المجتمعتقارير

التأهيل التربوي والتعليمي في روج آفا، ثورة ذهنية لمستقبلٍ مشرق

 perwerdeإن ما يتطلب من القوى والمؤسسات المجتمعية الفكرية والثقافية والتربوية العمل  بجدية في كيفية  بناء الإنسان على أسس  سليمة نابعة من فلسفة أخلاقية أصيلة مبنية على فكر وتحليل عميق ومناهج تمكنها من وضع الحلول الأنسب للقضايا والإشكالات المجتمعية التي تعاني منها مجتمعاتنا وخاصةً المجتمعات الشرق أوسطية بشكل عام  وروج آفا بشكل خاص والتي ذاقت الأمرين   نتيجة للتراكمات والمخاضات التي أنتجتها الهيمنات المتسلطة  المتمسكة بمنافعها ومصالحها المادية الخالية من المبادئ والقيم والتي اتبعت سياسات عنصرية ممنهجة وصلت لحد الإبادة والصهر الثقافي والتربوي والفكري الممنهج والمقصود بهدف إفناء وطمس  شعوبٍ لها حضارات تمتد جذورها لآلاف السنين .

لذلك يعد التعليم والتدريب ضرورة حياتية للمجتمع  حيث يقول  القائد أبو :”التدريب للإنسان بمثابة الماء والخبز والأوكسجين” وشبه التدريب أيضاً بعصر النهضة والانبثاق  فهي الوسيلة الوحيدة لانتقال الثقافة من جيل إلى آخر، ولن يكون هناك أي تقدم و تطور إلا من خلال إكساب أفراده ومؤسساته أساليب وطرق متنوعة ليكون قادرا على التعامل مع بيئته ومجتمعه وليتمكن من تلبية احتياجاته ،لقد عانى الشعب الكردي في عموم كوردستان وغربي كردستان بشكل خاص من الحرمان من التعليم بلغته الأم، ومورست بحقه أبشع السياسات العنصرية من منع التعليم باللغة الكردية في المدارس ،وتعريب المدن والقرى الكردية إلى محاولة تغير ديمغرافية المناطق الكردية، وتنفيذ مشاريع عنصرية كالحزام العربي وغيرها من القوانين العنصرية لصهر القومية والثقافة الكردية في بوتقة الثقافة العربية ومنعها من التحول إلى لغة تعلم وتعليم ،ورغم جميع محاولات نظام البعث لصهر اللغة الكردية ومنعها من التداول في الحياة اليومية، لكن اللغة الكردية بقيت محافظة على عراقتها وأصالتها  وبعد الأحداث التي عصفت بسورية بشكل عام وروج آفا بشكل خاص وخوض الشعب الكردي ثورته الخاصة التي لم ينقطع يوماً من المطالبة بحقوقه المشروعة منذ إلحاقها بسوريا بموجب اتفاقية ” سايكس بيكو”، وإلى جانب المقاومة البطولية لقوات حماية الشعب والمرأة والتي تعتبر الركيزة الأساسية للثورة في غربي كوردستان، كانت هناك ثورة فكرية على كافة مناح الحياة الاجتماعية والمعرفية والعلمية هدفها إعادة بناء الإنسان وتكريس التربية الأخلاقية التي تبتنها الإدارة الذاتية الديمقراطية من خلال العقد الاجتماعي الذي يحترم كرامة الإنسان ويصونها بغض النظر عن قوميته  وعرقه وطائفته، والذي يستند إلى التعايش المشترك بين جميع مكونات الشعب في روج آفا، ومن هنا بدأت التعليم باللغة الكردية التي لطالما حُرِمَ منها الشعب الكردي وبقية المكونات الأخرى ،حيث ادخل اللغة الكردية الى كافة المدارس الموجودة في مناطق الإدارة الذاتية ودخلت حركة التعليم باللغة الكردية طوراً جديداً ولأول مرة في تاريخ روج آفا، حيث تم تدريس اللغة الكردية بكثافة في المدارس الرسمية والمعاهد و الأكاديميات والمراكز الخاصة، وذلك بهدف الحد من الصهر الثقافي المفروض على الأطفال وكذلك تطوير ونشر اللغة الكردية ،حيث يتم تدريس اللغة الكردية للطلاب وفي مختلف المراحل الدراسية من الابتدائية والإعدادية والثانوية، وهذا الأمر أدخل الكثير من السعادة والغبطة والحماس في نفوس الأطفال بشكل خاص والمجتمع بشكل عام الذي بداء يستعيد هويته الأصيلة التي حرم منه نتيجة السياسة العنصرية التي مارستها النُظم المتعاقِبة على سوريا.

 ومن هذا المنطلق قامت جريدة الاتحاد الديمقراطي بأخذ عينة من الآراء في معهد ” الشهيد حسان” للتأهيل التربوي حول الاستعدادات للعام الدراسي الجديد ،وسير تأهيل المعلمين والمدرسين على المنهاج التربوية والتعليمية وطرائق تدريسها :

ريحانة أحمد :إدارية في معهد الشهيد حسان للعلوم التربوية

بنائاً على قاعدة إن التتريب والتأهيل كالماء والغذاء للإنسان لا يمكن الاستغناء عنها، وبناءً على أسس ومبادئ فلسفة القائد عبد الله أوجلان الذي قال: “التدريب التدريب ثم التدريب” ومن هذا المنطلق فان التدريب والتعليم يعتبر الحجر الأساس في بناء وتوجيه العملية التعليمية والتربوية في روج آفا ،إلى جانب الثورة الوجودية التي خاضها شعبنا وقواته في وحدات حماية الشعب والمرأة ولاحقاً في قوات سورية الديمقراطية ضد القوة الظلامية كانت هناك ثورة ذهنية وثقافية وعلمية وتربوية تسير جنباً إلى جنب مع الملاحم البطولية التي خاضها قواتنا ضد قوى الإرهاب والتي اصبحت ضرورة حياتية لا غنى عنها لتغير الذهنيات الإقصائية والعنصرية التي مارستها النُظم الدكتاتورية على مرِّ عقودٍ مِنَ الزمن، حيث افتتحت الدورات التعليمية باللغة الأم في كافة مدن وبلدات وقرى روج آفا، وافتتِح عشرات المعاهد لتأهيل المعلمين والمدرسين للتعليم باللغة الكردية الى جانب العشرات الأكاديميات المختصة للثقافة والفكر والفلسفة والعلوم ،كما افتتح مؤخراً جامعات في كل من عفرين وقامشلو وتم التعاقد مع بعض الجامعات الدولية لتبادل الخبرات العلمية والتربوية ، وفي خطوة تاريخية أُدخِل التعليم باللغة الكردية بشكلٍ رسمي العام الماضي في الصفوف الثلاث الأولى لمرحلة التعليم الأساسي ،وذلك وفق منهاجٍ عصري يجاري التطور التربوي والتعليمي في مدن العالم، ويعتبر معهد الشهيد حسان للعلوم التربوية هيكلية مؤسساتية للتدريب والتأهيل على بُنى وأسس علمية لإمداد الطلبة المعلمين والمدرسين بكل ما من شأنه تزييل العقبات التي قد تواجه المعلمين والمدرسين في المدارس، حيث يتم التعلم في المعهد على طرائق التدريس وأساليبها وسبل التعامل مع الأطفال والتلاميذ، حيث خَضَع المنتسبون إلى المعهد لدوراتٍ تأهيلية مكثفة طيلة العطلة الصيفية على المنهاج الجديد الذي سيتم إدخاله إلى العملية التعليمية لصفوف الثلاث الأخرى(الرابع والخامس والسادس) مع بداية العام الدراسي الجديد وذلك وفق مخطط ومنهجٍ تعليمي تربوي شامل أعدتها هيئة التربية والتعليم في روج آفا، حيث يعتبر معهد الشهيد حسان صلة الوصل بين الكادر التعليمي والمدارس وذلك بتدريب وتأهيل المدرسين والمعلمين الاكفاء لتلبية حاجة مدارس آيالة  تربسبية من المعلمين وتمكينهم من ممارسة العمل التربوي والتعليمي وفق أسس أكاديمية علمية ،و يمكنكم ملاحظة حجم الإقبال على المعهد ومن جميع المكونات حيث وصل عدد المنتسبين من المكون العربي إلى (570) طالبا يتلقون التدريب والتعليم وطرائق التدريس منذ ما يقارب العام ،وكذلك عد الطلاب المعلمين من المكون الكردي يقدر (342 ) طالباً سيتم توزيعهم على مدارس المنطقة بعد إنهائهم الدورة التأهيلية الثانية ،هذا وسيستمر التأهيل والتعليم في المعهد طيلة الفترة الدراسية حيث تم تخصيص يوم في الأسبوع  ليكون التعليم مستمراً، وذلك ليكون المعلمون والمدرسون على اطلاع وصلة بكل المستجدات التربوية والتعليمية أثناء عملية التعليم في المدارس .

آلا مراد: طالبة معلمة في معهد الشهيد حسان

لقد انتسبنا إلى المعهد منذ قرابة الـ (11) شهراً ونحن نعتبر الدورة الثانية في المعهد التي سيتم تخريجها، حيث تلقينا التدريب والتعليم وطرائق التدريس على المواد التعليمية متنوعة  في (التاريخ – علم الاجتماع – التكنولوجيا والكمبيوتر-  اللغة الكردية – اللغة الانكليزية – اللغةالسريانية- تربية الطفل- الفلسفة- طرائق التدريس –أرشاد وتوجيه… )

إضافة إلى تلقي التدريبات على المنهاج الجديد  الذي سيتم تعليمه للصفوف الثلاث الأخيرة من التعليم الأساسي حيث تلقينا التدريب والتأهيل على أيدي مدرسين وأساتذة مختصين وبمستوى أكاديمي مميز، بحيث يمكننا القول أن الدورة التأهيلية في المعهد كانت ناجحة بشكل فعلي، ومستوى الفهم والاستيعاب كانت جيدة إلى حدٍ كبير، حيث بات مستوى المعلمين المؤهلين من المعهد واستعدادهم للعام الدراسي الجديد تمكنهم من ممارسة العمل بمهنية وحرفية عالية والرغبة لدى المربيين في خدمة العملية التعليمية هي كانت الحافزفي نجاح الدورة التأهيلية وهي ستكون المنطلق في نجاح العملية التربوية التعليمية مستقبلا.

برويزا حسين: طالبة معلمة في معهد الشهيد حسان

إن هدفنا من الالتحاق بمعهد اعتداد وتدريب المعلمين في آيالة تربسبية هو التأكيد على قيم الثورة في روج آفا وترسيخ قيم الشهداء في بناء مستقبلٍ مشرق واجيال قادرة على النهوض بصرح وطنهم ومجتمعهم وتلبية احتياجاته، حيث يعد الدورات الأكاديمية وتلقي العلوم التربوية في المعاهد الأساس الذي نستطيع من خلالها توسيع آفاق ثقافتنا وتنمية قدراتنا وصقل قدراتنا لنستطيع ممارسة حياتنا المهنية بنجاح ولنكون قادرين على تعليم أجيال روج آفا وفق أسس علمية وتربوية سليمة، فكما هو معلوم أن التعلم باللغة الأم هي تجربة جدية في روج آفا والوقوف على قواعدها وسبل التعليم والتعلم بها تحتاج إلى بناءٍ مؤسساتية أكاديمية للارتقاء بها إلى مسيرتها الحضارية التي أُقصيت منها نتيجة للسياسات العنصرية التي مارستها النظم الإنكارية والدكتاتورية على شعوب المنطقة ولغاتهم ومن هذا المنطلق ومن خلال صحيفتكم نتوجه إلى جميع الفئات الشبابية وخريجي الجامعات والطلاب للالتحاق بالدورات التدريبية والتأهيلية في المعاهد والأكاديميات والجامعات التي فَتَحت أبوابها في روج آفا لنهل واكساب العلوم والمعارف والتخصص في المواد العلمية والأدبية الضرورية للارتقاء بالعملية التعليمية والتربوية والعلمية في روج آفا ،وذلك لتعليم وتربية أجيال من شأنها النهوض بالمجتمع ووضعها في مصافي الشعوب والأمم المتقدمة والمتطورة .

في الختام :تكمن قيمة الهدف التربوي والتعليمي في إنه يجعل للعمل معنى ويعين له اتجاهاً ويحدد له الوسائل والطرق ، ذلك أن الذي لا هدف له لا يعرف أين المنتهى ولا يستطيع الجزم بأفضلية طريقة على طريقة ووسيلة على أخرى، وفي حالة عدم وجود أهداف تعليمية واضحة يفتقد المعلم لاختيار إستراتيجيات التعليم بالإضافة إلى أهمية الهدف في التوجيه لاختيار أساليب التقويم المناسبة والتي تعطي صورة حقيقية عن مدى ما حققته الأهداف

ولعل إيجابيات الأهداف في العملية التربوية تتركز على أن الأهداف التعليمية والتربوية هي نقطة البداية في التخطيط  للعمل التربوي الناجح سواء على المدى القريب أو البعيد،و العملية التعليمية والتربوية تشير إلى نوع النشاطات المطلوبة لتحقيق التعلم الناجح

تمثل معايير مناسبة لاختيار أفضل طرق التدريس في مجالات التربية.

وتتصف الأهداف التربوية ببعض الخصائص الجوهرية منها

أن تكون الأهداف التربوية متفقة مع الطبيعة الإنسانية مراعية لحاجاتها قابلة لإطلاق قدراتها الإبداعية، وتحدد أهداف التربية العلاقة بين الفرد والمجتمع، ثم بينه وبين التراث الاجتماعي من قيمٍ وتقاليدٍ  إيجابية مجتمعية ،والقدرة على غرس المفاهيم الإنسانية  النبيلة، وتلبي  حاجات المجتمع وتعالج مشكلاته إلى جانب مساعدته على تنسيق وتنظيم وتوجيه العمل لبناء الإنسان المتكامل عقلياً ومهارياً ووجدانياً في المجالات المختلفة في مجتمعٍ حر ديمقراطي.

زر الذهاب إلى الأعلى