تقاريرمانشيت

أسئلةٌ إعلاميةٌ ممنوعةٌ من الطرحِ في ظلِ حُكمِ اردوغان

michael-rubin

اردوغان و داعش
اردوغان و داعش

turkya-2 turkya-3 turkya-4

أردوغان واللّعِب مع "داعش"
أردوغان واللّعِب مع “داعش”

كانت حرية الصحافة أحد أهم ضحايا حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، قام بمصادرة الصحف، وبمقاضاة رؤساء التحرير، وزج بالصحفيين في السجن. مراسلون بلا حدود تصنف تركيا في المرتبة 151 في العالم من أصل 180، في مستوى أدنى من روسيا فلاديمير بوتين.

 في العام المقبل مع استمرار حالة الطوارئ وحملة القمع في ظل حكم أردوغان، سيهبط تصنيف تركيا على الأرجح إلى أكثر من ذلك، ربما إلى مرتبة أدنى حتى من جمهورية إيران الإسلامية.

مع احتضار الصحافة التركية المطبوعة والتلفزيونية والإذاعية، ما هي الأسئلة التي يناقشها الصحفيون وراء الكواليس ولا يسمح لهم بتداولها؟

فيما يلي فقط القليل منها:

  1. كيف أصبح أردوغان مليارديراً؟

وُلِدَ أردوغان لأسرةٍ فقيرةٍ نسبياً في “ريزة”، على طول البحر الأسود، كان والده في خفر السواحل يعمل في عرض البحر.

 حتى أن أردوغان في مرحلةٍ ما كان يبيع الوجبات الخفيفة في الشارع ليكسبوا دخلاً إضافياً. تخرج من مدرسةٍ دينية في عام 1973، وعلى الفور باشر العمل في المجال السياسي ليصبح أخيراً عمدة اسطنبول أول مرة، وبعد فترةٍ قصيرة أمضاها في السجن بتهمة التحريض الديني، أصبح رئيس الوزراء، وحالياً رئيساً للبلاد. لذا السؤال يُطرح هنا:

كيف أصبح رجلاً مثل أردوغان مليارديراً عدة مرات على التوالي؟

الأتراك لديهم فكرة جيدة وظريفة: لقد واجه ثلاثة عشر تحقيقاً في الفساد كمحصلة للمدة الزمنية التي أمضاها وهو عمدة؛ الحصانة البرلمانية أدت إلى عدم الفصل فيها أبداً. وقد أفادت السفارة الأمريكية بأن أردوغان لديه  ما لا يقل عن ثمانية حسابات في البنوك السويسرية. أما هو فقد نسب بعض الأموال إلى ابنه كهدايا الزفاف.

تسجيلاتٌ ــ حقيقية ولكنها مسربة بصورة غير قانونية ــ تظهره وهو يناقش كيفية تحويل ربما مليار دولار نقداً. استغل أردوغان سلطاته في المحاكم ليبطل القضية ويعتقل أعضاء النيابة العامة، ويقاضي من كان يلتمس ملاحقة الدعوى.

أسئلةٌ مشابهة حول مكاسب غامضة ربما تثار حول ابنه “بلال” (وما حدث بالضبط لبلال في إيطاليا ) بالإضافة إلى براق حيث يشكل مكان وجوده لغزاً، أي صحفي يعيش في تركيا ويسعى إلى البحث في مصادر ثروة أردوغان وأفراد أسرته سيجد نفسه خلف القضبان لعدةِ عقودٍ قادمة.

  1. أين هي شهادة أردوغان الجامعية؟ السيرة الذاتية الرسمية لأردوغان تفيد بأنه قد حصل على شهادة من قسم العلوم التجارية والاقتصادية من جامعة مرمرة عام 1981. وهنا تكمن المشكلة، لم يكن هناك أبداً قسماً من هذا القبيل في جامعة مرمرة.

 في عام 1982 تم افتتاح كلية للعلوم الإدارية والاقتصادية في الجامعة، لكن ليس ثمة سجل لحضور أردوغان فيها على الإطلاق، درجة الأربع سنوات هي شرطٌ أساسيٌ لمنصب الرئاسة، إذا كان أردوغان قد كذب بشأن الدرجة، هل يمكن إذاً أن يبق رئيساً؟ بالطبع الأمر يفترض أن سيادة القانون مازال موضوع خلاف في تركيا.

“جنكيز جاندار” الذي تحول من مدافع عن أردوغان إلى ناقدٍ له، لديه الكثير

عن هذه النقطة.

  1. هل ثمة رواية أخرى وراء محاولة الانقلاب؟

محاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو التي سماها أردوغان “هبةٌ من رب العالمين”، تبقى القصة الإخبارية الأكبر لهذا العام. في غضونِ ساعاتٍ اتهم اردوغان أنصار فتح الله غولن المفكر الإسلامي الذي كانت قد جمعته به شؤون مشتركة حتى عام 2013، اتهمهم بتنظيم محاولة الانقلاب، كان بعض أنصار غولن من بين المشاركين لكن الحكومة التركية مُطالِبة حتى الآن بتقديم أدلة رسمية إلى السلطات الأمريكية للدلالة على تواطؤ غولن.

هناك تساؤلات كثيرة تلقي باللوم على آخرين، الكثير من المسؤولين العسكريين المتورطين لم يكونوا من اتباع غولن، البعض في الحقيقة كان أقرب إلى الحزب الحاكم. ولا حتى أردوغان نفسه يعترف بمكان تواجده ما بين الساعة الخامسة مساءً والواحدة والنصف صباحاً من يوم الانقلاب. في الواقع يبدو الأمر وكأن أردوغان كان يعلم بالمحاولة مسبقاً، بل ربما شَجَّعَ على ذلك من أجل أن يوفر ذريعةً لحملة القمع.

 في بلدٍ مستقر سيكون هذا موضوعاً للتحقيق الصحفي أما في تركيا، فالصحفيون يتبنون أقوال أردوغان فحسب.

قضايا أخرى متعلقة بالانقلاب، والتي مُنعت الصحافة التركية من التحقيق فيها، تنطوي على المسؤول عن مقتل المدنيين مساء يوم الانقلاب. ثمة أدلة تعتمد على روايات فردية تقول بأن العديد من المدنيين قُتلوا بالرصاص على ما يبدو عشوائياً من قبل وحدة خاصة لا تخضع لقيادة كيان عسكري مألوف. وهناك أسئلة عديدة تدور حول أعمال شركة السادات للاستشارات الدفاعية في العالم  SADATالتي، حسب رواية بعض الأتراك كانت تقوم قبل محاولة الانقلاب بتدريب جيش سري لخدمة أردوغان وحده، كنظيرٍ تركيٍ لفيلق الحرس الثوري الإسلامي. التعيين اللاحق الذي قام به أردوغان لـ عدنان تانريفردي، رئيس الـ SADAT، ليكون مستشاره العسكري ليس سوى إضافة إلى الأسئلة. وكانت هيئة الأركان العامة التركية قد طردت تانريفردي خلال الانقلاب الناعم في عام 1997، ويبدو أنه كان مصمماً على الانتقام من النظام العلماني.

  1. إذا كان هناك فيتو(FETO)، هل هناك أيضا إيتو(ETO)؟

أن تُعارضَ فتح الله غولن وتستاءَ من حركته شيء، وأن تسميهم بجماعة إرهابية على مقياس الدولة الإسلامية أو القاعدة شيءٌ آخر. أن يعيد أردوغان تسمية حركة Hizmet “الخدمة” كـ منظمة الإرهاب الفتحاوية (فيتو) هو أمرٌ سخيفٌ بكل بساطة. التمشي مع ذلك بالنسبة للصحفيين أمرٌ منافٍ لأخلاق المهنة. لكن دعونا نفترض للحظة بأن تعريف الإرهاب مسوغ. أردوغان يبرر التسمية على حقيقة أن أعضاء الفيتو يظهرون الولاء لـ غولن، وقد شكّلوا شبكة حماية لنفوذهم ومصالحهم الخاصة. إذا كان هذا هو الحال كيف إذن يكون الاختلاف عن أنصار أردوغان؟ إذا كان من الجائز التحدث عن الفيتو كمنظمة إرهابية، هل سيكون مقبولاً على حدٍ سواء التحدث عن إيتو كـ (منظمة الإرهاب الأردوغانية)؟ إذا كان الجواب لا، فهل ثمة معايير مزدوجة أو فلتر سياسي يجب أن تمر من خلاله جميع التقارير الصحفية التركية؟

  1. إن كان غولن إرهابياً لماذا كان أردوغان يعمل معه قبل عام 2013؟

بالنظر إلى شبكة المعلومات والفلسفة الدينية ثمةَ فرقٌ بسيطٌ بين غولن ما قبل عام 2013وغولن ما بعد عام 2013. ولا يوجد فرق بين أردوغان ما قبل وبعد 2013. الشيء الوحيد الذي يختلف بين الآن وآنذاك كان تحالفاً سياسياً. أردوغان يُصرُ على أن غولن هو سيد الإرهاب، إذا كان الأمر كذلك وبما أن غولن هو نفس الرجل الذي كان في العقد الأول من حكم أردغان، لماذا تحالف معه على نحوٍ وثيق؟

  1. لماذا الموافقة على تغطية الإعلام لهجمات الـ PKK وليس الدولة الإسلامية؟

تواجه تركيا على حدٍ سواء تحديات من تمرد الـ PKK، وحزب / جبهة التحرير الشعبية الثورية (DHKP- C)، ومن جماعات إرهابية مسلحة مثل الدولة الإسلامية. كلٍ منها نظمت الهجمات داخل تركيا. وهنا الفكرة:

عندما يقوم حزب العمال الكردستاني أو جماعات كردية مهمشة بتنفيذ الهجمات، فإنها غالباً ما تهيمن على عناوين الصحف لأيام، مع استمرار التحقيقات وقيام السلطات بتسمية المشتبه بهم … الخ. وينطبق ذلك على DHKP – C الذي نفّذ هجماتٍ ضد السفارة الأمريكية في أنقرة عام 2013. بينما لو قامت الدولة الإسلامية بتنفيذ الهجمات فإن الحكومة التركية تحظر النشر حول التحقيقات. هل ثمة ما يجعل الحكومة التركية تسعى إلى حظر الكلمة عن الإرهاب الإسلامي، بينما تسمح بأن تعم العناوين البارزة تقارير عن الإرهاب الكردي؟

  1. لماذا الاستخبارات التركية تساعد جبهة النصرة؟ والدولة الإسلامية؟

وعلى نفس المنوال فإن الأدلة تطفح بما يفيد بأن كل من جبهة النصرة وهي فرعٌ من تنظيم القاعدة في سوريا، والدولة الإسلامية نفسها قد تلقوا السلاح والدعم والمعدات من السلطات في تركيا. عندما أفشى الصحفيون القصة ــ مدعومةً بأدلة تصويرية ـ كان رد فعل أردوغان هو اعتقال رئيس تحرير الصحيفة التي نشرت السبق الصحفي. وبالمثل عندما أوقف جنودٌ أتراك دخول شحنة أسلحة إلى سوريا أمر أردوغان باعتقال الجنود بدلاً من المهربين. فرضَ الرقابة على قصة إخبارية لا يزيفها بل يثير المزيد من الأسئلة.

  1. هل كانت فرقة عمليات اغتيال تركية وراء اغتيالات باريس؟

في عام 2013 تم تنفيذ عملية اغتيال ثلاث ناشطات كرديات في مكتبهن الكائن في باريس. الثلاث هنَّ أعضاء في حزب العمال الكردستاني. في حين تصنف الولايات المتحدة وتركيا حزب العمال الكردستاني كجماعة إرهابية، فإن تركيا كانت قد دخلت في محادثات سلام رفيعة المستوى مع الـ PKK في ذلك الوقت. الفرنسيون ألقوا القبض على (عمر غوني)، وهو تركي الجنسية يبلغ من العمر 32 عاماً، كان قد وصل إلى فرنسا وعمره تسع سنوات. مقاطع مأخوذة بالهاتف بعد الجريمة، تظهره وهو يعيد الاتصال بعملاء من وكالة الاستخبارات التركية، تدعو إلى الكثير من التساؤلات، هل دبرت تركيا اغتيالات المعارضات في عاصمة أحد الزملاء الأعضاء في حلف الناتو؟

  1. لماذا عيَّنَ أردوغان صهره وزيراً للنفط؟

بيرات البيرق، صهر أردوغان البالغ من العمر 37 عاماً، أصبح وزيراً للطاقة في تركيا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015. هل كان الأكفأ؟ أم ثمة عوامل أخرى لعبت دوراً؟ مع الأخذ بعين الاعتبار ولع أردوغان بعقد صفقات في مجال الطاقة مع زعماء مثل رئيس روسيا فلاديمير بوتين ومسعود برزاني الرئيس الفعلي لإقليم كردستان في غرف مغلقة، هل كان تعيين البيرق وسيلة لتدبير الرشاوي وحصرها ضمن الأسرة؟ أم أن أردوغان وهو يُنحّي الحلفاء السابقين من المواقع القيادية في حزبه في حالة من السعار، يهيأ أفراد الأسرة ليتبوؤوا مناصبهم؟ هل يمكن أن يكون البيرق رئيس وزراء تحت التصرف؟ هل ستصبح تركيا جمهورية توريث كما هو الحال في سوريا، وكما كان يسعى إلى ذلك الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك؟

  1. هل لنا أن نتحدث عن جمعيات أردوغان؟

أردوغان يحفظ صحبة تثير الفضول. ربما يتلقى أصدقاء أردوغان ترحيباً استثنائياً في تركيا لكن بالنسبة لأغلب الباقين هم مجرد خصوم. أولاً كان هناك ياسين القاضي رجل الأعمال السعودي الذي أدرجت وزارة المالية الأمريكية اسمه في القائمة السوداء  حتى عام 2014 بدعوى ارتباطه بزعيم القاعدة أسامة بن لادن. في شهر تموز/يوليو من عام 2016، في الوقت الذي كان فيه إدراج اسمه في القائمة لا يزال نافذاً حتى من قبل الأمم المتحدة، قال أردوغان مصرحاً:” أنا أعرف السيد قاضي وأثق به كما أثق بنفسي. فأن يرتبط السيد قاضي بمنظمة إرهابية أو يدعم أخرى أمر مستحيل.” إذا وضعنا جانباً الجدل حول القاضي، ربما يجدر بنا أن نعرف كيف تعرّف عليه أردوغان أول مرة، وطبيعة العلاقة بينهما؟ يتضاعف ذلك إذا أخذنا في الحسبان علاقة ابن أردوغان بالقاضي في الوقت الذي كانت فيه العقوبات لا تزال سارية.  هذا مجردُ غيضٍ من فيض على أي حال.

قلب الدين حكمتيار ــ  يأتي من بين الذين يلعبون أسوء الأدوار في أفغانستان. اكتسب شهرة أثناء صراع المجاهدين الأولي كأمير الحرب الأفغاني الوحيد الذي لم يكسب أية معركة ضد السوفييت. بدلاً عن ذلك كان يقوم دائماً بالهجوم فحسب، مهما كان خصم الأفغاني مهيمناً.

حكمتيار هو من كان قد بدأ الحرب الأهلية في عام 1992 بعد انسحاب السوفييت. في السنوات الأخيرة تحالف مع حركة طالبان والقاعدة وأردوغان. كيف التقى أردوغان بحكمتيار وكيف توصل إلى معرفته؟ وهو الذي كانت تركيا تسميه إرهابياً منذ ذلك الحين.

هناك أيضاً بالطبع خالد مشعل ــ أكثر قائد متشدد في حركة حماس، والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. أردوغان باختصار لديه كما يبدو مجموعة من الأصدقاء الذين يختلفون جذرياً عن أصدقاء رئيس عادي في حلف الناتو. متى بدؤوا؟ وكيف تطورت صداقات من هذا القبيل؟ وهل تُنسب أواصرها إلى السياسة أم التجارة، أم كليهما؟

  1. بما يُفسرُ رفض المحكمة إنهاء حزب العدالة والتنمية AKP في عام 2008؟

في عام 2008 نظرت المحكمة الدستورية في عقوبات ضد حزب أردوغان الحاكم AKP، الأمر الذي كان قد ينتج عنه حل الحزب ولكن تغييراً حدث في الدقيقة الأخيرة من قبل أحد القضاة أدى إلى استمرار حزب العدالة والتنمية. الكثير من الأتراك يسهبون في الحديث عن الطريقة التي قام بها رجل أعمالٍ، لاحقه أردوغان لمدة طويلة بتحويل مالٍ إلى حساب ذلك القاضي قبيل التصويت على اتخاذ القرار. ما حقيقة ما حدث في ذلك اليوم؟ هل انتقل المال من يدٍ إلى يد؟ إذا كان الأمر كذلك، لماذا؟ وهل قام أردوغان فيما بعد بمنع السلطات التركية من التحقيق في تهمه السابقة؟

الإجابة عن الأسئلة لا تتم بنفس طريقة طرحها، لكن الديمقراطية الصحية تتطلب صحافة صحية، ذلك ينعكس سلباً على حرية الصحافة في تركيا، ذلك أن مثل هذه القضايا المهمة التي تمس الفساد والأمن والاقتصاد تُترك في منطقة محظورة، “ممنوع اللمس”. بكل تأكيد إن لم يكن ثمة شيء يُخفى، لماذا لا ينبغي السماح للصحفيين الأتراك بالتحقيق في هذه القضايا وغيرها.

October 25, 2016

AEIdeas

Michael Rubin

معهد المشروع الأمريكي (أمريكان انتربرايز)

ترجمة وتحرير: مركز إعلام حزب الاتحاد الديمقراطي PYD

زر الذهاب إلى الأعلى