مقالات

ضروراتُ تحرّر المرأة

images-3سيدار رمو

كثيراً ما يتبادرُ إلى أذهاننا كلمتا السلام والديمقراطية لفظاً ومعنىً عندما نهتم بذكر المرأة، فالسلامُ مُتأتٍ من السلمِ، أي نبذ العنف والحرب والدمّ، بينما الديمقراطيةُ والتي تعني حُكم الشعب ومتعارف عليه بأنها الإدارة ﻻ السلطة، فمتى ما توافرت الإدارةُ وأخذتْ منحاها الصحيح في مجتمع ما حتى سادَ السلامُ في ذاك المجتمع، حيث يرتبط المصطلحان أوثق الارتباط مع بعضهما ومع خصوصيات المرأة كذلك. باقتضاب يمكن القولُ أنّ السلامَ والديمقراطية هي مزايا شخصية، إن لم نقُل لعموم النساء فأننا نؤكد على تحلي غالبيتهن بها، وبالرغم مما تمّ ذكره آنفاً إلا أنه عندما يتمّ النظر إلى الواقع المعاش،  يتراءى للمرء كيف أنّ المرأةَ وأطفالها هم الضحيّة الأولى في دوامة الصراعات التي يعيشها الشرق الأوسط، وعموم دول العالم التي قامت فيها الثورات أو نشبت فيها الصراعات،  فكثيراً ما نسمع على شاشات التلفزة يومياً وقوع الضحايا جرّاء القصف أو الانفجار أو.. في مختلف بقاع العالم وغالبيتهم من النساء والأطفال، وبالطبع لهذا الأمر خلفية تعود إلى كون المرأة تركت مهمّة حمايتها على كاهل الرجل، وهي لم تفكّر يوماً -عدا النساء الكرديات-  بالتجييش والانخراط في الحياة العسكرية وبالتالي الاعتماد على نفسها في حمايتها وحماية من تتولى رعايتهم.

ولربّما من أحد الأسباب التي جعلتْ صيتَ نضال وحدات حماية المرأة YPJ يُذاعُ وتصبح من منظومات الدفاع النسائية العالمية، وهدفاً تسعى جميع الحركات النسائية إلى تشكيل منظومات على غرارها، أنها لا تدافعُ عن المرأة فقط وإنما تدافع عن أرضها ووطنها وشعبها أيضاً، وهي المرة الأولى في التاريخ التي تنظّم فيها طاقات المرأة في الحياة العسكرية التي تتطلب جسارة وشجاعة كبيرتين على الصعيد المعنوي وتحمّل مشقة الجبهات على الصعيد الجسدي في إطار الواقع المُعاش، والـ YPJ باعتبارها حالة متقدمة في أُطر الحماية الذاتية ماهي إلا استكمالٌ لفكرةٍ طرحَها قائدُ الشعب الكردستاني عبدالله أوجلان على مَن التحقن بصفوف حركة التحرّر الكردستانية، مُحثاً إياهنّ على ضرورة التجييش والتحرر من قيد ذهنية الرجُل، مُتحدياتٍ بذلك الواقع وما بليّ من العادات الاجتماعية التي تعتبر المرأة في مرتبة أدنى من الرجل، حيث أنه يجد نفسه هو الراعي لشؤون المرأة وحامياً لحقوقها، في حالة مجتمعنا الكردستاني لاسيما عقب سياسة الحداثة الرأسمالية التي جلبت معها الويلاتِ على صعيد استعباد المرأة باسم الحرية والديمقراطية، هذا بالإضافة إلى ما سبقها من سُلطة الدين التي رسخّت مفاهيمَ خاطئةٍ (بأنّ الرجالَ قوّامون على النساء).

 لكنّ الحالةَ الطبيعيةَ تقولُ ما دامتِ المرأةُ قادرةً أن تلعبَ دورَها على أنها نصفُ المجتمع، فأنها مساويةٌ للرجل في حقوقها وواجباتها ويجب ألا يتم النظر إليها في منوال آخر.

وما يهمّنا حاضراً أنّ ثورةَ روج آفا وصلت إلى ما وصلت إليه بفضل المنظومتين السياسية والعسكرية ، حيث الفكرُ الصائب في ظل وجود حُماةٍ لهذا الفكر جعلتها ضرباً من ضروب المثل، والمرأة الروج آفايية  بفضل نضال الـ YPJ بدأت بزحزحة صخور العبودية وها هي تسير اليوم  في طريقها لتصلَ إلى الحرية فتعتنقها وتجعلها دستوراً حياتياً يجمع بينها وبين الرجل في إطار الحياة الندية المشتركة.

زر الذهاب إلى الأعلى