المجتمع

بانوراما شهر آذار

newroz-%e2%80%ab1%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac newroz-%e2%80%ab1%e2%80%ac newroz-%e2%80%ab30977929%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac آهٍ ….يا بلدُ ..آه كم عانيتَ وعانيت الكثير الكثير من الأهوال والمصاعب وخاصة في شهر آذار، فيقال بأن آذارَ شهرٌ فريد بين الأشهر، فهو شهر كاوا الحداد وشهر الكرد بامتياز إلى شهر مظلوم دوغان، فما يحمله هذا الشهر من المآسي والآلام والأفراح ويحمل بين جوانحه الكثير من التراجيديا الكردية، يقال إن آذارَ غدّار، هل هو غدار للكرد فقط أم ماذا، وعلى الرغم مما يميزه بأنه شهر الربيع الأول تلبس الروض ثوبها الأخضر المطرز بأزهارها الحمراء والصفراء والبنفسجية بل بكافة ألوان قوس قزح، ولكن هذا الجمال ترك لوناً آخر لدى الكرد بطوائفه وأحزابه وخاصة لدى أبناء روج آفايي كردستان، ففي هذا الشهر الفريد فقدت الأمة الكردية الكثيرَ من شخصياتها سواء الوطنية منها أم الفنية والأدبية، أو ما جرى من أحداث وثورات ونكسات، ولكن يبقى الأمل موجوداً دائماً والربيع يزدهر كل سنة ويعاود من جديد ليبعث الحياة والخلاص من شتاء قارس بارد إلى جو معتدل، وفي الآونة الأخيرة للعقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ووسط متاهات الحرب وعذابات السوريين وفظائع التفجيرات يحلّ علينا آذار بمناسباته العديدة وتضحيات الكرد الكثيرة دفاعاً عن وجودهم و هويتهم في وجه ظلامية الجهل والعنصرية وأدواتها وعملائها في كل من سوريا وتركيا وإيران والعراق، فآذار كله للكرد بكل ثانية ودقيقة من أيامه وأسابيعه، فإذا بدأنا بالأول من آذار ذكرى رحيل البرزاني، وفي الثامن من آذار يوم عيد المرأة العالمي ولكنها تحمل خصوصية مميزة بالنسبة للمرأة الكردية التي ساهم تحريرُها من العبودية السابقة بأن تكون عضواً فعالاً في المجتمع ومساويةً بالرجل والإشادة بدور المرأة الكردية السورية ولا سيما من خلال إشراكها في واجب الدفاع الوطني المتمثل بوحدات حماية المرأة )  YPJ )ورمز هذا الدفاع الشهيدة البطلة “آرين ميركان”، ويأتي بعدها التاسع من آذار ذكرى وفاة الفنان الكردي محمد شيخو عام 1985 الذي خلف وراءهُ المئات من الأغاني الوطنية حيث لا يتوانى أي شخص عن سماع صوته العذب كما وترك تراثاً هائلاً أغنى الموسيقا الكردية اعتبرته مصدراً ومرجعاً يرفد الموسيقا الكردية بأساسيات الفن الكردي، ولا ننسى الثاني عشر من آذار لعام 2004، حيث المؤامرة الدنيئة التي حيكت ضدّ الكرد. أسبابها البعيدة معروفة أما السبب المباشر كان عراكاً بين نادي الجهاد بقامشلو ونادي الفتوة بدير الزور في الملعب البلدي بقامشلو، مما أدى إلى ثوران الشعب الكردي في انتفاضة عارمة شملت جميع أرجاء المناطق الكردية، ولكن آلة القمع والإرهاب طالت من جديد الشعب الكردي وسقوط العشرات من الشهداء، وكذلك سليمان آدي الذي صمّم مع مجموعة من زملائه أن يتجمعوا أمام القصر الجمهوري مطالباً بإحياء ذكرى رأس السنة الكردية ليكون النوروز علناً، فكان شهيدَ النوروز، بعد أن استشهد برصاص قوات الحرس الجمهوري، أصدر بعد ذلك حافظ الأسد مرسوماً جمهورياً اعتبر بموجبه يوم 21 عطلة رسمية في البلاد ليس احتفالاً بعيد النوروز بل بمناسبة عيد الام، ويستذكر آذارُ شهيدَ نوروز الأول “مظلوم دوغان” بل كاوا العصر وصاحب الصرخة المعروفة (المقاومة حياة) الذي أضرم النارَ بنفسه في سجن آمد ذي الصيت السيء ليكون شعلة النوروز، كما نتذكر نوروز 1960 وعقاباً على احتفالات ليلة النوروز وإشعال النار وتشكيل شعلة النوروز، ورداً على ذلك زجت قوات الأمن البعثي أكثر من ألف مواطن كردي في سجون حلب ودمشق ودير الزور والحسكة، وفي نوروز 1986وأثناء احتفالات الشعب الكردي بمناطق عفرين من خلال محاولات استفزازية وشجار كلامي قاسي مما دفع الجماهير الكردية آنذاك إلى تطويق سيارة مدير المنطقة وقوى الأمن البعثي ثم رشقها بالحجارة مما أدى ذلك إلى استدعاء الأمن لتعزيزات عسكرية واللجوء إلى لغة السلاح  وزجت المئات من سكان المنطقة في سجون النظام البعثي، وهذه المرة في باشور كردستان في السادس عشر من أذار وبقرار من رئيس جمهورية العراق صدام حسين وقام بتنفيذ الأمر ابن عمه علي حسن المجيد الذي عرف فيما بعد بـ: علي الكيماوي برش مدينة حلبجة الكردية بغاز السيانيد ذي مادة شديدة السمومية وعرف فيما بعد بين الكرد وجميع العالم ب”علي الكيماوي” الذي قصف المدينةَ مما أدى الى مقتل مالا يقل عن 3200-5000 فوراً، ونأتي ثانية إلى روج آفايي كردستان ليحمل معه في ليلة نوروز استشهاد الشبان الثلاثة، وشاء القدر أن تكون أسماؤهم الثلاثة محمد ( المحمدون الثلاث) عام 2008 برصاص قوات الأمن نتيجة ابتهاجهم بالنوروز، وجاء 11 من آذار 2015 حيث قام مرتزقة داعش بالتعاون مع أزلام النظام البعثي بتفجير قوي هزّ مدينة قامشلو أمام  بلدية فندق هدايا، فراح ضحيتها آنذاك ونتيجة العمل الارهابي عشرات الشهداء والجرحى،  ولم يتوان هؤلاء الظلمة والجزارين عن أعمالهم الإهاربية، وبنفس العام امتدت أحقادهم وأفعالهم الشنيعة مدينة الحسكة ذات الاغلبية الكردية وتوجه يد الدمار والإرهاب بانفجارين في حي المفتي ونالت من المدنيين العزل بفرحتهم وابتهاجهم بالنوروز مشكلين حلقات الدبكة حول نار رأس السنة الكردية فأودى بحياة العشرات من النساء والأطفال الأبرياء وجرح المئات، وكذلك في شهر آذار أو ما يقال بالربيع العربي بدأت شرارة الثورة السورية في 15/3 2011 ولتعمّ سائر المناطق السورية التي كانت  بشكل مظاهرات عفوية صادقة بعد نصف قرن من الاستبداد والاضطهاد، ولكن أدخل البلد في نفق مظلم وساهم المجتمع الدولي في تفاقم الأزمة وتشكّل تنظيمات إرهابية داعشية صبّت جام وحشيتها وغضبها على الشعب السوري، ولكن الحدث الأبرز والأهم بالنسبة لسوريا هو إعلان الفيدرالية في روج آفا وشمال سوريا في 17/3/2016، الذي توّج النوروز بإكليل الفرح فكان 21 آذار ليس قضاء على الظلم و إعلان شمس الحرية وإنما خلاص الشعب الكردي وعامة سوريا الذي يئن في فوضى عارمة، وفي هذه الأجواء يأتي نوروز للمرة السادسة من الثورة ويحتفل شعبنا في جو من الألم والأسى والهجرة ونزيف الدم الذي يطال جميع أطياف الشعب من نساء وأطفال وشيوخ وفقدان الآلاف من الشهداء والغلاء المعيشي والارتفاع الجنوني للأسعار، ومع كل هذه الجروح والآلام يبقى الشعب على عهده بالنوروز،  ولا ننسى آذار رغم أحداثه يساعده مشيئة الإله فيبعث بملك الموت فيقبط أرواح من نحب  فيزداد الشجن والأسى على فقدان الشاعر الكردي لروج  آفايي كردستان سيدايي تيريج في 25 /3/ 2002 الذي شيع في موكب مهيب الى مثواه الأخير، ولكن الحدث الجلل الذي تم في آذار واختتم به الشهر هو محاكمة قاضي محمد على يد الفاشستية الإيرانية أمام محكمة عسكرية، فحكمت عليه بالإعدام في 23 كانون الثاني عام 1947 وأجل تنفيذ الحكم 66 يوماً لتكون الحصيلة أكبر ونفذ حكم الإعدام به وبأخيه صدر قاضي وابن عمه سيف قاضي في 30  آذار في ساحة جار جرا فجراً، وهي نفس الساحة التي أعلن فيها عن جمهورية مهاباد. ولقد بات آذارُ حقيقة واضحة بأنه شهرٌ كردي بامتياز،  حيثُ نالت يدُ الغدر بـ 3 آذار 2017 من “سيبان حسو” ابن الشهيد عيسى حسو على يد ما يسمون أنفسهم بـ(لشكري روج) المدعومين من حكومة أنقرة، ورغم كل هذه الأحزان والأهوال نعود من جديد ورغم أنوف الحاقدين لنحتفل بنوروز 2017 وكل عام ونوروز كل كردي في المعمورة بألف خير.

حسينة عنتر

زر الذهاب إلى الأعلى