تقارير

الإدارة الذاتية في سنواتها الثلاث الأولى

cihad-drois hesen-zazaالكثيرون قابلوا فكرة الإدارة الذاتية بالرفض، ووصفوا دعاتها بالحالمين، لكنها تحققت على الأرض، وقوبلت باللغط حيناً وبالتشويه حيناً أخرى، لكنها لم تنظر إلى الوراء بل سارت بلا هوادة، دعاةُ هذه الإدارة ومريدوها عملوا جاهداً وأبدوا الكثير من التضحيات، فكان نصيبها النجاح في بعض الجوانب، وبالمقابل منه بقيت منغلقةً على نفسها في بعض الجوانب الأخرى.

ومع مرورِ ثلاثِ سنوات على تأسيسها أردنا في صحيفة الاتحاد الديمقراطي معرفة ما إذا كانت الإدارة الذاتية حققت آمال وطموح الشعب، أم أنها بقيت بعيدة عنه، وما هي وجهةُ نظرِ عددٍ من الكتّاب والصحفيين لها بعد مرور ثلاث سنوات على إعلانها.

الإدارة الذاتية الديمقراطية جاءت لتنمو سنابلَ قمحٍ نمت بترابٍ مجبولٍ بدمِ الشهداء

الكاتب الصحفي حسن ظاظا عضو المجلس التشريعي لمقاطعة الجزيرة، والرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في قامشلو:

إن الإدارة الذاتية الديمقراطية تجربةٌ جديدةٌ في روج آفاي كردستان، وهي تجربةٌ ناجحةٌ ضمت مشاركة كل مكونات المجتمع السوري في شمال سوريا، وكل التجارب تمر بمراحل صعبة، فيها الصالح الإيجابي وفيها الطالح السلبي، وهي تجربةٌ بهويةٍ كردية جمعت كل مكونات المجتمع الجزراوي في الشمال الشرقي من سوريا من كردٍ وعربٍ وسريانٍ وأرمنٍ ومسيحيينٍ وازيديين وآشور، ولاقت هذه التجربة الناجحة قبولاً ورواجاً وارتياحاً وثقةً كبيرةً لوحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة الكردية في تحقيقِ الانتصارات العظيمة التي تحققت في النصر والتحرير, وجاءت الإدارة الذاتية الديمقراطية لتنمو سنابلَ قمحٍ نمت بترابٍ مجبولٍ بدمِ الشهداء.

إن هذه الإنجازات العظيمة التي تحققت في السنوات الثلاثة الأولى رغم قصر المدة الزمنية لتأسيس الإدارة تمكنت من إنجازِ العديدِ من المشاريع السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية رغم الحصار المفروض عليها من دول الجوار، بالإضافةِ للنظام السوري استطاعت الإدارة الذاتية بسلطتيها التشريعية والتنفيذية تحقيق المكاسب لكل مكونات المجتمع السوري، وإضافةً إلى الأمن والأمان في روج آفا، واليوم يحمل الكرد مشروعهم الجديد الفيدرالية لشمال سوريا، وسيكون هذا المشروع النموذج المثالي لكل سوريا، والفيدرالية هي اتحادٌ وليسَ انفصال كما يَدَّعي البعضُ من ضعاف النفوس من القومويين أنها انفصالٌ لعدم فهمهم وسيطرتهم على قومويتهم وروحهم الحاقدة على الشعب الكردي.

وهنا لابد لي من قول الحقيقة للشعب السوري أن يُدْرِكَ جيداً أن الفيدرالية هوية كردية وحدت كل مكونات المجتمع السوري من أجل الحفاظ على وحدة سوريا بدولةٍ اتحاديةٍ فيدراليةٍ ديمقراطية.

على الإدارة الذاتية الإصغاء للأصوات المنتقدة

جهاد رويش- صحفي عامل في فضائية KNN:

حقيقةً لم تستطع الإدارة الذاتية تلبية حاجات المواطنين فيما يتعلق بالجانب الخدمي والاقتصادي إلا في الحدود الدنيا، وذلك للنقص الكبير الذي تعانيه الإدارة التي لم تسعى إلى رفد صفوفها بكوادر مختصة وأكاديمية، واقتصرت في عملها على الموالين لها،  بالإضافةِ إلى التداخل في المؤسسات القائمة هناكَ مؤسساتٌ لحركة المجتمع الديمقراطي تسد الطريق أمام مؤسسات الإدارة الذاتية  لتجعلها مكتوفة الأيدي أمام حاجات الناس, بالإضافة إلى قلة الخبرة لدى هذه الإدارة مما دفعها للابتعاد عن عمل المؤسسات الذي من المفروض أن تقوم بها مؤسسات الإدارة, أما من الناحية السياسية وهي الأعقد دائماً ما تكون شروط الإدارة الذاتية مفروضةٌ بضرورةِ التزامِ كل الأحزاب (المخالفة) لها بهذه الشروط, بينما تتجاهل حالة الهدوء الذي سيشهده الوضع بشكلٍ عام جراء هذا العمل المشترك, على الإدارة الذاتية الإصغاء للأصوات المنتقدة لها لا المصفقة, عندها يمكنها أن تحدث التغيير المطلوب والذي سيفيد الجميع.

تحرير كوباني لعب دوراً تاريخياً في الدفع العميق بالإدارة الذاتية الديمقراطية

لترسيخ جذورها وتعميق وجودها

نارين تمو- عضو المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD

عندَ بداية إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية في المقاطعات الثلاث في روج آفا (الجزيرة، كوباني، عفرين)، كانت إلى حدٍ كبير مَحط امتعاضٍ وسخرية من قبل جميع القوى الدولية والإقليمية والمحلية وبعض الكردية، وكذلك من مختلف القوى والأحزاب العالمية وحتى الكردية، التي لم تعطِ لها من العمر أكثر من عدة أشهر، وإن مصيرها هو الفشل المحتوم، ولكن الذي لم يتبادر إلى ذهن الجميع، هو نجاح مشروع ديمقراطي تعددي، ولأول مرة يشهد فيها النسيج السوري وجوده وكينونته من جميع المكونات دون استثناء من الكرد والسريان والآشور والأرمن والتركمان وحتى العرب في هذه الإدارة، كيف أن الشعب الكردي كان يكابد تحت نير العقلية العنصرية الشوفينية البعثية، كان الشعب العربي والسوري كذلك يئن تحت وطأة الظلم البعثي وقمعه للحريات واستبداده وتأزمه الاقتصادي، ولربما هي المرة الأولى التي يشهد فيها العالم وليس الشرق الأوسط فقط نظام الإدارة والمناصفة المشتركة بين المرأة والرجل في جميع الإدارات والمؤسسات، من المرأة المقموعة في ظلِ نظامٍ شوفينيٍ ذكوريٍ تسلطي إلى نظامٍ قائمٍ على احترام حقوق ووجود المرأة في جميع مناحي الحياة.

ولو أمعنا النظر في حيثيات المؤسسات التي تشكلت على هدى هذا الفكر، الذي يستند إلى مفهوم الأمة الديمقراطية، سنجد إن كافة مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية قد شهدت تطوراً ملحوظاً مقارنةً مع ظروف نشأتها، ومع الإمكانيات المتوافرة من الناحية العلمية والمعرفية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والاستراتيجية والدبلوماسية، ولو تعمقنا في الإمعان أكثر سنجد إن ملحمة ومقاومة كوباني التاريخية، والتي في هذه الأيام يصادف ذكرى تحريرها تناغماً مع ذكرى إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية، أرى أنه من الضروري التركيز على ملحمة كوباني التي عرف العالم من خلالها من هم الكرد، ومن هي المرأة الكردية، وما هي الإدارة الذاتية الديمقراطية، وما هي الإدارة والإرادة المجتمعية التي تكاتفت في ظل هذا النظام القائم، والتي استطاعت من خلالها الوقوف في وجه أعتى قوة بربرية عرفها التاريخ الحديث، وعرف العالم أجمع من هم الكرد، والنظام الديمقراطي الذي ينتهجه، وحقه في الدفاع عن هويته ووجوده وشعبه ومناطقه، فنجد إن تحرير كوباني لعب دوراً تاريخياً في الدفع العميق بالإدارة الذاتية الديمقراطية لترسيخ جذورها وتعميق وجودها، وتفعيل مؤسساتها، والعمل على مشاركة كافة شرائح المجتمع ومن كافة المكونات بين طياتها، وعدم إغفال دور أحد من شرائح المجتمع، ورغم النواقص الموجودة إلا إن هناكَ عملٌ دؤوبٌ على قدم وساق للوصول إلى أفضل الحلول، والتي نرى من نتائجها اليوم النظام الفيدرالي لشمال سوريا وطرحه كأنسب الحلول لسوريا الديمقراطية اللامركزية الموحدة، القائمة على أساس التنوع في الثقافات والمكونات مع الوحدة الجغرافية، وهذه الفيدرالية الديمقراطية لاقت قبولاً كبيراً من أغلب المكونات التي رأت فيها ضالتها للأزمة السورية، علماً إن العديد من الدول والقوى الصديقة التي زارت مناطق الإدارة الذاتية، شهدت لها بالنجاح.

وبمناسبة الذكرى الثانية لتحرير كوباني والثالثة لتأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية، نتقدم بالتهنئة والمباركة لجميع شعوب الشمال السوري ونتمنى المزيد من النجاح والتوفيق لهذه الإدارة التي وجدت انبعاثها في الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا.

زر الذهاب إلى الأعلى