مقالات

أردوغان يذبح حلم دخول تركيا الى الاتحاد الاوربي

بعد أن وضع أردوغان الخيول العثمانية خلف العربات ليتجه صوب الدخول الى الاتحاد الاوربي بات ذلك الحلم بعيد المنال بل مستحيلا وهو بذلك يذبح ذلك الحلم ويسبح عكس تيار الشراكة الاوربية وخاصة مع ألمانيا، وبهذا تبتعد تركيا بشكل متسارع عن القيم الديموقراطية ويصب أردوغان الزيت على نار الخلافات الدبلوماسية التركية الالمانية.

انتظرت وتأملت وزارة الخارجية الالمانية بفارغ من الصبر وضع الصحفي الالماني – التركي دنيز يوجَل ولكن ذلك الامل تبدد منذ الاثنين الماضي، تركيا وألمانيا لهما شراكة قوية ليس فقط بسبب وجود ثلاثة ملايين من الجالية التركية ( بمَن فيهم الكورد ) ولكنهما عضوان في نفس الوقت بحلف الناتو وحاليا هناك ازمة دبلوماسية بين الشريكين والسبب الرئيسي هو ما يجري من ممارسات ضد الديموقراطية في تركيا.

دنيز يوجل الصحفي في جريدة فيلت الالمانية بعد أن مكث في النظارة لمدة 13 يوما مهدد الآن بالسجن لمدة خمسة سنين والتهمة جاهزة وهو الدعاية للارهابيين وتحريض الشعب ولم يُعرف مَن هو الشعب المقصود به، يوجل يحمل الجنسيتَين الالمانية والتركية وهو من وجهة نظر السلطات التركية من صحفيي المواطنين الاصليين.

المستشارة الالمانية ميركل صرحت بعد ساعة واحدة فقط من قرار القاضي التركي بأن ذلك ( مُرّ) و ( مخيب للامل) و (تصرف غير مناسب )، ونادرا ما تتدخل المستشارة بشكل مباشر في الامور القانونية التي تتعلق بخارج ألمانيا وبعدها صرح ايضا رئيس ألمانيا يوآخيم گاوك بما معناه ( ما يحدث الآن في تركيا تجعل الشك كبيرا فيما اذا كانت تركيا تريد البقاء كدولة للحقوق ).

ما زاد في الطين بلة هو ظهور اثباتات في عدة ولايات ألمانية تدل على ان الأئمة في الجوامع التركية في ألمانيا يتجسسون على تابعي الداعية فتح الله گولن ويسلمون التقارير الاخبارية بهذا الشأن الى القنصليات التركية الكائنة في ألمانيا، ومن المعروف توجد في ألمانيا حوالي 900 جمعية اسلامية تركية قريبة جدا من توجهاتها الى أردوغان، وتعرضت بعضا منها الى المداهمات من قبل السلطات الامنية الالمانية ، وبسبب ذلك كانت ردة فعل السلطات التركية وتابعيها في المانيا قوية من ناحية النقد اللاذع الى درجة أن هيئة حقوق الانسان التابعة للبرلمان التركية دعت الى ( الانتقام الحقوقي) .

لنتذكر بشكل مختصر ما قام به أردوغان بعد الانقلاب المزعوم الفاشل الذي حدث بتاريخ 15 / 7 / 2016 م، ومنذ ان انتقدت ألمانيا تصرفات تركيا ضد المظاهرات التي حدثت في تركيا في عام 2013 حدث شرخا في العلاقات الالمانية التركية، ومنذ الانقلاب المذكور تغيّرت العلاقات بشكك أسوأ وخاصة بعد أن أعلن أردوغان عقب الانقلاب حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وبحسب معطيات الحكومة التركية يقبع منذ ذلك الوقت 40000 شخصا في السجون وتم طرد حوالي 100000 من موظفي الدولة، وتم أيضا تمديد حالة الطوارئ لمرتين متتاليتين وتنتهي بشكل رسمي حتى تاريخ 19 نيسان، وأردوغان منذ ذلك الحين يتهم السياسيين الألمان بأنهم لم يبينوا تضامنا كافيا مع تركيا وفي البداية كان لا يريد الالتقاء مع اعضاء الحكومة الالمانية وكان اول لقاء مع وزير التطوير الالماني في تشرين الاول من عام 2016 م وبعده زارت المستشارة تركيا في شهر شباط الماضي وهي تنتقد سابقا والآن تحويل تركيا من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي التي ستضع كل السلطات في يد أردوغان ومن المعروف بأنه سيتم الاستفتاء على ذلك بتاريخ 16 / 4 / 2017 م.

تكتب الصافة الالمانية منذ حوالي اسبوعين بأن بنيالي يلدرم وأردوغان غير مرحبين بهما عندما يزوران ألمانيا بغرض الدعاية الانتخابية وهذا ما لا يسر أردوغان ويفتح شرخا آخرا في العلاقات، وما ظهر سابقا من محاولة ابتزاز أردوغان لاتفاقية تركيا مع الاتحاد الاوربي، وما صوت عليه البرلمان الالماني في حزيران من عام 2016 م واعتبار ما حدث ضد الارمن في تركيا العثمانية قبل 100 عام مجازر وجرائم ضد الانسانية، وما قام به بوميمان من نشر فيديو واغنية تسخر من أردوغان كل ذلك واشياء اخرى أيضا تضع الشراكة الالمانية التركية والعلاقات الدبلوماسية في خطر حقيقي.

والآن وفي الايام الماضية حدثت وستحدث مظاهرات كثيرة من قبل الشعب الالماني للدعوة الى الافراج عن الصحفي المذكور والى عدم السماح لاردوغان بزيارة ألمانيا في سبيل الدعاية على الاستفتاء المذكور.
من كل ما سبق يبدو بأن أردوغان يبتعد عن الشراكة مع اوربا ويذبح حلم دخول تركيا الى الاتحاد الاوربي بسكين حاد.
سيف دين عرفات

زر الذهاب إلى الأعلى