الأخبارمانشيت

بانوراما مفردات الصراع الدولي والمتوسط مستقراّ للمهاجرين

raghandin-ewropaكتب التقرير حسين فقه – هولندا

قد تبدو الهندسة الدولية – وخصوصاً الأمريكية الروسية – لمفردات الصراع في سوريا أقرب ما تكون إلى الفوضى وهي كإمتداد إسترتيجي للفوضى الخلاقة التي تبدت معالمها في نهايات القرن المنصرم ، ورغم أن هذا المصطلح ” الخلاقة ” لم تجلب معها إلا الويلات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، إلا أن بؤرة التوتر وعقدة مركزية هذا التوتر ومفصلها الرئيس كان في سوريا والعراق لما لهذه الدول من تمركز جغرافي يتبوأ أهمية قصوى إسترتيجياً للقوى الكبرى وللدول الإقليمية أيضاً ، وهذا ما أوقف دومينو ما إصطلح على تسميته ثورات الربيع العربي ، مصطدمةً بالمصالح المتقاطعة والمتصارعة في المنطقة لينجم عنه إرتجاجات وإهتزازات إرتدادية إمتدت لكل الدول الإقليمية والعالمية بدون أن تحقق إنفراجاً – على الأقل لحد الآن – أو حلاً عادلاً لشعوب المنطقة المضطهدة تاريخياً والتي سماها ” فوكوياما ” في كتابه ” نهاية التاريخ ” ب ” الفئات المنبوذة “وتكاد تكون النظرية التي إعتمد عليها هذا الكتاب في متنه السياسي والفكري الصورة الناطقة لما يحدث الآن في العالم ومنطقتنا خصوصاً ، والتي تتلخص وتتمحور في السلطة التي تصل إلى سقف سلطتها وأقصى قدراتها في حكم العالم – مثلا – لتصطدم بحتمية الإنهيار الأليم والكارثي للسلطة بعد ذلك وبالتالي مخلفة الكثير من الفوضى ، لتنبثق من بين الركام تلك الفئات المنبوذة تاريخياً للتتبوأ مكانتها الحقيقية والعادلة بين الشعوب الأخرى محققةً تمايزها وهويتها .
وبنظرة بانورامية للتصريحات والمواقف الدولية وتطورات المسرح الميداني في سوريا والتي سنسرد بعض مفرداتها نجد أنها تعتمد قاموساً سياعسكرياً تصعيدياً لصياغة مفرداتها وجملها لإنشاء الأزمة المتفاقمة دون الوصول كما أسلفت لمنفذ ينفذ منه بدايات انفراج .
فلفد كشف التسجيل المسرب لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، أثناء اجتماعه مع ممثلين لأربع منظمات إنسانية سورية، عن اعتقاده بفشل الدبلوماسية الأميركية في حل الأزمة السورية، موضحا ً أسباب عدم تدخل واشنطن عسكرياً . وأعرب كيري خلال الاجتماع الذي تم على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن تعاطفه مع مطالب السوريين أن تتدخل الولايات المتحدة عسكريا في ظل الضربات الجوية السورية والروسية ضد المدنيين وقال: “الأميركيون ” لا يوافقون على إرسال الشباب للقتال في الخارج خاصة أننا نقاتل في عدة أماكن في العالم لعقود، هذا قد يغضبكم لكنها الحقيقة، المعارضة هناك وهي تفعل ما بوسعها ونحن ندعمها. وأضاف ” كيري ” : أعتقد أن ما بين 3 إلى 4 أشخاص في الإدارة الأميركية كانوا مع فكرة التدخل العسكري لكنني فقدت الحجة. دافعت عن استخدام القوة ووقفت وأعلنت أننا ذاهبون لمهاجمة الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيماوية”، في إشارة للحديث الذي دار في البيت الأبيض قبل خطاب للرئيس باراك أوباما، قال فيه إن القوات السورية تجاوزت الخط الأحمر . وانتقد كيري الكونغرس لفشله في دعم هذه الضربة العسكرية آنذاك، قائلا: “خلاصة القول هي أن الكونغرس رفض حتى التصويت للسماح بذلك، ولهذا فإن التدخل العسكري الجديد سيكون من الصعب تحقيقه والحصول على مواققه عليه ” . وأشار الوزير إلى أن القيود القانونية الدولية والدفاعات الجوية المحلية من أهم الأسباب التي تجعل التدخل العسكري الأميركي غير مجد، مضيفاً : نحن نحترم القانون الدولي والروس لا يفعلون، لا يمكننا التدخل عسكريا دون قرار من مجلس الأمن وأنتم تعرفون صعوبة تمرير ذلك . وشدد كيري على أن أي قصف جوي هجومي ضد الحكومة السورية يتطلب إخراج دفاعاته الجوية عن العمل، وهذا أمر يحتاج لعملية عسكرية شاملة مدعومة بقرار دولي، فيما التفويض الراهن محدود بضرب تنظيم “داعش” فقط . وسأل كيري الحضور السوريين عن أي مواد فيلمية بحوزتهم عن استهداف القوافل الإغاثية ونشطاء الدفاع المدني، متضمنة طائرات روسية أو سورية تحلق في الهواء خلال قصف جوي، وسأل: هل ثمة أحد كان موجودا في حلب خلال قصف القافلة ؟ هل يمكنكم الحصول على أحد من أجل الشهادة؟ ، في إشارة إلى واقعة استهداف قافلة إغاثية في حلب قبل أيام . واقترح كيري أن يمثل اللاجؤون السوريون “يوما ما” عاملا مهما في إخراج الأسد من السلطة، إذا أتيحت لهم فرصة التصويت في انتخابات رئاسية، وقال: “الأسد يخشى ذلك، هذا ما علمناه من مصادرنا الاستخباراتية “. وفي سياق آخررفض جون كيربي المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على ما قال أنها ” محادثات خاصة ” . وما نلاحظه من التصريحات الأمريكية أن الحل في سوريا من وجهة نظرهم دخلت عنق الزجاجة بدون أن يستطيعوا لي عنق الحقيقة بتسويفات وتبريرات سياسية مفادها التفاؤل على ضوء كارثة إنسانية تلعب فيها كل الأطراف الدولية والإقليمية أدوار التأزيم لا الحل . وعلى المقلب الآخر حذرت الخارجية الروسية، السبت، من أن أي عمل عسكري أميركي يستهدف العاصمة السورية دمشق أو الجيش السوري مباشرة، سيؤدي إلى “تغيرات مخيفة ومزلزلة” في الشرق الأوسط . وأدت الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من 5 سنوات، إلى خلافات عميقة بين موسكو التي تدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وواشنطن الساعية لإطاحته والداعمة لمعارضيه . وانهار وقف لإطلاق النار توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا في سوريا مؤخرا، بفعل التدخلات الإقليمية ” تركيا ، السعودية ، قطر ” والجهات الإرهابية التي يدعمونها والتي رفضت الهدنة من اليوم الأول .
وفي سياق التناول الدولي المحموم للأزمة السورية تقدمت فرنسا بمشروع قرار لمجلس الأمن يركز على حلب وعليه ناقشت القوى الخمس الكبرى في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار فرنسي حول سوريا وتتواصل تلك المناقشات على مستوى الخبراء ويركز المشروع الفرنسي على الوضع في حلب (شمال سوريا) التي تشهد قصفا بلا هوادة تشنه القوات السورية والروسية منذ انهيار هدنة برعاية واشنطن وموسكو. وتأمل فرنسا في أن تقدم الاثنين مشروعها الذي يركز على الوضع المأسوي في حلب، إلى جميع البلدان الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن. وفي الجلسة الأولى لسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين)، لم تقدم روسيا اعتراضا مبدئيا على النص، وطلبت مزيدا من الوقت لدرسه تفصيليا. وقال احد الدبلوماسيين “لم يبد الروس معارضة أولية”. ويدعو مشروع القرار إلى إعادة العمل بوقف إطلاق النار، وفقا للاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا في 9 سبتمبر، بهدف السماح بوصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق إلى المحاصرين في الأحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة، ووقف الطلعات الجوية للطيران الحربي فوق حلب . دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الأحد، نظيره الروسي فلاديمير بوتن إلى السعي للتوصل إلى حل سياسي في سوريا وذلك خلال لقاء بينهما على هامش قمة العشرين في هانغتشو في شرق الصين. وقال هولاند أمام بوتن “علينا أن نعمل الآن من أجل حل سياسي يمكن أن نتوصل إليه معا من أجل السلام في سوريا” مؤكدا أنه وبوتن يتشاطران “هدفا مشتركا هو مكافحة الإرهاب” . وأضاف الرئيس الفرنسي “بالنسبة لسوريا علينا أن نعمل على التوصل إلى حل سياسي عبر التفاوض”، ملاحظا أنه “عندما تندلع حروب ونزاعات و(يكون هناك) إرهاب ولاجئون، هناك بالضرورة تأثيرات” على اقتصادي كل من روسيا وفرنسا في ما يتجاوز “الشعوب المعنية”. ودعا هولاند بوتي في بداية اللقاء “إلى التصدي بشكل مباشر للوضع في أوكرانيا وسوريا”. وفي مستهل الاجتماع اكتفى بوتن بالقول إنه بعد أن بحث بشكل مطول ملفات اقتصادية دولية كبرى خلال النهار، فإنه يقترح الاهتمام الآن بالقضايا الصغيرة البسيطة التي تعني روسيا وفرنسا وتطرق الرئيس الروسي خصوصا الى المفاوضات المباشرة بين موسكو وواشنطن حول سوريا والتي قال مسؤولون اميركيون كبار الأحد على هامش قمة مجموعة العشرين انها “تراجعت” في نقاط عدة .
وفي سياق تصعيدي آخر من كل الأطراف عززت روسيا دعمها لحليفها بشار الأسد في جهوده الحثيثة للسيطرة على حلب، بإرسال طائرات جديدة، لتكثيف الحملات الجوية في معركة استعادة أكبر معقل للمعارضة. وتأتي الخطوة الروسية بعد أزمة حوار عاصفة، تلت فشل الهدنة التي كانت مقررة لإدخال المساعدات إلى مدينة حلب، وبعد تراجع واشنطن عن تصريحات سابقة بفشل الحوار مع روسيا. وشددت الولايات المتحدة الجمعة على أن المحادثات مع روسيا في شأن سوريا لا تزال في “العناية المركزة” ولا يمكن نعيها بعد، وذلك بعدما كانت هددت طوال الاسبوع بتجميد المحادثات الثنائية معها. وحسب رويترز، ذكرت صحيفة روسية الجمعة، أن موسكو أرسلت المزيد من الطائرات الحربية إلى سوريا لتكثيف حملتها من الغارات الجوية، في حين قالت الولايات المتحدة إن الجهود الدبلوماسية لوقف العنف هناك باتت “على جهاز الإعاشة” وإن كانت لم تمت. واحتدم القتال بعد أسبوع من هجوم جديد للحكومة السورية بدعم من روسيا لاستعادة السيطرة على كبرى المدن السورية وسحق آخر معقل حضري كبير متبق لدى المعارضة. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن موسكو مستعدة لبحث سبل إضافية لتطبيع الوضع في مدينة حلب السورية. لكنه انتقد في اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي جون كيري إخفاق واشنطن في الفصل بين الجماعات الإرهابية والمعارضة المعتدلة في سوريا مما سمح لما كانت تعرف بجبهة النصرة بانتهاك الهدنة التي توسطت فيها موسكو وواشنطن . جاء الاتصال بعد يوم من إعلان كيري أنه لا جدوى من الاستمرار في مزيد من المفاوضات مع روسيا بشأن سوريا “في ظل القصف الجاري . وأوضحت الولايات المتحدة الجمعة، أنها لن تنفذ الآن تهديدها الذي أعلنته يوم الأربعاء بوقف الاتصالات الدبلوماسية مع روسيا إذا لم تتخذ موسكو خطوات فورية لوقف العنف. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر، إن الولايات المتحدة لا تزال “على وشك” تعليق الاتصالات الثنائية مع روسيا بشأن سوريا. لكنه قال إن هناك أساسا كافيا للمحادثات يجعل واشنطن غير راغبة في الانسحاب منها بعد. وأضاف في إفادة صحفية أن العملية الدبلوماسية بين البلدين بشأن سوريا “على جهاز الإعاشة لكنها لم تمت بعد”. وتقول موسكو ودمشق إنهما لا تستهدفان سوى المسلحين وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين، إن النتيجة الرئيسية لضربات روسيا الجوية ضد المتشددين الإسلاميين في سوريا على مدى العام المنصرم هي “عدم وجود داعش أو القاعدة أو جبهة النصرة الآن في دمشق ، كما أكد الجمعة إنه لا يوجد إطار زمني لعملية روسيا العسكرية في سوريا.
إذن فلقد تشابكت أطراف اللعبة وتشابكت مصالح الأطراف ، نابذةً أي أفق إيجابي على صعيد التهدئة الحقيقية والحل السياسي والتي تلعب فيها الأطراف الإقليمية كتركيا والسعودية أدواراً خبيثة تمتد من الموصل إلى إعزاز ، جاذبة كل ذباب الإرهاب الممول خليجياً وعثمانياً إلى دن العسل السوري ، ليبدو المشهد زاخراً بالسياسة والمصالح السياسية مفتقراً لأبسط الحالات الإنسانية والحقوقية ، وما زال كما للقتل والتدمير والإرهاب حصة في الجسد السوري كذلك البحر لم يتنازل بعد عن حصته .
فما زال المتوسط يسكن المهاجرين في أعماق بحره ومازالت أصداء صرخات الغرقى تزيد الأمواج جنوناً ومازال حذاء آلان الكردي موجهة لوجوه دعاة الإنسانية والديمقراطية الخلبية في كل مكان . فلقد عبر قرابة 300 ألف لاجئ البحر المتوسط خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري ، في محاولة منهم الهجرة واللجوء إلى أوروبا ، بحسب ما أعلنت المفوضية العليا للاجئين ، وفي العودة لأنفوغرافيك ضحيا البحر تذهلنا أرقا أجساد تحولت فقط إلى أرقام من سكان البحر الأبيض المتوسط ، فلقد بلغ عدد الضحايا عام 2010 ل20 غريقاً ، أما في 2011 فقد صعد ل1500 ضحية ، وأما في عام 2012 فوصل الرقم إلى 500 محققاً إنخفاضاً يشكر البحر عليه وليس أحد آخر ، أما في عام 2013 فلقد بلغ العدد 600 ضحية مما حدى بالقوى الإقليمية ” تركيا ” أن تبد تذمرها من هذا الإنخفاض في عدد الضحايا للتفتح أبواب الشواطئ والبحار ليصل الرقم إلى 3500 غريقاً ويتلوه العام 2015 ليضغط الأتراك على الإتحاد الأوربي بملف اللاجئين وتوظف إستخباراتها لتعمل كمهربين ليبلغ عدد الضحايا ل 3771 ضحية ، أما بعد اليقظة الأوربية لأسرار اللعبة وعدم الرضوخ لضغوط الأتراك في ملف اللاجئين مقابلا لإستئناف مفاوضات دخول تركيا للإتحاد الأوروبي ورفع تأشيرات دخول الأتراك إلى الدول الأوربية عاد انخفاض عدد ضحايا البحر وسياسة البحر واللاجئ ليصل العدد في 2016 إلى 1211 غريق ما زالوا يحلمون بشوارع أوروبا وكرم ميركل والجبن السويسري .

المركز الاعلامي لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD – اوربا

زر الذهاب إلى الأعلى