حواراتمانشيت

  آسيا عبدالله في حوارٍ مفتوح مع صحيفة الاتحاد الديمقراطي

asiyaabdela في إطار التحولات السياسية والتطورات المتسارعة للأحداث على الساحة السورية والإقليمية والدولية، وفي ظلّ التناقضات السياسية البينية بين أطراف الصراع وأطراف الحل ودُعاة الحوار من جهة وأسس ومرتكزات الحل السياسي الديمقراطي والذي يشمل كل الأطراف السورية كقاعدة أساسية ومخرجٍ حقيقي لفضّ وحسم هذه الأزمة التي كلّفت السوريين ثمناً باهظاً طيلة الأعوام الماضية من جهة ثانية، وحول الفعّاليات والنشاطات المؤخرة التي يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي على المستوى التنظيمي والسياسي، كذلك رؤية الحزب في أطروحة عقد مؤتمر وطني كردستاني بين كل الأطراف الكردستانية، هذه الأسئلة وتساؤلات أخرى طرحناه نحن في صحيفة الاتحاد الديمقراطي في حوارٍ مفتوح مع الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي آسيا عبدالله

سؤالنا الأول الذي سنطرحه يتعلق بالمؤتمرات التي يعقدها الـ PYDفي مقاطعة الجزيرة خلال هذه الفترة ، هل يقع في ضمن الإطار التنظيمي والسياسي للحزب, خاصة وأنّ الرئاسة المشتركة للحزب متواجدة وحاضرة في كل المؤتمرات ؟

 في البداية نحن في حزب الاتحاد الديمقراطي  الـpyd وبعد المؤتمر السادس للحزب، والذي تمّ فيه أخذ جملة من القرارات الهامة في المجال التنظيمي والسياسي على مستوى الداخل والخارج، ومن ضمنها تنظيم هيكلية الحزب وإعادة الصيغ التنظيمية للحزب بشكلها الدوري، وباعتبارنا حزب سياسي مؤسساتي تنظيمي فإن عقدنا لسلسلة من المؤتمرات  يأتي في هذا الإطار، كذلك مناقشة الأوضاع الراهنة في المنطقة عموماً يستوجب منّا التأكيد والإصرار على سياستنا وفق ضرورات المرحلة وما يقع على عاتقنا كحزب سياسي  مؤسساتي على الصعيد الداخلي والخارجي، بدأنا بحملة من الفعاليات والنشاطات التنظيمية في الخارج ومن ثم توجهنا نحو الداخل. وعلى مستوى الداخل في روج آفا عملنا على ردف هذه الحملة بحملة أخرى استمرار لفعاليات المؤتمر العام الثاني للحزب، ولتجسيد وترسيخ القرارات التي تم أخذها في المؤتمر السادس, لذا فأن قيامنا بعقد مؤتمرات موسّعة للحزب في مدن روج آفا يأتي في هذا الإطار التنظيمي, وخلال هذه الفترة ستكون النشاطات والفعاليات على المستوى التنظيمي للحزب في كافة الإيالات في مقاطعة الجزيرة ، وفق آلية تنظيمية وعلى كافة السويات الهيكلية في الحزب, وبعد الانتهاء من عقد كافة المؤتمرات في المقاطعة سنعقد المؤتمر العام للحزب في مقاطعة الجزيرة والذي سينجم عنه جملة من القرارات الهامة ، تكون بمستوى تطلعات شعبنا وحزبنا ، ولنكون قادرين على السير بخُطاً ثابتة ومتقدمة في ظل هذه الظروف الحساسة التي تمرّ بها المنطقة.

سؤالنا الثاني: يتعلّق بالتطورات السياسية الحاصلة ،من توافقات وتقاربات وتجاذبات بين كلّ الأطراف الخارجية والداخلية الضالعة في الأزمة السورية ،والحديث عن عقد مؤتمرٍ في العاصمة الكازاخية (الآستانة) برعاية تركية –روسية لجهات معينة لها أجنداتها ورؤيتها الخاصة للحل في سوريا ، أنتم كحزب سياسي في سوريا كيف تقيّمون هذه التطورات، وكيف تنظرون إليها؟ 

 علينا أن نكون متيقّظين في هذه المرحلة الحساسة،  فالبعض يحاول تصدير فشله ونهجه السياسي والدبلوماسي والعسكري, فعلى الصعيد الداخلي والخارجي  أطراف مثل النظام التركي تحاول لملمة بعض المجموعات المرتبطة به والتي تخدم أجنداته الاستعمارية في المنطقة عموماً وفي سوريا خصوصاً ، خاصة بعد ما حدث في حلب، مقاربات من هذا الشكل ضرورية لفهم واقع وطبيعة الأحداث الجارية, وخاصة تلك المتعلقة بالنظام التركي الذي فشل بفرض سياسته على المنطقة .

 على المستوى السياسي  وفي ظل المرحلة الراهنة التي تمر بها المنطقة برمتها  وما يدور اليوم من مباحثات وتطورات على الصعيد السياسي والميداني في سوريا ومن ضمنها روج آفا ، فقد سعينا وعملنا منذ اليوم الأول ومنذ انطلاقة الثورة في روج آفا إلى توظيف كافة النشاطات والفعاليات في خدمة التحوّل الديمقراطي في سوريا, وضرورة البحث عن السبل والطرق التي تمكننا من الوصول لبناء أفضل نموذجٍ لتعايش الشعوب وفق مبدأ التعايش الأخوي في إطار نظامٍ ديمقراطي تعددي تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية ، لذا كان القسم الأعظم من المسؤولية يقع على عاتقنا باعتبارنا  اخترنا هذا النهج وهذه المنطق الفلسفي والوجداني في سبيل خلاص شعبنا بكل مكوناته . كلّنا يُدرك بأن الأنظمة في المنطقة تبنّت أسلوب السلطة الأحادية والتي عملت على إقصاء كافة المكونات وجرّدت الشعب من قيمه وسلبته الإرادة حتى أصبح تابعاً و ُمنصاعاً لهيمنته السلطوية الفردية والأنانية, والتي  عملت على قمع كل من يقف بوجه جبروت سلطته. والشعب الكردي كان الأكثر تعرضاً لهذه الآلة الفاشية القوموية الاستبدادية، لذا كان علينا أن نختار طريق المقاومة والدفاع عن هويتنا وثقافتنا وأرضنا وشعبنا، وقدمنا آلاف الشهداء في سبيل ذلك، لذا لا يمكن أن نكون طرفاً في مشروع لا يكون في إرادة شعبنا.

تحت ضغط بعض الأطراف الإقليمية وعلى رأسها النظام في تركيا  يُعقَد مؤتمر الآستانة، هذا المؤتمر وبمجرد النظر في آلية توزيع الأدوار بين الأطراف المتناقضة نستشفّ منه ما سينجم عنه.   إن محاولة إضفاء صفة رسمية تمثيلية لبعض الأطراف المرتبطة خارجياً, وخاصة تلك التي تتناغم مع سياسة وأجندات النظام التركي ومشروعه الاستعماري،  وطرحه كجزء للحل، إن لم يكن تمثل الحل كله وفق ما تخطط له تركيا وبعض القوى الإقليمية المعادية بسياستها للشعب السوري الذي عانى الكثير جرّاء هذه السياسات، أضف إلى ذلك فإن حضور الأطراف والقوى الديمقراطية تعني دحض هذه المخططات التآمرية،  لذا علينا أن نعلم نحن كقوى ديمقراطية سورية أن ما تحاول تركيا وبعض الأطراف التي على شاكلتها القيام به هو نسف تطلعات وآمال الشعب السوري الذي خرج للمطالبة بالديمقراطية والعدالة والمساواة،  ولن تخدم الحل في سوريا والمنطقة عموماً، لا بل ستطيل من عمر الأزمة والمعاناة.

ونحن لنا موقفنا من كل ما يحدث ولنا تواصلنا مع الأطراف والقوى الديمقراطية على مستوى الداخل السوري والخارج الدولي,  نحن لا نعوّل على مثل هذه الاجتماعات التي لا تعبّر إلا عن نفسها وأجنداتها الخاصة ولا تخدم الحلّ بأي شكل من الأشكال .

لذا فإن أي صيغة للحل لا تتوافق مع طموحات شعبنا ويتمثل فيه كل المكونات ، ويكون بمستوى ما قدمه شعبنا من ضحايا وشهداء خلال ثورته في سبيل حريته ومقاومته ضد القوى الإرهابية،   تفرضها أي جهة خارجية دولية كانت أم اقليمية ، لن يكتب لها النجاح .

 وعلى أساس المبادئ السياسية الأخلاقية، وما يتوجب علينا كقوى سياسية وكحزب، ووفق رؤيتنا العملية للحل، وعلى مدى أكثر من أربع سنوات، ومن خلال التشارك والتحالف الذي اجتمعت فيه القوى الديمقراطية السورية في طرحها لمشروع الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا سنستمر في عملنا وكفاحنا وعلى كافة المستويات, حتى نكون بقدر المهام التاريخية الملقاة على عاتقنا كقوّة ثورية .

سؤلنا الثالث ُمتعلّق بوحدة الصفّ الكرديّ، من حيث الأهمية في ظل المخاطر والتحديات التي تواجهه الشعب الكردي, خاصة تلك المتمثلة بمحاولة بعض الأطراف والتنظيمات الإرهابية، دحض كل المكتسبات التي حققها الشعب الكردي عبر مقاومته طيلة المراحل التاريخية، السؤال هنا متعلق بالدعوة التي وجّهتها الحركةُ التحررية الكردستانية KCK والمتعلقة بضرورة تكاتف كل الأطراف والقوى الكردية لعقد مؤتمرٍ وطني يكون الأساس  والمنطلق لاستراتيجية كردية تتّصف بالديمومة والتشاركية، كيف تنظرون إلى مثل هذه الدعوة؟

 في البداية نحن مع أيّ توجُّه أو نداء ومن أي طرفٍ كان، يكون الأساس فيه مبني على مصلحة شعبنا، ويليق بتضحيات شعبنا, وهذه الاستراتيجية هي الأساس لحزبنا ، ونحن نؤمن بهذه الرسالة والدعوة التي وجّهتها الحركة التحررية الكردستانية.

 شعبنا الكردي الذي يناضل ويكافح على مدى تاريخه يدرك ويثمّن أهمية المرحلة الراهنة والتي تستوجب خطواتٍ حقيقة نحو التقارب والتكاتف والتضامن بأي شكل أو صيغةٍ  تتماشى مع مقتضيات المرحلة التاريخية، واليوم  ما أودّ الإشارة إليه هو أن عقد مؤتمر كردستاني يرسم لاستراتيجيةٍ كردستانية ديمقراطية ضرورةٌ تاريخية وليس مسألة آنية فقط، وشرطٌ أساسيٌ لحفظ وصونِ ثورةَ شعبنا في سبيل الحرية والديمقراطية, ويكون بمثابة المنطلق الأساسي لبناء استراتيجية  تشاركية توافقية بين كافة الأطراف الكردستانية ، لذا فإن هذا المطلبَ والتوجّهَ مسؤوليةُ وواجبُ كلّ الأطراف الكردستانية كأحزاب ومنظمات ومؤسسات ثقافية، ونحن كحزب سياسي نعتبر هذا الواجب جزءاً أساسياً من استراتيجيتنا وسياستنا وكفاحنا، وعملنا من أجل ذلك ونحن نتحّمل  كل ما وقع ويقع على عاتقنا من مسؤوليةٍ بهذا الشأن الأساسي بالنسبة لنا، لذا إلى جانب الكفاح الذي نبذله في سبيل المشروع السياسي الديمقراطي في سوريا عموماً، نعمل وبنفس القدر على توحيد الصف الكردي على كافة المستويات ، وهذا هو المطلوب ، لذا فكل علاقاتنا ولقاءاتنا  أينما كانت ستكون وفق هذه الاستراتيجية التي تخدم شعبنا.

وأوكد على أننا مستعدون عملياً وليس نظرياً فقط ,وأينما يتوجب عقد هذا المؤتمر أن نتحمل ونتكفّل بكل الواجبات التي تلقى على عاتقنا كحزب في سبيل إنجاز هذا المؤتمر ونجاحه والخروج بصيغة توافقية تشاركية تلبّي مقتضيات المرحلة و تحقق آمال شعبنا .

لكن علينا أن ندرك أيضاً, وحسب ما نلاحظه في الواقع العملي و النظري, أن هنالك أطرافاً تعمل بعكس ذلك، هذه الأطراف لازالت في سياستها واستراتيجيتها  تخالف ما يتوجّب العمل به كردستانياً, وهذا لا يخفى على أحد، فأي عمل لا يكون الهدفُ والغاية منه حمايةَ وصونَ مكتسباتِ شعبنا في أي مكانٍ كان، لا يقع  في خدمة الاستراتيجية العامة ووحدة الصف الكردي . زيارة يلدرم مؤخراً إلى باشور كردستان، وما تفوه به يلدرم ضدّ حزبنا وضد الحركة التحررية الكردستانية وضد مكتسبات شعبنا في روج آفا أثناء لقائه برئيس حزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود البرزاني، ودون أي ردّ من السيد البارزاني،  ومن كان معه في هذا اللقاء، قد أثّر فينا كشعب كردي وكحزب سياسي، ما كان يتوجّب على إخوتنا هو رفضُ كل ما تفوّه به يلدرم و أي شخص أو طرفٍ كان، هذا مثال حقيقي لما نحن عليه الآن.

 مثل هذه المواقف, والتي نعتبرها من التحديات والمخاطر الأساسية  بالنسبة للحركة الكردستانية التحررية العامة, تقف عائقاً أمام أي توجّه وحدوي وتشاركي, إن لم يستوجب الردَّ المناسب.

 سؤالنا الأخير: هل أنتم مستعدون للحوار مع المجلس الوطني الكردي، والذي له ارتباطاته وعلاقاته الخاصة به؟

بدايةً بعضُ الشخصيات والأطراف, والتي عرّفت عن نفسها كمجلس وطني كردي, ومنذ انطلاق الثورة وإلى اللحظة لم نر منها أيّة سياسة أو توجُّه يخدم الحراكَ السياسي الديمقراطي في سوريا ،والشعب الكردي لم ير في السياسة التي يتّبعها المجلسُ الوطني, كطرف متأثر بالسياسة التركية وكونه جزء فاعل في طرف التشويه, أيةَ سياسة “هذا إن قلنا إنهم يمارسون السياسة” أو رؤية حقيقية حول الاستراتيجية الكردستانية العامة . وحول واقع الحل الديمقراطي في سوريا، الكل يرى ما يحدث في روج آفا، مَن يرغب ويود أن يعمل من أجل شعبه ويصون مكتسبات شعبه فكيف لايتقبل ما يحصل في روج آفا من انتصارات حقيقة. بهذه السياسة التي ينتهجها المجلس، وهذا الشكل اللاعقلاني من التقرب من مكتسبات شعبنا، هم في طرف العداء ،وهذا التوجه عائدٌ عليهم، وهم مسؤولون عن نهجهم هذا، لكن أبوابنا مفتوحة للحوار إن كان هناك مصداقية للحوار البناء، فنحن مستمرون في استراتيجيتنا السياسية وهذا واضح للجميع، وأي طرف يشاطرنا هذا الطرح الديمقراطي فنحن مستعدون للحوار والنقاش والاتفاق .

لذا فإن أيّ طرح للحوار بيننا يجب أن يكون وفق خطوط مستقيمة واضحة, ومبنية على أسسٍ واضحة دون غموض أو تشويش للعملية الحوارية. وأي طرف لا يقبل بالواقع المحقق ولا يقوم بالواجبات الملقاة على عاتقه بكل صدق، وينكر ثورة شعبنا وما حققه من انجازات تاريخية وفي كافة المجالات, يعني أن هذا الطرف يرفض الحوار ويرفض أي عملية سياسية تخدم الحل الديمقراطي, وبالتالي هم مستمرون بنهجهم العدائي الهدّام .

أما بالنسبة لنا فالحوار هو جزء من سياستنا,  ومستعدون له وفق ما تحقق من انجازات وانتصارات حققها شعبنا بكفاحه ونضاله على أرض الواقع.

في الختام على المجلس الوطني الكردي أن يوضح لشعبنا استراتيجيته وسياسته ، ماذا يطلبون ؟ هل هم مع ثورة شعبنا ومكتسباته، أم  هم ضدها،  مع من سيتفقون، هذه أسئلة  تستوجب الردَّ من طرفهم, حتى يكون شعبنا مطلّعاً على حقيقة مطالبهم ونشاطهم ، بهذا الشكل ستتوضح خطوط الحوار، بالسلب أو بالإيجاب، ولشعبنا الحق المطلق في اتخاذ القرار.

نحن كحزب لن نكون طرفاً سلبياً ضد آمال شعبنا, ولسنا أصحاب وهواة سُلطة وتفرّد. توجُّهنا وأخلاقنا السياسية يفرض علينا بأن نناضل كحزب سياسي وفي كل المحافل عن قضايا شعبنا وأن نقف بوجه كل من يشوّه ثورة َشعبنا, ولدينا خطُّنا الديمقراطي وسنستمر بكل إصرار على نهجنا الثوري الديمقراطي.

في ختام هذا الحوار نشكرك على إتاحة هذه الفرصة لنا.

زر الذهاب إلى الأعلى