المجتمع

        الهطولات المطرية … فرحٌ وانتعاشٌ لفلاحي روج آفا

57

??????????????????????????????????????????????????????????

حسينة عنتر

بعد تأخر هطول الأمطارِ لفترةٍ لا بأس بها على المدن والمحافظات السورية بشكلٍ عام، ومناطق ومدن روج آفا بشكلٍ خاص، كما اعتدنا بداية فصل الشتاء عادةً يبدأ من أواسط شهر أيلول، ونحن الآن في أواسط شهر كانون الأول، فكان هناك تأخرٌ ملحوظٌ في سقوطِ الأمطار.

 والجدير بالذكر أن مقاطعات روج آفا المعروفة تعتمد اعتماداً كلياً في اقتصادها وبشكلٍ رئيسيٍ على الزراعة، وأكثر أراضيها البعلية تعتمد على الأمطار الموسمية، ويعتبر النشاط الزراعي في روج آفا من أهم الأنشطة الانتاجية، فالقطاع الزراعي يوفر الكثير من المواد الأولية لمختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية الأخرى هذا من جهة، كما يوفر العيش لأعدادٍ كبيرةٍ من الأفراد و الأسر من جهةٍ ثانية، إضافةً لذلك فإن الزراعة تساهم في تشغيل نسبةٍ كبيرةٍ من الأيدي العاملة، وكذلك تحقق الاكتفاء الذاتي في أكثر من مادة .. كالقمح والعدس وأشجار الزيتون وبعض البقوليات في مقاطعات روج أفا الثلاثة، وعليه التقت صحيفة الاتحاد الديمقراطي ببعض المواطنين والفلاحين الذين تهمهم الهطولات المطرية، والتي تزيد بدورها من إنتاج الأرض التي تمثل مصدر رزقهم.

الطقوس القديمة – الدعاء لهطول المطر

نور الدين عباس من فلاحي قرية مرجان التابعة لمدينة  تربسبية أردف قائلاً:” الحمد لله … هذا المطر احيا الأرض بهذه الهطولات المطرية، ومنذ أسبوع والجو بين الغائم والماطر، والفرحة أصبحت فرحتان تزامناً مع أعياد الميلاد ورأس السنة، وكلما أقف على التلة الموجودة في القرية وأتأمل في الأفق البعيدة أجد أن هطول المطر يشكلُ  صفاءً و اخضراراً، وكل فلاح مثلي يفرح ويسعد بقدوم المطر”، ويضيف الفلاح نور الدين:” عندما تأخر هطول المطر التجأ بعض القرويون في المناطق المحيطة بكانتون الجزيرة لممارسة الطقوس القديمة للدعاء بهطول المطر، كما كان أجدادنا وآباؤنا يفعلون قديماً، وهي صعود الفلاحين والأهالي إلى التلال والخروج إلى ساحات القرية، وارتدائهم الملابس بشكلٍ مقلوب، وبعضهم الآخر يصنعون عروساً ويُلْبِسونها ملابس كردية ويدعونها بـ( BOKA BARANi) ومن هذه الطقوس التي بدأ القرويون يمارسونها اعتقاداً منهم بأن السماء ستلبي دعائهم وتبدأ بذرف المطر عليهم، والحمد لله على كل حال فقد هطلت الأمطار ونحن سعداء فرحين بقدوم المطر وأتمنى أن يكون الشتاء كله ماطر.

المطر يحي الحياة والبشر

فارس يوسف أحد المزارعين من قرى قامشلو: يقول:” الحقيقة أن تأخر المطر في منطقتنا أمرٌ مقلقٌ لأن الحياة تعتمد على المطر، فلو تأخر المطر سيسبب بالتالي إلى تأخرِ وتراجعِ الزراعة خاصةً زراعة الحبوب، لأن معظم انتاجنا من الحبوب بعلية  وبحاجة إلى هطولات مطرية منذ بداية فصل الشتاء، كذلك أن تأخر الأمطار هذه السنة  تسبب في العديدِ من الأمراض، فالكثيرُ من الأطفال وحتى الكبار مرضوا بسبب موجة البرد الجاف، وسوء الأوضاع الاقتصادية  انعكس على الحالة الاجتماعية العامة.

 هطول الأمطار خلال هذه الأيام أدخل الفرحة والبهجة إلى قلوب الجميع خاصة المزارعين والفلاحين، كذلك أريد أن أقول أن المطر يحي الحياة  والبشر وتتجدد الحياة بعد هطول المطر وتخف البرد  وبالتالي يقلل من الأمراض، فعلى سبيل المثال هناك عوائل كلهم مصابون بالزكام والكريب، بل أغلبية العوائل والأهالي بمقاطعة الجزيرة أٌصيبوا بالزكام والرشح نتيجة الأجواء الباردة وتلوث الجو من دخان المولدات والسيارات خلال هذا الشهر قبل هطول هذه الأمطار، وفي ختام حديثه قال:” أريد أن أشكر جهودكم لاهتمامكم  بقضايا المجتمع وهمومه، ونأمل من الله أن يجلب الخير والسلام إلى بلدنا بشكلٍ عام وإلى روج آفا بشكلٍ خاص لأنها أرض الخير والعطاء”.

بلند ياسين تلميذ في الصف الخامس: شدّ انتباهي عندما بدأ المطر بزخاته ونزوله ليغسل الأرض وينظفها، هذا الطفل البريء وهو يردتي جزمته السوداء وهو غارقٌ في اللعب مع أصدقائه في الحي، وهو يردد باللغة الكردية ( YA REBI BARAN  WERE  ERDA XWDE ŞINBBE)  ويردد أصدقائه ورائه ثم يردد بالعربية مطر- مطر – مطر بالنعمة انهمر بالعشب والثمر، تهللي يا أرضنا الخضراء واستقبلي هدية السماء مطر- مطر- مطر، ويقول ما أجمل المطر كم أحب أن يهطل المطر وأركض تحته دون أن توبخني والدتي، وتناديني تعال لقد بللت ثيابك، ويقول الطفل بلند  أه لو أمي تسمح لي أن أذهب فوق السطح  وأتسابق مع اخوتي لإحضار وعاء لنجمع فيه المطر، أو تسمح لي أن أجلس قرب النافذة التي أصبحت من ملامستها الطقس البارد في الخارج كسبورة للكتابة، وانقش عليها بإصبعي بعض العبارات والنقوش …. أعتقد بأننا كلنا كنا نفعل مثل بلند في الشتاء، وخاصة عند نزول المطر ليذكرنا بأن نفوسنا كانت متعبةً تحتاجُ إلى استراحةٍ وتأملٍ وهدوءٍ بعيداً عن إزعاج وضجة الحياة، فيقدم لنا ما نحتاجه من فرحةٍ وأمل.

زر الذهاب إلى الأعلى