مقالات

المرأةُ الكُرديّةُ-همومها ومعاناتها

sliman-mhmodإنّ المُتتبّعَ لوضع المرأة الكرديّة في المُجتمع السوريّ، يجدُ أنّها لم تشذّ عن مثيلاتها في المُجتمعاتِ الأخرى، فيما يخصّ مسألةَ اضطهادِها وتقييدها بالعادات والأفكارِ القاتلة، وكذلكَ انحصارها ضمنَ الجُدران الأربعة، وإقصائها عن المُشاركة في الحياة العّامة للكُرد ضمنَ المُجتمع السوريّ-( رغمَ بعض مظاهر نشاط المرأة وخاصّةً في القُرى، حيثُ تقومُ المرأةُ بالكثير من الأعمال القاسية والتي تتطلّبها الحياةُ الريفيّة، ولكنّ هذه الأعمالَ لا ترتقي إلى مُستوى المُشاركة الشاملة والفاعلة في حياة المُجتمع)- وممّا لا شكّ فيهِ أنّ تأثيرَ واقع الظروف القاسية التي يعيشها المجتمع الكرديّ أبلغُ وأعمقُ على المرأة الكرديّة التي عانتِ الكثيرَ وذاقتْ من ألوان الظلم والعذاب، أبشعها وأقساها ولا تزالُ المرأةُ الكرديّةُ تُعاني الكثيرَ من أشكال التعامُل البربريّة والتي وإن تغيّرت بعضُ جوانبها، فإنّما مُجاراةٌ للتطوّر العام فقط. ويمكننا استعراض أهمّ العوائق والموانع التي تحولُ بين المرأة الكُرديّة وبينَ قيامها بدورها المطلوب على النحو التالي:

  • ارتفاعُ نسبة الأميّة بين النساء، وخاصّةً النساء الريفيّات، وهنّ يشكّلنَ الغالبيةَ العُظمى من جمهور النساء.
  • شيوعُ واستمرار الآراء والأفكار الغيبيّة والمُتخلّفة، وسيطرتها على عقول النساء والرجال في مناطقَ واسعة من المُجتمع الكرديّ، مما يحكمُ على المرأة بالسجنِ في المنزل وبالتبعيّة العمياء، وبالتالي بالهامشيّة في الحياة.
  • تدنّي المُستوى المعاشي لغالبيّة المجتمع الكرديّ، مما يفرض البحثَ الدائمَ عن لقمة العيشِ، وينعكسُ هذا بشكلٍ أسوأ على المرأة بالذّات، وذلكَ لما تقومُ بهِ من أعباءَ منزليّة والعناية بالأطفال، وهُم كُثرٌ في أغلب الأحيان. وبالتالي انعدام وقت المرأة للاطّلاع أو الاهتمام بما يجري جارجَ حدود الأطفال والمنزل.
  • تقصيرُ معظم الحركات السياسية الكردية، حتى في أكثر مراحلها قوّةً، في الدّعوة الجّادة المقرونة بالمُمارسة الواقعيّة لتحرّر المرأة، وكذلكَ تقصيرها في مُحاربة التقاليد والأمراض الاجتماعية المُتعشّشة في عقول جماهير النساء والمُنتشرة في عقول الرجال، حتى المُناضلين منهم .
  • تقصيرُ الحركات السياسية الكردية في مسألة جذب النساء إلى النضال السياسي والجماهيريّ، مما يفرضُ على المرأة الكردية، حتى المُثقّفة منها، الابتعادَ عن فهم قضاياها القوميّة والاجتماعيّة.
  • استمرارُ الشعورُ الكلاسيكيّ لدى المرأة( أي الشعور بالنُقص وبالحاجة الماسّة إلى الرجُل للاختباء وراءهُ، لا المُشاركة معهُ في تحمّل الأعباءَ والمهمّات المعاشيّة والنضاليّة).

ومعَ بروز حزب الاتّحاد الديمقراطي وحركة المجتمع الديمقراطيّ، على الساحة المحليّة في شمال سوريا والدوليّة، وتنشيط فعالياتها المُجتمعيّة، لاسيّما المُتعلّقة بشؤون المرأة، انتعشتْ تطلُّعاتِ المرأة والتي تتجسّدُ  في إيجاد طريقٍ لتحريرها، الطريق الذي يضمنُ إزالةَ المُعوّقات السّالفة الذّكر عبر القيام ب:

  • نشر التعليم والثّقافة في المناطق الكرديّة بينَ جماهير النّساء، ليس هذا فحسب، بل تشجيع النساء على الدخول في المدارسِ والاطّلاع على المناهج الثقافيّة المختلفة، والمُتطوّرة منها خاصّةً.
  • توعية المرأة الكرديّة بدورها، وضرورة مُشاركتها مع الرجُل على قدم المُساواة في النهوضِ بأعباء تحرير وبناء المُجتمع الكرديّ وتقدُّمهِ.
  • مُحاربة كلّ الأفكار والعادات البالية محاربةً لا هوادةَ فيها، على أن تكون هذه المُحاربة بشكلٍ مُنظّمٍ ودائم.
  • جذب النساءِ واشراكهنّ في العمل السياسيّ ومختلف أشكال النضال الجماهيريّ.

ونظراً للظروف الخاصّة بالنّساء في مُجتمعنا الكرديّ الشرقيّ الطبع، وجبَ الأخذُ بالحُسبان الخصائص السيكولوجيّة للمرأة الكرديّة، كتطوّر الجانب العاطفي عندهنّ، وسُرعة التأثّر والانسياق وراء الأمزجة، بشكلٍ أكثرَ مما لدى الرجال، كان لا بدّ من إنشاء مُنظماتٍ نسائية خاصّة مثل” مؤتمر ستار- هيئة المرأة- منظمة سارة- وقفة المرأة الحُرّة.. وغيرها”، تكونُ مُهمّتها:

  • نشرُ الثقافة الديمقراطيّة والوعي بين النساء الكُرد.
  • تنظيمُ طاقاتِ النساء الكرد للقيام بدورها على أكملِ وجهٍ.
  • مُحاربةُ كلّ الأفكار الخاطئة بشأن العلاقة بين الجنسين.
  • تنقيةُ رؤيتهنّ الأيديولوجيّة والمُستقبليّة بشكلٍ مُستمرٍ.
  • إشراكهنّ في مُختلفِ أوجه النشاط الجماهيري السّلمي.
  • إعطاءُ الدور اللازم لمواهب النساء وتعليمهنّ المُبادرة الذاتيّة في حلّ مشاكلهنّ بأنفُسهنّ، وتقديم المشورة والمُساعدة إذا لزمَ الأمرُ.

وخُلاصةُ القول لابُدّ من تنشيط الحوار حولَ موضوع تحرّر المرأة الكُرديّة خاصّةً، والسوريّة عامّةً، هذا الموضوعُ الحيويّ والهام بالنسبة لمُجتمعنا، كما لكلّ مجتمعٍ، والإيمان بأنّ الجهودَ الجماعيّة والحوار البنّاء الذي يستندُ إلى نظريّةٍ مُقترنة بالمُمارسة العمليّة في الحياة، هي وحدَها المُستمرّة في قضيّة تحرير المرأة والمُجتمع على حدٍّ سواء.

سليمان محمود

زر الذهاب إلى الأعلى