مقالات

شعلة نوجيان ونهاية الضّحاك

slah-muslimلغة القتل والتصفية، لغةُ ملاحقة صوتِ الكلمة الحرّة، لغةُ كسرِ الأقلام… هي لغة المستبدّين الظالمين، فالقلم الحرّ كالشبح الذي يلاحق هذا الكاذب الرعديد الجبان، فالاستبداد كما يصوّره عبد الرحمن الكواكبيّ على أنّه قالبٌ للحقائق فى الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أنّ طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكي المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح، ويُصبح -كذلك- النُّصْح فضولًا، والغيرة عداوةً، الشهامة عتوًّا، والحميّة حماقة، والرحمة مرضًا، كما يعتبر أن النفاق سياسة والتحيل كياسة والدنائة لُطْف والنذالة دماثة.

لذلك يحاول المستبدّ الظالم القضاءَ على صوتِ الحقّ، الذي يحرّض تاركَ الحقّ على المطالبة بحقّه المسلوب، ويقنع المتشكّي المتظلّم أنّه ليس بمفسد، وأنّ النبيه المدقّق ليس بملحد، وأنّ الخامل ليس صالحًا، ولكي تتهدّم أكذوبة (النفاق سياسة، والتحيل كياسة والدنائة لُطْف والنذالة دماثة…) لذلك يقوم ببتْر كلّ قلم يصوّر حقيقته المخادعة؛ ويعكّر الخطّط التي ينتهجها لترويض الشعوب المغلوبة على أمرها، فلذلك رأينا رصاصة الغدر والحقد الأعميَين أثناء تغطية الإعلاميّة نوجيان آرهان (توبا أكيلماز) لهجوم المرتزقة على بلدة خانه صور في شنكال، والتي اختارت رأس الشهيدة في الثالث من هذا الشهر؛ شهر آذار؛ شهر ولادة شعاع النور على الرغم من بطش الضحّاك.

لقد كان أول جريمة يقوم بها الإرهابيّ الداعشيّ بعد أن يستولي على منطقة ما؛ هو قتل الإعلاميين في تلك المنطقة، وكذلك فعلَ الضحّاك؛ أردوغان بعد مهزلة الانقلاب من خلال وأْد صوت الحقّ وإغلاق الصحف والمجلّات والتلفاز وكل الوسائل الإعلاميّة لأيّ جهة إعلاميّة لا تعزف على طنبوره، وأخيراً التلميذ الكرديّ النجيب في الدولة الكرديّة المزعومة في جنوبيّ كردستان الذي بمجرّد أن يُذكر اسمه تتهدّم الأخوّة الكرديّة بين القاتل والشهيدة، من خلال سلسلة وأد الإعلام في باشور انتهاءً باغتيال الإعلاميّة نوجيان آرهان التي كانت تحمل عدستها فحسب، وانضمّت إلى قافة الباحثين عن الحقيقة، لتفضح صلة الوصل ما بين داعش وأردوغان ومرتزقة الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ.

نوجيان كانت نار نوروز التي اشتعلت لتضيء لأتباع كاوا دربَ القضاء على الضحّاك الجديد المتجدّد، الذي ما عاد يضحك لا في أنقره ولا في هولير، اثنا عشر عامًا وهي تناضل من أجل اليوم الجديد في نوروز، من أورفا أو رِها إلى شنكال، مسيرة البحث عن نار الحقيقة، فقد تخفي حقيقة الشهيدة توبا أكيلماز الاسم الذي اختارته نوجيان أي الحياة الجديدة، أي الحياة الجديدة التي ستكشف القناع عن أولئك المقنّعين الذين يرتدون قناع ألوهية الدولة الحلم الذي لا يختلف في جوخره عن حقيقة الإله، وكذلك يحمل ذاك العنف الغريب. نوجيان ذات الثلاثين أملاً، أو ذات الثلاثين ربيعاً في وجه الخريف الكرديّ الداميّ الذي نظر الأعداء إليه على أنّه خريف أبديّ، أو ذات الثلاثين طعنة في قلب المستبدِّ قاتلِ الحرّيّات الذي ظلّ طيلة نصف قرنٍ يدّعي أنّه الكردياتيّ الحقيقيّ.

زر الذهاب إلى الأعلى