مقالات

آذارُ شهرُ الكُرد

image-%e2%80%ab29142921%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%acياسر خلف

آذارُ شهرُ الكُرد الذي لم يعد بالإمكان فصلهُ عن التكوين الطبيعي للشعب الكردي، فيه انتصاراته وفيه آلامه وفيه ملاحمه، وبه بدأ تاريخه وينسج من ميراثه حاضره ومستقبله، آذارُ شهرُ المقاومة والانتفاضة والثورة على كل ما هو سيء ورديء، وشهرُ الانبثاق لكل ما هو حسن  وجميل، شهرُ التحوّل والتكوين، واستعادة الهوية لشعب عريق تعرّضَ لأقدم خيانة وإبادة وإنكار وانصهار في تاريخ الشرق الأوسط، آذارُ الذي جمع بين طياته الانسجامَ والتوازنَ والتناقضاتِ الحادة بين الألم والفرح، آذار أو كما يُطلق عليه باللغة الكردية (آف دار) بمعنى امتصاص الأشجار لإغداق المطر لتحقيق التوحّد بينهما، يستقبلُ نزفَ السماء بجمال ألوانها الزاهية، وتغريد البلابل والعصافير لينسج الاستقرار والانسجام في الطبيعة والتوازن بين الليل والنهار بشكل تام في 21 آذار، ربما ليس مصادفةً أن يكون شهر آذار مرتبطاً بشكل وثيق بهوية وشخصية الشعب الكردي، فما يحمله الشعب الكردي من ثقافة ولغة وأدب ممزوجة بمفاهيم الطبيعة الأصيلة تُحيلُنا بما لا يدعو للشك إلى أنّ التكوينَ والتاريخ الحضاري للشعب الكردي متشابكٌ لدرجة التوحّد مع الطبيعة التي وجد فيها، وتصل إلى ذروتها من الرقي بشكل خاص في شهر آذار، وكيف لا وفلسفة زرادشت مستمّدة بكل حكمتها وتعاليمها من الطبيعة ذاتها وملحمة كاوا الحدّاد التي وضعت حداً للظلم والاستعباد وبشّرتْ بشروق يومٍ جديد وانبثاق الحياة وانتصار الخير على الشرّ، حيث يمكننا القول إن آذارَ هو بداية كلّ جديد واستمرارٌ لكل أصالة وعراقة، هو الصراع الأزلي بين الحرية والعبودية، بين المقاومة والاستبداد بين القبيح والجميل بين الخيانة والوفاء، هو كاوا العصر مظلوم دوغان الذي صنع من المقاومة حياة، واستمرت الى يومنا الراهن في مأثرة شنكال وملحمة كوباني التي تجسدت ببطولة وعظمة آرين ميركان وثنائية فيان بيمان وفيان صوران، آذار شهر عكيد وأول طلقة  وجّهت صوبَ الطغاة والمحتلين، آذار هو ثنائية الشهيدة حلبجة والجريحة قامشلو، آذار هو أسبوع المقاومة ضدّ الفاشية التركية، هو محمد شيخو الذي أوصى بإيقاظه وإحيائه في كل آذار مع ألحان الأمل والحياة، هو نوروز الذي يتنفس فيه الشعبُ الكردي الصمودَ، وينفضُ عن كاهله كلّ ظلمٍ واستعباد، هو عذريةُ عشق وحبّ ممو وزين وانتصاره على خبث وخيانة بكو، حيث يمكننا القول وبشكل مختصر: ولدَ الشعبُ الكردي من رحم آذارَ وانبثق صوبَ الحياة، هو البداية وليس الخاتمة، هو الأملُ الحيّ والعشق الدافئ في قلب كلّ كردي وشرق أوسطي يسعى إلى الحرية، آذار هو الصيرورة  والضرورة معاً.

آذار هو عنوانُ التناقض والصراع والنضال فيما بين العبودية والحرية على تراب كردستان. آذار يعني تجدّد الأمل في المقاومة والنضال من أجل الوجود والكرامة الكردية المدهوسة تحت أقدام المحتلين، وعصابات الطورانية، والبعث الشوفيني والقوموية الفارسية المتسترة تحتَ عباءة الدين.

 هكذا تحوّل آذارُ إلى ميدانٍ للمقاومة والانتفاضة التي بدأها كاوا الحدّاد، وحدّثها كاوا العصر (مظلوم دوغان)، وصقلها قائدُ الكريلا الكردية المعاصرة عكيد (معصوم قورقماز)، وغناها البلبلُ الحزين محمّد شيخو في ساحات روج آفا. هو استمرارية لنهج الشهداء شيلان وآرين وفيان وهركول. إنه التاريخ والأصالة، أصالة الكردي الحرّ الذي لا يقبل الخنوعَ والإهانةَ على يد الضحّاكين المعاصرين. هو ثورة روج آفا وانتصاراتها، هو عظمة شنكال وبسالتها في وجه الخيانة، هو سيمفونية الحياة التي تنظم و تجدّد ألحانها مع ولادة كل طفل وفرحة ودمعة كل أم استقبلت فلذةَ كبدها بالحنّاء والزغاريد وكدّ كل مقاتل ومقاتلة فوق جبال قنديل وزغروس ومتين …. وشنكال  ورباط ال ypg  وypj في وجه الإرهاب الداعشي والمرتزقة وسلطانهم أردوغان.

زر الذهاب إلى الأعلى