مقالات

سبيل الوصول إلى الحرية

?????????????????????????????????????????????????????????
?????????????????????????????????????????????????????????

بشيرة درويش

إنّ المجتمعاتِ عاشت تخبُّطاً لا مثيلَ له عبر السنين الماضية, بعد ظهور الهيمنة الرأسمالية ابتداءً من ظهور النظام الأبوي إلى الآن، فأشدّ أنواع العبودية هي العبودية التي تتعرض لها المرأة وانتهاك الطبيعة بشكل بربري.

المرأة التي لعبت دورَ الآلهة في مرحلة معينة, وصاحبة المهارات المئة والأربعة التي تدير المجتمع على أساس العدالة والمجتمع, هي الآن تتعرض لأبشع أنواع الظلم منذ خمسة آلاف عام, وتحولت لأرخص سلعة، وفقدت مكانتها المقدسة وعُرِف عنها بأنها وعاء لحمل الجنين والحفاظ على نسل العائلة.

لذا علينا أن نسأل أنفسنا، لماذا الرجل يفرض قوانينه على المجتمع ومن خلال التحكم بالمرأة, وهي التي تحمل مكانة مقدسة, فهي المضحية إلى أبعد الحدود في سبيل نيل حريتها, وهي التي خضعت ولازالت تخضع منذ ظهور السلطة الأبوية واستبعادها ليس كالجواري فقط وإنما تعرضها للاغتصاب والسبي كما تباع في أسواق العبيد, كما أنها تُستغل في الألاعيب السياسية دونما رحمة، ليس هذا فحسب بل وصلت الحال بها إلى درجة أنها تقبل على نفسها هذه الألاعيب أحياناً, وفي بعض الأمكنة تُعرض كالبدن والشكل فقط, مُجردةٌ من المشاعر وعاجزةٌ عن التعبير عن نفسها بأنها كيانٌ يجب النظر إليه ككائن حر، ولابد من النظر إليها باحترام وحفظ كرامتها.

فالزواج والأسرة طيلة تاريخ المدنية كانت تحت تأثير نموذج السلالة وفرض هيمنة الرجل كإيديولوجية رجولية, من خلال احتكارها وفرض القوانين السلطوية إلى جانب امتلاك هذه الهيمنة لإرادة المرأة وبقوة لتتخلى هي عن دورها كآلهة ويصبح بذلك هو الإله الذكر ويُحكم قبضته عليها, وبذلك يحكم على جميع مناحي الحياة. ووصل ذلك إلى الأوج في عهد الحداثة الرأسمالية لتثبيت احتكارها من خلال الهرمية الاجتماعية, ومن ضمنها عبودية المرأة وإظهارها عكس ذلك تحت شعارات براقة, واستغلال كدحها وبدنها أو استعمالها من أجل الربح الأعظمي ليزيد من ربحه, وهذا يظهر جلياً في أوروبا من خلال استغلالها وتفكك العلاقات الاجتماعية وحتى تفكك مؤسسة الأسرة أو الزواج ليحط من قيمة المرأة أكثر وفرض هيمنته, وهذا واضح من خلال الفوضى الظاهرة في المجتمعات الشرقية واستغلالها لدورها في الغرب.

لذا يستحيل أن يستمر الوضع بهذا الشكل, لأن أي مجتمع لا يأخذ بدور المرأة فهو مجتمع يفتقد إلى العدالة.

لأنها ليست أداة لإنجاب الأطفال فقط ووضعها تحت عبء السخرة فهذا هو الموت بعينه.

لذا على الأنظمة إصلاح نفسها وعدم تهميش دور الشبيبة واستغلال المرأة، وعلى المرأة أيضاً القيام بثورة نسائية من أجل التخلص من عبوديتها ومشاطرة الرجل الحياةَ بشكلٍ عادلٍ وحر، لأن الإصلاح يبدأ بمشاركة المرأة في كافة الميادين ولا يمكن أن نسمي الحياة حياتاً أو العيش أصلاً دون ذلك.

فكما كانت الثورة النيوليتية هي الأولى وفي القمة ومهد الحضارات, ولا زالت البشرية تستفيد منها, لابد الآن أيضاً أن تقوم بثورة ذهنية كما تفعل القوات النسائية في الـ YPJ والتصدي للفكر المتطرف المتمثل بداعش, ليس هذا فحسب بل على جميع الأصعدة أن تكون ثورتنا فكرية وإيديولوجية للقضاء على جميع المشاكل وحل القضايا العالقة من خلال صقل الشخصية فكرياً وإيديولوجياً، إلى جانب تحريك كل ما هو حولنا ابتداءً من الشخصية ومروراً بالمجتمع بما فيه الجوانب البيئية والحفاظ عليها دون استغلالها أو احتكارها.

ونحن الكرد لنا تجربة مريرة مع الأنظمة الحاكمة لكردستان, وخاصة الآن ونحن في روج آفايي كردستان مُرِسَتْ علينا العقلية الشوفينية في ظل حكم البعث الحاكم, أما الآن ولحسن الحظ بعد ثورة (19 تموز) عشنا ثورة بمعناها الحقيقي في مناطقنا والتي أثبتت بمشروعها (الإدارة الذاتية) إحياء الفكر الرائد بمساواة الجميع، والعيش على أساس أخوة الشعوب كلاً متكاملاً ليكون نواةً للفدرالية في عموم سوريا وينال الجميع حقوقهم.

ونصبح بذلك حلقةً متكاملةً تسير على نفس المسار دون المساس بحقوقنا الشخصية أو القومية، بل على العكس تماماً ليكتمل النسيج الوطني بألوانه الزاهية بعيداً عن الاحتكار, وكلما اقتربنا منه يزداد بريقاً ولمعاناً ونحن واثقون بأن خطواتنا نحو الحرية أثبتت أقدامها والعدالة والحرية باتت قريبة.

زر الذهاب إلى الأعلى