المجتمع

المجتمع الأخضر

rojava-%e2%80%ab1%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac rojava-%e2%80%ab1%e2%80%acصحة البيئة ونظافتها أحد العوامل الرئيسية للمحافظة على صحة المجتمع بشكل عام، وصحة المجتمع تبدأ بصحة الأسرة والبيت المكان الأول للتنشئة، المكان الذي يجب أن يعطى الكثير من الاهتمام من كافة الجوانب الحياتية، لذا فالنظافة وحماية البيئة الأولية جزء رئيسي من الوقاية، والوقاية خير من العلاج.

 ويبقى السؤال هنا هل نظافة الأماكن العامة تعد من مسؤولية المجتمع بأكمله أيضاً….. ؟.

 النظافة والتطور ليس مقتصراً على شخصٍ معين أو مؤسسة خدمية بحد ذاتها، لأن المجتمع هو الذي يعبر عن قيمه وحضارته، ومن هنا فأن واجب النظافة والحفاظ على البيئة ليس عملٌ فردي أو نتاج جهدٍ جزئي بل هي عملية تكاملية جماعية تشمل الفرد والأسرة والمجتمع، ومن هذا المنطلق يجب على كل أسرة أن تحافظ على البيئة المحيطة بها، فإن قام كل شخصٍ بدورهِ في الحفاظِ على البيئة لأصبح المكان الذي نعيش فيه جميلاً بقدر جمال ساكنيها.

 ومن هنا يبرزُ دورُ الثقافة والتنشئة والتربية في رعاية البيئة الأساس الأول في سبيل بيئة صحية نضرة، فيما يأتي التدابير الوقائية والعلاجية التي تقوم بها الجهات “الإيكولوجية” للحفاظ على البيئة وحمايتها عن طريق سن القوانين والتشريعات، ونشر الوعي البيئي بين فئات المجتمع المختلفة واشراكهم في اتخاذ القرارات حول الحد من التلوث، وحفزهم على العمل في حماية البيئية، والحد من التلوث والقيام ببعض الإجراءات العملية الأساس الثاني لأي عملية تنموية بيئية، ولعل أهم هذه الاجراءات نشر الفكر البيئي الايكولوجي، وتشكيل لجان متخصصة لحماية البيئة، وزيادة رقعة المساحة الخضراء فهو يلعب دوراً هاماً في تنقية الهواء والتقليل من تأثير ملوثاته.

 وتشير دراسات علمية واجتماعية إلى إن البيئة الخضراء تؤثر بشكلٍ ايجابي على الصحة النفسية والعقلية على المجتمعات، فالبعض يقول إن ممارسة نشاطٍ ما في بيئة خضراء في الهواء الطلق يحسن الصحة العقلية والنفسية.

ولا شك إن مراكز تجمع النفيات إضافة إلى التلوث الصناعي الناجم عن أسباب كثيرةٍ في منطقتنا خاصة تلك المتعلقة بدخان السيارات والمولدات، والأدخنة الناتجة عن حرائق آبار البترول (كتلك التي اضرمت النار فيه من قبل تنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا العراق)، كل هذا زاد من نسبة التلوث البيئي بشكلٍ أصبح يهدد المنظومة البيئية، وأدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض.

لا ننسى دور الإعلام البيئي، والتربية والتوعية البيئية من خلال إدخال وإدماج مفاهيم البيئة في كتب التعليم العام ضمن المنهاج المدرسية، ودعم وإنشاء مراكز أهلية للبيئة لترسيخ المفهوم الواسع للإدارة البيئية، من هنا فأن واجب الحفاظ على البيئة، والسعي نحو بيئة نظيفة خالية من التلوث والملوثات، والوصول إلى مجتمعٍ ايكولوجي صحي مهمة اجتماعية تعني كافة الشرائح.

وللحديث حول هذا الموضع الهام التقينا بالمدير العام لمديرية البيئة في مقاطعة الجزيرة المهندس عمر ماردلي.

بداية نشكركم على اتاحتكم الفرصة للقاء بكم، ولنتعرف من خلالكم على الواقع البيئي في مقاطعة الجزيرة ودوركم كمؤسسة بيئية في هذا القطاع الهام؟

  بداية في عام 2015 تأسست هيئة البيئة في مقاطعة الجزيرة في مدينة قامشلو كقطاع إداري تهتم بهذا المجال، واستطاعت الهيئة خلال فترة زمنية أن تقوم بجمع بعض البيانات والابحاث، والقيام بجولاتٍ ميدانية كخطوة أولية لدراسة الواقع البيئي، ومعرفة أهم المشاكل التي تسبب التلوث والضرر بالبيئة، والقيام بوضع حلولٍ ممكنةٍ للحد من التلوث خاصة في المدن، والقيام بحملات تشجير وزيادة المساحات الخضراء، وبعد ذلك تم تأسيس المؤسسة العامة للبيئة بإطارها الإداري المؤسساتي، وتم اختيار مجموعة من العاملين عبر مسابقة اختير فيها الشخص المناسب والمختص في هذا المجال، وتم افتتاح فروع للمؤسسة في كافة مدن مقاطعة الجزيرة.

بدئنا بوضع نظامٍ مؤسساتيٍّ للمديرية، كما وتم سن القوانين والتشريعات اللازمة والمتعلقة بهذا القطاع.

مؤسستنا وبكافة فروعها تهتم بدراسة الواقع البيئي ومن كافة النواحي في مقاطعة الجزيرة، وتقدم الابحاث والمشاريع البيئية من حلولٍ وسبلٍ للتخلص من النفايات والتلوث سواء كان تلوث الهواء أو الماء أو تلوث التربة.

 وبعد جمع البيانات والبحوث المتعلقة بمشاكل التلوث بكافة أشكاله والتي نتلقاها من كافة فروع المؤسسة في مدن المقاطعة نضع البرامج والأطر النظرية والعملية لوضع المشاريع والخطط اللازمة، وحسب الامكانيات المتوفرة في المنطقة وبالتعاون مع كافة المؤسسات الخدمية، وفي عام 2016 تم دمج هيئة البيئة مع هيئات مدنية أخرى وسميت بهيئة البلديات والبيئة، وبعد ذلك قسمت إلى مديريات.

ويمكن أن نسرد أهم المشاريع التي قمنا بها منذ التأسيس وحتى الوقت الراهن بالشكل الآتي:

في 2015 قمنا بإقامة محمية قرب سد سفان بالقرب من قرية “حياكة”، كون تلك المنطقة كانت منطقة غابية واسعة، لذا كان الحفاظ على هذه الغابة الطبيعية وحمايتها بكل مكوناتها ضرورية، وقمنا بزراعة 1500 شجرة في هذه  المحمية كخطوة أولية لزيادة الغطاء النباتي في المحمية، وتم وضع حراسة دائمة لحمايتها.

 كما قمنا بجولات استطلاعٍ في المدن، وتابعنا أسباب التلوث، وقمنا ببحث آليات لوضع وتقديم مشاريع لمعالجة تلك الأسباب. هنالك مشكلة كبيرة حالياً تواجهنا، وهي أماكن تجمع النفايات، وهي تسبب المشكلة الأكبر في تلوث التربة كون التخلص من النفايات ومعالجتها تحتاج إلى أمكانياتٍ ضخمة وميزانيات تتجاوز امكانية عدة دول بحد ذاتها، والامكانيات الحالية التي بحوزتنا لا تكفي لإنجاز مثل هذه المشاريع، لكن هذا لا يعني أننا لانبحث عن حلولٍ لهذه المشكلة ضمن الامكانيات المتاحة.

 كذلك قمنا بحملات تنظيف وتشجير في المدن شملت الحدائق ومنصفات الشوارع والساحات، وتم توزيع 6000 آلاف شجرة على مدن كانتون الجزيرة خلال العام الماضي، وقبلها قمنا بزراعة 12000 شجرة اغلبيتها كانت دائمة الخضرة، كذلك قمنا بحملة لتنظيف مجرى نهر الجقجق لكن، وفي هذا العام انشئنا مشتلاً لزيادة الأقلام والأصناف النباتية، ولقسم الحدائق والبستنة دورٌ كبيرٌ في تطويرِ وتكثيفِ الأصناف النباتية، كذلك قمنا بوضع لوحات  إعلانية توعوية بيئية، ولنا تواصل بهذا الصدد مع القنوات والجهات الإعلامية.

 لدينا مشاريع بيئية وحملات تشجير في كافة المدن خلال الفترة القادمة، وخلال شهر نيسان سنقوم بتوزيع المبيدات لمكافحة الحشرات الضارة والمسببة للأمراض والأوبئة في كافة مدن ومناطق المقاطعة خاصة المناطق الجنوبية.

نسعى لتكثيف وتغطية المدن بغطاء نباتي أخضر بعد  ذلك سنتوجه إلى القرى كون أغلب القرى في المقاطعة غير مشجرة.

  أما بالنسبة للجانب التوعوي والتثقيفي  فنحن نسعى لبناء عقلية ايكولوجية في المجتمع، وعقدنا الكثير من الاجتماعات  بهذا الشأن وتم فيها بحث المشاكل البيئية و بناء مجتمعٍ ايكولوجي صديق للبيئة، وذلك بمشاركة المجتمع في حملات التشجير والتنظيف ونشر وعيٍّ بيئي.

نحن حالياً في طور البناء ونحاول أن نؤسس لتنمية بيئية مستدامة، ونتواصل مع كافة الجهات والمؤسسات الاجتماعية لنشر ثقافة بيئية خاصة في المناهج التعليمية والتربوية

 ونتواصل مع المنظمات الدولية لكنها إلى هذه اللحظة لم تقدم لنا أي مساعدة حقيقة بهذا الصدد.

في الختام نتوجه عبر صحيفتكم إلى كافة شرائح وأبناء مجتمعنا أن يكونوا الأساس في الحفاظ على بيئتهم وأن يكونوا السند الداعم للتنمية البيئية وأن يساهموا في التشجير والتنظيف، وأن يعتبر كل فرد إن للشجرة روح معطاء لنحافظ على هذا الروح ونهتم به.

دلبرين فارس

زر الذهاب إلى الأعلى