرها من أعمالك الفنية؟

في نظري أعتقد أن هدف كل فنان وهدف الفن عموما هو السعي إلى   الجمال والجمال كمعنى في حد ذاته صعب جداً تحديده لو تأملنا فيه والجمال ليس فقط بكون العمل الفني جميلا كشكل أو رسم المواضيع أو الأشياء التي تتسم بالجمال، الإلهام يأتي في لحظة وقد يأتي الإلهام من أي شيء فكل شيء حول الفنان قد يكون مصدراً لإلهامه، ومشاهدة الأعمال الفنية خصوصا للمحترفين لها دور كبير أيضا في تشجيع الفنان وتحفيزه وإلهامه أيضا.

 عوائق عديدة منعتك متابعتك لموهبتك لدرجة أنك اعتزلت الرسم والتصميم حدثينا عن ذلك؟

وفات أبي والمرض المزمن لأخي الأكبر شكل عبئاً كبيراً على عاتقي لذا قررنا الذهاب إلى باشور كردستان وهناك بدأ التأثير الأكبر في حياتي (العمل والعمل ….) لا شيء سوى العمل، توفي أخي وهذا ما زاد في المعاناة معاناة كعائلة وعلى صعيدي الشخصي في هولير كنت اعمل في شركة لبنانية للقماش وتصميم الستائر، أينما كنت أذهب كنت أرى أبناء روج آفا يعملون، في المولات والمطاعم والمحال التجارية كان ذلك يترك تأثيراً بالغا في داخلي، شكل ذلك اليأس وفقدان الأمل عندي هؤلاء كان في ريعاني شبابهم، خلال سنتين قضيتها في هوليرلم يكن هناك مجال ممارسة أية موهبة، قررنا العودة إلى روج آفا

في الوقت الراهن لا أعمل وأحاول العودة لممارسة موهبتي في الرسم والتصميم والرسم على الحجر، لم أقمّ بعرض لوحاتي حتى هذه اللحظة وذلك لأنني حتى الوقت الراهن ولا أملك الجرأة ولازلتُ أعتبر نفسي غير متهيئة لذلك، لدي ثماني لوحات استخدمت فيها الألوان بالإضافة لبعض الرسوم التي كنت أرسمها بالرصاص

الانتكاسات المتتالية والعددية أثرة في داخلي عميقاً وجعلتني فاقدة ًللأمل أنتظر ما القادم في روج آفا وسأحاول أن أتجاوز المحن والعوائق في مسيرتي كإنسانة ورسامة.

في الختام أتوجه بالشكر لصحيفتكم وأترحم على دماء شهدائنا الأبرار والنصر سيكون حليف الشعب الذي يقاوم ويضحي في سبيل الحرية والكرامة.

                                                      أعداد دلبرين فارس

زر الذهاب إلى الأعلى