مقالات

أوجلان من مؤامرة للسقوط الى الصمود

القوى العالمية الكبرى ترى في مناطقنا وفي دول العالم الثالث والرابع دول تحت الطلب ، وجنود في لعبة الشطرنج على رقعة منطقة غنية بكل شيء، ولكن فقيرة فكرياً وتعاني أنيميا ذهنية .
كان وجود حركة إنسانية بحجم وقوة ب ك ك في المنطقة هو حجر عثرة في طريق مباراة الدول الكبرى التي تجري كل عدة سنوات في هذه المنطقة الملتهبة ..أوجلان الشخصية الديناميكيه الذي حاول ان يكيف روح الثورة مع واقع المنطقة وجوع سكانها الاجتماعي والامني والفكري..ولكن في نفس الوقت كان الشخصية الصلبة التي لم تنحني امام سخونة الضغط الدولي ..واصطدمت طموحات الحكومات الكبرى بصخرة العناد والتصميم القائد الشرق الاوسطي الذي لم يستسلم امام عواصف وتسونامي الاورو-امريكي . img_1990
لم يكن اوجلان قائداً تحت الطلب بل كان مطالباً بحقوق إنسانية للإنسان الشرقي والنهوض به ،وإخراجه من مرحلة الإنصياع الى مرحلة صنع القرار، وهذا بحد ذاته كان خطراً جسيما على مصالح وهيبة دول لم ترى من شعوبنا إلا ظهوراً محنية للامتطاء ، فكيف سيسمح ان تتحول هذه الشعوب الى فرسان؟ جسَوا نبض أوج آلان الثائر فسجل مقياس النبض درجة إمتياز ورأوا أن إستمرار القلب بهذا المعدل من النبض ، وصعوبة ترويض هذا الخيل الأصيل سيكون معوقاً أمام تغيير مدمر سيعصف بالمنطقة ، فلم يكن بمقدورهم ان يوقفوا قلبه عن النبض ، تآمرت عليه كبريات الدول ، وجعلوا مساحة الكوكب لا تتسع لوجوده ، حاصروه ، أسروه وسلموه لألد أعدائه لعدة أسباب، منها ضرب روح المقاومة عند تلامذته وتخويفهم ليحيدوا عن الطريق ، ليكون جميلا في رقبة تركيا ، ويكونوا الحاكم الفعلي في تحريك تركيا ولتكون ضربة لأي حركة تحررية في المنطقة تفكر ان تولد بعيداً عن أضواء وسطوة تلك الدول، ولكسر المطرقة والمنجل في شخص أوج آلان ، وفي شكل حركته وإطفاء النجمة الماركسية ، وإلغاء اللون الاحمر القاني ، والاهم أنهم وبحسب حساباتهم النفسيه الواهمة بوضع الصقر في الأسر سيجعله يضرب رأسه بجدران السجن حتى ينكسر منقاره ويموت جوعاً ، فتموت الإسطورة الاوجلانيه بين جدران السجن ويصبح عبر الايام نسياً منسياً، و لأن العاشق للحرية سيموت في الاسر وتلك الأغلال ستقوده إما الى الانتحار أو الجنون .
أخطأوا في دراساتهم وتقديراتهم وإنتقل أوج آلان من درجة ثائر الى درجة فيلسوف معتكف يكتب الفباء الثورة بشكل مختلف ، وتحول من قائد ثوري الى منظر ومرجعية ثورية ورمز ، وإنقلبت فكرة الإنتحار المتوقعه له الى فكر فلسفي وإشعاع ومنبع لكل متعطش لألفباء الحرية .
أضاف السجن الى شخصية أوج آلان الكثير مما خيب حساباتهم التي آلت كل نتائجها إلى صفر، فأصبح مكتبة فكرية ثقافية ثورية ، وإنسانية حضارية ، وفلسفية مرجعية ، وفوق كل ذلك رمزاً وطنياً وقومياً وجسريهما عالمياً.
أوج آلان كان يسبق الحدث ويقرأ المرحلة بشكل دقيق وعقلاني ، ليتجلى ـ إضافةً إلى كونه ثائراً وفيلسوفاً ـ ملماً بعلم الإجتماع والنفس ، فدرس شخصية إبن الوطن الفقير إلى شخصية البرجوازي ووضع أصبعه على مكامن الضعف والقوة في مجتمعنا ، داخلاً إلى قلب المجتمع من الباب المغلق تاريخياً ألا وهو باب المرأة ، تلك القوة الكامنة وغير المكتشفه الى الآن كثروة طبيعيه موجوده ولم يكتشف أحد غناها وأهميتها ـ والتي تم بشكل مقصود إهمالها والإستهانة بها بل وتغييبها ـ لذا صنع المفتاح الذهبي لفتح أبواب تلك الخزائن وإستثمارها بشكل وطني إنساني صحيح وخلاق، وبدل أن تكون المرأة نقطة ضعف في المجتمع وكائن مشكوك في قدراته العقليه ، ففجر تلك الطاقه ليحولها من مرحلة السبات الى مرحلة التفعيل.
هنا وحتى من خلف القضبان قطع أوج آلان الطريق امام الغرب قائلاً” أنا بعيد عن الساحة السياسية بالجسد ولكن فكري هي خارطة طريق تقطع عليكم خارطة الشرق أوسطيه الجديدة ، وتلميذاتي النجيبات هن بيضة القبان ولاعبات سياسيات محترفات وقوة لا يستهان بهن ، ومن بعدي هن المرجعية ولهن كلمة الفصل ” ، لذا اصبح عليهم ان لا يهمشونا ،وأصبحت كبريات الدول تتسابق لتأخذ الكرد حليفاً إستراتيجياً لأنهم فرسان الشرق ، وبعيداً عنهم يبقى الحمل الغربي في المنطقة غير متوازن ومختلاً .
أي كوردي يحلم ليس فقط بدولة بل بشهقة من الحرية وبعيداً عن فضاءات أوج آلان سيدفن هو وحلمه في وكر الاوهام ، وإن كانت الدول سترسم خارطة للمنطقه من جديد على انقاض سايكس- بيكو ،سوف لن نكون فيها سوى ملعوب بهم بدل ان نكون لاعبين لأن بناء الدول والأمم لن يكون بالشعارات و لا الإرتماء في أحضان المحتل وإستجداء الشفقه منتظرين الفتات من موائد حسناتهم ، بل أن نتوحد تحت راية ترى في الفداء بالروح وقت الحاجة أرخص مايقدم قرباناً على محراب الحرية والكرامة ، وترى أن الحرية تؤخذ ولا تشحذ ، لذا وجب أن نقرأ الواقع بضمير أمة كاملة لا بمصالح شخصيه ضيقه فالشعب الذي لا يتعلم ولا يجيد قراءة تاريخه أمي وإن كان يجيد القراءة والكتابة.
گولي فيلي

زر الذهاب إلى الأعلى