مانشيتمقالات

استقلال باشور كردستان وانعكاساته على الأجزاء الأخرى 


آلدار خليل

طرح الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK قضية استقلال باشور كردستان مرة أخرى، وحسبما ذكرت بعض وسائل الإعلام المقربة من الحزب الديمقراطي فإن هذا الطرح كان موضع تأييد من قبل بعض الدول التي زارها رئيس الإقليم السيد مسعود البرزاني، واستناداً إلى القراءات والمتابعة للمواقف المؤيدة لمشروع الاستقلال وكذلك وفقاً لخطاباتهم المبنية على سلبية الموقف الحكومي لإقليم كردستان من ثورة روج آفا الأمر الذي يستدعي منا الوقوف والتعمق فيه، لأننا نعتبره موقفاً خطيراً في مسار نضال شعبنا وتأثيراته على القضية الكردية عامة ووحدة الصف الكردي في هذه المرحلة العصيبة التي نمر بها بخاصة، لذلك ومن منطلق المصلحة الكردية نرى أن تبتعد تلك الجهات في باشور كردستان عن الدخول بالمسار المضاد لثورتنا لأجل موافقة أو دعم غير واضح وملتبس لأطراف معينة وبالأخص المعادية للشعب الكردي وقضيته العادلة.

وبغض النظر عن نتائج ما يتم طرحه، ودور تلك القوى ومدى مصداقيتها ورأي تلك الأطراف أو تقييماتها في قضية استقلال باشور، فإن ذلك بالنسبة لنا هو شأن يخص باشور لا نود الغوص في تفاصيله هنا، فالذي يهم وما نراه تحقيقاً للمصلحة الكردية ألا يكون كل ذلك على حساب شعبنا في روج آفاي كردستان، الشعب الذي شق طريقه نحو إنهاء الظلم بدماء الشهداء وبإرادة لا تلين وعانى أبشع أنواع الصدام مع قوى متطرفة ميزتها الإجرام وقتل الإنسان.

وما أريد توضيحه هو: أنه ومنذ إعلان ثورة روج آفا والتي كانت النقطة الأولى لضمان دخول القضية الكردية في المنطقة إلى مرحلة مهمة بعد مرحلة الاستقرار التي تم إعلانها من قبل شعبنا في باشور كردستان في 1991م حيث أننا لم نعمل يوماً باتجاه التأثير السلبي على القضية الكردية في الأجزاء الاخرى وبخاصة باشوري كردستان بل كان توجهنا الفعلي من أجل عموم الشعوب والمكونات المسحوقة وتطوير القضية الكردية بحيث تكون تلك التطورات ملائمة لعراقة وأصالة هذا الشعب الذي يستحق وبفعل بطولاته الكثير من التضحية والمسؤولية.

التداول الأهم في موضوع الاستقلال هو أنَّ ترحيب الدولة التركية بالفكرة كان مشروطاً كما يبدو وهو دور الحزب الديمقراطي في معاداة الثورة في روج آفا ومنع أية إدارة كردية تكون بمثابة استحقاق وطني للشعب، فما تسعى إليه تركيا في باشور هو تأسيس نموذج تابع لها تماماً كما هو حال المعارضة السورية التي تقدمها على أنَّها معارضة معتدلة، فلنا ذاكرة مؤلمة مع الدولة العثمانية هذه الذاكرة تجعلنا لا نثق بها، فلا يمكن لمثل هذا النظام القبول بأية صيغة كردية تهدف لنصرة الشعب الكردي بأي شكل من الأشكال، فتركيا تتنكر للوجود الكردي في باكور، وتقوم بإقصاء الكرد في روج آفا بسبب محاربتهم للتطرف والعقلية المركزية, ولسعيهم إيجاد مشروع ديمقراطي كضمانة مستقبلية لعموم مكونات المنطقة، 
فحتى كرد روج آفاي كردستان لو ساروا ضمن الإرادة والعقلية الأردوغانية لنأوا بأنفسهم عن الهجمات المستمرة للقوات التركية على مناطقهم ..!! ولكن الفرق يكمن في أنَّنا ندرك أن التبعية للعقل الشوفيني تعني نسيان قضية شعب الكردي، وبالتالي لن تقبل بالدولة الكردية، فقبولها سيكون فقط بحال تكون فيها باشور بمثابة ولاية تركية.

إن قبول تركيا بدولة ضمن الهوامش المسموح بها تركياً حتماً سيكون على حساب منع تطور الحالة الكردية في روج آفا، وهذا يعني التضحية بجزء كردي هام وقريب جداً من أن يكون عنوان مرحلة التغيير في المنطقة بفعل المشروع الحضاري الذي يحمله والإنصاف الحقيقي لعموم المكونات المضطهدة في المنطقة، مقابل نظام تابع سيكون عرضة للزوال متى ما أدركت الدولة التركية ميله لخدمة الكرد والقضية الوطنية.

ولأجل الحفاظ على مكتسبات روج آفا ومنع باشور من الانزلاق للمستنقع التركي ولعدم تكرار تلك الأشكال والصيغ التآمرية التي افتعلتها تركيا وكان آخرها في شنكال، لابد من اليقظة ورؤية خطورة تلك النوايا ملياً، وذلك بالحفاظ على تجربة باشور ضمن خدمة القضية الكردية وما يقرره شعب باشور، ويمكن أيضاً الحفاظ على مكتسبات روج آفا وثورتها الديمقراطية التي أبهرت العالم، من خلال حوار وطني شامل يتم فيه تبادل الآراء ووجهات النظر حول مصير ومآل شعبنا والالتزام بنتائج ذلك الحوار وقراراته التي ستكون لخدمة شعبنا وقضيته، وما العراقيل التي تعمل تركية عليها لمنع عقد مثل هذا اللقاء أو التقارب الكردي إلا دليل على أهميته في رسم مستقبل يليق بشعبنا ونرى أنَّ تحقيق هذا المطلب ليس بشيء مستحيل فيما لو سمت كل الأطراف المسؤولة نحو قرار بدء الحوار لما فيه من ضرورة مصيرية مهمة.

زر الذهاب إلى الأعلى