ثقافة

شخصيات لا تنسى ـ أوصمان صبري

osman-sebri-%e2%80%ab%e2%80%acكان شاعراً، ولغوياً، وكاتباً، وسياسياً، مشهوداً له بالفضل والكفاح والصفات الحميدة، كالوطنية الصادقة، والشجاعة النادرة، والصدق، والمثالية في القول والعمل، كان الرجل مثال السياسي والمثقف الكردي الجاد، ومشعل من مشاعل العلم والنور، ورائداً من رواد الأدب الكردي إنه الشخصية الكردية الوطنية الكاريزمية التي لا تنسى المناضل الجسور عثمان صبري.

ولد الكاتب والشاعر والمناضل الكردي الاستاذ عثمان صبري في قرية (نارنجي) في باكور كردستان سنة 1905، وكان والده رئيس عشيرة المرديسية والذي وافاه الأجل عام 1915 فتربى الطفل في كنف اعمامه. تلقى تحصيله الدراسي لمرحلتي الابتدائية والمتوسطة في مدينة دياربكر ومدن كوردستان الأخرى، تعرف عثمان في الثامنة عشر من عمره على الوطني الكردي اسماعيل أفندي الذي لقنه أول درس في الوطنية الأصيلة والمناهضة للتعصب العائلي والحزبي، تخرج من المدرسة الرشدية العسكرية العثمانية عام 1922، وفي عام 1926 اعتقلته السلطات التركية بعد انهيار ثورة الشيخ سعيد بيران سنة 1925 مع أعمامه، وبعد قمع تلك الانتفاضة الكردية بالحديد والنار، اعدم اثنان من اعمامه شكري، ونوري المناضلين الثائرين ضمن نخبة من الثوار الأبطال الميامين.أماعثمان صبري فقد بقي رهن الاعتقال لمدة سنتين في دنزلي عام سنة 1928حيث أطلق سراحة فيما بعد.

تركت هذه الفاجعة الأليمة أثراً عميقاً في نفسه، فشارك مع اخوته  في قتل الخائن بدر عثمان باشا الذي كان سبباً في اعدام اعمامه، فاعتقل عندئذ من قبل السلطات التركية مع ستة وعشرين  من رؤساء العشائر الكردية، وفي 24/12/ 1929 فر عثمان صبري إلى سوريا التي كانت تحت الانتداب الفرنسي خوفاً من العقاب من الحكومة التركية، فاستقر في دمشق واتصل به هنالك الفرنسيون طالبين منه التعاون معهم والعمل وفق مصالحهم وسياستهم في بلاد الشام لقاء أجر كبير، الا إنه رفض عرضهم هذا قائلاً: (إنني اعمل من أجل مصالح امتي الكردية فقط). وبسبب مواقفه نفي من قبل الفرنسيين إلى فلسطين سنة 1936 ثم نفي إلى شرق أفريقيا “مدغشقر “سنة 1937

اشترك الاستاذ عثمان صبري في تحرير مجلة (هاوار=الصرخة) التي كان يصدرها الامير جلادت بدرخان في دمشق منذ (15/5/1932)، نشر فيها قصائد قومية ومقالات حول اللغة الكردية وقواعد كتابتها بالحروف اللاتينية، وعندما أصدر الأمير جلادت مجلة كردية اخرى في دمشق باسم (روناهي=النور) من 1942 الى 1945 نشر فيها الاستاذ صبري قصائد ومقالات قيمة بالحروف اللاتينية أيضاً.

ونشر كذلك في مجلة (روزا نو=اليوم الجديد) التي اصدرها الدكتور كاميران بدرخان بين سنتي 1943 و1945 في بيروت مقالات سياسية ولغوية، فأصبح احد الكتاب الكرد القديرين الذين طوروا الكتابة الكردية بالحروف اللاتينية حيث وضع اللبنة الأولى في أساس قواعد الاملاء الكردي بهذه الحروف.

انضم الاستاذ عثمان صبري في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي إلى جمعية (خويبون=الاستقلال) وأبدى نشاطاً سياسياً ملحوظاً في صفوفها وتجول في جميع انحاء كردستان لإقامة علاقات وطنية وتنظيمية مع العناصر الكردية القومية، فزار  باكور كردستان لمساعدة ثوارآغري بقيادة الجنرال احسان نوري باشا، ثم اضطر أن يختبىء عند عشائر العنزة على حدود الدولتين السورية والتركية إلى أن غادر المنطقة متجهاً إلى باشور كردستان، حتى وصل هضاب بارزان  حيث اعتقل في سجون الموصل وبغداد في أيار 1931 بأمر من القوات البريطانية المحتلة للعراق وبعد الافراج عنه اضطر إلى الاختفاء عند البدو العرب، ثم زار روج هلات كردستان ايضاً، واتصل هناك بنخبة من مناضليها ومن بينهم قاضي محمد رئيس جمهورية مهاباد آنذاك،ثم ذهب الى لبنان وبقي هناك مدة ثم عاد الى دمشق ثانية

لقد أدى الاستاذ عثمان صبري دوراً سياسياً مؤثراً مع المناضل الدكتور نورالدين زازا ووطنيين آخرين، حيث أسسوا سنة 1957 الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا.وفي ليلة 23/5/1964 اعتقل في مدينة حلب مع رفاقه الحزبين، وهكذا قضى عثمان صبري في السجون أكثر من 12 عاماً وخلاله اعتقل أكثر من ثمانية عشر مرة منها مرتان في تركيا ومرتان في العراق ومرة في لبنان و13 مرة في سوريا وحكم عليه بالاعدام مرتين من قبل السلطات التركية، وأثناء تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني تعرض هو ورفاقه للملاحقة من قبل السلطات الأمنية لقيامهم بهذا التنظيم السياسي المحظور.

واعتقل مرة أخرى مع الدكتور نورالدين زازا ورشيد حمو في (8/8/1960) باعتبارهم زعماء مؤسسين للحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا وقدموا الى محاكم الجمهورية العربية المتحدة ايام الوحدة بين مصر وسوريا، فحكم عليهم بالاعدام شنقاً حتى الموت، لكن الأدباء والمثقفين الكرد قاموا في اوروبا والعراق ولبنان بحملة واسعة لجمع التواقيع وتقديم الاحتجاجات إلى حكومة جمال عبدالناصر من أجل اطلاق سراحهم،  وتوجيه نداءات وصرخات لإطلاق صراح عثمان صبري و رفاقه، لم تستجب سلطات حكومة الوحدة العربية في حينها لمطاليب هؤلاء الداعين الى اطلاق سراحهم إلا بعد سنة من اصدار هذه الاحكام الجائرة، فأطلقت سراحهم في (8/8/1961) ومرة أخرى في ليلة 23/5/1964 اعتقل في مدينة حلب مع رفاقه وذاق مرارة التعذيب في سجون النظام البعثي إلى أن اطلق سراحه واستقر عندئذ الاستاذ عثمان صبري في حي الاكراد بمدينة دمشق متفرغاً لكتابة دراساته القيمة، ليزوره كثير من الأدباء والعناصر الوطنية من كل انحاء كردستان، لأن اهتمامه كان موجهاً نحو تعليم اللغة الكردية فعلم أجيالاً من الشباب والشابات الكرد هذه اللغة التي أعلنت عليها الحرب منذ آمد بعيد وبقي مثابراًفي هذا الميدان إلى أن اختطفته المنية، و توفى رحمه الله في يوم الاثنين (11/10/1993) عن عمر ناهز الثامنة والثمانين عاماً ودفن في قرية بركفريه قرب الدرباسية بموكب مهيب واحتفال لائق، فسلام عليه يوم ولد ويوم غادر الحياة وهو مرفوع الرأس عزيز النفس فداء الوطن.ومن مؤلفاته

الألف باء الكردية –العاصفة –ألامنا- الابطال الاربعة -آبو

زر الذهاب إلى الأعلى