مقالات

المؤتمر الوطني الكردستاني ما بين الضرورة والمعوقات

آلدار خليل

 أدى تغليب البعض للمصلحة والأنا الحزبية الضيقة على العمل الوطني الكردي إلى خلق حالة من اللااستقرار واللامبالاة بالهم الوطني والعمل المشترك، لا بل أصبحت جهود البعض منهم تتجه نحو تأزيم الحالة الكردية وتحويلها إلى صراع كردي كردي، وبالتالي ترك العدو الحقيقي والمرابط ليل نهار لإنجاح مثل هذه المساعي، بعد فشله بالنيل من الإرادة الكردية في الكثير من المواجهات العسكرية والسياسية.

عندما نتناول البعد الكردستاني كهدف، والجغرافية المعنية بالعمل الوطني كساحة، من الممكن القول: إنَّ تكاتف المواقف الوطنية مع أي مشروع ضمن هذه الجغرافية هو في غاية الأهمية، والتكاتف هنا لا يعني التأييد فقط وإنما العمل المشترك الفعلي وضمن آليات معينة من خلال إبداء الآراء والمقترحات وكذلك النقد وطرح البدائل، عندها فقط نستطيع تلمس نتائج إيجابية لمثل هذا العمل ومدى انعكاسه على الساحة الكردستانية، حينها فقط يمكننا القول: إنَّنا استطعنا أن نوجه رسائل في غاية الأهمية عن مدى صلابة الإرادة الكردية وموقفها الثابت للحفاظ على المشروع الكردي من الانهيار، ولكن وبكل أسف نجد إفراط البعض بالتهجم على ما تم تحقيقه بسواعد هذا الشعب المقاوم، والدور الواضح في عملية التغيير التي تشهدها المنطقة وموقفها المقاوم في الحفاظ على المشروع الكردي من الانهيار، بدلاً من وقوفها كسد منيع أمام المتربصين بنا.

بالتأكيد هذا التوجه من قبل البعض يضر بالقضية الكردية ويعمق الهوة بين أطراف الحركة الكردية والحاصلة نتيجة تداخلات إقليمية ودولية بهدف تفتيت الجهود المبذولة لوحدة الصف والكلمة الكردية بالشكل الذي يخدم مصالحها، وهذا القول يتجسد الآن في مساعي من يصرون على الظهور بصفة المؤيد والمساند للعدو الذي يجتاح أرضنا ويرتكب المجازر في كل يوم بحق شعبنا، هذا العدو الذي له تاريخ طويل في التنكيل بشعبنا المسالم والتفنن بإيلامه.

عندما نرى كيف يتم دعم سياسات ونهج تلك الدول والحكومات الغاصبة لحقوق شعبنا ومن أطراف كردية، علينا أن نعترف بأن العدو نجح في مسعاه بشق الصف الكردي من خلال هؤلاء المأجورين  الذين يتأملون خيراً في عدو قضيتهم، وهم لا يخدمون بدعمهم هذا سوى المشروع القائم على تشويه حقيقة مكتسبات الشعب وانتصاراته، ومن هنا تنبع الغرابة! إذ كيف يتوقع هؤلاء العون والمساعدة ممن يحتل وطنهم؟ وماهي الحقائق التي يرتكزون عليها في بناء علاقاتهم والتي يتأملون من خلالها تحقيق خلاص الكردي من الظلم والغبن الواقع عليه؟ هذا هو التخبط السياسي نتيجة الانفصال عن الواقع المعاش بعينه عندما يظنون بأن الحل يكمن في حضن الظالم نفسه.

إن ما حققه شعبنا في روج آفا على مدار سنوات من النضال والكفاح المستمر من الممكن القول: إنَّه ميراث سيضاف لتاريخ الحركة الكردية التي تميزت بتمسكها بالمسار الوطني، ويكفي الكردَ اليوم في الشرق الأوسط أن يكونوا من خيرة الذين تصدوا للأفكار التكفيرية التي اجتاحت المنطقة وتحولوا بفعل تلك البطولات إلى عامل مهم في التوازنات المتغيرة باستمرار في الشرق الأوسط وسوريا، فالملحمة البطولية في مدينة كوباني لايزال صداها يتردد في عموم أرجاء العالم وتتجدد هذه الملحمة في كل سنة من خلال ذكرى انتصارها السنوية وتحريرها من براثن برابرة العصر، وهذا النصر لكل الذين لا زالوا مصرين على مقارعة الظلم ونصرة عموم الشعوب المقهورة التي عانت الويلات على أيادي المتآمرين على أحلامهم وطموحاتهم في العيش بحرية وكرامة.

ولابدَّ من التأكيد على أنَّ حالة التغيير التي تمر بها المنطقة وكذلك مفرزات حالة الفوضى التي سببتها الأنظمة المركزية بالإضافة إلى عدم قدرة الشعوب على الاستمرار في حالة الاحتقان والحالة التنظيمية للكرد، كلها فرص حقيقية من أجل الظهور كحركة كردية وأنَّها أفضل من يمثل ويلائم التغيُّرات الجديدة، وقد أثبتت ثورة روج آفا الكثير من العوامل المهمة في ذلك، لذا فإن الفرصة التاريخية التي نمر بها الآن تستوجب وبدون تردد الإسراع بالعمل لأجل عقد المؤتمر الوطني الكردستاني كضرورة من ضرورات المرحلة وبهدف توحيد الصف والموقف الكردي في المحافل الدولية وبذلك نوصد جميع الأبواب امام المتآمرين من أعداء الشعب الكردي، وتوجيه ضربة قوية لجميع الأطراف والقوى التي تحاول وتجهد من أجل إجهاض المشروع الديمقراطي الذي يقوده الكرد في المنطقة، وإن أي تهاون أو عدم التحلي بالمسؤوليات اللازمة  لهو دعم مباشر للجهود التي تعمل على إضعاف الصف الكردي وتشتيته وكذلك منعه من السمو نحو تمثيل الإرادة الكردية، فالأعداء يعملون بكل طاقاتهم لإعاقة عقد هذا المؤتمر، لأن فيه خير الأمة الكردية ومصلحتها وعلينا جميعاً أن نعيَ هذه الأهمية، ونعمل لأجلها، فشعبنا يحتاج لذلك الموقف ويتأمل أن نفعلها كما أنَّ بطولات شهدائنا لابد من احترامها، لذا نحن أمام خيارات مهمة ومنعطف تاريخي أهم يستوجب السمو عن الذهنية الحزبية الضيقة وبذلِّ الجهود من أجل وحدة الصف والهدف، فالموقف والقرار وطني بحت في هذا الصدد.

نقلا عن  روناهي 

زر الذهاب إلى الأعلى