المجتمع

شخصيّاتٌ نسائيّةٌ لا تُنسى

shehiden-jinهذه الأسماءُ سمعها الكثيرون لكنها أصبحت  ضحية للألاعيب السياسية القذرة، السياسيات  والمناضلات الكرديات “عروس كردستان” الشهيدة “ليلى قاسم حسن” والشهيدة ” شيلان كوباني “والشهيدة  “آرين ميركان ”  الضحيات لسياسة التصفية الجسدية التي ابتكرتها الحكومات العراقية والسورية  البعثية.

حياة الشهيدة ليلى:

 ولدتْ ليلى قاسم حسن (عروس كردستان) في السابع والعشرين من كانون الأول من عام 1952 في مدينة خانقين، دخلت بدراستها للمرحلة الابتدائية وأتمتها للثانوية عام 1972، وتم قبولها بكلية الآداب في سنة 1974بقسم علم الاجتماع، ومن بعدها عملت في قسم الصحافة، ونشطت مع أخيها وخطيبها “جواد الهماوندي” ومع عدد من رفاقها في حزب الديمقراطي الكردستاني، وبنفس السنة 1974 اندلعت حربٌ  بين النظام البعثي وحركة الكرد بعد مفاوضات انتهت بالفشل، بدأت حكومة البعث بتصفية كل من ينتمي إلى الحركة الكردية بالقتل والاعدامات والتجريف بالقرى، وحتى الذين ليس لهم أي ارتباط بالحركة لم يسلموا من ظلم الفاشيين، وكانت ليلى إحدى هؤلاء اللاتي وقعت في فخ البعث باتهامها اتهاماً خالٍ من الصحة وبعيداً كل البعد عن الحقيقة، وهي إنها زرعت قنبلة في إحدى صالات سينما في بغداد، حسب تصريحات الحكومة الفاشية. الذي يدافع عن شعبه من أجل العدالة والحرية وحقوق المرأة عامة والكردية خاصة يستحيلُ اتهامها بهذه العملية الإرهابية، ومن بعدها أقيم لهم محاكمة شكلية من سيناريو حكومة البعث بقيادة رئيس المحكمة “طه ياسين رمضان الجزراوي ” وحكم عليهم بالإعدام شنقاً حتى الموت.

وفي الزّيارة الأولى لوالدتها وشقيقتها لها بعد سجنها، أوصتهما أن يُحضرا لها في الزّيارة القادمة (مقص وملابس جديدة، وبعد أن أحضرتا لها ما تريد في الزّيارة الثانية، أخذت المقص وقصّت به خصلاتٍ من شعرها، وأهدتها إلى شقيقتها لتبقى ذكرى وشاهدة على نضالها وتحدّيها للموت والطغاة، وأجابت أختها التي سألتها عن سبب طلبها إحضار ثوبها الجديد أجابتها بثقة وابتسامة : أختاه سأصبحُ بعد أيّام (عروسَ كردستان) لذلك أحبّ أن تحتضنني الأرضُ وأنا بكامل أناقتي.

وفي 22 أيار 1974 تم إعدامها شنقاً حتى الموت دون محاكمة قانونية تذكر وفي مكان الاعتقال نفسه، وبأقل من أسبوعين من تاريخ سجنها تم إعدامها بعدما أفقؤوا عينها اليمنى وشوّهوا جسدها النقي بصورة فظة من خلال التعذيب الشديد الذي تعرضت له أيام الاعتقال.

ليلى قاسم ضحية، فعلا إنها ضحية، ضحية النفاق والانتهازية، ضحية وكلاء الأمن البعثي، الوكلاء الذين فقدوا معنى الإنسانية هؤلاء يشعرون بالنقص، والناقص يعمل المستحيل من أجل الشكر أو التزكية …. ليلى قاسم ضحية، ضحية الهوية، جريمتها الهوية الكردية، أُعدِمتْ ولكن سيبقى اسمها خالداً إلى الأبد، لم تكن وحدها بل كانوا خمسة أبرياء، انطلقت أرواحهم إلى السماء. هؤلاء استشهدوا بأيدِي الأغبياء فعارٌ عليهم، أغبياء تكبروا فعارٌ على كبريائهم، كبرياء يلبسها أغبياء يا من ارتكبتم الجرائم ضد الانسانية، أين انتم الآن؟  وفي هذا الزمان أنتم في مزبلة التاريخ، التاريخ لن يرحمكم، انظروا إلى حالكم، ومصير قادتكم … أنتم قتلتم ليلى البريئة التي تُحشر مع الأولياء،… إنسانة اسمها ليلى، حطّمت طوقَ الخوف، وقالت : يا مجرمون … أنتم أقزام…. لستم أبطالاً…… لستم أشرافاً… أنا ليلى ، أنا أميرة أرفضكم وأهلي يرفضونكم،  والزمن سوف يقلع جذوركم لا مكان لكم … أنا ليلى قهرتكم… أصبحت كابوساً في منامكم، أنا التي هزّت عرشكم لا كرامة لكم … …. أنا ليلى التي انتصرت …. وأصبحت الهزيمة نصيبكم …

وفي هذا الصدد فإن المناضلة الشهيدة شيلان كوباني وفي ظلّ ظروف تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، كان وقتها خطّ العَمالة قوياً بما يكفي لضرب مكتسبات هذا الحزب في باشور كردستان، لأنهم رأوا في الـ PYD خلاص الشعب الكردي بروج آفا، وربما على مستوى كردستان، ومحاولين إسكات صوت المقاومة الكردستانية، فلجؤوا إلى ابتكار أبشع الأساليب للقضاء على الطليعيين في الحزب بواسطة أدواتهم التخريبية والعميلة.

بعد سنة من تأسيس الـPYD  ونضال وجهود المناضلة شيلان كوباني، والتي تعتبر من مؤسسي حزب الاتحاد الديمقراطي الأوائل ورمز المرأة الكردية المناضلة، والتي كانت مسيرة النهوض والمقاومة بالمجتمع الكردستاني، والتي سارت في دربها من أجل حرية الشعب الكردي، حتى قام النظام البعثي السوري سنة 2004 بجريمة بشعة حيث قام باغتيال الشهيدة شيلان كوباني مع رفاقها لمنعها من قيام كيان كردي وتحقيق أهداف شعبها، وانتهاءً بالشهيدة آرين ميركان الفتاة الكردية كغيرها من فتيات الكرد الجميلات اللواتي كرسن حياتهن للدفاع عن أرض كردستان وقدسية ترابها وتحقيق حريتها وحرية شعبها, وأدركت أن حرية المجتمعات البشرية تبدأ بحرية المرأة والانتهاء من التسلط والعقلية الذكورية بكافة أنواعه، ولتحقيق ذلك يجب أن تناضل و تعمل من أجلِ مجتمعٍ يسودهُ الأخلاقُ والعدل، والمساواة والحرية لا يمكن للمرء أن يؤسس المستقبل.

آرين الفتاة الكردية التي قاومت الفكر الظلامي والبعثي معاً، ووقفت في وجهِ الإرهاب بإرادتها القوية، وثقتها بأن المرأة قادرة على أن تدافع عن كرامتها وكرامة شعبها ووطنها، وبنضالها أثبتت أن المرأة الكردية قادرة أن تأخذ مكانها في بناء المجتمعات وفي كافة المجالات، فآرين المثقفة، والواعية، والسياسية، والادارية، الإنسانة، وأخيراً المقاتلة البطلة التي خرجت لتقدم روحها في سبيل كوباني من أجل أن تزرع البسمة على وجوه أبناء شعبها من أجل أن يروا وطناً ومجتمعاً حراً، فقامت بتفجير نفسها وسط أشرار وإرهابيي التاريخ وتقتلهم، ويرحل روحها وجسدها الطاهر إلى سماء الخلد التي هي ورفاقها عاهدوا وضحوا بحياتهم من أجل حرية الشعب الكردي واخراجهم من الظلم.

 وهنا نستطيع القول إن المناضلات الثلاث ستبقى شعلتهم لا تنطفئ في قلب كل كرديّ، حتى ينال الشعب الكردي حريته وحقوقه، و يبقى اسمهم ويبقى فكرهم وإرادتهم منبراً للعالم، ومثالاً لنا نتذكره ويتذكره العالم ليس فقط عقب مناسبات معينة بل في جميع الأوقات، ونحن كنساء كرد، في هذه المناسبة مناسبة 8 من آذار عيد المرأة العالمي، نجدّد العهدَ والوعد بأننا على خط النضال سائرون.

زر الذهاب إلى الأعلى