تقارير

تركيا” أردوغان”: دورها في الأزمة السوريّة/ صراعاتها العلنيّة- وصراعُها الخفيّ

turkiya-%e2%80%ab1%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac turkiya-%e2%80%ab1%e2%80%ac turkiya-%e2%80%ab30977929%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac turkiya-%e2%80%ab30977930%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac turkiya-%e2%80%ab30977931%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac turkiya-%e2%80%ab30977932%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac turkiya-%e2%80%ab30977933%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%acتركيا والصراع السوريّ، ومواقفها المتغيّرة:

تركيا التي انخرطتْ باكراً في الصراع السوريّ، وتبنّتْ إلى حدٍّ بعيدٍ أهدافَ الثورة السوريّة، بما فيها إسقاطُ النظام، وقدّمت دعماً كبيراً لقوى الثورة( السياسية والعسكرية)، توتّرتْ علاقاتُها مع روسيا، بعدَ أن أسقطتِ المقاتلاتُ التركيّةُ طائرةً روسيّةً في العام2015، إضافةً إلى تصاعدِ التوتّرُ الداخليّ، وسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على مسافاتٍ طويلة من الحدود السورية التركية، ثمّ الانقلاب الفاشل في2016، كلّ هذه العوامل دفعتْ بالسياسة التركية نحو مراجعةٍ شاملةٍ اقتضتْ انعطافاتٍ مفاجئةً نحو روسيا وإسرائيل ومصرَ. مما تركَ أسئلةً كثيرةً ما زالت معلّقةً.

الحقيقةُ أنّ التغييرَ الذي خطّهُ أردوغانَ في السياسة التركية لم يكن مزاجيّاً أو ارتجالياً، فتراجعها عن سياساتها السابقة  جاء وليد تفاعلٍ مديدٍ لعواملَ كثيرة، داخليّة وخارجية. تتعلّقُ بالداخل التركيّ، كالمشكلة الكردية وحزب الpkk التي لم توجِد حلولاً لها حتى الآن، وظاهرة الإسلام الصوفيّ وحركة فتح الله غولن واسعة الانتشار في الداخل، والانقلاب الفاشل في العام الفائت، والوضع الأمني الهشّ في الداخل التركيّ الذي بات يهدّدُ وحدةَ تركيا واستقرارها. وهذا ما دفعَ بتركيا إلى التراجع والاستدارة وتقديم الاعتذارات والبحث عن تحالفاتٍ جديدة لها.

إضافةً إلى الخارج التركي، حيثُ التوتّرُ في العلاقات الأمريكية التركية، وقد بدا واضحاً الخلافُ في التوجّهين، في عهد أوباما، حيالَ الوضع في سوريا. من هنا لجأت تركيا إلى تسوية الخلافات التركية الإسرائيلية، وأعادت العلاقات مع روسيا إلى سابق عهدها، فالطرفان بحاجة إلى بعضهما بحُكم المصالح الاقتصادية الكبيرة التي تربط بينهما. والاستدارةُ كانت عمليّةً أيضاً، فبعدَ الاكتفاء طوالَ خمس سنوات بدعم المعارضة وتسهيل إمداداتها ورعاية اللاجئين والتصريحات الناريّة ضدّ النظام السوريّ، انتقلتْ تركيا إلى مرحلة التدخّل العسكري المباشر، بمشاركة فصائل تدعمها، تريدُ بذلكَ ضرب عصفورين بحجرٍ واحدٍ: احتلالُ المسافة بين جرابلس وإعزاز وصولاً إلى الباب( للقضاء على الحلم الكردي بإنشاء كيانٍ شمال سوريا يمتدّ من قامشلي إلى عفرين)، وتثبيت موطىء قدمٍ لها في الأرض السورية، لفرضِ نفسها طرفاً في الصراع وطرفاً في الحلّ، ولعدم تجاهلها مستقبلاً وبخاصةٍ في مواجهة إيرانَ التي تنتشرُ ميليشياتها وحرسُها الثوريّ على أغلب الأراضي السوريّة. أنها تريدُ زيادةَ أسهمها في الملفّ السوريّ.

دكتاتوريّةُ تركيا تدخلها في أزمةٍ مع أوروبا:

هناكَ موجةٌ من العداء الواضح شبه الرسميّ تعمّ الدول الأوروبية ضدّ تركيا وقيادتها، وتُرجمتْ إلى مواقفَ وإجراءاتٍ على الأرض خرجتْ من حيّز القول إلى حيّز الفعل ضدّ تركيا. النمسا وألمانيا وسويسرا وهولندا تتزعّمُ المشهدَ العدائيّ هذا، وفي منحىً تصعيدي وصلَ حدّ منع وزير الخارجية التركي من الهبوط في هولندا،  وترحيل وزيرة الأسرة التركية إلى ألمانيا من هناكَ بعد منعها من دخول قنصلية بلادها في روتردام، واستخدام القوة والكلاب لتفريق مواطنين هولنديين من أصولٍ تركية حاولوا لقاءَ الوزيرة. السويدُ والدنماركُ أيضاً تدخلان على خطّ الأزمة مع تركيا، عقبَ تراجع صاحب صالةٍ بالعاصمة ستوكهولم عن استقبال تجمّعٍ للأتراك من مؤيدي التعديلات الدستوريّة، كان من المقرّر أن يحضرهُ نائب رئيس حزب العدالة والتنمية مهدي إكر. وتأتي عرقلةُ الفعاليات الجماهيرية لمخاطبة الأتراك في السويد وغيرها من الدول الأوروبية طوراً جديداً في هذا المسعى الذي يستهدفُ على ما يبدو إضعافَ التأثير الرسميّ التركي في أوساطهم. ولتهدئة الأمر، اقترحَ رئيس الوزراء الدنماركي على نظيره التركيّ إرجاءَ زيارةٍ للدنمارك كانت مقرّرةً في نهاية مارس الحالي بسبب التصعيد بين تركيا وهولندا. وتعلنُ وسائلُ الإعلام الأوروبية كلّ يوم أنّ هناكَ شعوراً بعدم الارتياح في أوروبا تجاهَ زيارة السياسيين الأتراك، وقد لاقتْ هذه الزياراتُ مقاومةً في البلدان الأوروبية الأسبوع الماضي. وهدّدت تركيا هولندا بأنها ستردّ ب( أشدّ الطُرق)، ووصفَ أردوغانُ هولندا(شريك بلاده في الحلف الأطلسي) بأنها( فلولٌ للنازيين)، وردّ رئيسُ الوزراء الهولندي بالقول إنّ( التصريحات النارية لأردوغان لن تساعدَ في نزع فتيل خلافٍ دبلوماسيّ بين البلدين) مؤكّداً أنّ بلادهُ ستبحث عن خياراتٍ أخرى إذا لم تكفّ تركيا عن إصدار مثل هذه التصريحات.

ألمانيا أيضاً تبدو علاقاتها وتركيا أمامَ سلسلةٍ من التراكمات الكفيلة بتوتير علاقاتهما، وبداية التوترات برزت بعد قيام السلطات التركية باحتجاز صحافيٍ ألماني- تركي في نهاية فبراير الماضي، تلتها محاولاتُ حظر تجمّعاتٍ جماهيرية يحضرها وزراء أتراك لمخاطبة جالياتهم في دول أوروبا. ولم يتردّد أردوغان في الإلقاء بثقله فيها ، واصفاً السياسةَ الألمانية ب( النازيّة).

الخلافُ التركي- الأوروبي، أزمةٌ عابرةٌ أم صراعٌ إيديولوجي؟:

فجأةً تجدُ تركيا نفسها في أزمةٍ عميقةٍ مع عواصم أوروبا. ثمّةَ اعتقادٌ أوروبي بأنّ تركيا تزحفُ نحوَ دوله وفقَ مخططاتٍ مدروسةٍ، بينما ترى تركيا أنّ الماضي الاستعماري الأوروبي ما يزالُ حاضراً بقوة، وأنّ النازيةَ والفاشيّةَ ما زال لها أحفادها في أوروبا لا يتوقفونَ عن السعي لاستهداف تركيا بل وتقسيمها.

في معرضِ ردّهِ على منع العديد من الدول الأوروبية إقامةَ فعالياتٍ مؤيدةٍ للاستفتاء على تعديلاتٍ دستورية في تركيا، قال أردوغان أكثر من مرة إنّ( هؤلاء هم فلولُ النازيّة، هؤلاء هم الفاشيون)، وكان كلامهُ موجّهاً بشكلٍ أساسي إلى المسؤولين الألمان والهولنديين. التصريحاتُ الناريّة المتبادَلةُ من شأنها أن تبيّنَ لنا حقيقة طبيعة العداء الحالي، وتبرزُ تعاظم مخاوف الطرفين، في ظلّ المتغيرات الداخلية التي يشهدها كلّ طرفٍ، وصعود النزعات الشعوبيّة. فعلى الجانب الأوروبي ثمّةَ تعاظمُ الخوف من الإسلام السياسيّ، وكُرهٌ للأجانب بشكلٍ عام، وغضبٌ من زيادة أعداد اللاجئين، ومخاوف من ارتباط الجاليات المسلمة بأحزاب وإيديولوجياتٍ في بلدانها الأصلية، أكثر من الولاء لدولها الجديدة. وهناكَ ترويجٌ في الإعلام الأوروبي عموماً لفكرة أنّ أردوغان ليسَ سوى إسلاميٍ خطيرٍ، يتطلّعُ إلى أن يكون سلطاناً مستبداً يؤسّسُ لدولةٍ عثمانيةٍ جديدة، ولعلّ مثل هذه الصورة كافيةٌ لاستيقاظ الذاكرة التاريخية لدى الأوروبيين.

وفي المقابل، فإنّ أردوغانَ يعرفُ كيفَ يستغلّ هذا الخلاف مع خصومه في الداخل والخارج، ليجعلَ من الأمر معادلةً تصبّ في صندوق الاقتراع لصالحهِ. فهو عندما يذهبُ إلى التصادم مع الأوروبيين ويصفهم بأحفاد النازية والفاشية، يعرفُ كيفَ يستفيد من شتائمه لتحريض وجذب الجاليات التركية للتصويت لصالحه في صندوق الاستفتاء أو الانتخاب.

الحقيقةُ أنّ التصعيدَ الحالي بين تركيا وأوروبا ليسَ مرتبطٌ بالاستحقاقات الداخلية، وسينتهي بانتهائها، بقدر ما هو مرتبطٌ بصراعٍ تاريخيّ حضاريّ أو إيديولوجيّ، ولعلّ الخوفَ العثمانيّ الساكن في العقل الجمعيّ الأوروبي- الذي لم ينسَ بعدُ اقتحامَ السلطان سليمان القانوني فييّنا- يشكّلُ دلالاتٍ واضحة للموقف الأوروبي اليوم، خاصّةً مع صعود الجماعات المسلّحة كتنظيم داعشَ والقاعدة، وقيامها بتفجيراتٍ داخلَ مدنٍ أوروبية، مما أدى إلى ارتفاع حساسية الأوروبيين إزاءَ كل ما هو مسلم، وباتَ الخوفُ من المواطن التركيّ الذي يزداد في أوروبا حيث وصل في ألمانيا وحدها إلى(3 مليون).

أوروبا باتت تعرفُ أنّ أردوغانَ بالنسبة لهم ليسَ سوى سلطان عثماني يريدُ إعادةَ أمجاد أجدادهِ من السلاطين، وهو ما لن تقبله أوروبا.

تركيا أيضاً تتهمّ ألمانيا بدعم حزب العمال الكردستاني وحليفه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكرديّة، واعترافها بالإبادة الأرمنية، ومنح اللجوء السياسي للعديد من الضباط الأتراك المتورطين في الانقلاب العسكري الفاشل، وعليه فإنّ الأزمةَ الحاليةَ توحي بصعوبة عودة العلاقات إلى ما كانت عليها، حتى بعد الانتهاء من الاستحقاقات الانتخابية. خاصةً أنّ المتغيّرات الداخلية قد تزيد حدّةَ التوتّر والصدام على أرضيّة التناقض الحضاري والسياسي.

تركيا، وانتهاكاتها الجسيمةُ ضدّ الكرد في تركيا وسوريا:

ومؤخّراً اتّهمتِ الأممُ المتحدّةُ الجيشَ التركيّ بارتكاب انتهاكاتٍ جسيمةٍ أثناءَ الاضطرابات التي شهدتها جنوب شرق تركيا، وقُتلَ فيها ألفُ شخصٍ في أقلّ من18 شهر، وشُرّد ما يقارب من 500 ألف شخص معظمهم من الكرد، بين تموز2015و كانون الأول2016 حسبما قال تقريرُ الأمم المتحدة. ووثّقَ محقّقوا الأمم المتحدة، في الفترة التي أعقبت انهيار الهدنة بين تركيا وحزب العمّال الكردستاني، وقوعَ مئات من عمليات القتل والاختفاء والتعذيب، أثناءَ العمليات العسكرية للجيش التركي التي طالت30 بلدةً وحياً. وقالتِ الأممُ المتحدةُ في تقريرٍ لها، بأنّ قواتِ الأمن التركي قتلت 2000 شخص وتسببت في دمار هائل بالمناطق الكردية في شمال كردستان، وارتكبت( انتهاكاتٍ خطيرة) في عملياتها ضدّ الكرد منذ العمل بوقف إطلاق النار في صيف2015، وقدّرت عددَ النازحين بين355ألف و500 ألف شخص. وأضافَ التقريرُ أنهُ في بلدة( جيزرة) في بداية 2016 حوصرَ نحو189 شخصاً لأسابيعَ في أقبيةٍ بدون ماءٍ أو طعام أو رعايةٍ صحيّة أو كهرباء، قبلَ قتلهم بنيران ناجمةٍ عن القصف.

تركيا اعتقلت1563 من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، منهم 78 من رؤساء البلديات في الولايات والنواحي والمدن الكردية. واعتقلت 15 صحافياً، منهم صحفيون ألمان وهولنديون، فقط لأنهم كتبوا تقاريرَ عن الكُرد، ووصفوا الوضعَ في المناطق الكردية شمال كردستان بأنه( حربُ إبادةٍ صامتةٍ ضدَّ الكُرد).

كما وانتهكتْ تركيا، وبشكلٍ فاضحٍ، القانونَ الدوليّ، إذ بعد أيامٍ من العبور الذي قام به السيناتور الأمريكي جون ماكين إلى سوريا عبرَ الأراضي التركية، قامتِ السلطاتُ التركيةُ بقطع مياه نهر الفرات عن الأراضي السورية في شمال البلاد، وهو ما يعتبرُ خرقاً للاتفاقيات الدولية الخاصة بتقسيم المياه بين الدول. الأمر الذي انعكس سلباً وأدّى إلى توقّف عنفات التوليد المائية في سدّ تشرين، إضافةً إلى انخفاض كبيرٍ في مستوى احتياطيات المياه هناك.

تركيا فشلٌ في منبجَ، وتصعيدٌ في شنكالَ:

باتت تركيا على قناعةٍ تامةٍ بأنّ الحلَّ العسكريّ في منبجَ غيرُ مجدٍ وغيرُ ممكنٍ، وكانت تركيا طالبتْ مراراً خروج مقاتلي ypg من المدينة نحو شرقي نهر الفرات، الأمر الذي أكّدتهُ الأخيرةُ مراراً، مشيرةً أنها سلّمت المدينةَ لقوى محليّة( مجلس منبج العسكري). فعمدت إلى افتعال صدامٍ مسلّحٍ مع البارزانيّ في منطقة شنكالَ، وكشفَ وزيرُ الدفاع التركي عن إمكانيّة شنّ عمليّة بريّة مشتركة مع البيشمركة ضدّ حزب العمّال الكردستانيpkk  في قضاء شنكال شمالي العراق. وقال” فكري إيشك” إنّ( تركيا  تبحثُ كلّ الخيارات لمنع المقاتلين الكرد من انتزاع موطىء قدمٍ في منطقة سنجارَ بالعراق) وأنّ أنقرةَ( لن تسمحَ بتحويلِ شنكالَ إلى قنديلَ ثانية)، في إشارةٍ إلى جبال قنديل معقل pkk شمالي العراق.

إنّ ما حدثَ في شنكالَ، من استهدافٍ للمدنيين المتظاهرين من أبناء الشعب الإيزيدي، ونعتهم بالغوغاءَ والمشاغبين، هو مؤشّرٌ للمخططات التركية التي تستهدفُ الكردَ، عبرَ تأجيجِ نار الصراعات الداخليّة.

الوضعُ سياسيٌّ أكثر مما هو عسكريّ، فالموصلُ على وشكِ التحرير، وإذا تحررت ستتمكّنُ روج آفا من فتح طريقٍ أو معبرٍ نحو الموصل وكركوك وبغداد والمناطق العراقية الأخرى، وبالتالي سيُكسَرُ الحصارُ المفروضُ على شنكال وروج آفا. أيضاً تركيا مستاءةٌ من تطوّرات روج آفا، وحاولتِ التدخّلَ مباشرةً في منبج والباب، ولكنها فشلت، فعمدت إلى فتح جبهةٍ ثانية في شنكال، كي تقطعَ الطريقَ بين شرق وغرب روج آفا، للحصار من جهةٍ، ومن جهةٍ ثانيةٍ فإنها تريدُ ضربَ عصفورين بحجرٍ واحدٍ، فتضرب الكردَ بعضهم ببعضٍ، لأنها تخشى أن ينجح البارزاني في تطوير مطالبه باستقلال كردستان، فهي وإن تظهرُ الرضا أمامهُ، لكنها عدوٌّ له وتخشى ذلكَ في داخلها. إنها  تريدُ الزجّ بإقليم كردستان العراق في حربٍ وتوريطه لإضعافه وخلْقِ اقتتالٍ كرديّ- كرديّ لمصلحتها.

إنّ تركيا تريدُ ما استطاعتْ خلطَ الأوراقِ، فتدفع بالجانب الكرديّ في باشور كردستان إلى الانجرار نحو الحرب الداخلية، وما استعمالُ( بيشمركة روج) في ذلكَ إلاّ فتنةٌ للوصول إلى اقتتالٍ كرديّ، واستنزاف قوى pkk في روج آفا، والطرف الثاني أيضاً.

إنّ ثمّةَ مشاريع وسياسات ممنهجة، لا تزالُ ترمي إلى فرض الحصار على الكرد في الشمال السوريّ، بهدف إضعاف وشلّ قدراتهم الدفاعيّة ، وإجهاض تجربتهم الفتيّة في الإدارة الذاتيّة، وتشكيل مزيدٍ من الضغط وسدّ الطُرق والمنافذ أمامَ كرد سوريا. وإنّ ما حدثَ في شنكالَ  هو بتحريضٍ تركيّ واضحٍ.

تركيا عدوّ الشعب السوريّ عامةً، وتخشى الخطرَ الكرديّ على المدى البعيد:

تركيا ما تزالُ تريدُ إثباتَ قوتها، وتعزيز بقائها ونفوذها وفرضِ أطماعها في سوريا، رغمَ إدراكها بعدم موافقة روسيا وأمريكا. تركيا مستعدّةٌ لدخول الحرب في الرقّة بشرط( إبعاد الكُرد عن المشهد السوريّ)، وما عادَ التدخّلُ الغربيُّ مؤامرةً لتقسيم سوريا!

تركيا لا تحاربُ داعشَ فعلياً، ولا تقدّمُ المساندةَ للشعب السوريّ، رغمَ كلّ وعودها. كلُّ همّها هو إقناعُ حكومات العالم، الغرب، أمريكا وروسيا، بالتوقّف عن التنسيق مع الكُرد في محاربة داعشَ.

تتطلّعُ تركيا بقلقٍ لتنامي ثقة الجماعات الكرديّة في سوريا، التي تشعرُ أنّ واشنطن تقفُ خلفَها في هذا الوقت، بثباتٍ أكبر من ذي قبل، وكان هدفها الرئيسُ هو منع إنشاء ممرٍّ تحتَ سيطرة الكرد تخشى أن يهدّدَ أمنَها. وأملتْ أنقرةُ فترةً أن تعزّزَ استراتيجيتها في شمال سوريا، بإقناع واشنطن بالتخلّي عن حلفائها الكرد، وتحويل الدّعم لجماعاتها من أجل شنّ الهجوم النهائي على الرقّة المعقل الرئيسي لتنظيم داعش في شمال سوريا، غيرَ أنّ الآمالَ في تحقيق ذلكَ تضاءلَت مؤخّراً.

ومما زادَ من الغضب التركيّ تصريحٌ أدلى بهِ قائدٌ أمريكي كبير، دافعَ فيه عن وحدات حماية الشعب، حيثُ قال إنهُ لم يرَ أيّ دليلٍ يربطها بهجماتٍ على تركيا، مشيراً إلى وجود دورٍ كبيرٍ لها في الهجوم النهائي على الرقّة. فيطيرُ أردوغانُ الأسبوع الفائتَ إلى موسكو لإجراء محادثاتٍ مع الرئيس بوتين، ولكن حتى الدعم الروسي غير مضمونٍ، حيثُ سبقَ أن استقبلتْ موسكو وفداً كردياً الشهر الماضي، وها هي تعزّزُ قاعدةً عسكريةً لها في منطقة عفرينَ لحماية الكردِ من هجمات تركيا. لذا تجدُ تركيا اليومَ نفسها في موقفٍ ضعيفٍ، وهي ولئن حققتْ بعضَ التقدّم على المدى القريب، فإنها تواجهُ خطراً كردياً على المدى البعيد.

كلمةٌ أخيرة:

المُتحدّثُ الرسميّ باسم الخارجية الأمريكيّة قال منذ أيامٍ” الحليفُ الرئيسيّ في الحرب على داعش بسوريا هي قواتُ سوريا الديمقراطيّة، التي تضمُّ كرداً وعرباً وتركمانَ وآشورَ وباقي المكوّنات السوريّة، ونحنُ نثقُ بهم وسنقدّمُ لهم كلَّ الدّعم.

أردوغان قلقٌ لأنهُ يدركُ جيداً أنّ ترامب سيدعمُ الوحداتِ الكرديّةَ في سوريا.

هناكَ تخوّفٌ تركيٌّ من سياسة ترامب في سوريا، وبتقديري فإنّ إرسالَ 400 جندي مارينز إضافي إلى سوريا، هو لدعم وحدات الحماية الكردية في سوريا.

تحقيق: سليمان محمود

زر الذهاب إلى الأعلى