مقالات

اليوم ندرك كم كنا نجهل من هم الكرد مؤتمر تنظيم أوربا الثامن لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD: ركائز؛ أساسيات؛ أهداف

sehanok-dibo2

مجهود فكري ومعرفي وثوري كبير بل واستثنائي قد تم بذله بشكل مزدوج وبشكل تكاملي في الناحيتين النظرية الفلسفية ومن ناحية النضال المرسخ لقيم الحرية في ثورة روج آفا حتى وصل الأمر –قناعة- إلى مواطن بريطاني مُحاطٌ بمواطنين أوربيينلكي يلقي كلمة مؤسسة عوائل شهداء الحرية في المؤتمر الثامن لتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي PYD في أوربا وعموم الدياسبورا، وينهي كلمته بتقطع مُتْ حشرجة: اليوم ندرك كم كنا نجهل من هم الكرد.

ظاهرة يجب أن لا تمر بدون أسئلة ودون وقوف حياله. ما الذي دفع البريطاني كي يلتحق بوحدات حماية الشعب YPG؟ وما هي دوافع التحاق المئات من الجنسيات المختلفة أوربيين منهم وأمريكيين وأفارقة إلى ثورة روج آفا؟ أية سيكولوجيا حريّاتيةأضاءت الجوانب المعتمة التي كانت تتملكهم فينسلخوا عن الهلاميات الموجودة فيها كي يتوجهوا شرقاً إلى أرض المعرفة الأولى وأصل الحضارة الديمقراطية إلى الشرق الأوسط إلى جزء مهم منه/ روج آفا، ويتعمدون في أن تكون كل طلقة تخرج من بنادقهم ميلاداً للحرية المجتمعية. ومثل هذه الأسئلة المشروعة وغيرها التي تشبهها أو على خصومة معها يجاوب عليها تحليلاً فكرياً من قبل فيلسوف الثورة ومنظرها عبدالله أوجلان؛ حينما يقول في هذا الخصوص بأن ما لاحظناه من الطبيعة في أنها لم تتعود أن تعطي النتائج الخاطئة؛ هي أي الطبيعة على اتساق مع نفسها ومع كل ما هو مرتبط بها كما حال المجتمع، ومن الصواب أن نقايس حيواتنا المجتمعية على أنها جزء من الطبيعة وأن نستسقي من هدوئها وزمجرتها عناصر قوتنا ضد الإنكار وتنظيمنا ضد العبثية، وأكثر شواهد العدم هي العبثية واللا انتماء. وأكثر العناصر مِنوالاً في الطبيعة التي تتعرض إلى الانكار والصهر والإبادة هي أكثر العناصر قدرة على النبذ وبالتالي القدرة على التغيير.

 ولعل اصرار الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط التركياتية والبعثية والتفقيهية بالرغم من التعارض التاريخي والمعاصر بينها؛ لكنها؛ تتفق فيما بينها على ممارسة أقصى حالات الضغط بمفاد الانحلالين الوجودي والثقافي للشعب الكردستاني. وهذا يؤدي -كما حال الطبيعة- بأن حل القضية الكردية في الشرق الأوسط يحيله بقوة للتصالح مع أساسيات الحضارة الديمقراطية في الشرق نفسه ومن ثم الدفع به حتى الوصول إلى حالة مثلى من الأمن والاستقرار وإحداث تغييراًنهضوياً في مجالات التحول إلى المجتمع السياسي وبالتالي التنمية المجتمعية بجميع مناحيها ونواحيها الفالحة، وهذا يعني من الضرورة حل القضايا الرئيسة وفي مقدمتها القضية الكردية على أساس حق تقرير المصير الديمقراطي غير الدولتي.

الكرد ولأول مرة في تاريخهم يُنظر إليهم بنظرة جديدة تقْطًعُ من خلالها وتبدد النظرة الكلاسيكية القديمة المتشكلة حولهم في أنهم مجرد بنادق موجهة إلى أمن الجغرافيات المستقطعة التي تم حدوثها نتيجة اغتصاب للشرق الأوسط برمته ومؤدياً إلى ولادة عشرات من الأبناء العاقين (الأقطار والدول القومية) وفق عقد قران باطل وباطل اسمه أو إثمه: عقد أو اتفاقية سايكس بيكو قبل مئة عام منصرمة. وقد تم تغيير هذه النظرة من خلال ميراث وفلسفة حركة الحرية الكردستانية ومن خلال شهداء الحرية؛ كما حال مؤسسة عوائل شهدائها العالمية التي ألقت كلمتها في مؤتمر تنظيم الحزب الثامن في بروكسل. وليس من الصدفة أن يتوائم حلالقضية الكردية والقضاء على تنظيم القاعدة وممثليها في سوريا كداعش والنصرة/ فتح الشام وجميع المجموعات المسلحة المرتبطة بها فكراً وتنظيماً؛ خاصة إذا ما أدركنا بأن الأنظمة الاستبدادية التي نصبّت نفسها جلّادة للشعوب والثقافات والمعتقدات المسجونة بدورها في تلك الجغرافيات المستقطعة؛من الطبيعي أو من الضروري أن تحمل جينات التطرف القوموي أو الديني وأن تكون أكثر التُرَبِ الخصبة لبذور القاعدة وأشد التنظيمات المتطرفة التي تباعد في حقيقتها كل أصل وكل فصل لظاهرة الأديان المجتمعية وظهور الرسل والأنبياء ورسالاتهم البشرية الإنسانية. ولأن الانتماء الديني والقومي والثقافي والعقيدي يتم في نظرية الأمة الديمقراطية فنرى بأن هذه الحالة متحققة من خلال الوجود السويِّ المعي للكردي والعربي والسريان الآشوري والتركماني وغيرهم من القوميات إلى جانب المسلم والمسيحي واليزيدي؛ ومن خلال انتماءهم المعلن إلى هذه النظرية وتأسيسهم لنظام الفيدرالية الديمقراطية في شمال سوريا بجوهر الإدارات الذاتية الديمقراطية، والعنصر الظاهر في إحداث معادلة التغيير المعقدة هم الكرد أصحاب أكثر القضايا المعقدة في التاريخ المعاصر والحديث. إنها الثورة التي تحدث القطيعة المعرفية مع القديم المتفسخ والتي أظهرت الكرد اليوم على ما هم عليه اليوم. وكما حال كل الثورات فإنها لا يمكن أن تكون بدون فلسفة/ نظرية ثورية كما حال فلسفة الأمة الديمقراطية جوهر ثورة روج آفا.

مؤتمرتنظيمأورباالثامنلحزبالاتحادالديمقراطيPYD: ركائز؛أساسيات؛أهداف

براديغما حزب الاتحاد الديمقراطي PYDهي نفسها المعتمدة في فكر وفلسفة حركة الحرية الكردستانية وهي الأساس السياسي للخط الثالث المنتهج قبل خمس سنوات في الأزمة السورية كخط مستقل بذاته ومنفصل عن الخطين الكلاسيكيين المسؤولين جملة وتفصيلاً عن الدمار المجتمعي السوري، وهي في الوقت نفسه منفتحة على أي شكل ديمقراطي لحل الأزمة السورية على أساس مساره السياسي؛ طالما كان جوهر الخط الثالث هو السياسة الديمقراطية. ومن الصائب القول بأن المعارضة الفعلية الوطنية الديمقراطية في سوريا تبتدأ من حركة المجتمع الديمقراطي Tev Dem من ضمنها حزب الاتحاد الديمقراطي من خلال تأسيس الإدارات الذاتية الديمقراطية في عفرين وكوباني والجزيرة كحالة مثلى معارضة للنظام المركزي المعمول به سورياً من خلال البعث الشوفيني المتنكر لكل حقيقة مخالفة لحقوق القوميات والثقافات الأخرى الموجودة في سوريا.وهي بطبيعة الحال المعارضة الفعلية لعموم الأنظمة المستبدة الموجودة القديمة أو المستجدة كما حال ما تسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش. وهي أيضاً المعارضة للمعارضة الكلاسيكية السورية التي ظهرت في الأزمة السورية كمزاودة قوميّاً للنظام الاستبدادي وأنتجت حالة عدائية للتغيير الديمقراطي وهذا يَنِمُّ على مدى إخفاقها مرتين؛ الأولى أن تكون البديلة للنظام الاستبدادي في وقت قبل الأزمة السورية، ومرة أخرى بعد الأزمة السورية وانشطارها في الأزمة إلى معارضات بدت غالبيتها مرهونة للأجندة الخارجية ومنفذة لتصوراتها.

أهداف المؤتمر الثامن:

ثمة أهداف كثيرة وفي هذا الوقت الدقيق الذي ينعقد فيه تنظيم أوربا مؤتمره؛ أهمها:

  • حماية الثقافة الوطنية لدى أبناء شعبنا القاطنين خارج الوطن ومنعها من الانهيار أمام الحالة الأصيلة المنتقلة إليها؛ سيّما إذا ما أدركنا بأن ثلاثية حاسمة مسؤولة عن أسباب الهجرة والانتقال إلى خارج الأوطان وهي استبداد الأنظمة النمطية المتقوقعة التي تلفظ خارجاً كل مخالف كما حال الأنظمة الاستبدادية في الأجزاء الأربعة من كردستان، الحرب كسبب حاسم وهذا ما تؤكده أرقام الأمم المتحدة بأن حوالي ثلثي شعب سوريا خارج منازلهم أو سوريا بمجملها، التخلف الذي يصيب الأوطان الساكنة؛ إذء ثمة أوطان ساكنة تعاند التغيير كما حال امبراطوريات ظهرت وانقرضت ولم يبق منها إلا اسمها. ربما هذه الأسباب مجتمعة تعاني منها سوريا اليوم وعموم المنطقة، والثقافة الوطنية في هذه الحالة تكون عرضة للزوال، وتنظيم أبناء روج آفا خارج الوطن مهمة صميمية لحزبنا ما فوق جغرافية.
  • تمكين الموجودين خارج الوطن وتحقيق عملية الانتماء مع ما يتم تحقيقه في الوطن من انتصارات ومكتسبات، وهذا يتم بدوره عن طريق إحياء التراث والحفاظ على الهوية واللغة وحمايتها مبتعدة عن ثوقفة الصهر والانحلال.
  • الانخراط القويم والمحصّن ضمن صفوف المجتمع المنتقل إليه ضمن إطار التلاقح الحضاري والتركيز على القواسم المشتركة الموجودة بالأساس وتفعيلها في حالة الوعي السياسي. وثورة روج آفا أظهرت هذه القواسم المشتركة بشكل جليّ من حيث أن الحرية واحدة وأن الأمن واحد لا يمكن تقسيمه أو توزيعه إلى طرف دونه الآخر.
  • كما أن مؤتمر تنظيم أوربا الثامن سيكونذوتأثيرٍفعّال لسياسة حزبالاتحاد الديمقراطي فيأوروباعلى جميع المجالات والأصعدةالدبلوماسيةوالسياسية المساهمتين في الوصول إلى تأسيس ممثليات للإدارة الذاتية الديمقراطية في جميع أنحاء أوربا والعالم وهذا ما يجعلنا كحزب وكتنظيم على اتساق مع الأهداف والأساسيات في برنامج حزبنا السياسي المقر في المؤتمر السادس العام الاعتيادي لحزبنا في 20/21 أيلول 2015.

اليوم ندرك كم كنا نجهل منهم الكرد؛ يجعل بدورنا أن ندرك ما هو معنى ملحمة الانبعاث وأن المقاومة ليست سوى أصل الحياة وكينونتها الدائمة. وندرك أكثر مدى التحديات التي ظهرت والتي تظهر والتي ستظهر كمعترضات يتم توجيهها من قوى الظلام والاستبداد ومن قبل من يقرأ التاريخ بعيون وعقل غيره؛ والفئة الأخيرة أشدها خُسراناً.

زر الذهاب إلى الأعلى