ثقافة

الشهداء منارة الحرية والأمهات شعلتها

ليس من المصادفة أن يصادف يوم الأم أعياد النوروز الذي أتى على أكتاف آلاف الشهداء الأقدمين ، الذين نسير على خطاهم ويسبقنا في ذلك شهدائنا منيرين لنا طريق الوصول ، ومشكلين دمعة ألم في عيون أمهاتهم أو زوجاتهم وأخواتهم ، ومن هنا لا بد لنا من إلقاء الضوء على نقطة ما انفكت أن تكونالعلامة الفارقة لتضحيات الأمهات . نعلم بأن الأمهات تقدمن وتضحين بكل مالديها من غال ونفيس من أجل حرية الوطن وكرامة شعبهن، أنهن تحملن كل معاني القوة والشجاعة أمام أعدائهن وتفدين بكل مالديهن من أجل حبهن للوطن. وعلى وجه الخصوص الأمهات الكرديات اللاتي تحولن لمدرسة تعلم أبنائها بأن النصر والتحرير لاياتي بالكلام والشعارات إنما يأتيان بالتضحية والفداء .

ولعل عوائل الشهداء من أكبر فئات المجتمع تضحية قد تضاهي تضحية الشهيد نفسه ، فعوائل الشهداء لايضحون ـ كما الآخرين ـ في لحظة زمنية محددة فقط ، بل قد تمتد التضجية دهورا ويدوم ذلك الألم زمناً مديداً ، ويمكن ملاحظة أبعاد وجوانب هذه التضحية في الكثير من المناسبات الاجتماعية أوالعائلية ً.

عند قدوم يوم الأم حيث العالم يحتفل بهذا العيد تكريماً للأم ، فهل فكر أحدنا كيف يمر عيد الأم على أمهات الشهداء ؟ وهل حاولنا تصور أم الشهيد وأولادها يحتفلون بهذه المناسبة وهناك واحد أو أكثر من أولادها يغيبون عنها ؟ وهي تتظاهر بالفرح رغم أن الحزن والحسرة تملآن قلبها ، رغم ذلك تسعد أولادها وعائلتها ولاتتظاهر بضعفها أمامهم.

أي قلب تحملنه تلك الأمهات ؟ أي قوة وأية شجاعة ؟ فرغم الأوجاع والآلام نجد أمهاتنا الكرديات تحملن نعوش أولادهن على اكتافهن وتودعن أرواح أولادهن الطاهرة بالزغاريد وأكاليل الورود فطوبى لك أي أم أنت؟ من أين لك كل هذه البسالة ؟ وما هذا إلا غيض من فيض في مسيرة الأمهات التي قد لا تخلو أي خطوة من خطواتهن في هذه المسيرة من تضحية .

وأخيرا لا يسعني إلا القول : أيتها الجبارة القوية التي تحمل كل هذا الحب للوطن ،أنت يا من تكونين التجسيد الحقيقي لمعنى للحب والحرية ، التضحيات التي تقدمينها من أجل الأجيال القادمة لكي يعيشوا بعزة وكرامة تأبىن أن تكوني ضعيفة أمام اعداء ، أنت أيتها الأم العظيمة يامنبع الحياة ، أيتها اللبوة التي تلد الأسود واللبوات ، فمهما قلنا و مهما كتبنا عنك يبقى أقل مما تستحقين ولن نفيكي حقك ، فلولا كدحك الذي ليس له حدود ولولا دماء هؤلاء الشبان والشابات لما عرفنا معنى الحياة ولما نلنا لذة الإنتصار والحرية .

السلام لأرواح الشهداء ، المجد والخلود لكم

بقلم أم الشهيد كلستان كالو

زر الذهاب إلى الأعلى