تقارير

خيارات الأزمة السورية والسيناريوهات المتوقعة

halab sirya suriyaتحقيق:مصطفى عبدو

الأوضاعُ السياسيةُ الحالية تتميزُ بferhan-haj-isaأنها مشحونةٌ بالاضطراب والسوداوية والغموض، إلى جانبِ وجودِ فوضى وأزمة هائلة جعل من الحديث عن امكانية الحل مهزلة.

 فقد أثبت العالم عجزه عن ايجادِ حلٍ يُرضي الأطراف السورية،  ومن الواضحِ أنهُ من غير المتوقع  إحرازُ أيِّ تقدمٍ في الأشهر القليلة المقبلة، بسبب العقبات الكثيرة المتراكمة التي تعترض أي سبيلٍ لإيجادِ الحل، وبالتالي قضت على آمال السوريين الذين يشاهدون بأم أعينهم كيف أن وطنهم يضمحل ويتعرض للإهانة يوماً بعد يوم، إلى حدٍ لم يعد الدم السوري خط أحمر ولا التراب السوري.

ماذا يحمل العام الجديد للسوريين؟

تؤكد الوقائع والتي لا تدع مجالاً للشك بأن الحرب ستستعر في العام 2017، وستكون في بعض الأحيان دامية, وكل قوة  فاعلة على الأرض ستحاول فرض نفسها بتحقيق  المزيد من الانتصارات والمكتسبات حتى تكون  ذاتَ تأثيرٍ على التوازنات السياسية التي تحدث أو التي ستحدث، وما نراه اليوم خير مثالٍ على ذلك، فالتوازنات اليوم لا تشهد أي ثبات، ولا يوجد ثباتٌ حتى في استمرار مرحلةٍ أوفي مراحل معينة، كما أن الاتفاقيات  أضحت تتموضع وفق أجندات معينة باتت هي بدورها معرضة للتغيير، أي أن المنطقة وصلت إلى مرحلة نشوء توازنات غير ثابتة، مثل ما يحدث بين روسيا وتركيا، وهذا يعود إلى التناقض التاريخي بينهما وتناقض رؤاهما الحالية والمستقبلية، وما يميز هذه المرحلة (مرحلة الفوضى) هو أن القوى المجتمعية تظهر بشكل قوي، ومشاريع هذه القوى تكون أكثر ثباتاً تفرض حالةً متقدمةً من الاستقرار كما الحال لمشروع الفيدرالية الديمقراطية في روج آفا- شمال سوريا، هذا المشروع الذي بات أكثر التقاءً بالمشاريع الدولية التي بدورها باتت تغذي الصراع المشهود في المنطقة وفق مرحلة الدولة القومية الطائفية بين قطبيها تركيا وإيران، أي الحرب السنية الشيعية، وأن لا فرق استراتيجي بين إيران وتركيا بالرغم من أن محاولاتهما تصب في تحقيقِ قدرٍ أكبر من الهيمنة، ولا تتورعان أحياناً من الاتفاق بينهما على حساب ومحاولة إفشال أي مشروع ديمقراطي في المنطقة.

2017عام التوازنات السياسية الدولية في الشرق الأوسط

وفيما يتعلق بتحرير الرقة فإن هذا التحرير سيؤدي إلى تعزيز وضع الكرد سياسياً وجغرافياً، بالنسبة للتوازنات في المنطقة والعالم، وسيجري العمل على نشر فلسفة الأمة الديمقراطية وستزداد الأصوات المُنادية  ببناء المجتمع الديمقراطي.

على الرغم من أن مرحلة ما بعد داعش في الرقة مغايرة تماماً لما يحدث في الموصل، فالأمر يتطلبُ دقةً في الحسابات والتوازنات لنيل دعمٍ سياسيٍ من قبل المجتمع الدولي ومن دول التحالف الدولي، وترسيخ التحالف العسكري الحالي  للوصول إلى اتفاقيات سياسية تؤدي في النهاية إلى تشكيلِ رأيٍ سياسيٍ عالميٍ إيجابيٍ نحو الكرد.

 وبقدر ما نعلم بأن العام 2017 سيكون عام الانتهاء من داعش والقضاء على التطرف باسمه، فسيكون عام التوازنات السياسية الدولية في الشرق الأوسط، سينجم عنها اتفاقيات معينة ثابتة نوعاً ما، وأن العام الجديد سيقرر مصير الكثير من القوى، وخاصةً التي كانت بمثابة أدوات منفذة لأجندة ضيقة ليست لها حاضنة مجتمعية منظمة.

الانتقال من الحرب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة

وما يحدث في حلب يؤكد هذه النظرة، وأن من يسيطر عليها سوف يكون لهُ تأثيرٌ مباشرٌ على المفاوضات السورية، وأن المناطق التي حررها وحدات حماية الشعب في شمال شرق حلب بدعوةٍ من الأهالي خاصةً بعد دحر وهروب الفصائل المسلحة منها، سيكون لهُ تأثيرٌ نوعيٌ على تقوية مواقفنا السياسية في سوريا وعموم روج آفا، وهنا تبقى احتمالية التوافق والتصادم مع النظام مفتوحةً على كل التوقعات، سيّما بعد الاتفاق الذي حدث بين روسيا وتركيا وقيام تركيا ببيع مدينة حلب بمن فيها إلى روسيا والنظام مقابل احتلال تركيا لمدينتي جرا بلس والراعي وغيرها من مناطق الشهباء، وهذا الاتفاق كان له تأثيرٌ بحصولِ تناقضٍ بين الفصائل المسلحة مثلما حدث في اعزاز وانضمامِ أعدادٍ منها إلى قوات سوريا الديمقراطية.

وما يحدث الآن  ليست إلا مقدمةً لبدء انتقالِ الحربِ من مرحلة الحرب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة، وتأكيداً على ذلك دخول تركيا المباشر إلى ساحة الحرب السورية، وكثرة المصادمات المباشرة، ووجود أساطيل لقوى عظمى في المنطقة وعلى تخوم سوريا المائي.

الدور التركي في المنطقة

لقد أخذت الدولة الفاشية التركية قرارَ تصفية حركة الحرية الكردستانية، ومن الصعوبة استئناف عملية السلام مع الدولة التركية، واجتماع مجلس أمنها القومي مؤخراً كان بمثابة التوقيع على العداء الصريح للكرد، وممارسة سياسة الأرض المحروقة في باكور، وأن السياسة الأمريكية متوافقة نوعاً ما مع تركيا في الوقت الحالي خصوصاً فيما يتعلق بحربها في باكور ، وبناءً على ذلك لا بد من تكثيف الجهود نحو تعزيز الجبهة الوطنية الكردية، وتعزيز الجبهة الديمقراطية والقوى العلمانية في سوريا.

وهنا يجب أن تتركز الدبلوماسية الكردية على ركائز متعددة أهمها:   – يجب أن نتقرب وفق مصادر قوتنا التي كانت السبب الأساس في النجاح وتحقيق المكتسبات.

  • لا بد من توجيه الجهود نحو كسر الحصار المفروض على روج آفا.
  • يجب عرض الملفات التي بحوزتنا عن الاحتلال التركي وتجاوزاتها على الرأي العام.
  • كما يجب تقوية الأواصر ما بيننا وبين البلدان العربية، والتعريف بأن مشروع الفيدرالية لا يشكل خطراً على أمن سوريا وأمن العالم العربي.
  • إلى جانب تمكين العلاقة مع جميع المكونات في روج آفا للوصول الى نتائج ايجابية تساهم في تعزيز السياسة الديمقراطية.

ولمزيدٍ من الايضاح قامت صحيفة الاتحاد الديمقراطي بجمع آراء بعض الشخصيات الوطنية لتقديمها إلى قراءنا الأعزاء:

سوريا الغد لن تكون كما سوريا الأمس واليوم

فرحان حاج عيسى: عضو حركة المجتمع الديمقراطي– كوباني

مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وظهور الدولة السورية والتي هي كانت أصلاً من مفردات الحرب العالمية الأولى واتفاقيات سايكس بيكو، وبانتهاء الانتداب والاحتلال الفرنسي أعلنت سوريا كدولة مستقلة ذات حدود، ومعها بدأت الصراعات البينية الداخلية بين التيارات القوموية وبين التيارات ذات التوجه البرلماني الدستوري المتأثر بالحياة البرلمانية الأوربية الغربية، وتحولها إلى ساحةٍ لصراعاتٍ دولية وإقليمية، وكان التوجه على الأغلب نحو بناء دولة دستورية برلمانية تتمتعُ بهامشٍ ديمقراطيٍ ليبرالي، والتي كان من المحتمل أن تتطور أكثر لتستوعب كل مكوناتها الأثنية والعرقية، والتقرب أكثر لحل القضايا الاجتماعية ومن ضمنها قضية الشعب الكردي في روج آفا.

ونتيجةً لسلسلةٍ من الانقلابات العسكرية انتصر فيها التيار القوموي الشوفيني الناصري في البداية ومن ثم البعثي، وألغيت الحياة البرلمانية وتوجه البلاد نحو دكتاتوريات عسكرية فاشية اعتمدت ذهنية القومية الواحدة والعلم الواحد والحزب الواحد، وأصبحت هذه العقلية وبالاً على المجتمع السوري بشكلٍ عام والشعب الكردي بشكلٍ خاص، الذي تعرض لإبادةٍ ثقافيةٍ وتغييراتٍ ديموغرافيةٍ قاسية عبرَ سلسلةٍ من المشاريع العنصرية التي طُبِّقَتْ في المناطق الكردية.

وبذلك أصبح المجتمع الكردي أكثر حضوراً في حقل معارضة هذه الممارسات العنصرية عبر إرهاصات وتفاعلات نضالية منذ خمسينيات القرن الماضي، وأصبحت أكثر وضوحاً وفاعليةً مع ظهور حركة التحرر الكردستانية، مؤدياً لنهضة ثوريه مجتمعيه توجت بانتفاضة 2004 في وجه الممارسات الديكتاتورية للنظام.

ومع أحداث 2011 وتزامنها مع ما يسمى بالربيع العربي أصبحت سوريا مرة أخرى ميداناً لصراعاتٍ دوليةٍ وإقليمية أكثر صرامةً ووضوحاً من السابق، وانجرار القوى المحلية وراء هذه الصراعات، وأصبحت أدواتاً لتنفيذ أجنداتها، وحارساً أميناً لتحقيق مصالحها، وبالتالي أصبحت الشخصيات التي ظهرت في ربيع دمشق كمعارضة ديمقراطية أصبحت كهياكل كراكوزية مرتبطة بخيوط اللعبة الدولية وتتحرك حسب اهوائها ومطالبها، وبالتالي أُفْرِغَتْ من مضمونها الوطني وتحولت إلى قوى ارتزاقية عميلة ممولة من قبل السعودية وتركيا (عرابي) التوجه الطائفي السني، واستقدامهم لآلاف المتطرفين والإرهابيين، وتسليحهم ونشرهم على الأراضي السورية عبر البوابة التركية, في الوقت نفسه أصبح النظام أكثر شراسةً وعنفاً وارتباطاً بالمحور الإيراني الطائفي مع المجاميع المرتبطة بها.

وبهذا يكون النظام والمعارضة المذكورة  أدوات التقاتل والتحارب في خدمة المصالح الدولية، الذي دفع ضريبتها الشعب السوري المغلوب على أمره, إلى جانب افتقار كل من المعارضة والنظام لأي مشروع وطني بديل يضع حداً لهذا التوحش والإرهاب.

وفي هذه الأثناء توجهت الأنظار إلى روج آفا وشمال سوريا والتحولات الجارية هناك، والتي قادتها حركة المجتمع الديمقراطي من خلال طرح خارطة طريق يمثل الخط الثالث ذو التوجه الديمقراطي المجتمعي، وإيجاد الحلول للقضايا التي سببت الأزمة، ووضعِ حدٍ لهذه الحرب الأهلية، ورفع لواء التصدي للإرهاب، وكانت نتيجتها سلسلةٌ من الانتصارات أثارت إعجاب واحترام العالم، وبالتالي أصبحت روج آفا محور ومركز الاهتمام الوطني والدولي من خلال تطبيق مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية بعد ثورة 19 تموز وكذلك المشروع الفدرالي الديمقراطي المطروح.

كل هذا السرد يوضح آفاق المستقبل السوري وتأثيره على بوصلة التوجه السياسي المحتمل، بالإضافة إلى ذلك وجود اتفاقات وتفاهمات دولية تحت الطاولة أو غير معلنة بين الأطراف الدولية ذات الصلة، والذي سيكون جزءً من هذا التوجه غير واضح إلى الآن.

 نتيجة:

لعدم وضوح كل المواقف أي بمعنى هناك أمورٌ متفقٌ عليها بين الأطراف الدولية المؤثرة على الوضع السوري، ولكنها غير مُعلنة… أي اتفاقات تحت الطاولة. وعدم وجود مشروع وطني متفق عليه أو بالأحرى عدم وجود هيكلية واضحة للقوى الديمقراطية التي من المفروض أن تكون صاحبَ قرارٍ في مستقبل سوريا.

 فقط لدينا المشروع الذي طرحه حركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM حول فدرالية روج آفا شمال سوريا، والذي تم الاتفاق عليه من قبل جميع مكونات المنطقة، وبعض القوى المنضوية تحت مظلة الإدارة الذاتية الديمقراطية, والمشروع رغم احقيته وصدقه والتزامنا بالنضال على تحقيقه, ولكن حتى الآن لا يوجد إجماعٌ وطنيٌ حوله، كونه لا يوجد قوى وطنية موحدة في عموم سوريا.

بكل الأحوال سوريا الغد لن تكون كما سوريا قبل 2011، وكل القوى المؤثرة  في الوضع السوري مقتنعة بذلك، وبالتالي فمركزية الدولة القومية أصبحت في خبر كان، أي سنكون على موعدٍ مع دولة لامركزية فدرالية قد يختلف دستورها عن مسودة العقد الاجتماعي المطروح حول فدرالية شمال سوريا، لأن القادم الذي يتحقق على الأرض سيكون نتيجة توافقات وطنية سورية ودولية،

وعلى صعيد القوى الوطنية سوف يتغير المشهد السياسي وبالتالي فأغلبية القوى الموجودة حالياً والتي ظهرت في جنيف (1و2و3 ) وما بعدها سوف لن تكون هي الفاعلة الأساسية, وحقوق الشعب الكردي سوف تثبت على الأرض، وسيكون هناك إجماعٌ دوليٌ حول ذلك وبشكله الفدرالي اللامركزي على الأغلب، والبقعة الجغرافية التي احتلتها تركيا سيحاول الأتراك في جعلها منطقة تركمانية لأكثر من سبب منها فصل مناطق روج آفا، وكذلك محاولة منها لعرقلة الفدرالية بطرحها لحقوق التركمان وجعله كقميص عثمان لخلط الأوراق ليس أكثر.

طبعاً لن ننسى تداعيات ونتائج تحرير الرقة والموصل بالانعكاسات المؤثرة على المشهد السياسي في العراق وسوريا، وسيكون هناك تداعيات عسكرية وحروب وتقاتل نتيجة كل هذه التوافقات المطروحة, فالحشد الشعبي الشيعي سيكون له كلمته في هذا التقاتل، وكذلك الفصائل التي يتم تجميعها في إدلب سيكون لها دوراً في هذه التجارب، وكل هذا سيكونُ لهُ آثارٌ حتميةٌ إلا أن الوضع في سوريا سيكون مشابهاً لما ذكرته سابقاً مع الأخذ بعين الاعتبار هذه التداعيات الأخيرة….

كلمة المحرر:

بدايةً لابد من القول إن ما يحدث في سوريا، لا يمكن أن يصل إلى بلورةِ حلٍ سياسيٍ يلملم أوراق البيت السوري المتهالك، الموضوع يتجاوز كل هذه الحلقات الضيقة ويطرح نفسه بدلالاتٍ أعمق تتعلق بإعادة تشكيل وصياغة منطقة الشرق الأوسط، وإيجاد نظام إقليمي أمني جديد بتفاعلاته وترتيباته وعلاقاته ويتجاوز المفاهيم الكلاسيكية، وفي هذا الإطار لابد من قراءةٍ دقيقةٍ لإشكاليات الأزمة السورية من أجل الوقوف على أهم النتائج التي يمكن أن تتمخض عنها هذه الأزمة، التي سوف تفرض نفسها على شكل ترتيبات سياسية على أرض الواقع.

 فمحلياً يمكن القول إن ملامح الأزمة بدأت بعد سيطرة النظام على أجزاء شاسعة من ثاني أكبر وأهم مدينة في سوريا (حلب).

إقليمياً يمكن القول إن ما يحدث في سوريا يمثل مرحلة انتقالية تشهدها منطقة الشرق الأوسط التي تستهدف إعادة صياغة المنطقة، وإيجاد نظام إقليمي ذو بعد أمني يتجاوز الحدود القديمة، وتتشارك فيه معظم القوى الإقليمية مع سعي غيرها إلى إفشاله وفقاً لمصالحها، فتركيا تمثل ركيزة أساسية في منطقة الشرق الأوسط، لها مصالحها التي تسعى إلى تحقيقها وحمايتها، فهي فضلاً عن نفوذها الإقليمي في العراق تسعى إلى أن يكون لها نفوذٌ في سوريا، بل أن الأمر يتجاوز هذه الحدود الضيقة إلى مجال أوسع يتعلق بالفلسفة التي تحكم الاستراتيجية التركية الإقليمية الجديدة، وهي التحول من صفة المشارك في صناعة المشهد الإقليمي إلى صفة المتحكم في صناعة وتسيير هذا المشهد، إضافةً إلى مد نفوذها الإقليمي إلى دولة تشارك معها حدوداً طويلة.

دولياً يمكن القول إن نظرة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها للأزمة السورية لا تتعدى حدود الحفاظ على مصالحها الجيواستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، اقتصادياً وأمنياً أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة تسعى إلى تهدئة وترتيب الأوضاع في المنطقة، خاصة بعد الاتفاق المبدئي مع إيران حول برنامجها النووي والاعتراف بنفوذها في المنطقة، وأن تكون  إيران جزءاً رئيسياً في إي ترتيبات أمنية جديدة محتملة.. وإزاء ذلك كله لابد من الإشارة إلى أن الأزمة في سوريا أفرزت استقطاباً إقليمياً  ودولياً واضح المعالم، وهذا بحدِ ذاتهِ تطورٌ جديدٌ يطرح نفسه كمتغيرٍ جديد، وينذر بأن هناك ملامح مشهد إقليمي جديد تسعى من خلاله الدول المتنفذة إلى لعبِ أدوارٍ محوريةٍ في إي تفاعلاتٍ إقليميةٍ مستقبلية.

أن تطورات الأزمة السورية تبدو أعقد من ذلك، في ضوء عدم قدرة كل الأطراف على الحسم، مما يدفعنا إلى القول إن الأزمة في سوريا منفتحة على سيناريوهات عديدة منها:

التدخل العسكري البري: يفترض هذا السيناريو ضرورة التدخل العسكري البري من أجل تطبيع الأوضاع وإنهاء الأزمة في ضوء اقتناع التحالف الدولي بأن الضربات الجوية وحدها لا تكفي، من دون أن يرافقها تدخلٌ بريٌ على الأرض.

الحرب الأهلية والتقسيم: يفترض هذا السيناريو أن تطورات الأزمة في سوريا يمكـــن أن تفضي إلى التقســـيم، وما يعزز هذا السيناريو هو عمليات الاقتتــال الدائرة بين الأطراف المتعددة وعمليات إجلاء السكان ( من دوما إلى ادلب مثلاً).

الحرب بالوكالة: يفترض هذا السيناريو أن هناك ملامح حرب بالوكالة بدأت تفرض نفسها على الأزمة وبقوة.

وهذا المشهد يبدو أقرب إلى التحقق في ضوء تطورات الأوضاع في سوريا، كما أنه قد يكون بديلاً عن التدخل العسكري البري، الذي قد يفتح البابَ لحربٍ إقليميةٍ شاملة تهدد استقرار المنطقة عامة.

التهدئة والعودة للحوار: يفترض هذا السيناريو أن الأزمة في سوريا يمكن أن تؤول إلى التهدئة من خلال مبادرات سياسية، وهذا ما تجسد بالمبادرة الروسية التي دعت الجميع للعودة إلى الحوار، أو من خلال مبادرة تقودها الأمم المتحدة وبرعايتها، إلا أن هذا الموضوع يتوقف على مدى جدية أطراف الصراع.

على الرغم من كل ما تقدم، يمكن القول إن الأزمة السورية أفرزت استقطاباً إقليمياً ودولياً واسع النطاق لم يشهده العالم من قبل، كما أن هناك ملامح نظام إقليمي جديد سوف يفرض نفسه وبقوة على مجمل تفاعلات المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

بالمحصلة وفي ظل المستجدات والتطورات يظهر القوس النضالي المقاوم الذي يمثله (قوات سوريا الديمقراطية) بارقة أمل لكل السوريين وعلى مختلف مكوناتهم وأطيافهم، هذا القوس المقاوم الذي لابد وأن يجري العمل أكثر فأكثر على تحصين إرادته ودعمه من أجل احباط المخططات والرد على كل التحديات.

زر الذهاب إلى الأعلى